المحتوى الرئيسى

عنصرية بعض الجيوش الإفريقية تجاه العرب - ساسة بوست

01/17 16:14

منذ 5 دقائق، 17 يناير,2017

«إن الجيش غير ديمقراطي بحكم التعريف، وعليه فإن الحديث عن الديمقراطية داخل الجيش معيب. إن العسكريين يتحركون بالأوامر، سواءً داخل الجيش الأمريكي، أو الجيش البريطاني، أو الحركة الشعبية لتحرير السودان»، هكذا صرّح زعيم الجبهة الشعبية لتحرير السودان، جون جارانج، وبهذا القول فهو يُؤكد أن للجيوش عقيدة قتالية، تلزمها عند أي تحرك دفاعي أو هجومي، في السلم والحرب.

وتُعرّف منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، عبر موقعها على الإنترنت، العقيدة العسكرية باعتبارها «مُجمل المبادئ الأساسية التي تتخذها القوات العسكرية لإنجاز مهامها، وهي قواعد مُلزمة، وإن ظلت المواقف القتالية المختلفة الحكم الأساسي لاتباع أي من قواعد العقيدة العسكرية»، وينطبق هذا الأمر على جيوش إفريقية تعتبر أدوات صراع في يد القوى الكبرى، التي تستغل الثروات، وتحارب الثقافات، وتفرض الأديان بالترغيب والترهيب.

وتقول عدد من التقارير الواردة في مجلة «قراءات إفريقية»، إن جيوش منطقة الساحل الإفريقي، بخاصة مالي وتشاد وبوركينافاسو، «تحمل عقيدة عنصرية تجاه العرب والمسلمين بشكل عام، وتحارب إلى جانب القوى الغربية من أجل استنزاف جهود الدول العربية، وتقف عائقًا أمام أية مبادرات باتجاه الشعوب الإفريقية لمد جسور التواصل بين الشمال، والجنوب».

ومن الواضح أن التحركات الإسرائيلية تجاه الدول الإفريقية، تندرج ضمن مسار رفع الكراهية تجاه العرب لدى الأفارقة، وتشكيل حزام إفريقي عنصري غير قابل للتفاوض مع العرب، وهذا ما يدفع جيوش غرب إفريقيا لوأد أي رغبة في استقلال إقليم الأزواد الذي تنصهر فيه قبائل طوارق وعربية مسلمة، وتنادي منذ ستينيات القرن الماضي بالاستقلال عن حكومة باماكو في الجنوب.

الجيش المالي والتطهير العرقي في الشمال

وفي الحرب الدائرة شمال مالي، اتهمت منظمات وهيئات دولية، الجيش المالي، والحلف الذي تقوده فرنسا في المنطقة، بارتكاب مجازر وعمليات قتل وإبادة في حق المدنيين العرب والطوارق، المحسوبين على تنظيم الأزواد المنادي باستقلال الإقليم عن حكومة باماكو.

ويظهر مقطع فيديو، عمليات تعذيب، وتنكيل لقوات تابعة للجيش المالي، ضد أحد المكبلين من المعتقلين الأزواد، كما يقول شهود عيان، إن أجواء التوتر والنزاع العسكري في الإقليم، دفعت بالجيش إلى ارتكاب عمليات نهب وسرقة للمتلكات العرب والطوارق.

من جانبها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها، إن الجيش المالي، وبمساعدة قوات دول غرب إفريقيا، ألقى بعشرات الأحياء من شباب ونساء قبائل في الشمال، في آبار مياه عميقة، مُحصيةً اختفاء عدد من المدنيين الماليين، والنشطاء السياسيين، والحقوقيين، بعد الحملات العسكرية التي تقودها فرنسا منذ عام 2013.

ويعود الصراع في مالي بين الأفارقة، والعرب الأمازيغ، إلى ستينيات القرن الماضي، أي بعد استقلال مالي مباشرة عام 1962، حيث تَشكّل الصراع بعد مطالبة القبائل القاطنة في الشمال بالانفصال عن الجنوب الذي يدين بالإسلام، وأقدمت قبائل من الأزواد، بالتحالف مع نظيرتها في النيجر، على محاولةٍ لإطاحة الرئيس المالي أوائل التسعينيات، إلا أن الجيش المالي استعاد زمام الأمور، وتعقدت الأوضاع أكثر مع إطاحة نظام العقيد القذافي، الذي عرفت بلاده تدفقًا للأسلحة باتجاه شمال مالي.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، قد قال في تصريح سابق له بداية عام 2013، إن حكومة بلاده ستعمل على الاستمرار في محاربة ما أسماه بـ«الإرهاب»، و«إرساء سياسة تنموية، وحوار سياسي يشمل قبائل الطوارق»، وهو التصريح، الذي اعتُبر مُقصيًا لقبائل البرابيش العربية، ما يضع علامات استفهام تجاه هذا الإقصاء المتعمد من قبل الفرنسيين لمكونات أساسية في شمال مالي.

الجيش التشادي أداة في يد الفرنسيين

يعتبر الجيش التشادي من أقوى الجيوش في منطقة الساحل الإفريقي، وتعتبر تشاد أكثر الدول إنفاقًا على الأسلحة، والمضي في سباق التسليح خلال السنوات الأخيرة، ويصنفه معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، أحد أقوى جيوش المنطقة، بتعداد تقدره التقارير الغربية بـ25 ألف جندي في الخدمة، إلى جانب تسعة آلاف و500 جندي احتياطي، أي ما يعادل 43 ألف جنديًا يمثلون 2.5% من سكان البلاد.

ويُرجع المحللون هذه القوة، إلى مشاركة بعثات عسكرية تشادية في وفود إرساء السلام، بعدد كبير من مناطق العالم، بخاصة في إفريقيا، مثلما كان الحال في بورندي، وإفريقيا الوسطى، والكونغو، ومالي، ودارفور، في حين يرى البعض أن الجيش التشادي عبارة عن أداة، وجهاز في يد القوى الغربية، بخاصة فرنسا، من أجل فرض سيطرتها على عدد من المناطق الإفريقية.

ويقول الصحافي التشادي، محمد علي كلياني، إن حكومة الرئيس إدريس ديبي، شاركت في العمليات القتالية التي شنها معمر القذافي ضد قوى الثورة في عام 2011، بل وتسببت القوات التشادية التي قدرها بأكثر من 1500 مقاتل، في تشريد عشرات العائلات في الجنوب الليبي، وتهجيرهم باتجاه النيجر، والجزائر، وتونس.

كما يضيف الصحافي القاطن في فرنسا، أن الجيش التشادي يشارك في شمال مالي تحت راية الفرنسيين؛ انتقامًا من العرب والطوارق، الذين يشكلون الغالبية هناك، و«للجيش التشادي عقيدة قتالية ضد كل ما هو عربي مسلم»، مثلما حدث في السودان، وإفريقيا الوسطى سابقًا من مشاركة، فيما وُصفت بجرائم حرب.

الاستعمار أداة للفصل بين العرب والمسلمين

قال الكاتب والباحث، عبد الرحيم علي المدير الأسبق لجامعة إفريقيا العالمية، لبرنامج الشريعة والحياة على قناة الجزيرة الإخبارية، إن «أكبر عامل لانفصال أفارقة الجنوب عن سكان الشمال هو الاستعمار طبعًا»، مُوضحًا أن «الاستعمار فرض إدارة سياسية وعسكرية على القارة جميعها، في الشمال والجنوب، وكانت سياسات الاستعمار واضحة جدًّا في عزل شرق القارة عن غربها وشمالها عن جنوبها».

وأضاف عبد الرحيم علي الخبير المتخصص في شؤون القارة الإفريقية، أنه رغم أن نسبة السكان المسلمين في القارة يتجاوز 58% من المجموع، تسعى دائمًا التقارير الغربية عن فصل الغالبية بالشمال عن الأقلية في الجنوب؛ «لتغيير مفهوم الأقلية وحصرها في المسلمين جنوبًا، وهذا ما تحاول دائمًا استغلاله الدول الاستعمارية السابقة في إفريقيا»، على حد قوله.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل