المحتوى الرئيسى

الفصائل والائتلاف وأستانة

01/23 15:01

بعض المعارضة من حديثي العهد من المجلسيّين والمؤتلفين من الذين لم يحالفهم الحظ في الدعوة إلى جنَّة أستانا يتوعد بأن الصراع بعد اليوم هو مع الفصائل المسلحة المدعوة، بدلاً من (المعارضة السياسية)، كونها قاصرة، وبينها أسماء غير معروفة، وقد تتفق مع النظام على حساب الائتلاف، والبعض الآخر اكتشف فجأة وبعد ستة أعوام أن الثلج ذاب، وأن المرج حيث الفصائل المسلحة سلمت حلب، ولم تكن في خط الثورة، طيب وفي هذه الحالة لماذا كنتم تدَّعون خلال كل هذه المدة أنكم تقودون الثورة اعتماداً على تلك الفصائل نفسها؟ وماذا تغير الآن؟ ثم وبكل صراحة وفي حسابات مَن يمثل الميدان؟ ومن الأولى بالحضور في منابر على شاكلة أستانة؟ نقول: تبقى تلك الفصائل بكل علّاتها الأنسب، والأكثر صدقية منكم.

كل التقدير للسيد فايز سارة، المبادر الأول ليس بالانسحاب من الائتلاف، بل في بيان أسباب استقالته بصراحة التي تضمنت: "الائتلاف الذي وُلد مريضاً بفيروسات المجلس الوطني، وأصحاب مصالح، عبر سعيهم إلى عسكرة الثورة، ثم أسلمتها وتطييفها، واتبعوا كل السبل وأرخصها من أجل الحفاظ على وجودهم بأي مكان في قيادة "المعارضة"، وكله بخلاف الثورة بوجهها الشباب الديمقراطي والشعبي الوطني عند انطلاقتها في وجه نظام الأسد وعصابته، ولم يكتفِ حاملو فيروسات المجلس الوطني بما حملوه من التجربة المرة بأن حوّلوه إلى شركة خاصة، ما لبثت أن أعلنت إفلاسها بعد أشهر قليلة، ثمة حاجة مُلحة على السوريين، والشباب منهم بشكل خاص، القيام بها دون تأخير، وهي توليد تحالف وطني/ديمقراطي، يقود السوريين وثورتهم نحو المستقبل باتجاه الحل السياسي، وتغيير النظام، وإقامة بديل ديمقراطي".

لسان حال أي وطني سوري من النخبة والعامة على ضوء التردي الحاصل هو: يا ممثلي الفصائل المجتمعة في أنقرة ومسؤولي الهيئة التفاوضية والائتلاف، كفاكم تضليلاً وتناقضات في تصريحاتكم مرة تدّعون المشاركة في أستانة، وأخرى تقاطعون، والكل متفق، والنصف معارض، وجدول الأعمال يقتصر على المسائل العسكرية والأمنية، ثم التفاصيل السياسية، والجيش الحر مساهم، والناطقون باسمه مزيفون، وأن وقف النار شامل، وعسكر النظام والميليشيات مستمر في ضرب الغوطة ووادي بردى، وكذلك القصف الروسي على إدلب، فإذا كنتم تحاولون إشغال الشعب بأمور ثانوية لا تخلو من الخداع للتملص من المراجعة والاعتراف بمسؤولية الفشل والهزيمة والامتثال لإرادة الوطنيين والثوار من خلال المؤتمر الوطني الجامع لإعادة البناء، فأنتم واهمون.

أمام المهام العظام الملقاة على عاتق السوريين بكل مكوناتهم القومية وأطيافهم في أصعب وأدق مرحلة تجتازها بلادهم بعد إيغال نظام الاستبداد في جرائمه الهائلة، بإبادة الشعب وتدمير الوطن، واستباحة السيادة والاستقلال، وبعد فشل العقلية الحزبية السورية عموماً، والكردية خصوصاً المؤدلجة منها، والمغامرة والانتهازية، في التعبير عن إرادة الشعب وإدارة المعارضة، وتمثيل الثورة وبلورة وتحقيق المشروع القومي والوطني لا غرابة أن تشهد المرحلة الانتقالية هذه شتى مظاهر ردود الفعل وصنوفاً من الرؤى والمواقف على شكل بيانات ونداءات ومقالات تعبيراً مشروعاً عن عدم الرضا، والبحث عن حلول للأزمة، ولا شك وفي مثل هذه الأحوال الاستثنائية السورية، وبينها الكردية، علينا توخّي الحذر من محاولات مندسين من حاملي أجندات مضادة لاستغلال الاحتقان الشعبي، واستثمار المشاعر التواقة للوحدة، والاتحاد من أجل زرع العراقيل أمام الجهود الأصيلة المخلصة والجادة الحاملة للمشروعَين القومي والوطني.

لاحظت في الأيام الأخيرة، ومنذ التحركات الدبلوماسية الروسية - التركية بشأن اجتماع أستانة، كيف أن أعضاء (المجلس السوري والائتلاف والهيئة التفاوضية والمجلس الكردي) وهم من كانوا يدَّعون التمثيل الشرعي الوحيد يعيشون لحظات صعبة ومحرجة مليئة بالانتظار المحبط؛ لأنهم لا مع الفصائل المسلحة الثورية بخير، ولا مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف السوري بخير، وقد قيل إن الكثيرين منهم يتوسلون إلى قادة الفصائل وممثلي تركيا وروسيا وأطراف أخرى للتوسط بدعوتهم؛ ليشكلوا مع (أزلام دمشق وموسكو وفد المعارضة) ضاربين عرض الحائط مسؤوليتهم التاريخية في الفشل، وواجب المراجعة والاعتذار للسوريين، ونقول لهؤلاء: سيان إن ذهبتم إلى أستانة أو واشنطن أو جنيف أو حميميم أو دمشق أو لم تذهبوا، فحسابكم عسير أمام الشعب والوطن.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل