المحتوى الرئيسى

دراسة فريدة تكشف علاقة المبدعين المصريين مع كرة القدم

01/19 22:53

يتوقف الناقد الكبير «مصطفى بيومي» في أحدث كتبه التي صدرت منذ أيام بعنوان طريف وفكرة جديدة «كرة القدم في الأدب المصري.. شهادة اجتماعية وسياسية»، أمام إبداع روائي وقصصي لأحد عشر كاتباً مصرياً تناولوا اللعبة الأكثر شعبية في العالم وهي لعبة كرة القدم، باعتبارها ليست لهواً ونشاطاً ثانوياً جديراً باللامبالاة، بل تتجاوز «كرة القدم» عند أدباء كبار مثل: توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، إحسان عبدالقدوس، عبدالرحمن الشرقاوي، فتحي غانم وغيرهم ممن جاء في هذه الدراسة المثيرة حدود المنافسات الرياضية التقليدية إلى آفاق سياسية واقتصادية واجتماعية رحبة.

في البداية يعدد «مصطفى بيومي» لـ«الوفد» الأسباب التي جعلته يعكف على هذا النوع من الدراسة النقدية والتي قد يراها البعض لا تندرج ضمن مسميات الدراسات النقدية الرصينة، قائلاً: إن التعالي من جانب المثقفين الذي يتم الإعلان عنه، يعد موروثاً سلبياً ميكانيكياً عن مراحل سابقة، كان ينظر فيها إلى كرة القدم كمفردة لا يليق وجودها إلا في قواميس وحيوات الأطفال والمراهقين والشباب الطائشين وحدهم، وربما يكون الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي الكبير «ت. س. إليوت» هو الأفضل في الرد على هؤلاء الذين يصفهم بالغباء، لأن كرة القدم عنده لا تقل أهميتها عن القصة والرواية.

 ثم يستطرد بابتسامة الناقد الكبير قائلاً: النص الروائي لا ينصرف عن الاهتمام بمعطيات الحياة اليومية التي تشكل نسيج مادته، ولابد -لتمام الصدق- أن يعكس مفرداتها وإيقاعاتها المختلفة. المبدع جزء أصيل من خريطة الواقع الذي يعلي من شأن كرة القدم، ويؤكد هذا الواقع أن أقلية ضئيلة من المصريين هي التي لا تهتم بالكرة، ولا تتابع أخبارها ومسابقاتها المحلية والعالمية ونتائج مبارياتها وانتقالات نجومها بين الأندية المتنافسة على الساحة المحلية، أو للاحتراف في فرق عربية وأوروبية.

يؤكد «بيومي» تباين الرؤى والتناول من أديب لآخر للعبة كرة القدم فيشرح الأمر على هذا النحو قائلاً: يختلف الوعي بعالم كرة القدم وخصائصه من كاتب إلى آخر، وهو ما ينعكس على التناول إيجاباً وسلباً، فعلى سبيل المثال سنجد الكرة في روايات «صنع الله إبراهيم» لا يبدو على دراية بمصطلحات الكرة وقوانينها، دليل غياب المتابعة والاهتمام، لكنه يترجم حقيقة وجودها المؤثر داخل السجون المصرية كما هو الحال خارجها، أما «بهاء طاهر» يماثل بطله الراوي في الجهل الشامل بالكرة، لكنه يرصد دور الرياضة الشعبية واسعة الانتشار كأداة فعالة للتنفيس ذي المنحى العدواني العنيف عن الفراغ وهيمنة الشعور بالخواء.

مضيفاً: إن الأمر نفسه نجده بأشكال متنوعة عند توفيق الحكيم وعبدالرحمن الشرقاوي وفتحي غانم وإيهاب قاسم، الذين يتفاعلون مع الموقع الذي تحتله كرة القدم في الحياة المصرية بما يتوافق ورؤاهم السياسية والفكرية، أما كاتبنا الكبير نجيب محفوظ فينفرد برؤيته الشاملة التي تجمع بين تجربته الذاتية وموقفه الموضوعي، ففي روايته الذاتية «المرايا» يتجلى اهتمام «محفوظ» بكرة القدم وتأثيرها في طفولة ومراهقة الراوي - الروائي. بداية العلاقة مع اللعبة الشعبية عند انتقال الأسرة من حي الحسين للسكن في العباسية، ومن الأسئلة المبكرة التي يطرحها الأطفال من الجيران الجدد، الذين يتحولون سريعاً إلى أصدقاء مقربين: «تلعب كرة! كلا . تعلمها».

يكشف الناقد الكبير «مصطفى بيومي» عن المفاجآت التي وجدها أثناء تلك الدراسة الشيقة قائلاً: ربما يكون أبوالمعاطي أبوالنجا وأحمد الصاوي هما الأكثر أهمية في تاريخ الرواية المصرية، من حيث الدور الذي تلعبه كرة القدم في البناء الفني والرؤية الفكرية والسياسية لروايتي «ضد مجهول» و«إصابة ملاعب». إذا كان أبوالمعاطي يرصد بدايات ثورة يوليو 1952، ويشير إلى مسارها المتوقع من خلال المباراة المأسوية التي تشكل العنصر الأساسي في بناء روايته، فإن أحمد الصاوي هو صاحب الشهادة الأهم والأنضج والأعمق عن الموقع الذي تحتله الكرة في الحياة المعاصرة، محلياً وعالمياً، حيث الانتشار غير المسبوق وطغيان قيم العولمة والتداخل الدال بين الرياضة والسياسة والاقتصاد.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل