المحتوى الرئيسى

جريمتا قتل بحياة الخديوي.. هل أنهى إسماعيل حياة شقيقيه من أجل العرش؟

01/18 13:55

يعود محمد سعيد باشا -حاكم مصر- إلى أرض الوطن أواخر عام 1862 بعد رحلة علاج انتصر فيها اليأس على الرغبة في الشفاء، وتمر الأيام فيرحل عن الحياة من دون وريث.

48 ساعة من السهر، العم محمد سعيد باشا على فراش الموت، بينما إسماعيل ينتظر خبرًا كبشارة "أصبحت حاكم مصر يا إسماعيل"، ينتظرها من بسي بك –مدير التلغرافات البريدية- لكن الرجل يغلبه النعاس وتضيع منه مكافأة قدرها 500 فرنك، يحصل عليها أحد موظفيه، بل وحصل على لقب بيك، وعندما حاول مديره أن يعاقبه فاعترض قائلًا "صه. فإني أصبحت بيكا مثلك"، وتوج إسماعيل حاكمًا لمصر في مثل هذا اليوم 18 يناير 1863.

ويقول المؤرخون إن إسماعيل لم يكن يفكر في حكم مصر، إذ كان لديه أخ أكبر وهو الأمير أحمد رفعت، لكن بعد غرق "رفعت" 1858، وزادت الرغبة بعد إصابة محمد سعيد باشا بمرض عضال واليأس من شفائه، والبعض يتهمون إسماعيل بالتورط والتأمر على قتل أخيه من أجل الوصول إلى كرسي العرش، ويطرحون تساؤلات بينهم: لماذا اعتذر إسماعيل عن دعوة الحضور لحفل أقامه سعيد باشا مع عبدالحليم والأمير أحمد رفعت؟! وكيف نجا الأمير حليم من الموت رغم أنه كان في نفس العربة التي غرقت في النيل بـ"رفعت" بعد هذا الحفل؟!

ويرد آخرون بأن رفعت كان سمينًا فلم يستطع القفز من عربة القطار كما فعل الأمير عبد الحليم، وتعددت الروايات في هذه القضية فهناك من قال إن الحادثة غير مدبرة وإن كوبري كفر الزيات الذي يمر عليه القطار نُسى مفتوحًا فسقط القطار في النيل، وهناك رأي آخر يرجحه الكاتب إلياس أيوب في كتاب "تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل"، وهو أنه لم يكن هناك كوبري من الأساس في هذه الفترة وعربات القطار كانت تنقل من خلال معدية، وخلال عملية النقل تدحرجت إلى النهر بالخطأ فغرقت فيه، واتهام الخديوي إسماعيل بالتأمر ماهو إلا محاولة لتشويه تاريخ وإنجازات كثيرة حققه محب مصر إسماعيل.

"إني أشعر شعورا عميقًا بالواجب الذي وضعه الله على عاتقي باستدعائه المرحوم عمي إلى جواره وانتخابه إياي لتولي زمام الحكم، وإني آمل أن أقوم قيامًا حسنًا بأداء ذلك الواجب".

كان إسماعيل يحلم أن تكون مصر كباريس قطعة من أوروبا، فشق "قناة السويس" وشيد قصور عديدة، أقام دار الأوبرا، أنشأ دار الكتب ودار العلوم، حول الدواوين إلى نظارات، زادت عدد المدارس واهتم بأن تكون هناك ميزانية جيدة لنظارة المعارف، أتم مشروع القناطر الخيرية وزادت الرقعة الزراعية في عهده، لكنه اعتمد في معظم مشروعاته على الاستدانة من الخارج مع حياة الترف وتوزيع العطايا على حاشيته، تراكمت الديون على مصر، وارتفعت الأسعار وفُرضت الضرائب على الشعب.

كثيرون حذروا الخديوي من خطورة هذا الأمر بينهم جمال الدين الأفغاني، لكنه لم يرى إلا حلمه "مصر جزء من أوروبا"، بل أنه نفى الأفغاني، ثار كثيرون عليه فكانت نهايتهم واحدة، وأخيرًا وجد الخديوي نفسه في مأزق فقرر أن يضحي بواحد من رجاله أمام الشعب لتهدئة الأمور فكان ناظر المالية (صديق المفتش).

كان بمثابة أخ للخديوي إسماعيل، بل إنهم أطلقوا عليه لقب الخديوي الصغير لثقة الخديوي إسماعيل فيه ومكانته في الدولة، رجل حياته مثيرة للجدل، قيل إنه فلاح ابن فلاح، وقيل أيضًا إن والده دونالي مصطفى أغا باشا من قادة الجيش، وهناك رأي آخر يقول إن والدة صديق المفتش هي كبيرة وصيفات القصر وصديقة شخصية لخوشيار هانم والدة الخديوي، وأرضعتهما سيدة واحدة، وتربيا سويًا.

ولد صديق في نفس عام ميلاد الخديوي إسماعيل 1830، وهناك روارية أخرى تقول أن الخديوي إسماعيل وُلد قبله بـ 3 سنوات، وإن والد صديق أسماه إسماعيل صديق على اسم الخديوي إسماعيل كنوع من أنواع المجاملة.

أُتهم إسماعيل المفتش بالخيانة بينما وصفه آخرون بالمخلص لمصر والرافض لسياسة الاستدانة "من أدهى الساسة الماليين فى عصرنا"، أوشت به حاشية الخديوي، فتم نفيه ومن ثم قتله، نقل التاريخ بين سطوره روايات مختلفة لقتله ما بين تورط الخديوي في قتله وأمر رجاله بقتله وإلقائه في النهر، أو الاكتفاء بنفيه خارج مصر فقرر هو أن ينتحر ويرمي نفسه في نهر النيل، وراية أخرى تذكر أنه مات من شدة السكر بعد نفيه.

ويرى دكتور لويس عوض أن المفتش راح ضحية الصراع الأوروبي على مصر، دفع حياته ثمن موقفه الوطني ضد التدخل الأوروبي حول مصر.

"كيف الدم أصبح شيئًا رخيصُا في يدي... هل سطوة السلطان تجعلنا ضعافا حين نشعر أن شيئًا بين أيدينا يضيع".. الخديوي يلوم نفسه بعد مقتل صديق ويواجه ابنته بقتل عمها صديق في مسرحية الخديوي لفاروق جويدة.

مع زيادة نفوذ الدول الأوروبية في الشأن الداخلي لمصر بحجة الاستدانة وخوفهم على أموالهم، ضغطت على السلطان العثماني وطالبت بضرورة عزل الخديوي إسماعيل من حكم مصر، وعُزل بالفعل عام 1879، وتم تنصيب ابنه محمد توفيق باشا على مصر .

Comments

عاجل