المحتوى الرئيسى

مروة هشام تكتب: القضية الأهم للعام الماضي والعام الحالي والأعوام القادمة! | ساسة بوست

01/22 11:37

منذ 1 دقيقة، 22 يناير,2017

نحن نعيش فى حروب منذ بداية الخلق ولن تنتهي إلا بنهايته، فلاجدوى من مناقشة ذلك ولكن علينا أن نتقبل ونتعايش مع ذلك الأمر حتى الخلاص الأخير .

ولكن بعد كل الحروب التي حدثت على مر التاريخ، تقوم الأمم منها أقوى و كل شيء يتم تعويضه بل وأفضل منه أيضًا، إلا شيء واحد هو منزلنا الكبير (كوكب الأرض) من سيء لأسوأ وفي انهيار بشكل جنوني، والمثير للدهشة أنه السبب الجوهري لأغلب الحروب والنزاعات على مر التاريخ والتي قد تكون مغلفة بقضايا سياسية ودينية، ولكن غرضها الأول والأخير هو الاستحواذ على الموارد وفرض السيطرة على أكبر رقعة ممكنة من أجل استغلال مواردها الطبيعية بأقل ثمن ممكن، وخير مثال على ذلك العراق وأفغانستان والقائمة تطول.

ولذلك فلا أي بصيص أمل للعيش في سلام أو حتى هدنة، وعلينا أن نتعايش بسلام مع هذه الفكرة راجين في الأجيال القادمة أن تكون أقل غباءً منا.

لذلك القضيه الأهم والتي تتحكم في مستقبل سبعة مليارات فرد والأجيال التابعة لهم بل وأيضًا كل المخلوقات الحية هي قضية المناخ. فكيف سوف نترك المنزل لهم وكم حجم الخراب والدمار الذي سوف نتركه لهم، ولذلك هي القضية الأهم التي وجب وحتمًا اتخاذ الإجراءات اللازمة لها للحد من الأخطار الناجمة عنها التي سوف تطول الجميع، ولهذا سوف نطرح القضيه بأغلب جوانبها لكم وبشكل مبسط لمجرد فقط التعريف بالمشكلة وحجم الكوارث المترتبة عليها، على أمل أن تبدأ الخطوة منا فإدراك المشكلة هو أول الخطوات للحل.

والتعريف المتعارف عليه لتغيير المناخ هو أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة، ومعدل حالة الطقس يمكن أن يشمل معدل درجات الحرارة، معدل التساقط، وحالة الرياح؛ وهذه التغيرات يمكن أن تحدث بسبب العمليات الديناميكية للأرض كالبراكين، أو بسبب قوى خارجية كالتغير في شدة الأشعة الشمسية أو سقوط النيازك الكبيرة، ومؤخرًا بسبب نشاطات الإنسان.

ولكن خلال العقود الأخيرة تزايدت نشاطات الإنسان بشكل أكبر بكثير من العمليات الديناميكية للأرض، وأحدثت تغييرات باتت ملحوظة للجميع وأدت لعواقب وخيمة وأصبح لا يمكن السكوت عنها، فخلال الـ150 عامًا الأخيرة بعد التوجه للصناعة بشكل كبير واستخدام مليارات الأطنان من الوقود الحفري لتوليد الطاقة، والتي منها يخرج غاز ثاني أكسيد الكربون الذي هو أحد أهم الغازات التي تحبس الحرارة داخل الغلاف الجوي، والتي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية عن عصر ما قبل الثورة الصناعية.

وزيادة غاز ثاني أكسيد الكربون تسبب في مضاعفة مفعول الدفيئة (وهي الظاهرة التي يحبس فيها الغلاف الجوي جزءًا من الطاقة الشمسية اللازمة لتدفئة الأرض والحفاظ على اعتدال المناخ)، ولكن مع زيادة نسبة الكربون والميثان في الغلاف الجوي نتيجة لحرق الفحم والنفط في المصانع وإزالة الغابات، وغاز الميثان الناتج من مزارع البقر وحرق النفايات وغيرها، تسببت في تآكل طبقة الأوزون وبالتالي زادت كمية الطاقة الشمسية وزادت معها نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي والذي بات يحبس المزيد من الحرارة.

وبالرغم من أن الجميع لاحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير وطول مدة فصل الصيف على غير المعتاد، لكن مازل البعض ينكر بأن هناك شيئًا اسمه تغيير مناخ وبالأخص من تتعارض القضية مع مصالحهم الاقتصادية، وبالتاكيد تدفع شركات النفط الكبرى بكل ما أوتيت من قوة لتهميش القضية وتشويه أصحابها وكأن الكوكب إرث لهم وحدهم فليعثوا فيه فسادًا كيفما شاؤوا .

ولتغيير المناخ أثر كبير على البشر أدى إلى حدوث الكثير من المخاطر البيئية تجاه صحة الإنسان، مثل نضوب طبقة الأوزون، فقدان التنوع الحيوي، والضغوط على الأنظمة المنتجة للغذاء، وانتشار الأمراض المعدية بشكل عالمي.

وطبقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) وقوع 160000 حالة وفاة من 1950 مرتبطة بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية.

كما أشارت إحدى التقارير التي صدرت عن المنتدى الإنسانى العالمي عام 2009 فإن الدول النامية تعاني من 99% من خسائر تغيير المناخ رغم أن أكثر من 50 دولة نامية لا تسبب أكثر من 1% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ونظرًا للمستوى الاقتصادي الضعيف لهذه الدول فإن قدرتها على التأقلم مع التغيرات المناخية منخفضة للغاية، بالتالي هي أكثر من يعاني في المستقبل على جميع المستويات الصحية والزراعية والبيئية والاقتصادية وأيضًا ارتفاع معدلات الهجرة منها مما قد يسبب نقصًا في الموارد البشرية.

وعلى الصعيد الصحي فمع بداية السبعينات ظهرت وانتشرت الأمراض المعدية والأسباب التي أدت إلى ذلك على الأرجح متعددة حيث تعتمد على عناصر اجتماعية وبيئية ومناخية متنوعة، ولكن العديد يزعمون أن انتشار المرض المعدي ربما يكون واحدًا من التفسيرات البيولوجية المبكرة لعدم الاستقرار المناخي، في ارتفاع معدل درجات الحرارة وانبعاثات الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان المسببة لتغيير المناخ التي تعتبر بيئة خصبة لكثير من الكائنات كالناموس والقوارض والخفافيش لنقل الأمراض المعدية، كالملاريا التي تقتل ما يقرب من 300000 طفل سنويًا تشكّل أكبر تهديد وشيك على المجتمعات الفقيرة والتي تعاني في الأساس من نقص في الرعاية الصحية وضعف البنية التحتية لهذه المجتمعات.

ولكن لم يقتصر التأثير على هذا فقط، فالتغييرات التي تطرأ على درجات الحرارة تسبب تغيرًا في أوقات الأمطار الموسمية بالتالي يتعرض الإنتاج الزراعي لكثير من الدول والتي من بينها أيضًا دول نامية للتلف، ومما يسبب أزمات اقتصادية ومخاطر على حياة الأفراد.

ومثال على ذلك، فالغابات الاستوائية في أمريكا الجنوبية قد تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى مواسم من الجفاف وذلك بشكل متكرر تسبب فى موت الآلاف من الأشجار المعمرة. وحسب ما أكده أوليفر فيليبس Oliver Philips من جامعة ويلز إن الجفاف الذي أصاب غابات الأمازون في عام 2005 قلل كفاءة النباتات في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مما تسبب في تقليل كميات الغاز الممتصة بحوالي خمسة مليارات طن.

و بما أن للدول النامية نصيب الأسد من الآثار السلبية لتغيير المناخ، ومع استمرار الارتفاع في درجات الحرارة ازدادت الكوارث المرتبطة بالطقس و قد حدث ذلك بالفعل في بعض الدول مثل الهند التي تعرضت إلى مجموعة من الفيضانات و الأعاصير مثل أوريسا والفيضانات التي تبعته والتي أدت إلى وفاة أكثر من 2300 شخص أكثرهم تحت خط الفقر، ولم يكتف بذلك بل تسبب الإعصار لدمار البنية التحتية لأكثر من نصف عدد ولايات الهند من مجموع 29 ولاية، و أدى الإعصار إلى تضرر أكثر من 21 مليون مواطن.

وإعصار نرجس Nargis الذي ضرب كلًا من الهند وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار في 27 أبريل 2008 واستمر لمدة أسبوع وكانت نتيجته موت أكثر من 100 ألف مواطن، حطمت الرياح التي بلغت سرعتها 215 كم/ ساعة آلاف المنازل وخلفت دمارًا كبيرًا في البنية التحتية لهذه البلدان.

ومع ذلك وبرغم من تجاوز عدد سكان الهند المليار نسمة إلا أن إطلاقها أو إنتاجها لغاز ثنائي أكسيد الكربون وإسهاماتها في تفشي ظاهرة الاحتباس الحراري أقل بكثير من ألمانيا والتي يبلغ عدد سكانها 82 مليون شخص، تعتبر شبه القارة الهندية والمناطق المجاورة لها من أكثر المناطق تعرضًا للكوارث البيئية والمتمثلة بالأعاصير والفيضانات والجفاف.

وأيضًا بنجلادش تعرضت لحالات كثيرة من الفيضانات والأعاصير وكانت أعنفها التي حدثت في عامى 1970 و2007 فالإعصار الأخير الفيضانات التي رافقته تسببت في ضرر حولى حوالي 6.7 مليون شخص وموت 3 آلاف مواطن، وأدت الفيضانات إلى نفوق أكثر من 350 ألف رأس من الماشية، تضرر حوالي 551 ألف هكتار من الأراضي المزروعة وموت حوالي 92 ألف هكتار من المزارع، و تتعرض بنغلاديش بشكل مستمر إلى الكوارث الطبيعية والتي يكون تأثيرها عادةً مدمرًا بسبب انخفاض أراضيها ووقوعها في خليج البنغال الذي كثيرًا ما تمر به العواصف الاستوائية، وبسبب الفقر الشديد الذي يعاني منه السكان فإن وقع هذه الكوارث عليهم يكون أشد.

وبما أن الكوارث لا تأتي فرادى و مع زيادة سخونة المناخ، فإنها تغير طبيعة سقوط الأمطار والتبخر والثلوج وتدفق ينابيع المياه والعناصر الأخرى التي تؤثر في وفرة المياه وجودتها على مستوى العالم، تعتبر موارد الماء العذب شديدة الحساسية تجاه التغيرات التي تطرأ على الطقس والمناخ، فالتغير المناخي من المتوقع أن يؤثر على توفر المياه في المناطق التي تعتمد فيها كمية مياه الأنهار والجداول على ذوبان الثلوج، تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى زيادة نسبة الترسبات الساقطة على هيئة أمطار بدلاً من الثلج، مما يؤدي للوصول إلى الحد الأقصى السنوي الربيعي لسريان المياه بشكل مفرط في فترة مبكرة من العام، وهذا قد يؤدي إلى احتمالية حدوث فيضان شتوي وتقليل معدل تدفق المياه في الأنهار في الفترة المتأخرة من الصيف، ويؤدي ارتفاع منسوب البحار إلى دخول المياه المالحة إلى المياه العذبة الجوفية وجداول المياه العذبة، وهذا يقلل كمية المياه العذبة المتوفرة للشرب والزراعة، وتؤثر أيضًا درجات المياه الأكثر حرارة على جودة المياه وتزيد من سرعة تلوث المياه.

وتبعًا لحوادث الطقس المتطرفة فارتفاع منسوب المياه في أماكن وتصحر في أماكن أخرى ينتج لنا مشكلة أكثر تعقيدًا مما سبق وهي النزوح والهجرة للأفراد التي تدمر منازلهم ويدفعهم للنزوح لأماكن أخرى أكثر استقرارًا وملاءمة كما يحدث حاليًا في مناطق الساحل الإفريقى وحزام مناطق المناخ شبه الجاف الذي يمتد حول القارة أسفل صحرائها الشمالية تمامًا، والذي بدوره يؤدي إلى مزيد من الصراعات حول الموارد .

وأشار مركز مراقبة النزوح الداخلي (Internal Displacement Monitoring Centre)، إلى أن أكثر من 42 مليون شخص نزحوا من منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال عامي 2010 و2011، وهذا يزيد عن ضعف سكان سريلانكا وتتضمن هذه الأرقام أؤلئك الذين نزحوا بسبب العواصف والفيضانات وموجات الحر والبرد، وما يزال هناك آخرون نزحوا بسبب الجفاف وارتفاع منسوب البحار، ومعظم هؤلاء الأفراد أجبروا على ترك منازلهم وفي النهاية عادوا عندما تحسنت الظروف، ولكن عددًا غير محدد أصبح في عداد المهاجرين، وهذا داخل بلادهم في العادة إلا أن هناك أيضًا من هاجروا عبر الحدود القومية.

وهذا ما أشار السيد جون هولمز وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى أن عدد الكوارث التي شهدها العالم قد تضاعف من 200 حادثة إلى 400 حادثة سنويًا خلال العقدين الماضيين، وأن تسعة من كل عشرة منها مرتبطة بالمناخ وبالتالي هناك احتمال لتزايد الطلب على المساعدات الإنسانية خلال العقد القادم بسبب التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية.

ولكن من الأمور المبشرة نحو خطوة في مواجهة التغيير المناخي هي اتفاقية باريس التي انعقدت في أبريل الماضي، والتي استعرض من خلالها الأخطار الناتجة عن تغيير المناخ والظواهر التي شهدها العالم في عام 2015 من ارتفاع حاد في درجات الحرارة، وفي ظل هطول معدل غير مسبوق للأمطار، وموجات الجفاف الشديدة، ونشاط الأعاصير المدارية.

وكما أشر الخبراء في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى أن عام 2015 سجل أعلى معدلات مناخية وغير مسبوقة، وأشارت الإحصاءات إلى الآثار السلبية الناجمة من تغيير المناخ والذي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذة الآثار السلبية.

وكانت للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عامًا من بدء مفاوضات الأمم المتحدة، توصل ممثلو الدول الـ195 إلى اتفاق ملزم لمكافحة التغير المناخي، والعمل على إيجاد الحلول للحد من الاحتباس الحراري بما لا تتعدى درجتين مئويتين وذلك طبقًا لبنود اتفاقية باريس.

وشهدت مدينة نيويورك توقيع اتفاقية المناخ التي تم التوصل إليها في مؤتمر باريس، وقامت 171 دولة بتوقيع الاتفاق التاريخي الذي يحدد هدفًا طموحًا للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وإبقاء معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند درجتين مئويتين.

وتؤكد هذه المشاركة رغبة الجميع في الالتزام بالتعاون واتخاذ خطوات ملموسة للتوصل إلى اتفاق جامع على المستوى الدولي، إلا أنه ولتحقيق أهداف الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ، يتوجب أن تصادق 55 دولة على الأقل، ويتعين أن تأتي هذه التصديقات من دول تمثل 55% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.

ولكن بذلك لن تنتهي المشكلة بعد، ففي ظل توقعات البنك الدولي بأن الاقتصاد العالمي سيحتاج خلال السنوات الـ15 المقبلة إلى استثمارات في البنية التحتية بـ89 تريليون دولار أمريكي و4.1 تريليون دولار من الاستثمارات التحفيزية للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، بالتالي ما الذي يرغم الدول المتقدمة والتي هي أقل ضرر من التغيير المناخي وأكثرها تسببًا له على الاستثمار فى البنية التحتية من أجل اقتصاد منخفض الكربون!

ولكن الزيادة بسيطة في متوسط درجة الحرارة العالمية (ما يصل إلى درجتين مئويتين مقارنةً بمستويات عام 1990) تؤدي إلى صافي آثار سلبية في قطاع السوق بالعديد من الدول النامية، وصافي آثار إيجابية بقطاع السوق في العديد من الدول المتقدمة.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل