المحتوى الرئيسى

روسيا والصين وإيران.. «مقتل» ترامب؟

01/17 20:43

نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالًا لـ«جورج سمعان» الكاتب السياسى اللبنانى حول الرئيس الأمريكى القادم خلال أيام قليلة إلى البيت الأبيض «دونالد ترامب» ومواقف عدد من الدول خلال الفترة المقبلة إزاء ذلك الحدث.

يستهل الكاتب مقاله بأن الوافد الجديد إلى البيت الأبيض لن يكون مثل سلفه. الرئيس باراك أوباما ظل وفيا لمعظم الشعارات التى رفعها أثناء حملته الانتخابية عشية ولايتيه. كان واضحا منذ البداية على مستوى السياستين الداخلية والخارجية. ولا حاجة إلى تعداد إنجازاته. أو إلى شرح «الإرث» الذى خلفه وتحدث عنه فى خطابه الوداعى فى شيكاغو قبل أيام. مثلما لا حاجة إلى التذكير بإخفاقاته.

من المبكر الجزم بالسياسة التى سينهجها الرئيس دونالد ترامب. فبناء الإدارة الجديدة سيستغرق بضعة أشهر حتى استكمال كل التعيينات، خصوصا تلك التى لا تتطلب موافقة الكونجرس لتثبيتها. ومن الصعب قراءة هذه السياسة من عناوينها التى باتت معروفة. يكفى أن عناصرها المتوافرة لا يمكن اعتمادها استراتيجية محددة كما كانت الحال مع الرؤساء السابقين. صحيح أن الرئيس الفائز أطلق كثيرا من التصريحات والوعود، أثناء الحملة الانتخابية وحتى دخوله عتبة البيت الأبيض. لكن الصحيح أيضا أن كثيرين من أسلافه لم يحققوا كل الوعود التى التزموها، وبينهم سلفه أوباما. وبعيدا من موجة القلق والانقسام التى خلفتها مواقفه، والصدمة التى منى بها العالم بفوزه، لن يكون سهلا التنبؤ بالطريقة التى سيقود بها ترامب الولايات المتحدة، وما ستؤدى إليه على مستوى الداخل والخارج.

أعلن ترامب الكثير من الأهداف ووعد بالعمل الجاد، لكنه لم يشرح كيف سيحقق هذه الأهداف. شدد مرارا على إعادة بناء المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها وبناء اقتصاد قوى وتوفير ملايين الوظائف والبعد من سياسة المحاور أو التدخل لإسقاط أنظمة. لكنه لم يحدد كيف سيوفر هذه الوظائف. وآن له أن يستعيد مكانة أمريكا فى قيادة العالم فيما بعض رجالات إدارته ليسوا على سكة واحدة معه أو فى ما بينهم.

ينتقل «سمعان» إلى روسيا والرئيس بوتين والذى يقلقه أن يضع مرشحون للإدارة الجديدة روسيا على قائمة الدول التى تهدد مصالح الولايات المتحدة وأمنها. يقلقه أن يقرأ أن 82 فى المائة من الأمريكيين يعتبرون بلاده تشكل تهديدا لبلادهم. لذلك، لا يكفى الاطمئنان إلى نيات نظيره الأمريكى الجديد. لهذا يواصل جاهدا بناء قواعد عسكرية وعلاقات استراتيجية من سوريا إلى مصر وليبيا مرورا بالعراق وإيران وتركيا. وقد خلط حتى الآن الكثير من الأوراق بما يكفى لفرض واقع لا يمكن الإدارة الأمريكية الجديدة أن تقفز فوقه. سيرغمها على التفاوض والمساومة.

أما الصين التى يهددها الرئيس الأمريكى الجديد فقد بسطت سيطرتها على الملاحة الدولية فى بحرها غير عابئة باعتراض شركاء آخرين من اليابان وكوريا الجنوبية إلى فيتنام والفلبين التى يتوق رئيسها إلى علاقات عسكرية مع روسيا بديلا من حماية أمريكية تاريخية. وقد ردت بكين سريعا ملوّحة بمواجهة مدمرة إذا اعترضتها الولايات المتحدة فى البحر الجنوبى. لذلك، لا مكان لخيار عسكرى فى الهادئ أو جنوب شرقى آسيا. حسمت بكين الأمر. مثلما بات انتشارها فى أفريقيا راسخا رسوخ تجارتها ومنتجاتها فى معظم القارات. ليست فى وارد مواجهة عسكرية دوافعها اقتصادية بحتة ولن يكون سهلا على واشنطن عرقلة خطوط تجارتها. ومثلها إيران التى يقلقها الغزل القائم بين ترامب وبوتين لا يمكن أن تتنازل بسهولة عما بنت فى العقدين الأخيرين لمجرد تهديدات أمريكية. بل هى ماضية فى بناء ترسانتها الصاروخية وتطوير أسلحتها التقليدية وغير التقليدية. وهى تشكل مثالا للدول التى لم تعد ترضخ لتهويل الكبار كما كان يحدث أيام الحرب الباردة.

لا تشكل روسيا والصين وإيران وحدها تحديا للرئيس الأمريكى الجديد. فدعوة بعض أقطاب إدارته ومستشاريه إلى إعادة بناء العلاقات مع الحلفاء القدامى فى المنطقة العربية ستكون حلما بعيد المنال إذا نفذ وعده بنقل مقر السفارة الأمريكية إلى القدس. وأول الغيث إنذار الرئيس محمود عباس بسحب الاعتراف بإسرائيل. وتشديد مؤتمر باريس على حل الدولتين صيغة وحيدة لتسوية الصراع فى المنطقة. إن نقل السفارة قد يستثير العالم العربى والإسلامى برمته. ويدفع بمزيد من الشباب إلى أحضان «داعش» وأخواته.

Comments

عاجل