المحتوى الرئيسى

شامة درشول: أرجوك...أريد طفلا

01/18 15:01

لسبب قد يكون استثنائيا لفتت قصة هدير انتباهي...هدير، تلك الفتاة المصرية التي أصبحت تحمل لقب "أول أم عازبة في مصر"، والتي حسب ما قالت، رفضت أن تستجيب لضغوط من أهلها، وزوجها بعقد عرفي، وأهله، وان تتخلص من حملها حتى لا تحمل لقب أم عازبة، وحتى لا يحمل طفلها لقب لقيط، في مجتمع مصري يعترف بالزواج العرفي، لكن لا يعترف بما يثمر عنه.

ليس هذا ما لفت انتباهي في قصة هدير وانا القادمة من مجتمع مغربي يصنف أول مجتمع في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي اعترف بحق الأم العازبة، وحقوق طفلها، اعترافات لا يزال ينقصها الكثير من أجل اقناع المجتمع بحق هذه الفئة في أن ينظروا اليهم كمواطنين أولا وأخيرا، وما تبقى هي تفاصيل تخصهم، لا تخص غيرهم.

الذي لفت انتباهي في قصة هدير، والتي هي بالمناسبة صحفية وناشطة حقوقية، هو أننا نساء المنطقة وبجميع مستوياتنا الثقافية والاجتماعية، نفكر بنفس الطريقة "نريد طفلا يمنح لحياتنا معنى، نريد طفلا يعوضنا عن حرماننا من حب الاهل والرجل، نريد طفلا نحمي من خلاله أنفسنا من الوحدة والشيخوخة وتقلبات الزمن، نريد طفلا نخبئ فيه ضعفنا حين يكبر ويتقوى".

تابعت بامعان الطريقة التي كانت تتحدث بها هدير عن طفلها، عن إصرارها على عدم التنازل عنه، عن عدم قتله، عن عدم اجهاضه، عن الاحتفاظ به في احشائها، واخراجه حيا إلى الوجود. اصرار هدير لم يكن فقط إصرار امرأة تريد التشبث بطفلها، إصرار هدير تشبثا بطوق الأمان، ألا تقولون لنا ونحن طفلات صغيرة أننا يجب أن نتزوج لننجب وليكبر أبناؤنا ويعتنوا بنا حين نشيخ أو حين ينبذنا الرجل من أجل أخرى؟ علمتمونا ونحن لا زلنا نلعب بالدمى أن أهم حماية لنا كاناث هم أطفالنا، كذلك هدير، مثلنا، تلقت نفس الدرس، وحفظته عن ظهر قلب، وراحت تبحث خارج مدارات الاهل عن رجل يمنحها طفلا، ويمنحها معه الشعور بالأمان مما قد يأتي.

في مقالها على DW عربية تتناول المدونة المغربية والباحثة الإعلامية شامة درشول علاقة الثورة بالجنس في مجتمعات تسيطر عليها قيود سلطة تسمح للفرد بفعل كل شيء في السر، وتنبذه إن هو أخرج "معاصيه" للعلن. (23.11.2016)

في مقالها لـ DW عربية تحاول المدونة والخبيرة الإعلامية المغربية شامة درشول تفكيك خطاب مسيء للمرأة ومتداول مغربيا وعربيا، على هامش اعتداء اسطنبول. (04.01.2017)

عبارات شتائم وسب وقذف عديدة انهالت على هدير لأنها اختارت أن تحتفظ بجنينها وتخرجه طفلا، العبارات انهالت ويا للغرابة من النساء قبل الرجال، لكن لا أحد فكر قبل أن يتلكم ويشتم، ويتساءل وهو يتهم هدير بالانحلال الخلقي، والابتعاد عن الدين، وتلك التهم المستهلكة، لا أحد تساءل عن الخطأ الذي يرتكب في تربيتنا خطأ، وفي تلقيننا تعليمات خطأ، وفي توجيهنا إلى الحياة بطريقة خطأ. لا أحد توقف وجلس يسأل نفسه لماذا هؤلاء الأمهات هن بدون رجل، حتى وان كان هذا الرجل موجودا.

المسألة ليست مسألة أمهات عازبات فقط، وحقوقهن في هذا المجتمع الذي لا تملك فيه لا الزوجة، ولا العازبة، ولا المطلقة، ولا الارملة، ولا العاقر، ولا الولود، أي حق، الا من اقتلعت قلبها من جذورها وراحت تفترس كل شيء من أجل لا شيء...

المسألة ليست مسألة أن هدير أنجبت بزواج عرفي أو من دون زواج، المسألة أن تربيتنا نحن النساء في هذا المجتمع العقيم تربية لا تنتج سوى العقيمين فكريا ومعنويا ونفسيا.

يخبرونا ونحن صغيرات أنه علينا أن نجيد الطبخ، والكي، والنفخ، لان اقرب طريق للرجل معدته، يخبرونا أنه علينا أن نتعلم إرضاء الرجل وارضاء اهله، لانه ان احبك أهله أحبوك، يخبرونا أنه علينا أن نكون ذكيات وفطنات وأن نوقع بأول رجل في طريقنا حتى ننجب بسرعة، ويكبر ابناؤنا بسرعة، ليعتنوا بنا بسرعة...

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل