المحتوى الرئيسى

أسرار الحب والهزيمة والتمرّد في خصل شعر النساء

01/22 09:31

في الحزن "حداد"، وفي السياسة "عقاب"، وفي الحب "هروب، وجلد للذات"، وللبعض "متعة حياة". هل تساءلتم يوماً لماذا تقدم الفتاة على قص شعرها لدرجة الصفر أحياناً؟

بين الشعر الطويل رمز الأنوثة في مجتمعات كثيرة، والشعر القصير، علامة التمرّد مثلما ينظر له حالياً في ثقافتنا العربية، حكايات شغف وحزن وانتقام، تحدثنا عن علاقة المرأة الحميمة بشعرها، بملمسه، لونه وقصته.

يحظى الشعر في الموروث الثقافي للشعوب بحيز واسع، سواء في الفرح أو الحزن. فمثلاً لدى كثير من الشعوب العربية، خصوصاً في القدم، تحلق المرأة شعر رأسها حداداً على وفاة حبيب أو عزيز، كزوجها أو ابنها. وعلى النقيض، يترك الرجل شعره دون تهذيب لمدة من الزمن، في حالات الحداد، وهي عادة مستمرة في الأقاليم المصرية.

ويرتبط الشعر بمعايير الجمال، عربياً أو عالمياً، فنجد أن بعض القبائل الأفريقية يعتبرون المرأة الصلعاء أكثر أنوثة وجاذبية، وفي كينيا يحلقون رؤوس الفتيات للغرض نفسه. ووفقاً للثقافة اليابانية، فالجمال يعني الشعر الناعم، بينما المرأة صاحبة الشعر المموج، معروفة بعملها في الدعارة. لذلك تفضل المرأة اليابانية الشعر المستقيم. أما الشعر الأصفر المشرق في روسيا، فهو من دلالات الجمال.

"أحب شعري القصير، يمنحني البهجة والانطلاق، يساعدني دائماً على الاحتفاظ بما تبقى من ملامح الطفولة داخلي، أو لا أدري لعله انعكاس لها"، تقول الصحافية المصرية سوزان محسن (35 عاماً). وترى أن اختيار لون وشكل الشعر يعكس بعض ملامح شخصيتها التي يملؤها شغف الاكتشاف والتغيير.

حكاية سوزان مع الشعر القصير بدأت منذ كان عمرها 16 عاماً، وتشير إلى أن تكرار قص شعرها عزز داخلها جرأة خوض التجارب، وتقبل النتيجة النهائية، وإن لم تكن جيدة بما يكفي. وتضيف: "سيطول من جديد، وسأخوض معه مغامرة جديدة فهو رفيقي الدائم والداعم، وإن لم تكن التجربة كما نتمناها".

عن أول قصة تقول سوزان: "لن أنسى شعوري لحظة وقوفي أمام المرآة أول مرة قمت فيها بقص شعري الممتد حتى خصري، فهي تعد خطوة جريئة لفتاة في سن المراهقة، وسط مجتمع يضع الشعر الطويل ضمن أهم معايير الجمال والأنوثة. حينها شعرت ولأول مرة بتوافق وانسجام بين داخلي ومظهري، منذ تلك اللحظة لم أتخلَّ عن هذا الشعور ولو لمرة. وقتها نظرت لشعري الملقى على الأرض، بقلب اختلط فيه الارتياح والضيق، كوني فقدت جزءاً مني، لأجدني أقرر الاحتفاظ بشعري المقصوص داخل علبة، ووضعه في دولابي، احتفظت به مدة سنتين ثم دفنته".

سوزان تهرب من لحظات اكتئابها المتكررة بقص شعرها. تؤكد: "حينها أمسك المقص وأحرر العديد من خصلات شعري، فتقرر مع رحيلها أن تنتزع ما بداخلي من ألم وخوف وإحباط".

الدكتورة سوسن الفايد، أستاذة علم النفس في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، ترى أن قص الشعر مرتبط بالحالة النفسية في جميع الأحوال، حتى في حال مواكبة الموضة، لأن الجانب النفسي مرتبط بمتغيرات الوسط الاجتماعي، وليس منفصلاً عنها. ودائماً تبحث الفتاة عن الشكل اللائق، وتريد أن تثبت أنها تساير الموضة.

وعن قص الشعر في حالات الاكتئاب، تشير الفايد إلى أنه في الماضي كان البعض يقدم على قص الشعر تعبيراً عن الحزن، لكنها ظاهرة انقرضت، وحالياً البنت تقص شعرها لتغيير شكلها والخروج من حالة مزاجية سيئة.

وتقول الفايد: "أسباب قص الفتاة لشعرها نابعة من الحالة المزاجية، وهي في الأساس نابعة من رغبات شخصية، وربما يساعدها ذلك على تجديد روحها، والتخفيف من التوتر والألم النفسي، وخلق حالة من التكيف النفسي والرضا".

شارك غردقص الشعر للتمرد على العادات، للخروج من حالة حب فاشلة أو لمحاربة الاكتئاب.. عن علاقة المرأة الحميمة بشعرها

شارك غردهل أنت مستعدة للتخلي عن شعرك الطويل؟ نساء يتحدثن عن علاقتهن بقص الشعر

وتؤكد أستاذة علم النفس أن قص الشعر ليس حلاً نهائياً، ومن المستحيل أن يخرج الشخص من الحزن إلى السعادة بقص شعره، لكنها ترى أنه عامل مساعد، قد يعطي الفتاة ثقة في النفس وشعوراً بأنها متماسكة.

فرح، التي ما زالت ذاكرتها تحتفظ بأول قصة لشعرها، تقول: "بدأت قصتي مع قص الشعر مبكراً جداً، كنت في الخامسة من عمري، وكنا 3 أخوات، كانت والدتي تعمل مدرّسة في السعودية، وتخفيفاً من عبء التمشيط والاعتناء بالشعر، قررت والدتي قص شعرنا نحن الثلاثة. في المرة الثانية، كنت في العاشرة، وبدأت أعتني بشعري بنفسي، وقررت تركه طويلاً للتفاخر به وسط زميلاتي في المدرسة، وكان يصل إلى آخر ظهري، لكن أصيب رأسي في حادث سيارة، وبأمر من الطبيب تم قص شعري مثل الفتيان، هنا كانت الصدمة، وحزنت جداً".

وتضيف فرح (34 سنة) وهي محجبة: "مع قلق امتحانات الثانوية، قررت قص شعري قصة صبيانية قصيرة، ثم نما، وبتّ أحافظ عليه وأعتني به، إلى أن جاء يوم زفافي وقصصته كاريه".

وبعد 8 أشهر من الزواج عرفت فرح أنها حامل، فقررت قص شعرها لتوفير الغذاء للجنين، ثم تركته ينمو مجدداً بعد الولادة، واستمرت في الاعتناء به، ولكن بحكم التقدم في العمر تراجعت سرعة النمو.

وكانت النهاية اقتصادية، تقول فرح: "أخيراً، بسبب غلاء الأسعار، خصوصاً الشامبو وعلاج الشعر، قررت أن أنسى التزين بشعري وقصصته، ولا أنوي أن أتركه ينمو من جديد".

"بكيت وأنا في طريقي إلى صالون الكوافير. وبكيت أكثر بعدما تخليت عن شعري، كنت أحبه طويلاً". بالرغم من كونها محجبة، فإن غراماً نشأ بين ميار وشعرها. ميار أبو زيد (18 عاماً)، أكدت أنها اضطرت إلى قص شعرها، إذ تعرضت لأزمة نفسية بسبب مشاكل أسرية وضغوط الامتحانات.

وتقول ميار،: "شعري تساقط بسبب الحالة النفسية، وكان لا بد من قصه للمساعدة في نموه، أصدقائي شجعوني على الأمر. احتجت إلى جرأة كبيرة، فقد كان إحساساً صعباً جداً لأنني فقدت جزءاً مني".

هي أيضاً لم تتخل عن شعرها حتى بعد قصه، بل احتفظت به للنهاية، واشترت صندوقاً خاصاً، وضعت فيه خصلات شعرها.

أحياناً قد تكون الصدمة العاطفية سبباً يجعل الفتاة تتخلى عن شعرها، وهذا بالضبط ما حدث مع سلمى أحمد (23 سنة)، التي تقول: "كنت مكتئبة جداً وأردت أن أغير شكلي كله عقب فشل خطبتي بعد قصة حب كبيرة لم تتكلل بالنجاح". وتضيف: "شعري كان طويلاً جداً، ونظراً لحالة الاكتئاب قررت أن أقصه، للأسف ندمت بعدها كثيراً ولن أكرر ذلك مرة أخرى".

"أرفض أن أقص الشعر الطويل، أرفض قصه إلى درجة قصيرة جداً"، يقول أحمد سليم، مصفف شعر. فهو يرى أن ثلاثة أشياء تجعل الفتاة تقدم على هذه الخطوة، الشعر التالف، الموضة، أما الثالث، فنوع من الجنون، بعض الفتيات يطلبن قصات غريبة مثل التشبه بلاعبي الكرة.

ومن أغرب الحالات التي واجهت أحمد سليم، فتاة طلبت قص شعرها كله ما عدا جزءاً في منتصف الرأس من الأمام إلى الخلف. ومحجبة قررت التخلي عن حجابها وقص شعرها في اليوم نفسه، وكان شعرها طويلاً. يقول: "كنت خائفاً أن ينتهي الأمر بنا في قسم الشرطة، لكنها كانت سعيدة بالقصة".

ومن أغرب المواقف التي واجهته أيضاً، أن ضابط شرطة قص شعر زوجته بالماكينة كنوع من العقاب، ورجل جاء بابنته وقص شعرها بنفسه، لأنه رآها تسير مع شاب، وسيدة تقتلع خصلات شعرها بيدها بسبب حالة نفسية.

في إحدى محافظات صعيد مصر، تحكي علياء عن جارتها، التي حلقت شعر رأسها حداداً على ابنها، الذي لقي مصرعه في مشاجرة، خصوصاً بعدما رفض والده الأخذ بثأره. وتقول علياء، التي تقطن قرية منيل موسى مركز ببا بني سويف: "حمادة ابن وحيد، خريج ثانوية أزهرية، سقط قتيلاً في مشاجرة بسبب سلاح مسروق، فما كان من والدته إلا أن طالبت والده بثأره لكنه رفض وأعلن مسامحته للقاتل، فحلقت شعرها نهائياً، وعرضت مبلغاً مالياً كبيراً وقطعة أرض، لمن يأتي بثأر وحيدها، رغم كونها متعلمة وموظفة في وزارة الإسكان".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل