المحتوى الرئيسى

تيران وصنافير مصرية

01/16 22:40

يوم الأحد قبل الماضى «٨ يناير» كتبت فى هذا المكان مقالا بعنوان «سيناريوهات خروج من أزمة تيران وصنافير». السيناريو الأول الذى ذكرته يومها أن تترك الحكومة نواب البرلمان يصوتون بمحض إرادتهم مستندا إلى كلام النائب علاء عبدالمنعم وآخرين بأن ٩٥٪ من النواب يعارضون الاتفاقية.

والسيناريو الثانى أنه إذا حكمت المحكمة الإدارية العليا بتأييد الحكم الأول الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأن الجزيرتين مصريتان، فعلى الحكومة المصرية أن تحترم هذا الحكم حتى لو كان يتعارض مع نظرية السيادة بمفهومها القديم.

أمس حكمت المحكمة الإدارية العليا حكما تاريخيا نهائيا وباتا برئاسة المستشار أحمد الشاذلى ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية. هذا المتغير الجوهرى لا يمكن تجاهله حتى تحت زعم نظرية السيادة. بالطبع من حق البرلمان أن يناقش أى اتفاق وأى موضوع فى الوقت الذى يشاء، لأنه يفترض أنه ممثل للأمة بأكملها. لكن دعونا نناقش الأمر بأكمله من زاوية سياسية.

إذا كان البرلمان قد أوقف مناقشة الاتفاقية انتظارا لحكم المحكمة الإدارية، فكيف سيكون ملائما ومقبولا، أن يناقشها بعد صدور الحكم النهائى، إلا إذا كان سيناقشها فقط لكى يرفضها تماما؟. لو فعل اقر البرلمان الاتفاقية وخالف الحكم، فسوف يسقط فى نظر غالبية الشعب.

ناهيك عن المضمون وهو الأهم، فإن الطريقة الكارثية التى عالجت بها الحكومة هذه الاتفاقية منذ لحظة الإعلان عنها ظهر يوم الجمعة ١٥ أبريل الماضى وحتى هذه اللحظة، هى التى أوصلتنا إلى المأزق الراهن. وبالتالى فلا ينفع فى السياسة أن نقول إن من حق البرلمان أن يقر الاتفاقية، فى أى وقت حتى بعد حكم الإدارية العليا.

المسألة لم تعد الآن متوقفة على نظرية السيادة، أو من الذى من حقه أن يقول هل هى مصرية أم سعودية، وما هو تاريخ المشكلة. كل ذلك صار من الماضى. الآن هناك واقع سياسى جديد، يقول بوضوح إن إصرار الحكومة على تسليم الجزيرتين للسعودية بأى شكل من الأشكال سوف يكلفها شرعيتها، تلك هى القضية ببساطة.

وبالتالى فإن تفكير الحكومة خلال الأيام المقبلة ينبغى أن يتركز على السبل العملية لإقناع السعودية بأن ما فات قد مات، وأن الواقع الجديد يفرض عليهما معا أن يبحثا فى صيغة جديدة للخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، وعلى الحكومة المصرية أن تقنع السعودية بأن الإصرار على الصيغة القديمة، قد يكلف مصر أضرارا خطيرة ستؤثر حتى على الأمن القومى السعودى.

سمعت أن هناك محاولات عربية وخليجية للبحث عن صيغة للحل. وقبل أيام قليلة كان هناك مسئول سعودى كبير وسابق التقى حوالى عشرة من الكتاب والمفكرين المصريين مرتين خلال شهر واحد فى منزل السفير السعودى أحمد القطان لبحث الحلول العملية للخروج من الأزمة، وكان كلام المثقفين المصريين موحدا ومحوره ان تسليم الجزيرتين، ليس ممكنا او عمليا بعد الرفض المصرى الشعبى الكاسح، وأن هناك طرقا كثيرة للوصول إلى حلول لهذه المشكلة.

وعمليا فهناك أكثر من طريقة للخروج من الأزمة بعد حكم الأمس فى مقدمتها أن يبدأ البلدان فى تنفيذ الجسر المعلق وأن تكون هناك مشروعات تعاون واستثمار مشتركة بين البلدين فى المنطقة، على أن تظل السيادة مصرية، بحيث يحقق البلدان أكبر مصلحة ممكنة لمواطنيهما.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل