المحتوى الرئيسى

هل يتفكك الناتو؟.. زعماء أوروبا مصدومون من هجوم ترامب على الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي

01/17 02:41

قال زعماء أوروبيون، الإثنين 16 يناير/كانون الثاني، إنهم قد يضطرون للوقوف وحدهم دون الولايات المتحدة بمجرد تولي دونالد ترامب للرئاسة، وهو الأمر الذي من المحتمل أن يُحدث صدعاً غير مسبوق في العلاقات داخل حلف الناتو، بعد تصريحات ترامب بأن الاتحاد الأوروبي مصيره التفكك، وأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) عفا عليه الزمن.

وصرح ترامب في مقابلةٍ مطلع هذا الأسبوع مع صحيفتي "التايمز" البريطانية و"بيلد" الألمانية بأن الاتحاد الأوروبي المكوّن من 28 دولة كان وسيلة لتحقيق المصالح الألمانية، وقال إنه كان غير مبالٍ بمصير الاتحاد. وأضاف أيضاً أنه كان ملتزماً بالدفاع عن أوروبا، رغم أنه عبر عن شكوكه بشأن النظام الحالي لحلف الناتو.

وتشعر أوروبا بالانزعاج تجاه مواقف ترامب، في الوقت الذي تواجه فيه موجةً من الانتخابات هذا العام قد تفوز فيها مجموعة من السياسيين المناهضين للمهاجرين، والمعارضين لفكرة الاتحاد الأوروبي، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وكان معظم قادة التيار الرئيسي في أوروبا قد وعدوا بالالتزام تجاه التعاون مع ترامب بعد تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني، في الوقت الذي أعربوا فيه عن أملهم بأن يتبنَّى ترامب وجهات نظر معتدلة بمجرد توليه مهام منصبه.

وقد خلقت مواقف ترامب المتشددة صورةً قاتمةً لدى قادة أوروبا، دفعتهم نحو الاعتقاد بأنه عليهم الآن الوقوف بمفردهم، دون الولايات المتحدة، الشريك الأقوى والأقدم لأوروبا.

وصرَّحَت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للصحفيين في برلين قائلةً: "نحن الأوروبيين نملك مصيرنا في أيدينا". وتعهدت بالعمل مع ترامب حينما يكون ذلك ممكناً.

وستمتد التداعيات الكاملة لأي انهيارٍ في العلاقات عبر الأطلسي بشكلٍ واسع لتؤثر على الجميع؛ فضمانات الولايات المتحدة تدعم الأمن الأوروبي. كما أنَّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي يبلغ تعداد سكانهما حوالي 500 مليون نسمة، يَعُدَّان أهم شريكٍ تجاري بالنسبة لبعضهما البعض. وعلى مدى عقود، عملت الدول الأوروبية والولايات المتحدة معاً وبشكلٍ وثيق على قضايا الحرب والسلام والتجارة.

وصرّح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير للصحفيين في بروكسل يوم الإثنين، حيث كان يجتمع مع عددٍ من وزراء الخارجية الأوروبيين، بأنَّ تصريحات ترامب "كانت مثيرة للدهشة، وليس فقط في بروكسل". وبعد عودته مباشرةً من اجتماعٍ مع أمين عام حلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، قال شتاينماير إنَّ حلف الناتو قد استمع لتصريحات ترامب "بقلق".

الرئيس الأميركي القادم هو أول رئيس أميركي منذ الحرب العالمية الثانية لا يدعم نموذج التكامل الأوروبي، في الوقت الذي كان يُنظر فيه للاتحاد الأوروبي منذ فترةٍ طويلة بأنه يفيد مصالح الولايات المتحدة، لأنه خلق سوقاً موحدة للشركات الأميركية، وحائط صد ضد الشيوعية خلال الحرب الباردة، كما ساعد في قمع المذابح الدموية في الحربين العالميتين، التي حصدت أرواح الأميركيين وغيرهم من المواطنين خلال النصف الأول من القرن العشرين.

وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي توسّع الاتحاد الأوروبي شرقاً داخل الدول الشيوعية السابقة، وهو التطور الذي نظر إليه قادة هذه الدول باعتباره قد ساعد في تحقيق سيادة القانون، والاستقرار، وتحديث اقتصاد تلك الدول.

وقال شتاينماير إن ألمانيا لا تزال تحاول تقييم الشكل المتوقع للسياسة الخارجية الجديدة للولايات المتحدة.

فعلى سبيل المثال، قدّم جيمس ماتيس، الجنرال المتقاعد المرشح لتولي منصب وزير الدفاع في حكومة ترامب، دعماً مباشراً لحلف الناتو، وشكَّك في التعاون مع روسيا، أثناء جلسة تأكيد تعيينه الأسبوع الماضي أمام الكونغرس.

وقال شتاينماير: "علينا أن نرى ما الذي ستظهره لنا السياسة الأميركية الجديدة".

ويسعى القادة الفرنسيون، الذين يواجهون انتخاباتٍ رئاسية صعبة في أبريل/نيسان القادم، جاهدين للتعامل مع مثل هذه التداعيات. وقد عبَّر حلفاء ترامب عن دعمهم لحزب الجبهة الوطنية المعادي للمهاجرين ولفكرة الاتحاد الأوروبي، الذي تُحَقِّق زعيمته، مارين لوبان، نسباً جيدة في استطلاعات الرأي.

يُذكَر أن لوبان قد تناولت الغداء في الطابق السفلي من برج ترامب الأسبوع الماضي بصحبة رجلٍ كان يعمل بمثابة قناة غير رسمية لاتصالات ترامب مع القادة الأوروبيين الرافضين للاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن فريق العمل الانتقالي لترامب نفى أي اجتماعٍ رسمي معها.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إنَّ "أفضل رد على ترامب هو الوحدة الأوروبية، وكما هو الحال مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن أفضل طريقة للدفاع عن أوروبا هو أن تبقى موحدة. وهذا هو جزء من الرد على ترامب. لكي نُبقِي على الاتحاد، علينا ألا ننسى أن قوة الأوروبيين في وحدتهم".

وبدا أنَّ بعض القادة الأوروبيين مازالوا يأملون في أن يكون ترامب لا يعني حقاً ما يقوله، أو أن تصريحاته لن تُترجم إلى سياساتٍ على أرض الواقع.

ويبدو أن أيرولت يأمل في أن حكومة ترامب ستكون هي القوة الحقيقية للرئاسة، إذ قال إنَّه يتطلع إلى الجلوس مع ريكس تيلرسون، المرشح لمنصب وزير الخارجية، بعد تأكيد تعيينه، لمناقشة مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة.

وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن، إنَّه يعتقد أن ترامب قد يُغير لهجته قبل يوم الجمعة 20 يناير/كانون الثاني.

وأضاف: "يجب على المرء أن يأمل بأن تصريحات ترامب، الذي سيتولى مهام منصبه يوم الجمعة، ستذهب في اتجاهٍ مختلف. فإذا تم تقدير حجم المخاطر، سيدرك أن الأمر سيسبب الكثير من الاضطرابات، وهذا ليس في مصلحة أميركا".

ويبدو أن زعيماً أوروبياً واحداً قد تقَبّل تصريحات ترامب، ألا وهو وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الذي قال إنَّه رحَّب بتعهد ترامب بالتفاوض بسرعة على اتفاقٍ للتجارة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، إذ إن العلاقات التجارية البريطانية دخلت في طيّ النسيان في الوقت الذي تتفاوض فيه بريطانيا على خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف جونسون أثناء حديثه للصحفيين في بروكسل قائلاً: "إنَّها أنباءٌ طيبة للغاية أن الولايات المتحدة الأميركية تريد أن تُبرِم اتفاقاً جيداً للتجارة الحرة معنا، وتريد أن تفعل ذلك بسرعة، إنَّه شيءٌ رائع أن أسمع ذلك من الرئيس المنتخب دونالد ترامب".

مثَّل صحيفة "التايمز" البريطانية في المقابلة مايكل غوف، الصحفي الذي تحول إلى سياسي، والذي كان أيضاً ضمن حملة دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يَعُد في حد ذاته إشارةً من ترامب.

Comments

عاجل