المحتوى الرئيسى

«الحريات الأكاديمية» في 6 أشهر: انتهاكات ممنهجة بالجملة.. منع من السفر واتهامات بالإلحاد وتدخلات أمنية فجة

01/20 18:28

النشرة: تراجع الاهتمام بالقضايا الرئيسية في الجامعات خلال الفترات الماضية وأخبارها تكاد تكون اختفت من المشهد

الدورية تستشهد بـ6 وقائع انتهاكات بحق طلاب وأساتذة جامعيين ومناقشة قضيتين مهمتين تخصان المجتمع الأكاديمي

المنع من السفر والتدخل في المحتوى التعليمي والاتهام بالإلحاد والإحالة للتحقيق بسبب إهانة دولة صديقة والرئيس

التراجع في الاهتمام بوضع الحريات في الجامعات لم يقابله خفوت في الانتهاكات التي تواجهها أو تعاطي الأجهزة الأمنية معها

السلطة تدخلت بشكل فج في العمل الأكاديمي: تقييد تعيين رؤساء الجامعات والسماح بالتدخل الأمني الغير مباشر في تعيينهم

ضباب حول قانون مشروع التعليم العالي: تضارب في التصريحات وإخراج مسودات والتراجع عنها

الدورية توصي: على المجموعات الناشطة بالجامعات التفاعل مع القضايا المتكررة وتقديم الدعم لمن يتعرضون للانتهاكات

انتهاكات بالجملة في حق الحريات الأكاديمية، بين تدخل في المحتوى التعليمي أو اتهام لأساتذة بالإلحاد وحتى تحريك قضايا ضد أكاديميين.

وأصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير نشرة «الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات» الغير دورية تضمنت قراءات لوضع تلك الحريات ومدى تدخل الأجهزة الأمنية وإدارات الجامعات في الشأن الأكاديمي، ومدى الاهتمام بقضاياها الرئيسية في خلال الفترة الماضية. وعرضت فيها لأهم وأبرز الانتهاكات التي تعرض لها طلاب وأساتذة جامعات خلال فترة الستة أشهر الماضية.

وأشارت المؤسسة إلى تراجع الاهتمام بتلك القضايا في الفترة الأخيرة كما تراجع الاهتمام بقضايا السياسة والمجتمع في الجامعات، وبدا أن أخبار تقليدية بشأن مظاهرات واحتجاجات تكاد تكون اختفت من المشهد، بشكل بدت به الجامعة وقد انفصلت عن إطار لطالما دارت داخله خلال سنوات من الدفاع عن الحريات العامة وحرية التعبير، مضيفة أن الملفت بهذا أن التراجع لم يقابله خفوت الانتهاكات، أو تعاطي الأجهزة الأمنية وإدارات الجامعات مع قضايا الجامعة بشكل أكثر هدوء.

استندت الدورية على 6 وقائع تضييق بحق الطلاب والأساتذة وقضيتين مهمتين تتعلقان بالضوابط الجديدة لاختيار القيادات الجامعية والتي تتيح للوزير الاعتراض على ترشيحات لجان الاختيار، بالإضافة إلى استمرار تضارب التصريحات بشأن مشروع قانون التعليم العالي.

وأوضحت أن إدارات الجامعات والأجهزة الأمنية، نقلت معركتها من التضييق على الأنشطة والاحتجاجات في الجامعة إلى التدخل الفج في الشأن الأكاديمي، موضحة أن هذا يرسخ لانتهاكات ممنهجة بحق الأساتذة والطلاب في حرية البحث وحرية التدريس وحرية التعلم، وأن الهجمة امتدت إلى حد محاسبة أفراد المجتمع الأكاديمي على أفكارهم والتفتيش في عقائدهم. وربما يساهم هذا العدد من نشرة الحرية الأكاديمية في توضيح هذه الممارسات، من خلال مجموعة من الوقائع الموثقة.

ففي نوفمبر الماضي، تعرض دكتور بجامعة الأزهر إلى الوقف عن العمل لمدة 3 أشهر والخضوع للتحقيق بتهمة تدريسه للإلحاد وتدريس فكر محمد عبده وطه حسين، وذلك بقرار من الجامعة، ووجهت له اتهامات مثل «الدعوة إلى الإلحاد، وانتقاد صحيح البخاري في محاضراته ووصفه للتيار الإسلامي بالظلامي، ودعوته لتعديل المناهج الأزهرية».

الجامعة انتهكت حق جعفر في حرية التدريس والنقاش العلمي مع طلابه عن طريق تدخلها في المحتوى الأكاديمي، ضاربة بنص المادة 27 من توصية اليونيسكو بشأن أوضاع هيئة التدريس في التعليم العالي عرض الحائط، والتي تنص على أنه «ينبغي أن يكفل لأعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي الحق في التمتع بالحرية الأكاديمية، أي الحق الذي لا تحد منه أي تعاليم مفروضة في حرية التدريس والمناقشة».

ليس هذا فحسب بل أوردت أيضا أن الموافقة الأمنية منعت سفر مدرس بجامعة عين شمس لمنحة إلى الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، على الرغم من استيفائه كافة الشروط والموافقة على سفره من مجلس كلية الهندسة، حيث رفضت إدارة الجامعة السفر بدعوى «عدم ورود الموافقة الأمنية».

وقال الدكتور محمد حسن سليمان «أدى ذلك لضياع فرصة عظيمة لى لحضور أكبر مؤتمر في مجال القوى الكهربية بأمريكا الشمالية (IEEE General meeting) وزيارة أكبر معامل الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة (مدينة دنفر)، الأمر الذي يستحيل علىّ ترتيبه بإمكانياتي الشخصية».

المادة 13 من توصيات اليونيسكو تقول «ينبغي تمكين أعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي من المشاركة، طوال حياتهم المهنية، في الاجتماعات الدولية المتعلقة بالتعليم العالي أو البحوث».

وأشارت الدورية إلى أن المجتمع الأكاديمي لم يواجه هذه الهجمة على الحرية الأكاديمية بالجدية الكافية، وأعزت ذلك إلى أحد السببين إما رغبة البعض في التكيف مع التوجهات الجديدة المقيدة للعمل الأكاديمي، أو الضعف المستمر في حشد التأييد لمناصرة حرية العمل والبحث الأكاديمي، فالغالب على تجارب الحركات والمجموعات الجامعية اهتمامها بقضية استقلال الجامعة والحريات العامة، وبالطبع لا يمكن تجاهل التضييق المستمر الذي تعاني منه المجموعات الناشطة من الأساتذة والطلاب في تنظيم أنفسهم والتفاعل مع قضايا الجامعة.

حيث أوضح      خطاب صادر عن وزير التعليم العالي إلى أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، بتاريخ 15 أكتوبر 2016، ضرورة التوجيه لدى كافة الأقسام العلمية بكليات الجامعات الخاصة والأهلية ومعاهدها ومراكزها البحثية أن يخلو المحتوى العلمي من أي إساءة بالتصريح أو التلميح بشأن المجتمعات أو الدول أو الأفراد في أي من الدول الصديقة أو الشقيقة، وذلك بسبب تقديم رسالة علمية في إحدى الجامعات، اعتبر وزير التعليم العالي أنها تنطوي على ما وصفه بـ "إساءة لشخصية عامة بدولة شقيقة".

وينتهك بذلك المادة 13 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي يؤكد على ضرورة استقلال العمل الأكاديمية وما يتربط به من نشاطات عن أي شئ.

تقييد العمل الأكاديمي أيضا شمل وضع ضوابط جديدة لاختيار القيادات الجامعية وتتيح للوزير الاعتراض على ترشيحات معينة، وهو ما يفتح الباب إلى التدخل الأمني الغير مباشر في عمل الجامعات، إما بمنع تعيين أشخاص بعينهم، حيث وافق المجلس الأعلى للجامعات في جلسته المنعقدة في 13 أكتوبر الماضي على تعديل أدخل على قانون تنظيم الجامعات بإلغاء انتخابا القيادات الجامعية وتعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية بناءا على ترشيحات من وزير التعليم العالي.

بعد تلك الإضافة السلطة التنفيذية ممثلة في وزير التعليم العالي ورئيس الجمهورية أصبح لها سيطرة تامة على تعيين القيادات الجامعية، وبشكل يهمش تماما من دور لجان الاختيار التي تم الترويج لاستقلاليتها.

وكدليل على ذلك أيضا أشارت إلى واقعة إحالة مدرس متفرغ بكلية الأثار بجامعة القاهرة مختار الكسباني، إلى التحقيق في أغسطس الماضي بسبب انتقاد رئيس الجامعة في برنامج إذاعي لطريقة تعامله مع صيانة قبة جامعة القاهرة، وكذلك إحالة استاذين بجامعة بني سويف للتحقيق بتهمة إهانة رئيس الجمهورية بعد تطرقهم للحديث عن الأوضاع السياسية والاقتصادية أثناء تدريسهم للطلاب.

بجانب تلك التضييقات والتدخلات الغير مبررة والتي لاتفيد المجتمع العلمي بل تضره، هناك أيضا غموض فيما يتعلق بأهم قضية تخص المجتمع الأكاديمي والمتعلقة بشأن مشروع قانون التعليم العالي. فهناك تضارب في التصريحات حول القانون فبعد توزيع مسودة القانون من قبل وزير التعليم العالي على الجامعات وعرض تلك المسودة في وسائل الإعلام ديسمبر الماضي، عاد وزير التعليم ليؤكد مجددا أنه لا يوجد مسودة وأن ما وزع على الجامعات مجرد أفكار مبدئية.

وأشير لذلك في تقرير لمؤسسة حرية الفكر والتعبير في أغسطس الماضي، ووصف سياسة وزارة التعليم العالي بالعشوائية الشديدة وتغييب المجتمع العلمي عن مناقشة القانون.

وأوصت الدورية الصادرة عن حرية الفكر والتعبير بتوصيات لحل ما وصفته بالفجوة بين شراسة الهجمة على الحرية الأكاديمية وضعف ردود فعل المجتمع الأكاديمي، وقالت إنه لابد من وجود استجابة سريعة من المجموعات الناشطة بالجامعات للتفاعل مع القضايا المتكررة، كتعرض اﻷساتذة لعقوبات أو صدور قرارات مقيدة للعمل الأكاديمي، هذه الاستجابة السريعة يمكن أن يستخدم فيها أدوات مختلفة بدءا من نشر بيانات التضامن ونقل حقيقة ما يحدث في الجامعات للرأي العام والمجتمع المدني، وصولا إلى الحوار المباشر مع إدارات الجامعات واستخدام التقاضي للطعن على القرارات غير المتسقة مع صحيح القانون.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل