المحتوى الرئيسى

Asmaa Al-anzy يكتب: صديقي المخدوع بأضواء الإمبريالية  | ساسة بوست

01/21 22:19

منذ 1 دقيقة، 21 يناير,2017

أيْ سفير الماديّة، مغيّب الصراعات وحامي حمى الانتقائية، ريتشارد دوكنز العرب، تملقًّا طيّبًا، وبعد..

فقد بلغني عنك وصولك لمجرّة أخرى مغايرة لمربض الثقوب السوداء الكالحة المترعرع فيها من قبل، مُكثًا هنيئًا تكويك فيه الضرائب الذاهب بعضها للكيان الصهيوني، أو عفوًا مما تسميه ”دولة إسرائيل”، التي هي أصغر عمرًا من بيت جدّك، المنسوف مؤخرًا بمركبات روسيا الفضائية المتقدّمة كما تدّعي.

مُكثًا تتنتقل فيه برشاقة على الأرصفة التي تكتم صرخات ضحايا الحربين العالميتين، إن أصخت السمع لهم، لأخبرك أحدهم أن الحرب التي تهرع منها حاليًا وتزعم أنها إثبات لكون العرب حيوانات ناطقة تنهش العالم ذا الجمال الصارخ وطلاء الأظافر الوردي، ما هي إلا سويعة مما عاشته غابتهم لسنين، إن أرهفت السمع أكثر لربما أخبرك أن الحروب، كلّ الحروب لا تتقدّ إلا بدافع الدين والأيديولوجيات، أيًا كان مركز اتقادها.

عند ذهابك للشاطئ، استحضر صورة آلاف الجنود الألمان الذين ساقتهم البزات العسكرية الدانماركية لتطهير الشاطئ من القنابل بأيديهم، وليمت منهم من يمت، شاهد فلم Land of mine، لتقترب الصورة أكثر .

إن أدهشتك عبقريّة الأفلام الأجنبية ، فلك أن تشاهد فلم Monsieur Lazhar ، حين تنتقد طفلة كندية مدرسها الجزائري بعد أن ناوش طفلًا بقولها ”نحن لسنا في السعوديّة”، لك أن تتخيل أيضًا أن الفلم برمته قائم على انتحار معلّمة احتضنت طفلًا، فكره ذلك وأشاعه، لكون احتضان ولمس الأطفال في المدارس ممنوع ومثير للشبهات في المجرّة الممهورة بالضوء المطلق التي تسكنها الآن، مدهشة هذه العبقريّة المشوبة بالتّناقض في دور عرضهم النّاجحة، أليس كذلك؟

بالمناسبة هل وجدت عندهم تلك الوحدة الشعورية الإيجابية الفعالة التي أرهقتنا بها على صفحاتك؟ إذن ما السرّ وراء تلك الفرديّة المتدثرة بالحريّة التي نشتم رائحتها من ها هنا؟ أحقًّا وجدت عندهم أهدافًا أسمى من الاستغراق في الماديّة الرثة؟ نظام التعليم التقني الذي تمتدحه ليل نهار هل أنجب غير كائنات آلية مدفوعة بنظام الدولة الآيديولوجي، مستعدة لخوض المارثون دون أدنى إدراك لمفاهيم الإنسانية؟ ألم يخبرك بيجوفيتش أن الحضارة لا تعني بالضرورة ثقافة؟ هل لمنسوب تقدّم الروس والأمريكان علاقة بمنسوب ثقافتهم؟

أتمنى أن تستجيشك لوحة ترحب بك في مدينة لقيطة تتدعي العراقة وتتماهى مع وجودها الممتد منذ أربعين عامًا، كما استجاشت غادة السمان في كتابها (رعشة الحريّة)، فاستحضرت تلك القرون العجاف التي نازلت قرانا العربية المنسيّة، هُزمت القرون، لكننا لم ننتصر لأنفسنا، ولم ينتصر التاريخ لنا بأية حال.

أترى تلك العداوات المتعددة المظاهر المتوحدة الطبيعة كما يصفها سيد قطب؟ ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما نقول، بيد أن هؤلاء الذين تراهم أصدقاءنا الذين يمنون علينا بمخرجاتهم ، هم من سحبوا البساط من تحتنا، زركشوه وشذبوه، قطعوا أيدينا معه، وكادوا لنا كيدًا موصولًا، ثم عرضوه علينا الآن، ألم تصلك صورة الإفريقي الذي بترت يد صغيرته من قِبل المستعمرين بحجة أنه لم يجمع القدر الكافي من المطاط المطلوب منه ؟

إن لم ترها فبطبيعة الحال لم ترَ دموع سيدة من الهنود الحمر في مؤتمر يناقش قضية الإبر التي غرزها المستعمرون في أجساد نساء الهنود الحمر ليتوقف نسلهنّ، ولم يحترق قلبك كما احترق قلب أبي جعفر، وقت أن حرق القشتاليون الكتب في غرناطة.

في نهاية المطاف أودّ تذكيرك بشأن أصلنا، أنا وأنت وهم، كلنا معجونون من نقص، لم يخلقوا من نور، ليسوا ملائكة، لو كان ذلك لمَا عاشوا بيننا الآن؟ حريّ بك أن تترفّع عن ندب حظك السيئ الذي ساقك لعرب لا يدركون معنى أي شيء، ويكأن نسل الغرب كله يعود لجينات فيلسوف يوناني وفنان فرنسي وموسيقار ألماني وأديب روسي ، يا صديقي ماذا إن أخبرتك وقت أن اشمأزت نفسك من رفّ الكتب الأكثر مبيعًا عند العرب، أن الكتب الأكثر مبيعًا عالميًا هي ما بين روايات جنسٍ ورعب؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل