المحتوى الرئيسى

كيف أداروا الانقلابات وخططوا للتحكم في العقول.. المخابرات الأميركية تتيح 12 مليون وثيقة سرية على الإنترنت

01/19 18:28

قبل عقود من الزمن، أفرجت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA عن وثيقة مكونة من 26 صفحة تحمل عنواناً غامضاً هو "بيان توضيحي لفيديل كاسترو بخصوص الاغتيال".

اعتبر موقع "بازفيد الأميركي" أن تلك كانت خطوة نحو مزيد من الشفافية في واحدة من أكثر مؤسسات الدولة الفيدرالية سرية وتكتماً. ولكن للوقوف على مضمون الوثيقة ومحتواها الفعلي في ذلك الوقت البعيد، لا بد من رحلة إلى محفوظات الأرشيف الوطني في كوليدج بارك بولاية ميريلاند الأميركية بين الـ9 صباحاً والـ4:30 عصراً، وأن يحالفك الحظ فيكون أحد الحواسيب الآلية الـ4 المخصصة للولوج إلى مواد ومحفوظات الـCIA متاحاً للاستخدام غير مشغول.

أما اليوم، فقد صار باستطاعتك مطالعة سجل الرئيس الكوبي الراحل فيدل كاسترو كاملاً، بالإضافة إلى 12 مليون وثيقة سرية أخرى بكبسة زر واحدة، دون أن تتحرك من مكانك، بعد أن نشرتها وكالة الاستخبارات المركزية مؤخراً على موقعها الإلكتروني. ويمكن الاطلاع على هذه الوثائق هنا.

لكن، اتضح أن عنوان وثيقة كاسترو تلك كان أكثر تشويقاً من محتوى الوثيقة الفعلي.

فالوثيقة تضم مقتطفات من حوار دار عام 1977 بين باربرا والترز وفيديل كاسترو حينما سألته عما إذا كان يملك دليلاً على محاولة الاستخبارات الأميركية الأخيرة لاغتياله.

وقتها، أُرسل تسجيل الحوار مكتوباً إلى مدير الاستخبارات الأميركية آنذاك الأدميرال ستانسفيلد تيرنر بوساطة موظف مسؤول في العلاقات العامة بالوكالة، مع ملحوظة تنوه بالإشارات كافة الواردة إلى الاستخبارات الأميركية في الحوار.

لكن، هذه واحدة من ملايين الوثائق التي يرجع تاريخها إلى ما بين الأربعينات والتسعينات من القرن الماضي، وتتنوع مواضيعها من جرائم الحرب النازية وتجارب التحكم في العقل البشري والسيطرة عليه إلى الدور الذي ضلعت فيه الاستخبارات الأميركية في الإطاحة بحكومات في كل من تشيلي وإيران.

كذلك، توجد وثائق سرية حول برنامج تخاطر ذهني وقبل إدراكي اسمه ستارغيت Stargate، وأخرى خصصتها الاستخبارات الأميركية لإصدارات إعلامية معينة مثل Mother Jones، كما توجد صور وأكثر من 100 ألف صفحة من نشرات الاستخبارات الداخلية، وأوراق متعلقة بالسياسة ومذكرات حررها مديرون سابقون لجهاز الاستخبارات المركزية.

وكانت السجلات السرية هذه (المعروفة باسم قاعدة بيانات CREST أي CIA Records Search Tool أداة بحث سجلات الـ"سي آي إيه") قد أفرجت عنها بقرار تنفيذي أصدره عام 1995 الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون. وعملاً بالقرار، نشرت وثائق حكومية سرية لها من العمر ما لا يقل عن 25 عاماً وذات "قيمة تاريخية".

وفي عام 2000، انصاعت وكالة الاستخبارات المركزية لنص القانون الحرفي وخصصت حواسيب آلية في محفوظات الأرشيف الوطني لإطلاع الراغبين على تلك السجلات، ثم قبل عدة سنوات نشرت الاستخبارات الأميركية عناوين وثائق مجموعة CREST على موقعها الإلكتروني، لكن بشكل محدود يُجبر المتصفح على زيارة محفوظات الأرشيف الوطني إذا رغب في الاطلاع على محتوى الوثيقة المهتم بها.

على الرغم من تلك التضييقات والقيود، تمكن المؤرخون والصحفيون من طباعة نحو 1.1 مليون صفحة من قاعدة البيانات تلك. ولكن حتى يومنا هذا، قاومت الاستخبارات الأميركية ضغوطات الرأي العام عليها؛ كي تنشر قاعدة البيانات تلك على الإنترنت لتغدو متاحة أمام الجميع.

يقول ستيف آفترغود مدير مشروع سرية الحكومة في اتحاد العلماء الأميركيين: "إن الإفراج عن سرية كل وثائق العالم لا يسمن ولا يغني من جوع إن لم تكن هذه الوثائق في متناول أيدي الناس للوصول إليها".

عام 2014، عمدت منظمة MuckRock الإخبارية غير الربحية، التي تساعد الصحفيين وغيرهم على الوصول للسجلات العمومية، إلى رفع دعوى قضائية، استناداً إلى قانون FOIA أي قانون حرية المعلومات Freedom of Information Act؛ بغية الوصول إلى محتويات قاعدة البيانات تلك كافة.

ردت الاستخبارات الأميركية على MuckRock بأن نشر كل الوثائق سيستغرق 6 سنوات على الأقل، ما سبب خيبة أمل كبيرة دفعت بالصحفي والباحث مايكل بيست لإطلاق حملة على موقع Kickstarter؛ من أجل جمع الأموال لنسخ ومسح كل الوثائق ضوئياً وباليد.

وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وفي مذكرة قضائية جاءت رداً على دعوى MuckRock، قالت الاستخبارات الأميركية إنها "تتوقع نشر كل قاعدة بيانات CREST لتصبح متاحة أمام العموم على الإنترنت" خلال عام واحد.

وقال آفترغود لبزفيدنيوز: "لنا أن ننتقدهم على أخذ وقتهم والتمهل في الأمر، لكن خلاصة ما في الأمر أنهم الآن يتقدمون الوكالات النظيرة بكثير".

وأما جوزيف لامبرت الذي قضى زمناً في إدارة المعلومات بالاستخبارات الأميركية والذي ترأس مشروع جعل قاعدة بيانات CREST بالصيغة الرقمية، فقال إن الوكالة راجعت مجموعة وثائقها مرة واحدة أخيرة ولم تتحفظ على نشر أي من الوثائق.

وقال لامبرت الذي سيتقاعد خلال أشهر من عمله بالاستخبارات الأميركية بعد خدمة 32 سنة: "إننا نعمل على هذا منذ وقت طويل جداً، وهذا أحد الأمور التي أردت إتمامها قبل مغادرتي، والآن بات بإمكانكم الوصول إليها بكل راحة من منازلكم".

وقال إن أحد العناوين التي كثرت طلبات الباحثين عليها في محفوظات الأرشيف الوطني، كان مشروع نفق برلين الذي سمي الاسم الحركي Operation Gold والذي كان مشروعاً مشتركاً بين الاستخبارات الأميركية وجهاز الاستخبارات السرية البريطانية؛ من أجل التجسس على مقر الجيش السوفييتي في برلين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل