المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: ترامب يريد رد الاعتبار للمتسلطين في الشرق الأوسط

01/23 18:37

قبل ثمان سنوات مد باراك أوباما يده للعالم الإسلامي وعرض عليه شراكة جديدة في احترام متبادل. أوباما أراد فتح الباب للبداية في إقامة علاقة جديدة بين الغرب والبلدان الإسلامية ـ وبالتالي لأنهاء وضع التسلط العسكري العنيف الذي طبع فترة حكم بوش. "ليس هناك من سبب لا يجعلنا نقيم مجددا ذلك الاحترام وتلك الشراكة التي كانت تربط أمريكا بالعالم الإسلامي قبل 20 أو 30 سنة"، كما صرح أوباما لقناة "العربية" في أول مقابلة له بعد أيام من تنصيبه.

حتى الآن ليس هناك ما يشير أبدا إلى وجود مثل هذا الموقف التعاوني لدى إدارة دونالد ترامب. العكس هو الصحيح: تصريحاته المعادية للمسلمين في الحملة الانتخابية وتوجهاته المعلنة للإرتماء في أحضان دكتاتوريين وحكام متسلطين مثل فلادمير بوتين وبشار الأسد تجعل التوقعات بالنسبة لسياسته في الشرقين الأوسط والأدنى جد ضعيفة. وبعد خطابه التحريضي أثناء مراسيم التنصيب التي لم يتناول فهيا القيم الأمريكية التقليدية مثل الديمقراطية والحرية والالتزام بحقوق الإنسان تبين في آخر لحظة أمام الرأي العام العالمي أنه يسعى للعودة إلى نماذج التفكير البسيطة لعهد بوش.

كاتب التعليق - لؤي مدهون

فكربسيط: إما أن تكون معي أو ضدي

لاشك أن الرئيس الأمريكي الجديد يرث العديد من النزاعات المعقدة من سلفه في الشرق الأوسط والأدنى. لكن المقاربات المعروفة عنه حتىالآن تعبر عن عدم وجود اهتمام قوي وعن نقص لديه في الفهم لديناميكية النزاعات في الشرقين الأدنى والأوسط. كما إن الاسلوب التبسيطي الذي ينظر به ترامب للمشاكل الهائلة للمنطقة هو بمثابة وصفة تنذر بحدوث كوارث إضافية.

فإذا أعلن ترامب مثلا أنه يريد القضاء على إرهاب تنظيم "داعش" وأنه مستعد بسبب ذلك للتعاون مع مجرمين مثل الأسد، فإنه يخلط ببساطة بين السبب والمسببات. فالتنظيم الذي يتبجح بتطلعه لإعلان الخلافة ما كان له أن يظهر بهذا الحجم لولا طغيان الأسد وإرهاب البراميل الحارقة التي استخدمها جيشه في القصف.

يضاف إلى ذلك إعلان ترامب عن نيته في التخلي عن الاتفاق النووي المبرم مع إيران، لأن ذلك على ما يبدو يشكل أسوء صفقة ولن يمنع إيران من صنع أسلحة نووية. لكن ما هو البديل الذي تملكه إدارته لهذا الاتفاق الذي ربما حال دون نشوب حرب، علما أن الاتحاد الأوروبي يريد التمسك بالاتفاقية مع طهران والتعاون في ذلك مع الصين وروسيا. وفي الوقت نفسه تقوم إيران بتقديم الدعم عبر مساعدات مالية كبيرة وآلاف جنود النخبة والذين شكلوا في السنوات الخمس الأخيرة ضمانة لبقاء حكم المستبد السوري الأسد، الذي يصفه ترامب مثل سياسيين أمريكيين بارزين "بالصرامة والذكاء" . إذن رؤية ترامب تجاه النزاع  في سوريا ليست فقط متناقضة، بل جد خطيرة.

مظاهرة في واشنطن ضد الرئيس ترامب

انهيار كيان الدولة في الشرق الأوسط

حاليا من السابق لأوانه بالطبع تحديد الأولويات الحقيقية لإدارة ترامب في الشرقين الأوسط والأدنى. وإذا كان يعتزم القضاء على تنظيم "داعش" من خلال نهج سياسة تحالف عملية مع حكام متسلطين، فلن يكون ذلك أمرا مفاجئا.

الشيء الأكثر إثارة في هذه الإشكالية هو استعداده للتعاون مع جميع المتسلطين والمارقين في المنطقة بدون شروط. ولذلك فإن مراقبين عرب يخشون أن يصبح دعم الديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان والتسيير الحكومي الجيد  الضحايا الأولى لسياسة ترامب في الشرق الأوسط. لكن التوجه إلى الأنظمة المتسلطة أمر خادع ولا يعد إلا بالاستقرار، حيث ليس لهؤلاء الحكام مخططات مناسبة لحل المشاكل الهائلة القائمة، كما إنهم لا يتوفرون على الادارة الضرورية للقيام بإصلاحات. الخشية في أسوء الأحوال هوأن يؤدي ذلك الى تسريع تدمير العالم العربي من خلال رد الاعتبار الأمريكي للمتسلطين.

ما تحتاجه البلدان المتأزمة في الشرقين الأدنى  والأوسط هي وجود آفاق للتنمية الحقيقية. كما يجب بوجه خاص العمل على إنهاء توظيف الانتماءات الدينية في حسابات سياسية من قبل إيران والعربية السعودية. وهنا يجب على السياسة الأوروبية أن تتدخل أيضا. فبدون الحد من مواقف التعصب الديني وبدون وضع أسس للتعاون الإقليمي وإنهاء الفراغ القائم في الشرق الأوسط، فلن يكون هناك مخرج من دوامة العنف.

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول زعيم في العالم اتصل هاتفيا بالرئيس ترامب إثر انتخابه لتهنئته. وحسب خبراء فإن وصول ترامب للبيت الأبيض قد يعني بالنسبة للسيسي التخلص من الضغط الأمريكي حول مواضيع حقوق الإنسان والديمقراطية، والتركيز بدلا من ذلك على المصالح المشتركة. ولا يخفي ترامب مواقفه ضد الحركات الإسلامية والإسلام السياسي وهو ما قد يخلق تقاربا بينه وبين السيسي.

يأمل الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤه الإستفادة قدر الإمكان من وصول الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض معتبرين أنه أنقذهم من مخاطر التدخل التي هددت بها الديمقراطية هيلاري كلينتون. رغم ذلك يقول محللون إن الموقف الجمهوري المعروف ضد الأسد، قد يشكل عائقا أمام أي تحول كبير في السياسة الأمريكية تجاه الأسد.

يسود ترقب كبير في دول الخليج من المنهج الذي سيتبعه ترامب مع زعمائها. فقد سبق أن وجه لهم انتقادات لاذعة وطالب السعودية بدفع تكاليف "حماية الولايات المتحدة لها". ويعد ترامب من أشد المؤيدين لقانون جاستا المتعلق بالدول الراعية للإرهاب والذي يتيح لأسر ضحايا هجوم الـ 11 سبتمبر مقاضاة السعودية".

رغم أن الرئيس الإيراني حسن روحاني كان قد صرح أن نتائج الانتخابات الأمريكية لن تؤثر على سياسات طهران، إلا أن العلاقات مرشحة لأن تشهد توترا فبالإبضافة إلى الانتقادات الحادة لترامب خلال حملته الانتخابية للاتفاقية النووية التي أبرمها الغرب ووعده بإعادة التفاوض حولها، عارضت إيران مؤخرا مشاركته في محادثات أستانا للسلام في سوريا.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كان أيضا ممن سارعوا إلى تهنئة ترامب بفوزه في الانتخابات، معتبرا أنه "صديق حقيقي لدولة إسرائيل". وذهب سياسيون يمينيون إلى اعتبار وصول ترامب إلى البيت الأبيض فرصة أمام إسرائيل للتنازل عن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية. مما حدا بالفلسطينيين إلى التحذير من نقل السفارة الامريكية إلى القدس كما وعد ترامب في حملته الانتخابية.

قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه يتعين على الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أن يواصل مسيرة سلفه فيما يتعلق بحل الدولتين في عملية السلام في الشرق الأوسط. وأضاف: "ما نطالبه به هو أن تقبل أمريكا وتعمل على تطبيق حل الدولتين، دولة إسرائيل ودولة فلسطين يعيشان جنبا إلى جنب بأمن واستقرار".

بعد انتخاب دونالد ترامب أصدرت رئاسة الوزراء العراقية بيانا رسميا أشارت فيه إلى أن حيدر العبادي هنأ ترامب على فوزه بالانتخابات. وقال مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، إن وجهة نظر الرئيس الأمريكي الجديد في مكافحة تنظيم داعش الارهابي "متطابقة" مع العراق. وأعرب العبادي عن تطلعه إلى "استمرار العالم والولايات المتحدة في الوقوف مع العراق في مواجهة الإرهاب".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل