المحتوى الرئيسى

وجبة "كباب وكفته" تنهي حياة طفل الاسكندرية

01/19 18:28

«ما تحزنيش يا أمى وامسحى دموعك انتى معى فى الجنة لن اتركك أبدا سوف أظل بجوارك ليس فى الدنيا فقط بل فى الآخرة، أنا فى إيد رحمن رحيم هيرحمنى ويرحمك متحزنيش يا أمى فى أكثر من كدة كرم، سوف ألتقى بك فى الجنة يا أحب الناس».

كانت هذه الكلمات آخر ما سمعتها أذنى من طفلى «ياسين» الذى لم يتعد عمره ست سنوات عقب وفاته بعد تناوله وجبة «ديليفرى مسممة»، جاء لى فى الحلم وأنا فى الغيبوبة، لم أعلم بما حدث، فوجئت بيه يخبرنى بانه ترك الدنيا ليذهب إلى مكان أفضل، بعد إفاقتى من الغيبوبة، علمت بما حدث لطفلى، وقتها عرفت سبب هذا الحلم، لكى يهون على ما حدث له، ولكن للأسف لم يعوضنى أحد عن فقدان طفلى، أنا حتى الآن عقلى يرفض ان يصدق ما حدث له، كيف يعقل ان يدفع طفلى حياته ثمن إهمال مطعم شهير، وإلى متى سوف يظل هذا الظلم، وأطفالنا يضيعون ويكون العقاب مجرد إجراءات إدارية، فهل يعقل ان تكون حياة طفلى ثمنها غلقا إداريا للمكان!! بكت «والدة ياسين» ربنا رزقنى بعد رحلة عذاب مع الحياة بطفلى.

ياسمين وياسين أصبحا كل حياتى، كان مولد «ياسين» مميزا لأنه كان يوم ولدته هو يوم ثورة 25 يناير، كان دائما يضحك ويقول لى يا ماما أنا ابن الثورة، جاء مولدى مع ولادة مصر الجديدة وتطهيرها، وكان حلمه ان يكون «قاضى» لكى يحقق العدل بين الناس ولم يفرق بين غنى وفقير، ابتسمت الأم قائلة: لا تتعجبى ان هذا الطفل صغير السن يقول هذا الكلام، فهو منذ ان فتحت عيناه وهو يحب مشاهدة البرامج الإخبارية ومتابعة الأحداث، نشأ على التعبير عن رأيه ومشاركة والده فى الأحاديث الإخبارية لأننا كنا دائما ننمي بداخله هو وشقيقته الثقافة والفكر والاعتماد على النفس.

انهارت الأم: كان طفلى يشعر بما حدث له وانه سوف يفارق الحياة، كان  يتابع معنا الأحداث الإخبارية عن وفاة طفلة بسبب وجبة فطير «مسممة» من مطعم بسموحة، وأثناء متابعة الأخبار، بكى «ياسين» قائلا: أنا خايف يا أمى أنه يكون هذا مصيرنا نحن أيضاً!!، وتساءل «ياسين» ليه أصحاب المطاعم مش بتخاف ربنا؟ مش المفروض يا أمى إننا أمانة فى أيديهم ليه يتسببوا فى فساد الطعام وإحنا نأكل الطعام الملوث ونموت، والمسئولون لم يعاقبهم أحد ، أنا نفسى أعاقب يا أمى كل واحد يتسبب فى وفاة إنسان، وابتسم الطفل لى قائلا: عارفة يا أمى أفضل عقاب لهم هو أنهم يأكلوا نفس وجبة الطعام المسمم لكى ينالوا نفس المصير.

أكدت «والدة الطفل» أنه ليس المعتاد لى ان أحضر طعاما من الخارج ولكن للأسف كنا نعمل بعض الإصلاحات بالمنزل ولم أستطع تجهيز الغداء، اقترح زوجى شراء وجبة «ديليفرى» من قرية شهيرة ولأننا نسمع عنها وأنها مشهورة لم نخش ونتوقع ان يكون مصيرنا التسمم، وأحضر لنا وجبة «كباب وكفتة وسلاطات» وتناولنا الطعام أنا وزوجى وطفلى، وعقب ذلك شعرنا بحالة إعياء، توجه زوجى إلى الصيدلية وأخبره الطبيب بانها حالة برد، وأحضر لنا مطهرا معويا، وفى اليوم التالى أثناء توجه زوجى للعمل شعر بالتعب وإعياء شديد، وتوجه مرة ثانية للصيدلية ليؤكد له انه برد وحضر من العمل وتناولنا باقى الطعام ولكن نجلتى رفضت تناوله وقالت انه تسبب لها فى مغص، ولم نعلق واتهمتها بانها تتدلع، وللأسف تناول «ياسين» كل وجبة الكفتة المتبقية والسلاطات وعقب ذلك توجهنا للنوم، لم نشعر بشىء إلا بعد 4 أيام استيقظت على حلم «ياسين» نهضت على الفور أصرخ وأنادى على «ياسين» لأجد نفسى فى المستشفى والمحاليل فى يدى بالعناية المركزة والممرضات يقولون لى حمدالله على السلامة اتكتب لكى عمر جديد، وعلمت اننى كنت مصابة بحالة تسمم صرخت ولم أشعر بنفسى إلا وأننى أقوم بإزالة المحلول من يدى وأخرج أبحث عن طفلى، ولكنهم أخبرونى ان زوجى بغرفة العناية المجاورة ولم يخبرنى أحد فى بداية الأمر عن وفاة ياسين وأوهمونى بانه فى المنزل، ولكن عندما رجعت للمنزل، علمت بالحقيقة، ان طفلى تركنى لوحدى فى الدنيا وتأكدت ان هذا الحلم رسالة كانت منه لى يصبرنى على فراقه.

بكت «الأم» قائلة: كان نفسى يعيش ابنى وأموت أنا فداء له، ولكن للأسف علمت من شقيقى ان يوم الحادث عندما تأخر زوجى عن العمل قامت الإدارة بالاتصال به وقاموا بإبلاغ أسرتى بوجود شىء غريب أننا لم نرد على جميع الهواتف، حضر لى على الفور شقيقى الذى قام بطرق الباب أكثر من مرة، ولم يجد أمامه غير كسر الباب، دخل ليجدنا فى حالة إعياء شديدة وأنا وزوجى مغمى علينا، قام بطلب الإسعاف ودخل على الفور لغرفة طفلى وجده ملقى على الأرض غارقا فى دمائه توجه به على الفور للمستشفى وكان قد فارق الحياة.

بكت «الأم» قائلة: أنا عاوزة حق «ياسين» والقصاص من المتهمين خاصة انهم حاولوا التلاعب فى تقارير المستشفى ليثبت ان سبب الوفاة تسريب غاز، ولكن كشفت الحقيقة أحد الممرضات التى رفضت الكذب والخداع وأخبرتنا بالتقرير الصحى بان السبب الحقيقى للوفاة هو إصابتنا بحالة تسمم.

أكدت «الأم»: ليس غلق المطعم هو القصاص لطفلى، لكن غلقه للحفاظ على أرواح المواطنين من الخطر الذى يهدد حياتهم، وإنما القصاص من هؤلاء هو إطعامهم فالسم القاتل الذى تسبب فى وفاة طفلي، هذا هو العدل يا مسئولين.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل