المحتوى الرئيسى

عبد الله النجار يكتب: الاستبداد واستقرار نظام الحكم | ساسة بوست

01/21 12:05

منذ 1 دقيقة، 21 يناير,2017

تحت الحكم الاستبدادي يكون هناك استقرار ظاهر فقط، ولكن تحت رماد الاستقرار الظاهر تكمن نيران الثورة ضده. ويعمل الطغاة المستبدون على دغدغة مشاعر مواطنيهم، إما بإثارة نعرات قومية، أو التحدث عن مشاريع عملاقة تكون غالبًا مجرد سراب. ومن الأمثلة على ذلك نظم الحكم الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية التي كانت تتمتع باستقرار ظاهر، حتى كانت الثورات في أوروبا الشرقية، وهدم حائط برلين، ثم انهيار الاتحاد السوفيتي ثاني القوتين العظميين.

في المدى البعيد لم يحقق الاستبداد لا الاستقرار، ولا الرخاء. والإنجاز الوحيد الذي يحققه المستبدون بنجاح هو مصادرة الحريات والتحدث نيابة عن الشعب وزراعة الخوف. و النتيجة في النهاية هي انهيار تلك النظم، وثورة الشعوب عليها.

حتى إنه بعد ثورات أوروبا الشرقية كان «شاوسيسكو» يحكم رومانيا، ويظن أنه بمأمن من تلك الثورات، وكان يتباهى باستقرار حكمه، خلافًا لبقية نظم شرق أوروبا، ولكن في لحظة كانت ثورة الشعب الروماني هي الأشد قوة و قسوة، حتى إنهم قبضوا على شاوسيسكو وأعدموه.

أيضًا في المنطقة العربية كنا نظن أن أكثر البلدان استقرارًا هي البلدان التي قامت فيها ثورات الربيع العربي، وقبل كثير من المثقفين مصادرة الحريات و الديكتاتورية مقابل الاستقرار الظاهر، حتى فوجئ العالم بثورات الربيع العربي التي هدمت ومازالت تهدم أركان الطغيان.

مصر كانت تنعم باسقرار مزعوم في ظل حكم مبارك الذي استمر ثلاثين عامًا، حتى إنه في انتخابات تجديد ولايته كان المغنون يغنون له بالتنمية والاستقرار و«اخترناك..اخترناك».

صادر مبارك الحريات، وسمح بقسط ضئيل منها لاستكمال ديكور حكمه، وفي آخر انتخابات تجديد له، سمح بوجود منافسين له فيها. وبعد الانتخابات نكل بمنافسيه: فسجن «أيمن نور» الحاصل على خمس أصوات، وعزل بطريقة ملتوية «نعمان جمعة» من رئاسة «حزب الوفد».

و كان الحال كذلك في تونس التي حكمها «بن علي» حكمًا «بوليسيًا» قمعيًا؛ فظهر للعيان أن تونس تنعم بالاستقرار.

أما في سوريا وليبيا فكانت صور الزعيم وأبناء الزعيم تملأ الميادين، وكان مجرد الشك في كون المواطن معارضًا يعني إنهاء حياته، أو أنه سيقضي ما بقي له منها في السجون، ولم يختلف الأمر كثيرًا في اليمن أو البحرين.

و حين اندلعت شرارة «ثورة الياسمين» في تونس انتقلت جذوتها سريعًا لمصر واليمن ثم البحرين وليبيا وسوريا. وإذ بالاستقرار المزعوم يحمل بين طياته عوامل هدم نظم حرصت على استقرار ظاهر، ولكن بلا جذور في تربة بلادهم، حتى إذا عصفت رياح الحرية مع الربيع العربي؛ إذا بها تقتلع تلك النظم من جذورها الهشة غير الثابتة في الأرض.

ولولا الأموال الخليجية ووقوف دول الخليج بكل قوتها ومالها في مواجهة الربيع العربي لتغيرت الخريطة العربية الحالية، ولكني أحسب أن ذلك الدعم الخليجي للثورات المضادة لن يقضي على ثورات الربيع العربي، و لكنه فقط سيؤجل نجاحها، وسيؤخر استكمال أهدافها.

أما الدول التي تتمتع بحكم ديمقراطي، فقد يظهر فيها أحيانًا عدم استقرار سياسي نتيجة الديمقراطية، وخاصة حين تجد الأحزاب نفسها مضطرة للائتلاف لتشكل حكومة، بالرغم من الاختلاف بينها في الأيديولوجية، ولكن بعكس النظم الاستبدادية، فإن عدم الإستقرار الظاهر يحمل في ثناياه كل عوامل الاستقرار؛ ذلك أن الشعوب في تلك البلاد تعلم أنها تتمتع بحرياتها، وتختار قيادتها، ولديها آليات لمحاسبتها؛ فتعمل على التمسك بتلك النظم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل