المحتوى الرئيسى

د.محمد مأمون ليله يكتب: الدروس الخصوصية السلبيات والحلول | أسايطة

01/18 16:30

الرئيسيه » رأي » د.محمد مأمون ليله يكتب: الدروس الخصوصية السلبيات والحلول

من المعلوم بداهة أن العلم أساس بناء المجتمعات، وتطوير المؤسسات، وسبب رقي الأفراد والجماعات، وهو تركة الأنبياء الحقيقة، وعلامة ظاهرة على إرادة الله لصاحبه الخيرية، فهو قبل القول والعمل، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وقد قال تعالي:” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ” [الزمر: 9]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ” ، والأصل أن يكون العلم حسبة لوجه الله تعالى، ليس عليه أجر ولا مال؛ولهذا تكلم بعض أئمة الحديث في من يأخذ على التحديث أجرا؛ لأنه يُضيِّع العلم بذلك، ويجعله مقصورا على الأغنياء والأكابر؛ ولما كانت الدروس الخصوصية قد ذاع أمرها، واستفحل خطرها، حتى دخلت كل بيت، واشتكى منها الغني ومن لا مال له قط، فقد آثرت الحديث عن سلبياتها المدمرة للمجتمع بشكل عام، وضربت مثالا تطبيقيا حقيقيا لإظهار خطورة هذه المشكلة للقارئ الكريم.

مرت الدروس الخصوصية بأطوار فبدأت في البيوت بشكل سري، ثم خرجتْ للعلن بما تسمى “السناتر”، ثم دخلت الجمعيات الخيرية وغيرها، وللدروس الخصوصية آثارها السلبية المدمرة للبنية الاقتصادية، والعلمية، والدستورية، والإدارية للمجتمع.

فمن آثارها الاقتصادية: تحميل الأسر بأعباء مالية إضافية كانت في غنى عنها لو سارت العملية التعليمية بشكل صحيح، ومن آثارها العلمية: أن العلم يفقد بريقه المضئ في أذهان الطلاب باعتباره الوسيلة الصحيحة لارتقاء الأمم، وزيادة الإنتاج، وتيسير حياة الناس وتنميتها، إضافة للتقليل من ثقة الطلاب بالمدرسة كمؤسسة تعليمية وتربوية شيدتها الدولة لإيجاد أناس صالحين، حيث يصل الأمر بالطلاب إلى بغض المدرسة باعتبارها مقيدة لحريتهم، ولا يستفاد منها شيئا، فضلا عن قلة الاهتمام بما تقدمه من دروس لتوفر البديل المريح.

ومن آثارها الدستورية: القضاء على مبدأ تكافؤ الفرص التي يقوم على حمايته الدستور، وتظهر آثارذلك على الأسر الفقيرة، ومن آثارها الإدارية: إعتياد الإدارات التعليمية على الكسل، وعدم القيام بواجبهم في المتابعة للمدارس والمدرسين، ما ينتج عنه ترهلها وانتشار الفساد فيها.

أما حلول هذه المشكلة وعلاجها فيعتمد على عدة ركائز مهمة، وهي: – تحسين الدولة ورفعها لراتب المعلم ، حتى يستطيع العيش بكرامة وبطريقة تحفظ له مهابته وعلمه، نعم قد لا تستطيع الدولة الآن أن توفر له هذا الأمر بسبب الظروف الاقتصادية السيئة، ولكنها تستطيع توفير بعض ذلك من خلال مجموعات للتقوية في المدارس الحكومية تقوم عليها لجنة متخصصة من أساتذة الجامعات والإدارات التعليمية، ويُنتقى لها المدرسون الأكفاء، ولا بأس أن تأخذ الدولة مبلغا زهيدا من الطلبة المتقدمين لا يكسر ظهور آبائهم تعطيه للمدرسين مع مساهمة لها في هذا الأمر، وفي نفس الوقت يُمنح المعلم الذي يتقدم للشرح فيها بعض الميزات العلمية والأدبية كسرعة الترقية وتسهيلها مثلا.

أن يكون نظام الترقية الخاص بالمعلمين شبيها بالنظام الجامعي، الذي يبدأ بمعيد، فمدرس مساعد، فمدرس، فأستاذ مساعد، فأستاذ، فأستاذ متفرغ…، والمعيد له سنوات معينة لابد أن يأخذ فيها الماجستير وإلا نزل إلى وظيفة إدارية، وهكذا المدرس المساعد، واقتراحي أن يكون النظام التعليمي في المعاهد والمدارس شبيها بهذا النظام، وأن يكون نظام الترقية قائما على أسس من سنوات معينة يجتازها المدرس شريطة أن لا يثبت عليه في هذه الفترة أنه أعطى دروسا خصوصية، وأن يكون شرحه مرضيا عنه من خلال تقارير تُقدم من الطلبة بصورة سرية إلى الإدارة التعليمية، وكذا من المفتشين، ولا بأس أن تشكل لجنة في كل محافظة؛ لترعى هذا الأمر، ومن ميزات هذا المقترح أنه يجعل المدرس حريصا على الإمتناع عن الدروس الخصوصية ، وهذا حل سريع وقوي  يقضي على “السناتر” المنتشرة الآن في مصر، وسيضطر المدرس الذي يعطي دروسا في الخفاء لتخفيض سعرها حتى لا يشتكيه أحد من الناس، تشديد العقوبة على من يثبت فتحه مركزا للدروس الخصوصية، أو جمعية يتستر ورائها لهذا الأمر، بحيث تصل العقوبة بالفعل المتكرر له إلى عدم الترقية، أو الفصل النهائي.

اختيارأفضل المدرسين وأقواهم لكلا المرحلتين الابتدائية والثانوية بالذات، وتمييزهم ماديا وأدبيا. إجبارالطلاب على العودة إلى المدارس خاصة لمرحلة الشهادة الثانوية، وليس هناك ضير من تقليل عدد أيام حضورهم بحيث يكون أربعة أيام في الأسبوع، ويبقى الطالب يذاكر في الأيام الباقية، وتشديد إجراءات إعادة القيد حتى يُلزم الطالب بالحضور، تشكل لجنة من الإدارة التعليمية لسؤال طلبة الشهادة الثانوية والإعدادية عن المدرسين الذين يقترحونهم للتدريس، وذلك في أول أسبوع من الدراسة، وتوفير المدرسين الأكفاء للتدريس.

تشجيع الطلبة على التواجد في المدراس من خلال تنويع الأنشطة التثقيفية والتربوية لهم، فما المانع أن تكون لهم رحلات لزيارة معالم المحافظة والمحافظات الأخرى، وأن يُحرص المثقفون، وأساتذة الجامعات، وعلماء النفس، وقيادات الدولة على زيارة المدراس بصفة دورية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل