المحتوى الرئيسى

أسلحة المصريين لمواجهة الغلاء

01/22 21:01

بعد تجرع المصريين على مدار عدة أشهر تبعات الأزمة الاقتصادية وسوء الأحوال المعيشية كان التصدع الكامل فى بنيان ميزانيات الأسر المصرية، بعد قرار تحرير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وشهد المجتمع بجميع فئاته أسوأ موجة غلاء أعقبها ارتفاعات متوالية فى أسعار الوقود والطاقة امتدت إلى أغلب السلع والخدمات بزيادات تراوحت ما بين 30٪ و50٪ وبنسبة 100٪ لحوالى 20 سلعة رغم انخفاض أسعارها عالمياً وبنسبة تفاوت غير منطقية بلغت فى منتج واحد 1000٪، كما تراوحت فروق أسعار بعض السلع الأخرى ما بين 200٪ و300٪ فى أنواع من الخضار والبقوليات والنشويات، كما وصلت فى عدد من المنتجات الغذائية إلى 100٪ وللسلع الصناعية بنسبة 300٪، بينما المعدل العالمى 30٪ فقط.

هذه الزيادات تأثر بها أيضاً الأغنياء رغم استحواذهم على جزء كبير من دعم الغلابة فى الوقود وأشياء أخرى يحصلون عليه.

هذا الغلاء الفاحش جعل الخبراء يؤكدون أن فقراء مصر ومحدودي الدخل لم يعد يجوز عليهم إلا الرحمة.. ولمواجهته لجأ عامة الشعب بل أجبر بعضهم على تناول الخضار الفاسد وبيع أعضاء الجسد، بل وصل إلى حد قتل الزوجات أزواجهن، كما ازداد معدل العنف الأسرى، وارتفعت نسب الطلاق والانحراف، والسبب أن مصروف البيت لم يعد يكفى لشراء «العيش الحاف».

وفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء انضم نحو 1٫37 مليون مصرى إلى شريحة ما تحت خط الفقر، وأصبح 27٫8٪ من المصريين يعيشون تحت هذا الخط ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية. وتشير لغة الأرقام إلى أن هناك 11 مليون مواطن ينفقون أقل من 333 جنيهاً شهريا وبمعدل إنفاق سنوى 36 ألف جنيه فى المتوسط، فضلاً عن 28٪ من أصحاب الأسر عاطلين عن العمل و17٪ من الأسر تعولهم نساء.

وحدد جهاز التعبئة العامة والإحصاء خط الفقر المدقع للفرد بمبلغ 322 جنيهاً خلال 2016 وهو ما كان يعادل خلال 2015 حوالى 36٫2 دولار.

وبعد انخفاض قيمة الجنيه إلى النصف تقريباً والذي كان وراء زيادة نسب الفقر والفقراء فى مصر سقط 50 مليون مواطن تحت خط الجوع، إضافة إلى 30 مليوناً آخرين فيصبح الإجمالى 80 مليوناً يعانون أشد المعاناة، وحسب الدكتور عبدالفتاح إسماعيل مدير المركز المصرى للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، كان 505 من الأسر المصرية دخلها الشهرى قبل قرار التعويم ما بين 1000 و5000 جنيه وهى مبالغ كانت تبعدهم عن خط الفقر وفقاً لتقديرات المنظمات الدولية بمبلغ 1٫50 دولار يومياً.. وبتطبيق المعدل العالمى على أسرة من 5 أفراد ودخلها 5 آلاف جنيه.

فبعد التعويم سنجدها سقطت هى الأخرى تحت خط الفقر.

وبحسب البنك الدولى.. تم رفع حاجز خط الفقر العالمى فى توازى مع ارتفاع التكلفة المعيشية حول العالم ليصل لحاجز الـ1٫90 دولار يومياً للشخص الواحد.. وبحساب متوسط سعر الصرف للدولار الواحد بـ17 جنيهاً يصبح دخل المصريين لدى مستوى خط الفقر العالمى 969 للفرد شهرياً.

وفى نوفمبر 2016 رصدت صحيفة «تايم» البريطانية مدى معاناة أفراد الطبقة المتوسطة مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية بسبب الأزمة الاقتصادية.

وأوضحت الصحيفة أنه وفقاً لبرنامج دعم أسر الطبقة المتوسطة الذى دشنه بنك الطعام المصرى، ومن بين أعماله توزيع 100 ألف صندوق سلعاً غذائية ولا يحمل أى علامة للبنك على أسر من الطبقة المتوسطة تجنباً لإثارة حرج تلك الأسر. وهو ما كان منذراً بنزوح موجة من الأسر تلك من خانة «اليسر» أو «الستر» إلى خانة الفقر.

وتحت وطأة هذه الظروف البيئية أصبح من المألوف فى شوارع مصر الآن أن ترى رجالاً يرتدون ملابس أنيقة ويستوقفونك يطلبون المساعدة.

الطعام «المضروب» أرحم من الجوع

السلع الفاسدة والطعام «الحمضان»، كان هدفنا للبحث عن الغلابة رواد الأسواق الشعبية. المفاجأة، أن الإقبال منقطع النظير على شراء الخضار والفاكهة الذى أوشك على التلف بصورة كاملة، تفوح منه الحموضة بشكل واضح تأنف منه الأنفس والبطون قبل العيون.. ولكنه يمتاز برخص سعره الذى جعله فى متناول الغالبية العظمى من الفقراء والمحتاجين وبعض المنتمين للطبقة المتوسطة.. فكيلو الطماطم «الحمضان» يباع بـ75 قرشًا مقابل 3 و4 جنيهات للطازجة والبطاطس من 150 لـ200 قرشًا مقابل 7 جنيهات ونصف الجنيه للسليمة وكيلو السبانخ بجنيه مقابل 5 و6 جنيهات للطازجة، وحتى البصل الرديء من 4 لـ6 جنيهات مقابل 7 و9 جنيهات للسليم.. وهكذا كان حال بعض المواطنين الباحثين عن الغذاء الرخيص الثمن ولو كان «حمضان».. للتكيف مع جنون أسعار الخضار والفاكهة التى لم يعد لها محل من الإعراب واعتمادًا على أن معدة وبطون المصريين «تهضم الزلط»..

صرخات هدى مجدى، أم لـ7 أطفال فى مراحل التعليم المختلفة والزوجة لأمين شرطة راتبه 1200 جنيه (بحسب كلامها) حيث طالبتنا بتوصيل ندائها للرئيس السيسى وحكومته بالرحمة وقالت: «الحكومة التى أوصلتنى للبحث فى الزبالة عن طماطم بعد ارتفاع سعرها كما بين الـ3 و4 جنيهات ومع اختفاء حتى الخضار والفاكهة الحمضانة من السوق لتهافت الناس عليها.. مش عارفين الحكومة دى عايزة مننا إيه.. حتى التموين لم يعد فى مقدورنا الحصول عليه، بعدما أصبح كيلو الزيت بـ10 جنيهات والسكر بـ8 جنيهات والأرز غير متوافر والمكرونة كمان مش راضين يعطوها لنا كبديل للأرز.. المدارس زادت والمواصلات كمان والدروس الخصوصية حرقتنا وأصبحنا على وشك إخراج عيالنا من المدارس .. بعد إطعامهم بالغذاء الحمضان.. فماذا تبقى لنا وألا يعلم الريس أن للصبر حدود.

الحمار عندى أهم من «كليتى» لأنه بيشتغل ويجر «العربية الكارو»

الفقر الشديد الذى يعانى منه جموع المصريين وراء ظهور مافيا الاتجار فى الأعضاء البشرية.. وهو ما جعل مصر تحتل المركز الثالث عالمياً فى تلك التجارة غير المشروعة بحسب دراسة حديثة بجامعة الإسكندرية، وأكدت أن 78٪ من المانحين لأعضائهم يعانون من تدهور حالتهم الصحية بعد العملية الجراحية، فى حين 73٪ يعانون من ضعف قدراتهم على أداء الوظائف والمهام الصعبة التى تقتضى جهداً شاقاً.

فالأسعار والانفلات الجنونى فى تكاليف الحياة وأسعار السلع وفواتير المياه والكهرباء ومن قبلها سد رمق طفلتى جعل «الحمار» عندى أهم من حياتى النهارده وبكرة بقى وإن مت فعلى الله إطعام أولادى.

تخزين السلع لمواجهة «الأيام السوداء»

«خزن السلع قبل ما تغلى فى الأيام السوداء».. شعار رفعه المصريون هذه الأيام وكان وراء الحركة المحمومة من شراء السلع الغذائية الأساسية كالسكر والزيت والأرز وكذلك للأدوية.

Comments

عاجل