المحتوى الرئيسى

دراسة الوقود الحيوي أسوأ على المناخ من البنزين

01/17 21:42

لقد تم التشكيك بشكلٍ واضحٍ في معالجة وتحليل البيانات التي تم إجراؤها على مر سنواتٍ لإثبات الفوائد المناخية للوقود الحيوي الأمريكي، وذلك في مجلةٍ علميةٍ صدرت يوم الخميس الموافق 25 آب/أغسطس، بواسطة فريقٍ من العلماء استخدموا نهجًا جديدًا، مستنتجين فيه أنَّ المناخ سيكون أفضل حالًا بدون الوقود الحيوي.

حيث قدّر علماءٌ من معهد الطاقة في جامعة ميشيغان، مستنديين -إلى حدٍّ كبير- إلى مقارنة تلوث العوادم ونمو المحاصيل المرتبطة بالوقود الحيوي، أن تشغيل محرك مركبة أميركية بالإيثانول المستخلص من الذرة، سيسبب تلوث كربوني أكثر من استخدام البنزين خلال السنوات الـ 8 التي شملتها الدراسة.

في الواقع إنَّ معظم البنزين الذي يباع في الولايات المتحدة يحتوي على نسبةٍ من الإيثانول، لقد كانت النتائج التي نُشرت في مجلة التغير المناخي Climatic Change مثيرةً للجدل، فقد رفض العلماء القائمون على الدراسة الجديدة، سنواتٍ من العمل لعلماء آخرين اعتمدوا نهجًا أكثر تقليديةً للحكم على التأثيرات المناخية للطاقة الحيوية، نهجاً سُمي بتحليل دورة الحياة.

إنَّ الآثار المترتبة على استخدام الوقود الحيوي المسببة للضرر أكثر من النفع للمناخ ستكون شاملة، خاصةً بعد تعرضنا لأكثر الشهور حرارةً على الإطلاق عالميًا، وارتفاع درجات الحرارة بما يقارب درجتين فهرنهايت وزيادة ارتفاع المد إلى أكثر من نصف قدم مما كان عليه في القرن التاسع عشر.

وقد موَّل المعهد الأمريكي للبترول American Petroleum Institute هذا البحث، المعهد الذي يمثل شركات صناعة الوقود الأحفوري، والذي قد رفع دعوى ضد الحكومة الفدرالية بسبب قوانينها المتعلقة بالوقود الحيوي.

قال البروفيسور جون ديتشيغو John DeCicco، الذي قاد العمل: "لقد أخبرت مجتمع تحليل دورة الحياة بشكلٍ صريح أن طريقتهم غير مناسبة"، وأضاف: "قمت بتقدير المدى الذي زدنا فيه معدل إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي". 

يفترض تحليل دورة الحياة، أن كل التلوث الكربوني من الوقود الحيوي تمتصه المحاصيل الزراعية خلال نموها في نهاية المطاف. وجد ديتشيغو في تحليله أن زراعة محاصيل الطاقة أدت إلى نمو نبات إضافي امتص 37% فقط من تلوث الوقود الحيوي، وذلك في الأعوام من 2005-2013، مما يترك معظمه في الغلاف الجوي حيث يقوم بحبس الحرارة.

ويقول ديتشيغو: "كيف يمكن مقارنة تأثير انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الإيثانول المستخرج من الذرة مع البنزين؟ هذا سؤالٌ ليس له إجابة علمية"، وأضاف: "يمكنني القول بشكلٍ قاطع، بغض النظر عن حجم تأثير الانبعاثات، إنَّه بلا شك أسوأ من البنزين البترولي".

وواجهت هذه النتائج الانتقادات من قبل العلماء كونها تعرض عملهم للتشكيك المباشر. حيث أن مايكل وانغ Michael Wang، عالم في مختبر أرجون الوطني Argonne National Laboratory، الذي قاد تحليلات دورة الحياة التي خلصت إلى أنَّ لأنواع الوقود الحيوي المختلفة فوائد مناخية، أطلق على هذا البحث مسمى "مشكوك فيه إلى حدٍّ كبير" وذلك لعدة أسباب تقنية، تشمل تركيزه على نمو المحاصيل الأمريكية بدلًا من الشبكة العالمية للمزارع.

ارتفع استخدام الإيثانول والديزل الحيوي والمنتجات المماثلة أكثر من ثلاثة أضعافٍ على الصعيد الوطني للولايات المتحدة خلال سنوات الدراسة، وذلك بسبب السياسات الفدرالية وسياسات كاليفورنيا التي تعزز استخدام الوقود الحيوي لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، مما وفّر 6% من الوقود الأمريكي عام 2013.  وأظهرت البيانات الفدرالية أن البنزين المباع في الولايات المتحدة في العام الماضي، يحتوي على حوالي 10% من الإيثانول المستخرج من الذرة.

كانت ورقة يوم الخميس بمثابة وقود جديد، أشعل نقاشًا محتدمًا بين مجموعاتٍ من العلماء المختلفين حول تأثيرات الطاقة الحيوية على المناخ، كان بعضهم متأكدًا من دورها في مكافحة التغير المناخي، وآخرون مقتنعون أنها تمثل تهديدًا.

قال دانيال شراغ Daniel Schrag أستاذ الجيولوجيا في جامعة هارفارد، والذي قدّم المشورة لوكالة حماية البيئة EPA بشأن تأثيرات الطاقة الحيوية على المناخ: "على المدى الطويل، ليس هناك شك في أن حلول الوقود الحيوي مكان البترول أمر ينطوي على فائدة"، ويعارضه في رأيه هذا ديتشيغو ومؤيديه. وأضاف شراغ قائلًا: "إنها مجرد مسألة وقت، إلى متى يجب علينا الانتظار؟".

ورفض شراغ نتائج يوم الخميس، مشيرًا إلى عدم وجود سبب يستدعي وضع نهج جديد لقياس تأثير الوقود الحيوي، منوّهًا إلى فشل النهج الجديد المقترح نتيجة عدم أخذه في الحسبان أننا نحتاج لسنواتٍ لنلحظ استفادة المناخ من الطاقة الحيوية.

وخلصت تحليلات العلماء - الذين درسوا تأثيرات دورة الحياة لزراعة الذرة وغيرها من المحاصيل لإنتاج الإيثانول بشكلٍ عام- إلى أن التلوث بثاني أكسيد الكريون أقل بنسبةٍ تتراوح بين 10% و 50% نتيجة استخدام الوقود الحيوي مقارنةً بالبنزين.

واستندت هذه التقديرات إلى فكرة أن الفوائد المترتبة على الطاقة الحيوية تتحقق مع مرور الوقت، فعلى الرغم من أنها تسبب تلوث أولي بثاني أكسيد الكربون، إلَّا أنه عند نمو المحاصيل والأشجار والعشب يتم امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي بذلك يعود إلى الجذور والأزهار والأوراق.

إن مثل هذه الفوائد قد تكون تصوريةً أكثر من كونها علمية، مما يحوّل المناقشات العلمية في وكالة حماية البيئة وغيرها بشأن كيفية حسابها إلى مآزق سياسة تبدو مستعصية. وتساءل شراغ: "ما النطاق الزمني الذي ينبغي أن ننظر إليه؟"، وأضاف قائلاً: "إن بعض الأسئلة الأساسية حول النطاق الزمني ليست بالأسئلة العلمية، إنها أسئلة مجتمعية".

واستغنى علماء جامعة ميشيغان عن النهج القائم على النطاق الزمني تماماً، مما يلغي الحاجة إلى قرارات سياسية حول أي النطاقات الزمنية ينبغي استخدامها.  عوضاً عن ذلك، تقدم أبحاثهم لمحةً عامةً عن التأثيرات المناخية الشاملة خلال 8 سنوات لقطاع الوقود الحيوي، بتكلفة تقدر بمليارات الدولارات الأمريكية.

ورحب تيموثي سيرشينغر Timothy Searchinger باحث في جامعة برينستون Princeton بنتائج النهج الجديد، فهو من أبرز الأصوات المنتقدة للطاقة الحيوية. فقد تحدث سيرشينغر علناً لسنواتٍ حول أوجه قصور الأساليب التقليدية المستخدمة لقياس التأثيرات المناخية للطاقة الحيوية.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل