مستوردون يبحثون عن أطواق النجاة
❐ الطحاوى: تعاون مع 12 مستثمرًا لتأسيس شركة صناعية برأسمال 250 مليون جنيه
❐ شيحة: استيراد بضائع على رخص محلية وسيلة 20 % من تجار«الأجهزة الكهربائية» للبقاء
❐ مرسى: تصنيع مستلزمات الفلاتر بدلًا من استيرادها.. وتخفيض المكاسب للمواصلة
محمد ريحان ــ دعاء حسنى ــ محمد مجدى
تباينت الخطط التى يعتزم المستوردون تنفيذها خلال العام الجارى، لمواصلة العمل والاستثمار بقطاع التجارة، عقب القرارات الاقتصادية الصعبة والتحديات التى واجهتها خلال 2016.
فى الوقت الذى أعلن فيه مجموعة من المستوردين تحويل جزء من نشاطه للتصنيع، أكد بعض آخر استمرارهم فى مجال الاستيراد، معتمدين على سياسات جديدة تمكنهم من الصمود، أبرزها تخفيض حجم استيراد السلع تامة الصنع، وتقليص هامش الأرباح.
يرى ممدوح زكى، رئيس شعبة المستوردين والمصدرين بالغرفة التجارية فى الجيزة، أن التوسع فى استيراد خامات ومستلزمات الإنتاج، بديلًا عن المنتج تام الصنع، يعد طوق النجاة الذى يضمن استمرارية العمل فى السوق المحلية خلال الفترة الراهنة.
وتراجعت واردات مصر السلعية بقيمة 7 مليارات دولار، خلال الـ 9 أشهر الأولى من 2016، بينما ارتفعت الصادرات بواقع مليار دولار، فى المقابل خلال تلك الفترة، وفقًا لأحدث البيانات التى صدرت عن وزارة التجارة والصناعة.
وقال زكي؛ إن الاتجاه سيدعم منظومة التصنيع المحلى، وبمقتضاه تصنع المنتجات التى نستوردها من الخارج محليًا، منها الأثاث المنزلى، ولعب الأطفال، والأدوات المكتبية، ما يضمن استمرارية عمل المستوردين فى السوق.
وتضمنت قرارات عام 2016 التى حجمت نشاط الاستيراد قرارى رفع الرسوم الجمركية، على عدد من المجموعات السلعية مرتين؛ الأولى فى فبراير، بزيادة تراوحت بين 10 إلى 20%، والثانية فى ديسمبر الماضى، وتراوحت بين 10 إلى 60%، وتطبيقها على أكثر من 300 سلعة.
100 ألف مستورد فى أزمة
وأشار زكى، إلى أن هناك ما يزيد عن 100 ألف مستورد، يواجهون حاليًا قضايا رفعت عليهم من الشركات الأجنبية، التى تمدهم بالبضائع، لعدم سددا المستحقات المتأخرة عليهم، نتيجة زيادة الجمارك، وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.
وكان لأزمة نقص العملة الأجنبية انعكاساتها على قطاع الاستيراد أيضا، وحجمت البنوك من تدابير الدولار، إلا لاستيراد السلع الأساسية، ما اضطر معه العديد من المستوردين لتدبير احتياجاتهم الدولارية من السوق الموازية، الأمر الذى انعكس على انفلات سعر الدولار بين السوق الرسمية والموازية.
وأكد عمار شفيق، مستورد إكسسوارات منازل، وعضو شعبة الغرفة التجارية فى القاهرة، أنه خفض حجم استيراده من المنتجات التى تطرح فى السوق المحلية بنسبة 40%، من أجل الاستمرارية فى ظل القرارات الحكومية التى أدت إلى انهيار قطاع الاستيراد، نتيجة قرارى 43، و91 بسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد لنحو 150% بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة.
وأوضح شفيق، أن أبرز الآليات التى تضمن استمرار النشاط فى السوق تخفيض هامش الربح، الذى كان قبل القرارات الحكومية الأخيرة، لا يقل عن 30% من إجمالى سعر السلعة، وحاليًا لا يتعدى 20%.
وعلى صعيد متصل كشف فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرفة التجارية بالقاهرة، صاحب شركة الفخر للاستيراد والتصدير، أنه يخطط خلال العام الجديد، للتحول تدريجيًا إلى نشاط تصنيع الأدوات المنزلية، موضحًا أنه سيحول 35% من رأسمال نشاط شركته إلى التصنيع، للتغلب على التحديات التى واجهت نشاط الاستيراد على مدار عام 2016.
وأضاف: «لن أحول كل رأسمال شركتى الحالى لنشاط التصنيع، بل سأستمر فى نشاط استيراد الأدوات المنزلية، ويكون التحول للتصنيع بشكل مرحلى، عبر الاستعانة بشركاء آخرين».
وقال إنه من المنتظر إنشاء مصنع برأسمال يتراوح بين 200 إلى 250 مليون جنيه، لإنتاج منتجات خزف لأدوات المائدة، بمشاركة 12 مستثمرًا يعملون فى نشاط الاستيراد حاليًا.
وأوضح الطحاوى أن قرارات العام الماضى قلصت نشاط استيراد الأدوات المنزلية بنسبة 80 %، وعلى رأسها قرارى «الصناعة»، بتسجيل الواردات.
وأضاف: «رغم سيل القرارات التى صدرت على مدار 2016، للتخفيف من حدة الطلب على العملة الأجنبية، وخفض الواردات؛ إلا أن ذلك لم يحل أزمة العملة فى السوق المصرية، وأصبحت تجارة العملة الصعبة الأساس، بدلًا من الاستيراد، والإنتاج فضلًا عن أن سعر الدولار قارب على 20 جنيهًا».
مصر الأكثر تلاعبًا فى النشاط
ذكر الطحاوى أن المستوردين يواجهون معاناة كبيرة فى عدد من الأسواق الخارجية، إذ أوقفت بعضها تسهيلات الموردين، وتصدرت مصر قائمة الدول الأكثر تلاعبًا فى نشاط الاستيراد، بسبب تعثر المستوردين فى سداد قيم واردتهم، جراء السياسات المقيدة للاستيراد، وارتفاع الدولار.
وأعرب الطحاوى عن أمله فى أن يكون 2017، عام تصحيح الأخطاء فى السياسات الحكومية، إذ أن سياسات تحجيم الاستيراد ليست الأساس لأنها تؤدى إلى نقص المعروض، وارتفاعات حادة فى أسعار السلع، وإنما الأساس يكمن فى زيادة الإنتاجية، وإزالة المعوقات أمام التصنيع، لإنعاشه وزيادة التصدير.
وأضاف أن الحديث عن استمرار شراء المستهلكين رغم ارتفاعات الأسعار؛ غير صحيح، فما يحدث هو استبدال شرائح المستهلكين، إذ امتنعت أقل الفئات عن الشراء تمامًا، ولجأت الطبقات المتوسطة للمناطق الشعبية للشراء منها، أما الشرائح العليا باتت هى الوحيدة القادرة على الشراء وفى أقل الحدود.
يذكر أن أسعار منتجات الأدوات المنزلية اشتعلت فى الأسواق مؤخرًا، وارتفع طاقم «الاركوبيركس» على سبيل المثال من 300 جنيه «58 قطعة» ليتراوح حاليا بين 850 و900 جنيه، وارتفع سعر طاقم الصينى المستورد من 1000 لـ3500 جنيه.
قال محمود مرسى أحد مستوردى فلاتر تنقية المياه، إن شركته بدأت فى التعاقد على استيراد خطوط إنتاج تصل خلال أيام، بهدف تصنيع بعض المستلزمات الخاصة بالفلاتر مثل الشمع، والهوسينج، التى كانت تستورد بجانب الفلاتر تامة الصنع.
وأشار إلى أن خطوة تحويل جزء من رأس المال للتصنيع جيدة، لكنها تتطلب تكلفة عالية، لافتًا إلى أن الاستيراد نشاط أساسى، ولا يمكن الاستغناء عنه، أو التحول بالكامل إلى التصنيع، لأن الشركات الصناعية تعانى كثيرًا هى الأخرى من عدة مشاكل.
وأوضح أنه وجه ما يقرب من 30 % من رأسمال شركته لتصنيع المستلزمات السابق ذكرها، كنوع من تخفيض الأعباء المتعلقة بتدبير الدولار.
وتابع: «المستوردون من أكثر المتضررين من الإجراءات والقرارات التى اتخذت على مدار العام الماضى، التى تستمر تداعياتها خلال العام الجارى».
وأوضح أن تقليص هامش الربح ليس رفاهية للمستوردين، خلال الوقت الحالى، فالجميع مضطر لتخفيض مكاسبه من أجل البقاء والاستمرار والمنافسة.
يقول أحمد أبو جبل، رئيس مجلس إدارة شركة أبو جبل لتجارة واستيراد لعب الأطفال والخردوات، ورئيس شعبة الأدوات الكتابية ولعب الاطفال بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن قرارات عام 2016 ساهمت فى تراجع واردات القطاع بنسب بين 60-70 %، وارتفاعات بين 30 و40 % فى أسعار منتجات القطاع.
وتوقع أبو جبل، أن يستمر عام 2017 فى تحجيم نشاط الاستيراد، مع وصول أسعار الدولار لمستويات قياسية، إذ يتقلص النشاط، ويقتصر على استيراد السلع الأساسية فقط، على رأسها المواد الغذائية.
وعن خطة شركته خلال 2017، أكد أنه يأمل فى الصمود لاستمرار نشاط الاستيراد، رغم ارتفاع التكاليف، وانكماش الأرباح، وتدنى حجم الأعمال، وزيادة المصروفات المتوقعة، مع مطالبة العاملين بزيادات فى الأجور لمواجهة تضخم الأسعار.
وأشار أبو جبل إلى أنه من الصعوبة تحوله لنشاط التصنيع، موضحًا أن تكلفة التصنيع لسلعة مثل الأدوات الكتابية، رغم البساطة التى تبدو عليها، إلا أن تفاصيل تصنيعها عديدة، وبحاجة إلى خامات مستوردة، واقتصاديات استيرادها من الصين، أقل كثيرًا من إنتاجها فى مصر، وأن الصين تنتجها بسعر يقترب من تكلفتها، فى ظل دعم حكومى يحصل عليه منتجيها فى مراحل الإنتاج، والتصدير، والعملة، والطاقة.
وتابع : «لا زالت هناك العديد من التحديات التى تواجه نشاط التصنيع فى السوق، التى تحد من خيارات العديد من المستثمريين، للتحول لهذا النشاط، فالأرباح تتضاءل فى ظل السياسات الحالية، والأعباء الخاصة بالتمويل وقلة هامش الأرباح المنتظر».
ولفت إلى صعوبة العمل فى ظل البيروقراطية، التى ربما تطيل فترة إنشاء أى مصنع، لقرابة عامين، حال كان المستثمر يملك سيولة مالية، وحال لم يك يمتلكها، فإنه سيواجه سعر فائدة مرتفع، وعائد مالى لا يتناسب معه، وتقديم البنوك عوائد على شهادات استثمارها يصل لـ20 %، يحول نظر أى مستثمر عن الاستثمار فى نشاط التصنيع.
ورهن أبوجبل نجاح الدولة فى خفض واردات السوق المصرية، بخطط موازية لتشجيع ودعم الصناعة، تستهدف جذب صغار المستثمريين لنشاط التصنيع، عوضًا عن نشاط الاستيراد، الأمر الذى يتطلب مجموعة من الإجراءات، والحوافز، منها مراجعة أسعار فائدة التمويلات الممنوحة من البنوك لتلك المشروعات، وطرح أراض لإقامة مصانع بأسعار مناسبة وبتسهيلات فى السداد، وصياغة مجلس النواب لتشريعات جديدة، تتضمن تقليص الضرائب على المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ وإعفاءات تصل حتى 5 أعوام، لمساندة الدولة لتلك المشروعات.
قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية فى القاهرة، ورئيس الشركة المصرية للتجارة والاستيراد وأحد مستوردى الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية، إن قطاع الاستيراد بدأ فى الانهيار، وشبه التوقف، فى ظل استمرار عمل المجموعة الاقتصادية الحالية، التى وصفها أنها تعمل لصالح مجموعة من المحتكرين ـ على حد قوله.
وطالب شيحة، بضرورة تغيير أعضاء المجموعة الاقتصادية، لضمان تحسن الأوضاع، واستمرار العمل بالقطاع بالشكل المرجو، مشيراً إلى أن قرارى «الصناعة" ضما ما يزيد عن 10 آلاف صنف، ما بين سلع غذائية، وكهربائية، ومستلزمات لاستخدامات المستهلكين، وتلك الأصناف شهدت ارتفاعات وصلت إلى 300 %.
وأوضح أن ما يقرب من 150 ألف مستورد، توقف نشاطهم، بعد قرار الحكومة بزيادة الجمارك، وتعويم الجنيه، الذى أدى إلى وقف عملية استيراد العديد من السلع، على رأسها التى تدعى «استفزازية»«.
ولفت شيحة إلى أن المستوردين يتبعون سياسات جديدة حاليًا، لمواصلة نشاطهم؛ أبرزها استيراد البضائع مفككة، على رخصة أحد المصانع المحلية، بعد إبرام اتفاق مع المنتج، ثم تجمع فى السوق المصرية.
وقدر شيحة معدل تراجع الواردات بسبب القرارات المقيدة للاستيراد بنسبة 80% لنشاط الأجهزة الكهربائية، والأدوات المنزلية، مضيفًا أن نسبة الـ20 % المتبقية من الواردات، يتحايل المستوردين لإدخال بضائعهم للسوق المصرية.
Comments