المحتوى الرئيسى

إيهاب أبو سمرة يكتب: المرأة متى تصمت؟ | ساسة بوست

01/20 10:53

منذ 1 دقيقة، 20 يناير,2017

من المشهور عن النساء أنهن كثيرو الكلام، تضج المجالس بأحاديثهن، يشتكي الرجال من ثرثرتهن، وربما ابتعدوا عن البيت لساعات هربًا من لسان نسائهن، التي ما يلامس مسامعهم حتى يعتصرها كثعبان إفريقي، ورغم هذا الخوف إلا أنهم يكرهون صمتهن إلى حد الخوف!

صمت المرأة أداة فعالة للتواصل مع الآخر

قالت مجلة «فوفوكا» البرازيلية التي تُعنى بشؤون المرأة والمجتمع بأن طبيعة المرأة هو حب الكلام وطرح الأسئلة والاستفسار عن كل صغيرة وكبيرة، ولذلك فإن الصمت يعتبر غريبًا على المرأة في كثير من الأحيان، أو بالأحرى فإن الرجل يجد الصمت صفة دخيلة على المرأة. فالرجل هو الذي يصمت وهو الذي يجعل المرأة تشعر بالغضب من هذا الصمت ولكنها تقبله، وفي المقابل فإن الرجل إذا تحدث ووجد المرأة صامتة فإن دقات قلبه تتسارع ويبدأ نوع من الخوف يخيم عليه، لأنه لا يقبل صمت المرأة إن كان هو المتحدث.

وأضافت المجلة في مقال كتبته آنا ماريا جيزوس (36 عامًا) الأخصائية بعلم الاجتماع والمحاضرة في جامعة «يونيبان» البرازيلية في مدينة ساو باولو بأن صمت المرأة قد يكون الرد الوحيد على توبيخات لا معنى لها من الرجل، لأن ردًا من جانبها قد يعقد الخلاف ويزيد من حدة الانتقادات التي يوجهها الزوج لزوجته.

وتابعت تقول: إنه على الرغم من أن هذا الصمت يغيظ الرجل في كثير من الأحيان فإن السكوت قد يعني شيئين بالنسبة للرجل، إما أن المرأة قبلت توبيخاته وانتقاداته أو أنها صمتت لتتفادى تأزيم الموقف، وكلا الأمرين يعتبر انتصارًا بالنسبة للرجل، وفي هذه الحالة فإن صمت المرأة قد يمثل أداة فعالة للتواصل مع زوجها وتفادي ما هو أسوأ.

صمت المرأة محاولة لفهم الآخر بشكل أفضل

قالت «آنا ماريا» إن صمت المرأة أمام الرجل في كثير من المواقف يعتبر محاولة لفهمه، لأن الاستماع للآخر والتأمل في شخصيته يساعدان على فهمه بشكل أفضل، وأضافت: إنه لذلك فإن المرأة تعمد للصمت باعتباره وسيلة لتحليل الأمور في ذهنها قبل إطلاق حكم على الآخرين.

وأشارت إلى أنه في أحيان كثيرة فإن المرأة تحتار في فهم حديث أو محاولة أو تعبير من الرجل، وهذا يجعلها تلجأ للصمت من أجل فهم المقاصد والمعاني لتفادي الوقوع في الأخطاء، وبخاصة إذا كان للرجل نوايا خبيثة، والمقصود هنا ليس الزوج، وإنما شخص سبق أن تعرفت عليه المرأة لبناء علاقة معه قبل الزواج، وأكدت أن الصمت يفيد كثيرًا في فهم الآخرين، لأن الأخذ والعطاء إن لم يكونا متكافئين فإن النتيجة، أو بالأحرى نتيجة الحديث والنقاش تكون عقيمة.

وتابعت تقول إن المرأة تخشى ذكاء الرجل والعكس صحيح أيضًا، لكن ثبت بأن المرأة أذكى في العلاقات الإنسانية وتستطيع أن تمارس صمتًا يكون مفيدًا لها لتفادي الوقوع في المطبات، أما الرجل فهو لايتوانى عن إظهار شخصيته دون أن يعلم بأن المرأة ذكية وتستطيع فهمها «على الطاير» بقليل من الصمت الذي وصفته الكاتبة بـ«الصمت الدبلوماسي» الذي لايستطيع الرجل ممارسته إذا كانت له غاية مع المرأة.

كذا فالمرأة تصمت لدراسة ردود أفعالها في موقف معين باعتباره نوعًا من كشف الحساب وتعديل المسار، وقد يكون محاولة لفهم الذات والبحث عن الإيجابيات لتنميتها ومعالجة السلبيات، وهذا ما تؤكده الأخصائية البرازيلية «آنا ماريا جيزوس» بأن صمت المرأة بين الحين والآخر يعتبر من أكثر الوسائل فائدة لتقدير نفسها من حيث معرفة الإيجابيات والسلبيات الموجودة في شخصيتها، والعمل عبر صمت داخلي على تحليل الأسباب التي تجعلها عرضة للانتقادات أو مثار إعجابٍ من قبل الآخرين.

وأخيرًا أكدت «آنا ماريا» أنه ثبت أن أكثر ما يخشاه الرجل في المرأة هو صمتها، لأنه غير قادر على استيعاب ما تفكر به، ويخشى أن يكون هذا الصمت دليلًا على عدم الرضا عن رجولته، وهو الشيء الذي يخشاه الرجل من قبل المرأة.

وقالت أيضا: إن الصمت يولد الصمت أحيانا، واستخدام المرأة الصمت لهذا الغرض يفيد في تهدئة جدال ساخن مع الرجل، وأضافت بأن الرجل يتظاهر بأنه لا يحب رد المرأة على انتقاداته أو الدفاع عن نفسها بالكلام، ولكنه لايتحمل كثيرًا الصمت الذي تمارسه المرأة في هذه المواقف، وفي هذه الحالة يصمت هو الآخر ويحاول قسرًا أن يهدئ نفسه ليجعل المرأة تتكلم، فإن وجد ذلك الصمت لا يمس أمورًا حساسة عنده باعتباره رجلًا فإن باله يهدأ وبذلك تحرز المرأة انتصارًا بصمتها الحازم.

الرجل كما قدمنا أنه من طبيعته الصمت، والمرأة من طبيعتها الثرثرة وهذا ما يعذب الرجل، حينما تصمت المرأة فهو يجلس حائرًا في (ماذا تفكر)، وهكذا صمت الرجل يعذب المرأة لأنها لا تدري لماذا يصمت الرجل؟ تظن المرأة أن صمت الرجل مثل صمتها -وهذا خطأ، فهي لا تصمت إلا عندما تكون غاضبة أو محبطة أو حزينة، أما حينما ترتاح فهي تثرثر، لذا فعلى الرجل حين تصمت زوجته أن يحترم صمتها وكذا المرأة عليها أن تحترم صمته.

أحيانا بعض النساء يصمتن لكي يجذبن الرجل لسؤالهن: فيما تفكرين حبيبتي؟ ولماذا أنت صامتة؟، وهنا تبدأ المرأة بالكلام الذي كانت تحبسه في صدرها فترة صمت زوجها، وقد يضيق بها زوجها ذرعًا، فعليها انتقاء الأسلوب المناسب والوقت المناسب لكي تخترق صمت زوحها. تصمت المرأة حيلةً دفاعية لامتصاص غضب الرجل، والمرأة الذكية هي التي تطبق أسلوب الصمت حتى تفكر مليا قبل حصول ردة فعلها المفاجئة، وهكذا تتحكم في نفسها وتركز أكثر في الحبكة المنطقية لمحور النقاش مع الطرف الآخر، لكن إذا بدأت بالكلام بطريقة انفعالية فستثرثر بغير هدى وتقع في أخطاء، وتصدر عنها ألفاظ قد تندم عليها لاحقًا، والصمت في المواقف الصعبة يولد الاحترام، بعكس الصراع والجدل الذي يولد التنافر والحقد، الصمت يدمر أسلحة من تتشاجرين معهم ويجردهم من القدرة على مواصلة الكلام.

«على المرأة أن تتحلى بالصمت، فالرجل ينجذب إلى المرأة الغامضة بعكس ما تظن غالب النساء أن الرجل يحب المرأة المتحدثة الجيدة».

تصمت المرأة عندما يشتاط الرجل غضبًا لاحتواء الموقف والسيطرة عليه، ولتعلم المرأة أن الصمت الذي تمارسة المرأة يجعلها في نظر زوجها أكثر ذكاء وأعمق تفكيرًا، فعندما يعود الرجل من عمله متعبًا ويكون سريع الاستثارة أو الغضب فعليها أن تتجاهله وتصمت لكي تتحكم هي في الموقف بدلًا منه، فهو سيحاول أن يخفف من غضبه ليحقق التوازن بين شخصيته وشخصيتها، وفي الوقت نفسه يتأثر بأسلوب تعاملها مع غضبه، فيقدر لها ذكاءها ويحترم موقفها، وينجذب نحوها، ويعتبرها إنسانة جديرة بالاعتماد عليها في المواقف الصعبة، فالرجل يثير انتباهه قيمة الصمت، ويتضح أكثر فيما يعطيه للمرأة من وقار واحترام، فالنساء عامة معروفات بحبهن لجلسات التسلية والدردشة ونشر الشائعات، وهؤلاء في نظر الرجال محبات للثرثرة وغير جديرات بحب واحترام أزواجهن، بينما المرأة التي تستمع أكثر مما تتكلم وتجيد فن الصمت والرد بكلمات مقتضبة ومتقنة، هي التي تثير انتباه الرجل ويجذبه غموضها، ويحاول التقرب منها لفك غموضها واكتشاف أسرارها. فالرجل لا يحتاج إلى المتحدثة الجيدة بقدر ما يحتاج إلى الصموته الذكية التي تعرف كيف تمتص غضبه وتتحكم في انفعالاته، فكلام الرجل عند غضبة غير معتمد، بل قراراته عند غضبه ملغاة، لذا فعلى المرأة -عندما يغضب الرجل- عليها أن تصمت صمتًا إيجابيًا لا صمتًا مستفزًا، ولا أن تأخذ كلامه وقراراته أثناء غضبه مأخذ الاعتبار.

المرأة عندما تصمت فهذا بمثابة إنذار للرجل

المرأة تصمت عندما يكون الموقف أكبر بكثير من حروفها وأكبر من أن تستوعبه حكمتها، لذا فهي تصمت وتكتفي بدموع أو ابتسامة باهتة تعلن بها عن وجعها كرسالة إلى الرجل، (فالموقف أكبر من أن أتحدث)، (احتو صمتي)، (قرب مني)، رسائل ترسلها المرأة إلى الرجل لعله يفهمها، وهكذا المرأة تحتاج إلى قارئ جيد حنون يعرف متي يقترب ومتي يبتعد لأنها تريد أن تختبر بنفسها رجلًا ذكيًا لماحًا.

المرأة العاقلة هي من تصمت كثيرًا لأن الرجل يفضل المرأة الغامضة لانها تخبئ ما تشعر به ولا تدلي بأي معلومات عن نفسها أو عن الآخرين، فينجذب نحوها لأنه يجدها موضع ثقة وأكثر تأثيرًا على الآخرين، ويرى فيها مستودعًا أمينًا لأسراره ومشاكله لأنها ستحتفظ بها لنفسها، بعكس المرأة كثيرة الكلام التي يصمت أمامها الرجل ويتهرب منها مخافة أن تفشي أسراره أمام الآخرين.

وفي دراسة أخرى أكد العلماء أن كثرة سكوت المرأة والضغط على نفسها في سبيل أن تترجم للآخرين قوتها وثقتها الزائدة بنفسها، هو وسيلة لأن تصبح أكثر عرضة للأمراض النفسية والعصبية، ومن هذا المنطلق أثبت «ألين ويلر» في كتابه «الرجل و المرأة.. أسرار لم تنشر بعد» أن المرأة في حال عدم إفصاحها عن كل ما يزعجها لشريك حياتها سيؤدي ذلك حتمًا إلى تراكم المشاعر المكبوتة وتفاقم غضبها الذي سيصب بالنهاية عليه، والذي سيؤدي إلى نتائج سلبية لا يرغب فيها الطرفان، كما يدل ذلك على عدم ثقتها به وعدم رؤيته ملجأ لها في حال تعرضها للضغط.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل