المحتوى الرئيسى

مصر مقبرة "المستريحين".. المتاجرة في الوهم تضيع أموال الغلابة.. 11 واقعة نصب خلال عامين.. الربح السريع "كلمة السر".. والقانون لا يحمل مغفلين

01/18 12:10

تلمع فكرة الربح السريع في عقول الكثير من المواطنين، فتدفعهم إلى سراب مزيف باستثمار أموالهم مع ‏أي مُدعي يغريهم باسم توظيف الأموال، ولا يمر كثيرًا من الوقت حتى يُكتشف أنها عملية نصب بحتة، ‏والتي وقعت أولها في مصر على يد رجل الأعمال الشهير "أحمد الريان" خلال عام 1989.‏

وحين تم القبض على "أحمد المستريح"، النصاب الذي عُرف باسم "ريان الصعيد" خلال يونيو عام ‏‏2015، فوجىء الجميع بواحدة من أكبر عمليات النصب في مصر، وبات الرجل حديث الجميع وكأنه ‏ظاهرة لم تحدث من قبل، إلا أنه فتح الباب أمام معقل للمستريحين الجُدد.‏

بداية.. كان تعريف المستريح قديمًا بإنه كل من اتسع رزقه، دون وجود أسباب معلومة أو واضحة، لكنه ‏بمرور الوقت ومع رغبة الكثير من المواطنين في تحقيق ربحًا سريعًا، سلموا أموالهم إلى نصابين حملوا ‏مؤخرًا لقب المسترحين، الذين يصدحون لهم بوعود براقة بتحقيق أرباح هائلة وأموال طائلة في وقت ‏قصير.‏

وتعددت طرق نصب "المستريحين" فمنهم من يتخذ برامج المسابقات وسيلة للنصب مستغلًا ضعف رقابة ‏الدولة عليها، والأغلب منهم لجأ إلى فكرة الإدعاء بتوظيف الأموال واستثمارها في مشروعات بدون فوائد ‏وبربح أكبر.‏

‏17 شخصًا، هم العدد النهائي الذين وقعوا في شباك مستريح جديد بمحافظة "قنا"، الذي قُدمت فيه بلاغات ‏عدة خلال اليومين الماضيين، من مواطنين نصب عليهم في مبالغ مالية طائلة، وصلت إلى 7 ملايين ‏و585 ألف جنيهًا من كل فرد، وذلك بإيهامه بتوظيف المبلغ فى أعمال الاستثمار بعدة مجالات مختلفة.‏

الربح السريع أيضًا هو من وقف وراء هذه العملية، التي جنى منها المستريح بشكل عام نحو 30 مليون ‏جنيه، بعد إدعاؤه بإنه سيحصل لهم نسبة فائدة سنوية تبلغ 72%، من خلال استثمارها في سندات وأصول ‏أحد شركات المطاحن الخاصة، واستثمار تلك المبالغ في العقارات، إلا أنه هرب بعد الاستيلاء الأموال.‏

الواقعة ليست بجديدة، فمنذ عام 2015 وأضحت مصر مقبرة للمستريحين في كل المحافظات، ففي ‏الإسماعيلية حمل رجل الأعمال "مهند المهدي" صاحب شركة "الرحاب" للاستيراد والتصدير، هذا اللقب ‏عن جدارة، بعدما تم القبض عليه عقب ورود 30 بلاغًا ضده بالنصب على المواطنين بدعوى الاستثمار.‏

ولم تكن فئة المستريحين من رجال الأعمال فقط، ولكن أمتهنها الطلاب أيضًا، فتم القبض آواخر عام ‏‏2015، على طالب بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، نصب على 7 مواطنين وجمع منهم مبالغ مالية، ‏بلغت 30 ألف جنيه بعد إيهامهم بقدرته على استثمار أموالهم في مجال السياحة إلا أنه هرب بعد ذلك.‏

وظهرت فئة "جماعة المستريحين" في محافظة مطروح والتي تشكلت من 3 موظفين قاموا بالنصب الجماعي على ‏‏9 أفراد والاستيلاء على أموالهم، وقد استولوا منهم على إجمالي مبلغ مليون 170 ألف جنية عن ‏طريق النصب‎.‎

ومن مطروح إلى سوهاج، التي تم القبض فيها على طالب في بداية العقد الثاني من العمر لقيامه ‏بالنصب على بعض المواطنين والاستيلاء على أموالهم بحجة توظيفها في تجارة العقارات والأراضي ‏والمستلزمات الطبية‎.‎

أما تلك الواقعة، فقد أدخلت العنصر النسائي في عمليات نصب المستريحين، إذ وقعت في محافظة الشرقية ‏وتحديدًا مركز "ديرب نجم"، على يد سيدة حملت لقب "مستريحة" بعدما نصبت على مواطنين في مبالغ ‏مالية تقدر بحوالي 15 مليون جنيه بزعم تسفيرهم لدول أوربية وعربية‎.‎

وتلاها بأيام قليلة، واقعة أخرى في محافظة المنوفية، تورط فيها رجل وزوجته قاما بالنصب على عدد من ‏الأهالي وأخذ أموالهم مقابل أرباح وهمية بدعوى توظيف الأموال وتحقيق أرباح.‏

وخلال ديسمبر الماضي، وقع مستريح جديد بمحافظة أسيوط في قبطة المباحث بتهمة النصب على ‏المواطنين واستيلائه على 6 ملايين جنيه، بزعم تشغيلها في تجارة الصابون بقرية الزاوية دائرة مركز ‏أسيوط‎.‎

وبعدها بأيام قليلة، تمكنت أجهزة الأمن بمديرية القاهرة من القبض على صاحب محل سوق المنصورة، ‏لحصوله على مبلغ 20 مليون جنيه من المواطنين، لتوظيفها مقابل أرباح شهرية، إلا أنه استولى على ‏المبالغ المالية، وقام بغلق المحل‎.‎

واستولى مستريح آخر في الأميرية على 120 مليون جنيه من المواطنين، بعد إيهامهم باستثمار أموالهم ‏في الأعمال التجارية التي يعمل بها بفائدة أعلى من فائدة البنك، وعلى الفور استجاب المواطنون وسحبوا ‏أموالهم من البنوك أعطوها له بحجة توظيفها‎.‎

وبالرغم من تزايد الحالات، التي تتم أغلبها بنفس الطريقة والتكتيك إلا أن كثيرون لازالوا يقعون في نفس ‏الفخ، بسبب ضعف الوعي، والرغبة في الربح السريع، وضعف رقابة الدولة أيضًا، وهي ثلاث أسباب ‏حددها خبراء الاقتصاد وعلم النفس في تصريحات خاصة لـ"الدستور".‏

يؤكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، أن شركات توظيف الأموال الوهمية ‏قضية بدأت في السبعينات ومازالت مستمرة بدون رادع حتى الآن، وأرجع أسبابها إلى زيادة الجشع عند ‏البعض أو احتياجهم لزيادة معدلات التضخم في أموالهم والحصول على أرباح أكثر بشكل سريع هو ما ‏يدفعهم لذلك‎.‎

ويوضح، أن الفوائد الضعيفة والبطيئة التي تقدمها البنوك في مصر كامتياز للمودعين لا تشجع على ‏الاستثمار أو إيداع أموال المواطنين بها، مشيرًا إلى أن تلك البنوك لا تستطيع الوصول إلى الفقراء الذين ‏تؤثر عليهم شعارات النصابين.

ويضيف أن استخدام بعض النصابين شعارات وإدعاءات تمارس تأثير نفسي قوي على ‏المواطنين، فمنهم من يستخدم الشعارات الدينية باسم "الاستثمار الحلال، أو المكسب الإسلامي" والشعب ‏المصري يتأثر بتلك الشعارات سريعًا‎.‎

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل