المحتوى الرئيسى

هل يتجاوز "التقارب" الإيراني السعودي مرحلة جس النبض؟

01/19 19:54

أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن ما لا يقل عن عشر دول عرضت التوسط بين السعودية وإيران، وربط بين تطبيع العلاقات بين البلدين وتغيير السعودية لسياساتها في المنطقة، وهو نفس الشرط الذي تضعه الرياض إذ تؤكد على ضرورة التزام طهران بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وبغض النظر عن هذه الانتقادات المعتادة والمتبادلة بين الجانبين، فإن الملفت هو الكشف عن جهود الوساطة الجارية بين البلدين في مؤشر عن احتمال حدوث اختراق ما قد يكسر جبل الجليد ويفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ودول المنطقة بأسرها.

وبهذا الصدد أوضح حسين رويوران خبير الشؤون الإيرانية في حوار مع DW أن الموقف الإيراني "تكرر على لسان ثلاثة مسؤولين إيرانيين: أمين المجلس القومي الإيراني علي شمحاني، ثم رئيس الجمهورية علي روحاني وأخيرا وزير الخارجية  جواد ظريف". وهذا ما يؤكد حسب الخبير الإيراني أن الأمر لا يتعلق باجتهادات فردية، وإنما بموقف النظام الإيراني. غير أن حجم الخلافات المعقدة التي تراكمت طوال عقود بين الطرفين قد تحول دون حدوث اختراق فعلي وسريع رغم مغريات المكاسب الموضوعية التي قد يحققها التقارب بين البلدين.

في رد على سؤال بشأن ما إذا كان العراق والكويت عرضا المساعدة لطي الخلافات بين الرياض وطهران قال الرئيس الإيراني حسن روحاني "هناك العديد من الدول، ذكرتم العراق والكويت. هناك ثماني أو عشر دول أخرى في ذهني الآن تحدث مسؤولوها معنا بشأن ذلك". وأوضح روحاني أن إيران لا تسعى لاستبعاد السعودية من سياسات المنطقة وستقدم المساعدة للرياض "إذا اتخذت القرار الصحيح" مشيرا إلى ضرورة وقف تدخلها العسكري في اليمن وامتناعها عما وصفه بالتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين. ومن مؤشرات الانفراج أيضا ما أكده مسؤول إيراني أن السعودية وجهت دعوة لطهران لمناقشة ترتيبات الحج خلال الموسم المقبل.

وبدوره رد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على هذه التصريحات مؤكدا أن العلاقة مع إيران لا تزال متوترة ويجب على طهران الكف عن "أفعالها العدائية" لتحسين العلاقات. وبهذا الشأن أكد المحلل السياسي السعودي محمد عبد الله آل زلفة في حوار مع DW أن شروط الرياض واضحة بهذا الصدد وتتعلق "بامتناع إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول لمنطقة". ويضيف آل زلفة النائب السابق في مجلس الشورى السعودس أنه في حال تحقق هذا الشرط فإن الرياض "سترحب بكل أريحية بأي تقارب". من جهته أكد ظريف أن إيران والسعودية يجب أن تعملا معا للمساعدة على إنهاء الصراعات في سوريا واليمن بعد التعاون بنجاح بشأن لبنان العام الماضي.

إرث ثقيل وخلافات لا تنتهي

لعل آخر فصول تدهور العلاقات بين القوتين الإقليميتين هو ما وقع بعد وفاة مئات من الحجاج ومعظمهم إيرانيون في حادث تدافع أثناء موسم الحج عام 2015. وقالت إيران يومها إن عدم كفاءة المنظمين كانت سببا في وقوع الكارثة وقاطعت الحج العام الماضي. وساءت العلاقات مرة أخرى بعدما أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر وما تلاه من احتجاجات إيرانية عارمة أدت لاقتحام السفارة السعودية في طهران، وهو ما ردت عليه الرياض بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع طهران.

كما يخوض الجانبان حروبا بالوكالة في عدد من ساحات الصراع في اليمن والبحرين والعراق ولبنان وسوريا. ويقفان على طرفي نقيض في كل الأزمات التي تشهدها المنطقة.

ليس استقبال أكثر من مليوني حاج بالمهمة السهلة. السلطات السعودية تنسق مع البلدان الإسلامية لاستقبال عدد محدد من الحجاج. وتحاول السيطرة على مسار الشعائر وتوفير خدمات التمريض. بيد أن المشكلة تكمن غالبا عند رمي الجمرات. الآن تم تحديد مسارات وبوابات الكترونية لإدارة الحشود. كما تم توزيع أساور إلكترونية على الحجاج ليتمكنوا من تتبع حركة الحشود والحصول على إنذار مبكر قبل بداية التكدس.

اعتبر مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن زعماء إيران بأنهم "ليسوا مسلمين" ليثير استنكار طهران في تراشق كلامي عنيف بين القوتين الإقليميتين المتنافستين بشأن إدارة الحج. آل الشيخ صرح قائلا: "يجب أن نفهم أن هؤلاء ليسوا مسلمين، فهم أبناء المجوس وعداؤهم للمسلمين أمر قديم وتحديدا مع أهل السنة والجماعة".

تصريح مفتي السعودية جاء بعد تذكير مرشد الثورة في إيران آية الله علي خامنئي لحادث تدافع منى الذي أودى بحياة نحو 2300 شخص السنة الماضية، حيث لقي فيه 464 حاجا إيرانيا مصرعهم. خامنئي وصف حكام السعودية بأنهم "لا يعرفون الله ولا دين لهم".

غاب الإيرانيون عن أداء فريضة الحج لأول مرة منذ ثلاثين عاما، بسبب عدم الاتفاق بين الجانبين على الإجراءات اللوجستية بعد حادث منى العام الماضي. ومن شأن هذه الحرب الكلامية التي تتزامن مع توافد الحجاج أن تعمق الخلاف القائم بين المملكة السنية والجمهورية الشيعية اللتين تدعم كل منهما أطرافا مختلفة في الحرب الأهلية السورية وفي صراعات أخرى بالشرق الأوسط.

السلطات السعودية الرسمية أعلنت أن حادث التدافع أدى إلى مقتل 769 حاجا، إلا أن إحصاءات أظهرت أن أكثر من 30 دولة فقدت رعايا لها في الحادث، الذي أفضى إلى حصيلة توازي ثلاثة أضعاف الرقم المعلن عنه في السعودية رسميا. قبل هذا الحادث بأيام، قتل 109 أشخاص على الأقل جراء سقوط رافعة في الحرم المكي، تابعة لمجموعة بن لادن السعودية التي كانت تنفذ أعمال توسعة.

ولي العهد ووزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز دخل على خط التصريحات وقال إن المملكة لن تسمح لإيران أو غيرها بمخالفة أو تسييس شعائر الحج. بينما اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إيران بتسييس الحج هربا من مشاكلها الداخلية، ووصف تصريحات خامنئي بأنها محاولة لتحويل أنظار الشعب الإيراني عن حكومة طهران التي خذلتهم ومنعتهم من فرصة إتمام مناسك الحج.

رد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في تغريدة على تصريح مفتي السعودية بأن زعماء إيران "ليسوا مسلمين"، واعتبر أنه "لا تماثل بين إسلام الإيرانيين ومعظم المسلمين من جهة والتطرف والتعصب الذي يدعو له كبير علماء الوهابية وأسياد الإرهاب السعودي"، حسب قوله.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل