المحتوى الرئيسى

«single mother».. حكايات عن «الأم العزباء» في مصر

01/17 07:46

فتاة مصرية عشرينية، فاجأت المجتمع بإعلانها الحمل دون زواج رسمى، وأنها لن تتخلى عن جنينها وستحارب من أجله، حتى وإن رفض والده الاعتراف به. وتحملت هجومًا عنيفًا من الكثيرين حتى أنجبت طفلها بالفعل، مما جعل مصطلح «single mother»، يتردد كثيرًا عبر الألسنة، وقد كان انتشاره فيما مضى ضرباً من الخيال.

إنها هدير مكاوى، ابنة مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، التى تم تدشين هاشتاج عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ما بين متعاطف معها، ومؤيد لما فعلته، وبين منتقد ومهاجم وكاره ومتهِم بالزنا والمجاهرة بالمعصية.

«الدستور» تسرد 4 حالات لأمهات لم يتزوجن بعد. حكايات توضح أن بيننا الكثير من «هدير مكاوى»، حتى وإن اختلفت ظروفهن وطريقة تعاملهن مع أزماتهن. وعلى الرغم من أن مصطلح «السينجل مازر» تتداوله السيدات للدلالة على الأم المطلقة أو الأرملة والتى تحمل عبء تربية الأبناء والإنفاق عليهم أحيانًا، إلا أن هدير تسببت فى تحويل معناه إلى الأم التى لم تتزوج رسميًا بعد، ولكن لديها أبناء، وهو نفس المعنى المتداول فى الدول الغربية.

أنجبت من زواج عرفى والطفل بلا شهادة ميلاد

الرواية الأولى هى لـ «ر. م»، من منطقة عين شمس، التى أصبحت أما وهى لاتزال فى العشرينيات. كانت على علاقة عاطفية بـ«ابن الجيران» الذى أحبته حبًا كبيرًا ووثقت به وبأنه سيتقدم من أجل خطبتها والزواج بها، حتى جاء متسللًا ليلًا إليها فى إحدى المرات حين وقعا فى علاقة جنسية كاملة.

بدأت الفتاة فى الانهيار قائلة: «منعت نفسى عنه عشان أضغط عليه يتجوزنى»، موضحة أنها تملكها شعور بالضياع، ليحاول الشاب أن يكسبها من خلال وعود أخرى جديدة، ومراضاتها عن طريق ورقة زواج عرفى وقعا عليها سويًا، إلا أن علاقته بها استمرت أيضًا بعد الزواج عرفيًا ليقعا فى مشكلة أكبر، وهى أنها أصبحت تحمل فى داخلها طفلًا صغيرًا منه، دون أن يعلم الأهل شيئًا عن كل تلك التفاصيل.

عاود الشاب التهرب منها مجددا، وظلت هكذا حتى أنجبت بالفعل، وسط صرخات من عائلتها التى أصابتها حالة من الذعر والغضب، وكادوا يقتلونها لولا أن منعهم بعض الأقارب والمعارف، واضطروا إلى رفع قضية إثبات نسب برقم 476 لسنة 2016 أسرة عين شمس، خاصة بعد هروب والد الطفل وموافقة أهله لما يفعله.

تروى «ر. م» أنها بعد رفعها قضية إثبات نسب، أصبحت «جارتها» والدة الشاب تقوم بإعطاء محضر المحكمة بعض المال من أجل أن يعود وينفى أن هذا هو العنوان المطلوب. وبالتالى تسويف القضية فى المحكمة وتعطيل صدور حكم، وهو أسلوب تحايل تلجأ إليه عائلات الشباب للتهرب من المسئولية، وظلت القضية بالفعل عامًا ونصف العام ولم يحكم فيها حتى الآن حكمًا نهائيًا، والنتيجة أن طفلها لا تستطيع استخراج شهادة ميلاد له، رغم أن عمره قارب العامين، مؤكدة أن «تأخير الحكم ظلم للبنت. حتى لو غلطت مينفعش تكمل طريقها غلط. إحنا بشر وبنغلط ومش هعالج غلطتى بغلطة أكبر».

زوّجوها فى الـ13.. ثم هرب

الرواية الثانية لفتاة بظروف مختلفة عن سابقتها، لأن عائلتها كانت السبب الأول فيما وصلت إليه، «أ. ر»، من منطقة المطرية تحديدًا من عرب الطوايلة، حيث تسود الأعراف والتقاليد وسلطتها تفوق سلطة القانون، فتلجأ العائلات لتزويج فتياتهم الصغيرات قبل أن يتممن السن القانونية أحيانًا، عرفيًا أمام شهود فقط، ودون توثيقه رسميًا، وهنا ضاع حق الفتاة الصغيرة حينما تمت العمر القانونى للزواج.

تروى «أ.ر» لـ«الدستور» أنها كان عمرها 13 عامًا حينما أقدم أبواها على تزويجها من أحد أبناء المعارف عرفيًا، لأنها لم تصل إلى السن القانونية للزواج. وأقاموا لها عُرسًا كبيرًا، وظلت مع زوجها الذى باركه الأهل فى وقت لم تكن تدرك فيه معنى الزواج ومسئولياته وأهمية التفاهم وكيفية اختيار شريك الحياة المناسب، فقط زوجوها وسط زغاريد وفرحة لم تكن خاصة بها وكل شعورها فى ذلك اليوم هو الخوف، وكل ما تراه أمامها هو ظلام دامس اعتادت عليه فيما بعد مع زوجها، وأنجبت منه طفلًا حتى وصلت عامها الـ18، وقت توثيق عقد الزواج وهو الوقت الذى هرب منها زوجها ولم يرغب فى توثيقه وفر هاربًا.

تكمل البنت أنها اضطرت إلى رفع قضية حملت رقم 385 لسنة 2016، أسرة عين شمس، ولكن ما سهل عليها الأمر أن والد الزوج وعمه شهدوا أمام القاضى بأن ابنهم هو والد الطفل الذى أصبح لديه 5 سنوات، ليطلب القاضى تحليل بصمة وراثية «DNA» لكن الشاب هارب ولم يأت من الأساس إلى المحكمة رغم استدعائه لأكثر من مرة، ولاتزال الأم عاجزة عن إدخال طفلها مدرسة او استخراج شهادة ميلاد له.

طالبة «التجارة» تربى طفلاً بلا أب

«ميادة. ر» طالبة بكلية التجارة بجامعة القاهرة، هى أم أخرى غير متزوجة، عشرينية وقعت فى قصة حب زميلها بالجامعة، حيث كانت قصتهما معروفة بين جميع الزملاء والأصدقاء، وظلت تلك المشاعر تزيد يومًا بعد يوم، حتى تقدم الشاب لخطبتها من أبيها الذى رفض.

استطاع الشاب إقناعها بالزواج عرفيًا، كالعديد من أصدقائهما، وهو ما حدث بالفعل. ليبدآ حياة مشتركة ليس فيها من الزواج إلا العلاقة الجسدية، وبعد 6 أشهر بدأت معاملته لها تتغير، خاصة بعد علمه أنها تحمل فى بطنها جنينًا منه.

اضطرت الفتاة إلى ترك تعليمها وجامعتها، بعد بروز بطنها، وأصبح الجميع يتحدث عن «فضيحتها»، فلم تحتمل، واضطرت إلى رفع دعوى إثبات نسب لطفلها برقم 2876 لسنة 2014.

ترفض الزواج منه وتطلب نسبة الأولاد إليه

حالة أخرى، بدأت فى إجراءات رفع قضية إثبات نسب. بطلتها سيدة تبلغ من العمر 40 عامًا، لديها ولدان، أحدهما 18 عامًا والآخر 14 عامًا. ترفض الزواج من والد طفليها لكنها تصر على نسبتهما إليه، بعد أن عاشت معه 10 سنوات دون زواج.

مشكلة الأم أن أبناءها لا يستطيعن العيش دون أى أوراق لإثبات هويتهما، يعملون مع والدهم باليومية، لكن فى حالة القبض عليهما لن يستطيعا النفاد لعدم وجود أى إثباتات تدل على نسبهم، فهما أمام الدولة مجهولا النسب ومجهولا الهوية.

أمهات يضطررن لقتل فلذات أكبادهن

هناك فتيات تلجأن إلى الإجهاض مبكرًا، أو إلقاء الطفل فى الشارع أو قتله، وهو ما حدث بالفعل فى حالة وصلت إليها «الدستور»، لطفل تم العثور عليه ميتًا ملقًى بشاطئ النخيل بالكيلو 21 محافظة الإسكندرية، وقام المسئولون على الشاطئ بإبلاغ الجهات المختصة من أجل دفنه.

حالة أخرى لطفل ألقت به والدته من نافذة حمام مستشفى طنطا من أجل التخلص منه، بسبب عدم وجود أى عقود زواج، وتم العثور عليه فى حالة سيئة، حيث أصيب بجروح شديدة فى الرأس وكدمات متفرقة فى الجسد، ووضعه بحضانة المستشفى بعد أن شهد الجيران المجاورون أنهم رأوا سيدة قامت برميه من نافذة الحمام من الدور الثالث، وتم تحرير محضر بالواقعة برقم 15027 إدارى أول طنطا لسنة 2015، وتم استخراج شهادة ميلاد له باسم وهمى.

17 ألف دعوى إثبات نسب فى عام

بحسب تقديرات بعض القضاة المختصين فى قضايا إثبات النسب، فهناك ما يقرب من 17 ألف دعوى إثبات نسب فى عام 2014 فقط، بالإضافة إلى أنه فى العام نفسه تم توثيق 88 ألف عقد زواج عرفى، مما يدل على متوقعين أن يكون العدد الذى لم يتم توثيقه ضعف ذلك.

يقول إيهاب الأطرش، المحامى المختص فى قضايا شئون الأسرة، إنه قبل اتخاذ أى إجراءات قانونية فى دعاوى إثبات النسب، تحاول مكاتب التسوية جاهدة حل المشكلة وديًا، حيث تقوم بمخاطبة الأب من أجل الاعتراف بالطفل وفى حالة رفضه تسير الإجراءات فى إطار قانونى باستدعاء الأب وطلب إجراء تحليل «DNA» لكن فى حالة عدم حضوره لا تلزمه المحكمة بإجرائه. وأضاف «الأطرش» أن التحقق من نسب الطفل يكون من خلال طريقتين الأولى إحالة الدعوى إلى التحقيق وذلك من خلال وجود شهود على الزواج يتم استدعاؤهم أو من خلال تحليل البصمة الوراثية، مؤكدًا أن هذه القضايا تأخذ وقتًا طويلًا فى المحاكم ويوجد بها جدل كبير ويضيع فى تلك الفترة حق الأبناء. وأوضح «الأطرش» أن قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 عندما نص على سماع دعوى النسب فى الزواج العرفى شجع بعض الفئات على مثل هذا الزواج وبالتالى تزايدت قضايا النسب.

وجاء فى نص القانون وفقًا للنسب فى الإسلام أنه يثبت بالفراش وبالعقد وبالإقرار وبالبينة وشهادة الشهود وبالقائف أى تتبع الصفات وإلحاقها ببعضها وهذه مهمة كان يقوم بها بعض الأشخاص فى عصور الإسلام الأولى، لكن فى العصر الحالى ما يضمن حق المرأة ونسب الطفل توثيقه لدى الدولة ومن خلال مأذون شرعى.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل