المحتوى الرئيسى

حفني محمود باشا.. الإقطاعي الذي سار في جنازته جمال عبد الناصر

01/17 17:38

في الوقت الذي كان أخيه محمد محمود باشا، رئيسًا لوزراء مصر، كان حفني باشا يجالس الصعاليك والأفندية على مقهى في الحسين، يدبر مقلبًا مع الشاعر كامل الشناوي، حياته أشبه بـ نوادر حجا، وإذا جاز التعبير نستطيع وصفه بـ"رامز جلال" ذلك العصر الملكي، يخلص للمقالب ويعطي لها من وقته الكثير، كان ارستقراطيًا مختلفًا، لهذا كان الباشا الوحيد الذي حضر جنازته الرئيس جمال عبد الناصر.

في كتابه "صعاليك الزمن الجميل"، يتحدث الكاتب الصحفي يوسف الشريف، عن نجوم الصعاليك النبلاء، وظرفاء الزمن الماضي، وكان في مقدمة هؤلاء حفني محمود باشا، الذي سخر ثروته في خدمة الفقراء، حيث أورد الكتاب أن ورثته عندما جردوا تركته، "لم يجدوا رصيدًا له في البنوك، وأن ما تبقى من أملاكه كان مكبلًا بالديون. لهذا كان حفني محمود أول الباشوات الذين بايعوا ثورة يوليو من اليوم الأول وكان الباشا الوحيد الذي سار جمال عبد الناصر في جنازته".

ولع حفني باشا بالمقالب كان نتائجه سياسية، لأنه كان يختص رجال السلطة، ثم ينتظر ثمار خدعه في الجرائد الرسمية، مثل تلك الخدعة التي فعلها في وزير الحربية أحمد خشبة باشا، حين أوصاه حفني باشا بتعيين شاب بسيط في وظيفة صغيرة في الوزارة، فجاء رد الفعل رفضًا تامًا للواسطة والمحسوبية، وكان رد حفني مقلبًا ساخنًا.

يقول الكاتب الصحفي مصطفى أمين، في كتابه "مسائل شخصية"، إن حفني باشا قرأ إعلانًا في الصحف عن أن وزارة الحربية تطلب كبيرًا للمترجمين، فأحضر شابًا يجهل القراءة والكتابة، وأعطاه بذلته وحذائه، ثم صحبه إلى مكتب وزير الحربية، وأخبره أن هذا الشاب لديه القدرة على ترجمة سبع لغات، فأعطاه وزير الحربية مذكرة بـاللغة العربية وطلب منه ردها بأكثر من لغة، بعد 24 ساعة، وبمساعدة أصدقاء حفني باشا، من خريجي جامعة أكسفورد، ترجمت اختبارات الوزير إلى الإنجليزية، والإيطالية، والاسبانية، واليابانية، وكانت النتيجة تعيين هذا الشاب الجاهل في الوظيفة.

بعد أسبوع على تلك الخدعة، أخبر حفني باشا، رئيس الوزراء عدلي يكن باشا، عن فضيحة تعيين وزير الحربية لشاب لا يقرأ ولا يكتب في منصب كبير المترجمين، وحينما انكشفت تلك اللعبة خاصم خشبة باشا صديقه عدة سنوات، لا يصافحه ولا يكلمه.

كان حفني باشا يهتم لشأن أحد معاونيه، ترك وظيفته سكرتيرًا له، وذهب للعمل عند تاجر أقطان، هنا حضرت النكتة السياسي البوهيمي – على حد قول مصطفى أمين- وذهب إلى التاجر يهنئه على تعيينه لهذا الشاب، يمتدح نزاهته وأخلاقه، وميزته في التفرقة بين عقيدته السياسية وعمله. فسأله التاجر عن ماهية عقيدته، فقال حفني: إنه شيوعي.. لكن قسمًا بالله لا يدخل مذهبه في العمل، في اليوم التالي وجد السكرتير نفسه مفصولًا من العمل، بعد مقلب الباشا الظريف.

كان حفني باشا رجلًا وفديًا، استقال منه بعد وفاة سعد زغلول، ومن القلائل الذي كشفوا اصطناع أحمد حسنين باشا، رئيس ديوان الملك فاروق، زهد السلطة، وكتب عنه مقالًا في جريدة السياسة، مشبهًا حسنين، بالسياسي الداهية "ريشليوا" الذي حكم فرنسا من وراء الستار، وعكس ما يبديه حسنين من "عبط"، كان يفرك يديه سعادةً عندما يصفه أحد الساسة بالعبيط، لكن التاريخ أثبت أن حسنين باشا كان يحرك الجميع في الخفاء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل