المحتوى الرئيسى

الرئيس المتطرف | المصري اليوم

01/22 21:38

على غرار ما فعل دونالد ترامب والرؤساء الأمريكيون عموماً، وغيرهم من قادة العالم، ببدء مهامهم الرئاسية من الكاتدرائية، أتمنى أن يبدأ أى رئيس مصرى فى المستقبل، فترة رئاسته انطلاقاً من المسجد، يلتقى شيخ الأزهر أو حتى إمام المسجد، ليتلقى منه البركة، قبل بدء حفل التنصيب مباشرة، يضع يده على القرآن الكريم، ويقسم باحترام ما جاء فيه، فقط أود أن أرى رد الفعل العالمى الذى أتوقعه مسبقاً، والذى لن يزيد على اعتباره متديناً، أو على أكثر تقدير يحترم عقيدته.

المشكلة الكبرى، أو بمعنى أصح النكبة الكبرى، هى فى رد فعل بعض متحذلقى الداخل، أو من يطلقون على أنفسهم النخبة، الذين لا يستطيعون المجاهرة بعقائدهم الغريبة، سوف يطالبون فوراً بسحب الثقة من الرجل، اتهامات بالتشدد والتطرف وربما بالإرهاب، استعداء الداخل كما الخارج عليه، على اعتبار أنه غير متوازن، وربما غير طبيعى، فصل الدين عن الدولة، وفصل الدين عن الدين، والدولة عن الدولة، إلى غير ذلك من شعارات، لم نسمع أحدا رددها، لا فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولا حتى فى الولايات الموزمبيقية.

فقط سوف نسمع كل هذا الهراء فى أى ولايات عربية، أو فى أى دولة عربية، الانتماء إلى الدين كارثة، احترام العقيدة رجعية، عودة إلى عصور التخلف، على اعتبار أن ما نحن فيه الآن عصور التقدم!!، الاتهامات جاهزة ومعلبة من كل أولئك الذين تفرنجوا وتأمركوا، إلا أنهم استمرأوا سياسة الانتقاء، لماذا لا نحيا حياة الأمريكيين والغربيين فيما يتعلق مثلاً بإباحة السُكر والإقرار بالدعارة، إلا أن الأمر سوف يصبح مختلفاً حين يتعلق بقسم اليمين فى المسجد، أو حتى فى الكنيسة، أو حتى استخدام الآيات القرآنية فى الاستشهاد والتدليل؟!.

فى مجتمعاتنا العربية عموماً، والمصرية بصفة خاصة، الجهر بالمعصية أصبح حرية شخصية، إلا أن الجهر بالتدين تشدُّد، الخوض فى أمور الدين بما لا يليق بحرية رأى، إلا أن الرد على أمثال هؤلاء تطرف، التعرى من وجهة نظر النخبة تطور وتقدم، إلا أن الاحتشام بدعة ومغالاة، هكذا هو حالنا الآن، ما جعلنا مسخاً لا معنى له، الآخرون يتهموننا بالتطرف والإرهاب طوال الوقت، على الرغم من أنهم مصدره، وهم وقوده، وتأتى الاعترافات منهم صريحة أحياناً، إلا أنه لا يحق لنا مجرد الرد أو مواجهتهم بالحقيقة أو حتى مطالبتهم بالكف عن الأذى.

لا خلاف على أن تنظيم القاعدة كان صناعة الرئيس الأسبق رونالد ريجان، كما كان تنظيم طالبان صناعة بوش الأب، بينما كان تنظيم داعش صناعة باراك أوباما، وبين هذا وذاك كانت صناعة الإرهاب فى العراق على يد بوش الابن، وفى سوريا صناعة أمريكية فرنسية مشتركة قبل تسليم مفاتيح الإرهاب فى جزء كبير منها إلى الجانب الروسى، ومن الإرهاب الإسرائيلى فى فلسطين المحتلة والمنطقة ككل إلى الإتاوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية فى دول الخليج، وحتى البلطجة الغربية فى ليبيا، تصبح الأمور واضحة بما لا يدع أى مجال للشك.

إذن هو التخاذل، الذى باتت معه العواصم العربية فى موقف المُدافع والمتهم طوال الوقت، نتيجة غياب الديمقراطية ليس أكثر، وهو ما جعلنا أمام أنظمة هشة للغاية، تخلط أوراق ذلك الذى يجرى على الساحة مع أوراق ضعفها الداخلى، نتيجة تلك الفجوة الحاصلة مع الشعوب، فلم تستطع المواجهة، رغم قوة الحجة، ورغم وجود الوثائق التى تدعم موقفها، فى الوقت الذى غاب فيه التنسيق العربى المشترك أو توحيد المواقف، نتيجة خلافات هى فى حقيقتها سفاسف الأمور مقارنةً بالتحديات الراهنة.

بعد أن بدأ ترامب رئاسته لأقوى دولة فى العالم من الكنيسة، وعلى يد أحد القساوسة، وبعد أن أقسم على الإنجيل، لم يستطع أحد فى العالم أن يتهمه بالتطرف ولا بالتشدد ولا حتى بالتدين، ولا يحق لأحد أصلاً أن يفعل ذلك، ذلك أن هذا هو ما درجت عليه الولايات المتحدة، ناهيك عن أن هذه هى الحرية الشخصية بالفعل، والتى لا يجوز لأحد التدخل فيها، لا من قريب ولا من بعيد، هى ثقافة دولة تحترم نفسها، وثقافة شخص يحترم شعبه، لذا كان على الآخرين فى الداخل والخارج التزام الصمت، حتى لو كانت النخبة الأمريكية أو حتى نخبة الإلحاد والانتقاء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل