المحتوى الرئيسى

حيثيات حكم الإدارية بتعويض الأسرى المصريين

01/21 18:03

أودعت المحكمة الإدارية العليا، حيثيات حكمها بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري، بإلزام الحكومة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعويض الأسرى المصريين، خلال حربي 1956 و1967، وتعويضهم عما لحق بهم .

وصدر الحكم برئاسة المستشار محمد أبو ضيف، وعضوية المستشارين سامي درويش ومحمود شعبان.

حيث جاء في نص الحيثيات" أنه بعد الإطلاع على الأوراق و سماع المرافعات وبعد المداولة، من حيث أن الحكم المطعون عليه الصادر في جلسة 4 مارس 2008 في الدعوى رقم 7691 لسنة 55 قضائية ، الذي قضى بقبول تدخل الخصوم المتدخلين الى جانب المدعين ، وبرفض الدفع المادي من الجهة الإدارية بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، وبإختصاصها.

وتابع الحكم قائلاً "بأن ومن حيث ان دفوع جهة الإدارة على الحكم المطعون فيه هي ذاتها التي قدمت في الدعوى الصادر فيها الحكم ، وقد رد الحكم المطعون فيه على تلك الدفوع رداً شاملاً وافياً مفنداً وإنتهى الى رفضها .

ومن حيث أن إنتماء الفرد الى الدولة وإن نشأته مع انتماءه الى الأسرة أو القبيلة أو اتحاد أو غير ذلك من الجماعات فإنه يحمل الطرفين حقوق و واجبات متبادلة ، لتشدد على أن الدولة تمتاز عن غيرها من الجماعات و التنظيمات، فإنها تتمتع حصراً بحق السيادة على مواطنيها وبأنها تتمتع بالشخصية القانونية الدولية ، وهو ما يستتبع إتساع دائرة الحقوق و الإلتزامات المتبادلة بين الدولة و الفرد ، ومن الإلتزامات التي يلتزم بها المواطن أداء الخدمة العسكرية ، وقد إعتبرت الدساتير المصرية المتاقبة من الدستور الصادر عام 56 أن الدفاع عن الوطن واجب مقدس و أن أداء الخدمة العسكرية شرف وأن التجنيد إجباري .

وردت المحكمة على ما أسمته تذرع الجهة الإدارية بنظرية اعمال السيادة لعدم الإيفاء لإلتزامها بالدفاع عن حقوق المواطنين في مواجهة الدول الأجنبية ، لتشدد بأن ذلك ينطوي على قرار سلبي بالإمتناع عن عمل إداري أوجبه الدستور على جهة الإدارة ، ولا يجوز تحصينه من رقابة القضاء طبقاً لنص المادة 268 من الدستور الصادر لعام 1971 .

وأشار حكم المحكمة لنصوص اتفاقية جنيف بشأن معاملة الأسرى ، لتشدد على إعتبارها أسرى الحرب تحت سلطة دولة العدو لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم ، وجعلت الدول الحاجزة للأسرى مسئولة عن كيفية معاملتهم دون الإخلال بالمسئوليات الفردية لأفراد قواتها المسلحة ، وتنص المادة 13 من تلك الإتفاقية على أنه يجب معامة اسرى الحرب في جميع الأوقات معاملة إنسانية ، وأن اي عمل أو سهو غير مشروع يتسبب عنه موت أسير أو تعريض حياته للخطر يعد محظوراً.

ليتواصل الحكم مشيراً في حيثياته الى أن الدولة ملزمة بالدفاع عن مصالح وحقوق مواطنيها في مواجهة غيرها من الدول ، لاسيما في الحالات الي تكفل فيها قواعد القانون الدولي للأفراد حق مقاضاة الدول الأجنبية ، وتتحمل الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية واجب الحماية الديبولماسية لمواطنيها في مواجهة الدول الأجنبية صوناً لحقوقهم ، لتؤكد على إلتزام جهة الإدارة بإتخاذ جميع الإجراءات التي تكفل حماية حقوق أبناء مصر من المواطنين العاديين أو من أفراد القوات المسلحة الذي قٌتلوا في الأسر أو عذبوا او إنتهكت حقوقهم التي كفلتها قواعد القانون الدولي و الإتفاقيات الدولة وذلك في مواجهة الدول المعتدية على مصر في حروب تشكيل عملاً غير مشروع وفقاً لأحكام القانون الدولي .

وتواصل الحكم في الإشارة لمواد إتفاقية جنيف ، مشيرا للمادة 31 والتي تنص على أنه لا يجوز إستعمال الإكراه البدني أو المعنوي ضد الأشخاص المحميين ، كما تنص المادة 32 على أن جميع الأطراف تتفق على أنه من المحظور أن يتخذ اي منهم قرارات من شأنها التسبب في التعذيب البدني أو إبادة الأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطته ، ولا يقتصر هذا الحظر فقط على القتل و التعذيب و العقوبات البدنية ولكن يشمل اي إجراءات وحشية آخري .

وشددت المحكمة ، على أنه الثابت في الأوراق ، أن افراداً من جيش الإحتلال الإسرائيلي إرتكبوا جرائم القتل وتعذيب الأسرى المصريين من العسكريين بعد وقوعهم في الأسر عام 1956 و عام 1967 ، وقتلوا وعذبوا مواطنين مدنيين ليست لهم صفة عسكرية من المواطنين والعمال و الأفراد ، لتشير الى تحدث بعض أفراد الجيش الإسرائيلي بوسائل الإعلام الإسرائيلية عن ارتكابهم تلك الجرائم الوحشية ، لتوصف المحكمة تلك الأفعال بأنها تشكل جرائم حرب و إبادة للجنس البشري ، وقد ارتكبت تلك الأعمال في حروب عدوانية غير مشروعة وفقاً للقانون الدولي .

وشددت المحكمة على أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم ولا يسقط حق المواطنين الفرديين و الدولة المعتدى عليها في التعويض وفق القانون الدولي، وتابعت بأن اتفاقية جنيف المشار اليها والتي تشترك مصر و إسرائيل في الانضمام اليها كانت أثناء الحرب مع إسرائيل، توفر آلية لإجبار إسرائيل على التحقيق مع مجرمي الحرب الإسرائيليين الذي ارتبكوا جرائم ضد الأسري و المدنيين و محاكمتهم على تلك الجرائم .

من حيث أن الثابت من الأوراق أن وزارة الخارجية على الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه الوارد بكتاب مدير الإدارة القضائية بالوزارة رم 500 بتاريخ 7 -9 -2007، وتضمن أن الحكومة المصرية شكلت في نهاية عام 1995، بلجنة قومية لإعداد ملف حول قتل الأسرى المصريين خلال حربي عامي 1956 و1967.

وانتهت اللجنة إلى ضرورة وجود معلومات وبيانات وأدلة دقيقة موثقة حتى يمكن المضي قدمًا في إثبات مسئولة إسرائيل ومحاكمة المتهمين وقد قامت وزار ة الخارجية بسحب السفير المصري في إسرائيل فور بث التلفزيون الإسرائيلي فيلمًا بعنوان "روح شاكين"، وأرسل الوزير خطابًا شديد اللهجة للإدارة الإسرائيلية طالب فيها بتقديم إيضاحات رسمية حول ما اُذيع في الفيلم.

فأن ما قامت به وزارة الخارجية بإجراءات دبلوماسية مخولة ومحددة الأثر إلى مستوى الحدث، ولم يثبت أن أي إجراء منها قد أحدث أثرًا، أن جهة الإدارة تابعت المطالبة وصعدت من وسائل الدبلوماسية القانونية، فلم تعزم الوزارة حتى هذا الطعن على الحكم، وعلى مدى سنوات أعقبت صدور الحكم.

ومن حيث أن كتاب هيئة القضاء العسكري موجهة لهيئة قضايا الدولة، للرد على الدعوى طلب فيها الدفع برفض الدعوى حيث أنه يوجد بقيادات المناطق والجيوش مقابر الشهداء، يرمز لها بمقابر الجندي المجهول، وأن مجهودات القوات المسلحة تتم وفقًا لما تقضي بها الاتفاقيات الدولية المنظمة لأسرى الحرب، ولم يحدد الكتاب أو أي رد أخر في مرحلة الطعن أي إجراء أو عملًا أتخذ بالفعل للمطالبة بحقوق أفراد القوات المسلحة الذين قتلوا في الأسر أو عّذبوا، وفقًا نتيجته الإتفاقية.

ومن حيث أن أوراق الدعوى والطعن كشفت وأظهرت أن الجهة الإدارية فرطت في دماء الشهداء الذين أستشهدوا في الأسر على يد أفراد الجيش الإسرائيلي، وتهاونت في حق الذين عذبوا الأسر وفي حق المدنيين، الذين أضيرت أمالكهم وحقوقهم بسبب العدوان الإسرائيلي، وأنها لم تسع إلى حقهم وتقاعست عن مطالبة إسرائيل بتعويض ذوي الأسرى والمدنيين، إلى جانب تعويض الأسرى الأحياء ومن توفي منهم أيضًا، مع توافر الوسائل القانونية التي تملكها جهة الإدارة.

لهذه الأسباب حكمت المحكمة بإجماع الأراء، رفض الطعن وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل