المحتوى الرئيسى

الفيروسات وأسعار الأعلاف تضرب صناعة الدواجن

01/21 20:57

شعبة الدواجن: خاطبنا الجهات التنفيذية من عام 2006 ولم يستجب أحد

المنتجون يتجهون لتغيير نشاطهم لمواجهة الإفلاس

مشاكل متعددة تواجه صناعة الدواجن فى مصر تهددها بالانهيار، بدءا من ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة، مرورًا بتسرب أدوية فاسدة لعلاج الدواجن فى الأسواق المحلية، ونهاية بديون تحاصر المربين الذين يواجهون شبح الإفلاس والتشرد، فى حين تكتفى الحكومة بموقف المشاهد لهذه الأزمات فى ضوء ما تتعرض له تلك الصناعة.

خسائر بالآلاف تكبدها مئات من أصحاب مزارع الدواجن بالمحافظات، فمنهم من قرر تغير النشاط بعد أن بات مهددا بالسجن لتكاثر الديون وآخرون أصيبوا بالأمراض المزمنة بفعل طبيعة النشاط واختلاطهم بالدواجن المصابة بالفيروسات.

تعود بداية الأزمة عندما أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بإلغاء الضرائب الجمركية على الدواجن المستوردة المجمدة، منذ 10 نوفمبر من العام الماضى، والذى جاء بمثابة إعدام لأنشطة أصحاب المزارع وتعرض العشرات منهم للإفلاس.

وأشار العديد من أصحاب المزارع إلى أنه بموجب هذا القرار نفرت الكثير من الاستثمارات العربية والمصرية فى قطاع الدواجن، فضلًا عن ضياع عشرات المليارات من الجنيهات التى تم استثمارها فى المجازر وإنشاء الشركات الجديدة.

فى المقابل تخرج الحكومة لتؤكد مرارًا أن القرار جاء لصالح المستهلك من محدودى الدخل.

وقال عدد كبير من المواطنين إن قرار إلغاء الرسوم الجمركية على الدواجن جاء على كاهلهم، حيث باتوا عاجزين عن شراء الدواجن كبديل بروتينى للحوم، وأشاروا إلى أن أصحاب محال بيع الدواجن يستغلون غياب الرقابة ورفعوا سعر كيلو الدواجن البيضاء لـ 20 جنيهًا.

«الوفد» أجرت جولة ميدانية على عدد من مزارع الدواجن فى مركز أشمون بمحافظة المنوفية، والذى يعد الأشهر فى ترويج الدواجن، ورصدت حال أصحاب المزارع الذين تعرض بعضهم للديون والإفلاس بعد ارتفاع أسعار الدولار، مما أثر على أسعار الأعلاف، فى حين قرر البعض الآخر من أصحاب المزارع «المجازفة»، وأشاروا إلى أنهم مهددين بالإفلاس حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن من حالة غليان الأسواق المحلية للدواجن.

«الدولار السبب، وكلنا أصبحنا على وشك الإفلاس».. فى حالة من الغضب الشديد يعبر محمد الطباخ، صاحب شركة استيراد وتصدير أعلاف، عن اعتراضه على أوضاع الأسواق المحلية للدواجن.

وقال «الطباخ» إن العلف يمثل 80% من سعر الدواجن فى الأسواق، مشيرًا إلى أن الزيادة فى أسعاره تجاوزت 100%، فضلًا استيراده، وتأثره بشكل كبير بارتفاع سعر الدولار، وعجز مصر عن توزيعه فى الأسواق لعدم قدرتها على زرع «الذرة الصفراء».

وانتشار الفيروسات كان أحد أسباب القضاء على الدواجن فى مزارع مصر.. هذا ما أكده «الطباخ» خلال حديثه، مشيرًا إلى أن جميع معامل البحوث فى مصر تعانى من جهل مواجهة هذه الفيروسات، فضلًا عن عدم جدوى المصل الخاص الذى يصرفونه لأصحاب المزارع لمواجهة فيروسات «H1N1» و«IB».

وأوضح صاحب شركة استيراد وتصدير الأعلاف، أن الزيادة فى أسعار أدوية الدواجن تجاوزت 100% رغم عدم جدواها فى علاج الفيروسات المنتشرة والتى قضت على 70% من دواجن مصر، وأدت إلى غلق المئات من مزارع الدواجن فى أرياف قرى المحافظات، والتى تعد مصدر إنتاج الدواجن فى الأسواق المحلية.

وأضاف: «الحكومة لازم تشوف حل للأزمة دى علشان فعلًا نشاط بيع الدواجن فى مصر يعانى من خطر الاندثار».

وأيده الرأى أشرف عبدالمنعم، صاحب مزرعة دواجن تم غلقها بعد تعرضه للخسائر الفادحة وقال: «أنا دفعت ثمنًا كبيرًا لانتشار الفيروسات فى المزارع، والحكومة فعلًا قضت علينا بسبب تصرفاتها الفاشلة»، يشير صاحب الثلاثين عامًا إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة من أمريكا والأرجنتين أثر بشكل كبير على أسعار الدواجن فى الأسواق، وذلك لما نتعرض له من تكاليف باهظة لرعاية الدواجن فى المزارع.

وأضاف: «سعر الكتكوت تراجع إلى 2. 5 جنيه، بعد ما كان يباع بـ5 جنيهات، لا وكمان ممكن بنبيعه دلوقتى بجنيه ونص»، مشيرًا إلى تراجع حركة البيع والشراء للدواجن منذ أن شهد الدولار ارتفاعا ملحوظا فى الأسواق المحلية، فضلًا عن وصول سعر طن العلف إلى 6600 جنيه، وبعد أن يصل لأصحاب المزارع فى الصعيد يقفز سعره لـ7 آلاف جنيه.

ويصمت بائع الدواجن للحظات، ويعود دامعًا وقال: «يا بيه أنا بيتى اتخرب ومش عارف أعمل إيه وعندى عيال وعليا ديون بآلاف، ودلوقتى أنا شغال على عربية علشان أعرف أسدد الفلوس اللى عليا».

ويشير البائع ناحية مرزعته المغلقة، وبعين الحسرة ينظر إليها ويقول: «كان عندى 8 آلاف دجاجة، ومرة واحدة لقيت نصهم ماتوا بفيروسات، والباقون بعتهم بالخسارة علشان أعرف أتصرف فيهم قبل ما يموتوا».

إشكاليات أصحاب المزارع ليست فقط فى حركة البيع والشراء، أو خسائرهم الفادحة إثر غلق مزارعهم، بل وصلت لحد إصابة البعض بفيروسات إنفلونزا الطيور.

وقال أحد أصحاب المزارع الذى تعرض لخسائر فادحة بعد غلق مزرعته ورفض نشر اسمه: «أنا أصيبت منذ فترة بحمى وسخونة شديدة وعندما وقع الأطباء الكشف الطبى حجزونى فى المستشفى، وقالوا لى إنى مصاب بإنفلونزا الطيور، بس الحمد الله أتعافيت».

وقال عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرف التجارية، إن السبب الأساسى فى تفاقم أزمة الدواجن فى الأسواق المحلية تحرير سعر صرف الدولار، إذ وصل سعر طن الأعلاف لـ 7000 جنيه، وهذا نجم عنه ارتفاع أسعار الدواجن.

وأضاف السيد لـ«الوفد»، أن من ضمن الأسباب أيضًا انتشار الفيروسات بشكل كبير خاصة «IB»، مشيرًا إلى أن عدم بعد المسافات بين المزارع كان أحد أسباب انتشار الفيروسات بشكل سريع، ولهذا تحتاج منظومة الدواجن لتطوير حقيقى، وتطبيق ما يسمى بـ«النظام المغلق» وغير المطبق فى مصر وهو يحمى الدواجن بشكل كافٍ من التعرض للفيروسات.

كما شدد «السيد» على ضرورة عدم السماح بإنشاء مزارع دواجن إلا من خلال الحصول على ترخيص رسمى، مؤكدًا أن غالبية المزارع فى مصر غير مرخصة.

وعن دور الشعبة فى هذه الأزمة أوضح أنها تقتصر على ثلاثة أشياء، هى: التوعية والإرشاد لأصحاب المزارع بأهمية وخطورة الأزمة الحالية، وترتيب المشكلات الحالية وترتيب أولوياتها، وتقديم حلول لهذه المشكلات، مؤكدًا أن الشعبة خاطبت وزارة الزراعة ومجلس الوزراء بخطورة الأزمة منذ عام 2006 ولم يستجب لهم أحد.

وقال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، إن السياسات الحكومية لدعم استيراد الدواجن من الخارج تهدد الصناعة المحلية للدواجن، وتقلل من الثقة فى الصناعة المحلية، كما تقود إلى تهديد الاستثمارات المتوقعة لتطوير صناعة الدواجن، وانعكاسها سلبيًا على البعد الاجتماعى فى مصر، مشيرًا إلى أن الاستيراد دون جمارك يعنى دعم الصناعة الأجنبية أمام الصناعة المحلية، ويؤدى إلى غياب المنافسة بين الإنتاجين المحلى والمستورد.

وأضاف «عامر» لـ«الوفد»: «استثماراتنا فى صناعة الدواجن تصل لـ65 مليار جنيه، وانهيارها يكلف الدولة 250 مليار جنيه».

وأضاف: «الواقع المؤلم الذى تواجهه هذه الصناعة الوطنية المهمة يكشف أن تصريحات المسئولين حول تشجيع الاستثمارات ودعم المستثمرين مجرد شعارات وكلمات للاستهلاك المحلى»، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المشاكل والأزمات التى تواجهها تلك الصناعة فى الوقت الحالى، من بينها استمرار عمليات الاستيراد من الخارج والتى تعد كارثة بكل المقاييس على الصناعة والعاملين فيها.

وأشار الخبير الاقتصادى إلى إشكالية أخرى أصابت سوق الدواجن خلال الفترة الماضية وهى تواجد من يسمون بـ«السماسرة» أو الوسطاء ما بين المنتج والمستهلك، فالواقع يؤكد أن المستهلك المصرى يحصل على كافة السلع سواء الضرورية أو الترفيهية بأسعار مبالغ فيها وتفوق بكثير الأسعار التى يحصل بها الوسيط على السلع من المصنع، وهنا تصبح المشكلة معقدة فالصانع والمستهلك يقعان فريسة لأطماع وجشع الوسطاء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل