المحتوى الرئيسى

خالد البدري يكتب: كيف تحاول أمريكا فرض هيمنتها على العالم عن طريق الاقتصاد ج(1): قراءة في كتاب اعترافات رجل اقتصاد مأجور.. للكاتب «جون باركنز» | ساسة بوست

01/16 14:32

منذ 1 دقيقة، 16 يناير,2017

يحكي الكاتب «جون باركنز» في قالب روائي (بعدما لم يعثر على دار نشر تنشر له سيرته الذاتية كما هي، اضطر أن يحولها لعمل روائي، كي تسهل عليه العملية، وبالرغم من ذلك فهو يحوي الحقيقة الكاملة لما حدث ويحدث وما سيحدث في المستقبل)  تجربته في شركة أمريكية عملاقة، تتخصص في دراسة فرص الاستثمار في مجوعة من الدول، «وطبعًا الاستثمار هنا بالمفهوم الأمريكي، أما في الحقيقة، فهو السطو والاستيلاء على ثروات البلدان الأخرى، والحصول على خدمات سياسية وعسكرية»، وخصوصًا تلك التي تملك موارد طبيعية هائلة،  كالإكوادور وبنما في أمريكا الجنوبية، وإندونيسيا والشرق الأوسط في آسيا.

افتتح الكاتب كتابه بالحديث عن حياته منذ الطفولة، وكيف أنه نشأ في أسرة متوسطة الدخل، تتكون من أبوين يعملان كمدرسين في القطاع الحكومي الأمريكي، وكيف استطاع في الأخير التمرد على أوامر والده، والتي دائمًا ما كانت تصبو في السيرورة المعروفة إلى التعليم الثانوي، ثم الجامعي،  والحصول على وظيفة. وظل الكاتب جروًا وديعًا لأبيه في فترة المراهقة، حيث كان معظم زملائه من الطبقات الميسورة في المؤسسة الإعدادية/الثانوية على علاقة بالنساء إلا هو، وصب جل غضبه من الوضع على المذاكرة والتفوق الدراسي، بالإضافة إلى المشاركة في الأنشطة الرياضية الموازية، وكان عميدًا لفريق كرة السلة للمؤسسة التعليمية، واستطاع أن يميز نفسه عن الآخرين، والحصول على منحتين جامعيتين عليه اختيار إحداهما.

بدأ جون حياته الطلابية في جامعة ميدلبيري التي فضلها له والده عن الجامعة الأخرى، وبالرغم من تذمره من تلك الجامعة؛ بسبب الفارق الطبقي الذي كان يعاني منه، إلا أنه استطاع إكمال السنة الأولى بنجاح، لكن تعرف في المقابل على شخصين تمكنا من تغيير مساره، والتمرد أخيرًا على أوامر والده. الشخص الأول كان شابًا إيرانيًا صاحبه إلى حياة اللهو والنساء، فبدأ ارتياد الملاهي الليلية، وقل عطاؤه الدراسي إلى أن ترك الجامعة في منتصف العام الثاني، بالرغم من تهديدات والده المتكررة بالتبرؤ منه. والشخص الثاني كانت آن، وهي أول فتاة يرتبط معها الكاتب بعلاقة حب، والتي ستمنحه الكثير من المعارف والتجارب في الحياة سنسردها في باقي الفصول.

انتقل جون إلى بوستن واشتغل كمساعد محرر في جريدة، وبسبب تهربه من الخدمة العسكرية، قام بالتسجيل في كلية الأعمال ببوسطن. والتحقت به آن بعد أن أكملت دراستها في جامعة ميدلبيري، فتزوجها بالرغم من عدم اقتناعه بفكرة الارتباط بعقد ومسؤولياته، إلا أنه لا يستطيع العيش بدونها، وعرفته على والدها الذي كان مهندسًا في البحرية الأمريكية. وكان لوالدها صديق يدعى العم فرانك، أبلغ  الكاتب فيما بعد أن هناك منصبًا شاغرًا في «وكالة الأمن القومي» (NSA)، كي يستمر في الهروب عن الخدمة العسكرية، وبدأ حياته المهنية من هذه الوكالة.

التحق جون بفيالق السلام الأمريكية في غابات الأمازون بالإكوادور، كي يقوم بمساعدة السكان الأصليين في القرى القابعة في وسط الغابة، وأيضًا دراسة فرص بناء سد لتوليد الطاقة الكهرومائية. واستمر في العمل بهذه الشركة لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يعود إلى بوسطن محملًا بالكثير من الخبرات والتجارب تخول له الولوج إلى الشركة العملاقة MAIN  للدراسات الهندسية.

بعد سلسلة من الاجتماعات في مقر شركةMAIN  بدأ جون عمله بلقاء فتات شقراء تدعى كلودين أبلغته أنه مكلفة بإعداده وتكوينه للمهمة المقبلة، وأخبرته عن عامل مهم في عمل الشركة، وهي السرية التامة؛ حتى من أقرب الناس إليه وهي زوجته آن، أما الصحافة فهي خط أحمر بالنسبة لجميع العاملين في الشركة.

أثناء التكوين ركزت كولدين على هدفين رئيسين: هما، الهدف الأول: خلق مبررات لقروض البنك الدولي، التي ستضخ المزيد من الأموال إلى صندوق شركةMAIN  وللشركات الأمريكية الأخرى، بعد موافقة قادة الدول عليها، وكلما كان مبلغ القرض ضخمًا كان أفضل. والهدف الثاني: محاولة إفلاس  تلك الدول عن طريق تلك القروض التي لن تستطيع سدادها، وبالتالي تصبح أهدافا سهلة لأمريكا؛ للحصول على خدمات، كتصويت على قرار في الأمم المتحدة أو إنشاء لقواعد عسكرية أو استغلال لمواردها كالبترول.

فوظيفة جون تكمن في خلق تنبؤات اقتصادية، تستدعي إقراض الدول مليارات الدولار من اجل مشاريع عملاقة كالسدود والقناطر و البنى التحتية الأخرى، على أن تقوم الشركة بهندستها وإخراجها للواقع، فتنتقل الأموال مباشرة من البنك الدولي إلى مقر الشركة في بوسطن، أي أن الأموال لا تغادر التراب الأمريكي، مما يضمن التبعية الاقتصادية لتلك البلدان لأمريكا.

ويعتمد جون في تنبؤاته على الناتج الإجمالي القومي، أي أنه يقوم بتقديم عدة مشاريع لقادة تلك الدول، على أن يفوز المشروع الذي يحقق أعلى معدل في الناتج الإجمالي المحلي، والذي قد لا يصب في مصلحة الدولة ككل، وإنما في مصلحة شركات أو أشخاص  معدودين، بالتالي يستفيد الأثرياء وأصحاب المقاولات في تلك البلدان، أما الفقراء فهم محرومون من خدمات كالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى.

أتمت كولدين تكوينها لجون، وسردت له مجموعة من الأحداث التاريخية التي كان للولايات المتحدة الأمريكية دخل فيها، كمخبر «CIA» الذي استطاع تنظيم انقلاب في إيران التي كانت موالية حينها للسوفييت، وتدخلت في مجموعة من دول أمريكا الجنوبية، كبنما والإكوادور.

لقد سطر مخبر الـ«CIA» روزفلت أسس المهنة الجديدة التي سيدخلها الكاتب، حيث أصبح الحل العسكري لأمريكا خطيرًا بعد أن تعددت الدول التي تمتلك ترسانة نووية بإمكانها نسف الكرة الأرضية، بالتالي فاللجوء إلى الحلول الاقتصادية بات أمرًا ضروريًا من أجل الاستحواذ على ثروات العالم وضمان تبعية العالم لإمبراطورتيها، المهنة التي أطلق عليها الكاتب اسم «قرصان اقتصادي».

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل