المحتوى الرئيسى

«الشروق» تنشر النص الكامل لحكم «الإدارية العليا» النهائي ببطلان اتفاقية «تيران وصنافير»

01/16 13:33

حصلت "الشروق" على النص الكامل لحكم المحكمة الإدارية العليا، النهائي والبات، الصادر بجلسة اليوم برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي كان سيترتب عليها التنازل عن سيادة مصر على جزيتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للمملكة.

(الدائرة الأولى – فحص الطعون)

رول جلسة يوم الاثنين الموافق 16/1/2017

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد صالح الشاذلى

نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين /

الدكتور / محمد أحمد عبد الوهاب خفاجى، محمود شعبان حسين رمضان، مبروك محمد علي حجاج نواب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد محمود اسماعيل رسلان

نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة

وسكرتارية السيد / محمد فرح . أمين السر

فى الطعن رقم 74236 لسنة 62 قضائية عليا .

2- رئيس مجلس الوزراء بصفته .

3- رئيس مجلس النواب بصفته .

4- وزير الدفاع بصفته .

5- وزير الخارجية بصفته .

6- وزير الداخلية بصفته .

وطالب التدخل انضمامياً إلى جانب جهة الادارة الطاعنة/ أحمد صادق القشيري

ومحمد قدرى فريد الخصم المتدخل انضمامياً معه

1- مالك مصطفى عدلي 2- علاء أحمد سيف 3- عمرو إبراهيم علي مبارك 4- أحمد سعد دومة 5- صابر محمد محمد بركات 6- منى معين مينا غبرى 7 – عادل توفيق واسيلى 8- أسماء على محمد زكى 9- ليلى مصطفى سويف 10- منى أحمد سيف الاسلام 11- منى سليم حسن منصور 12- علاء الدين عبد التواب عبد المعطى 13- محمد عادل سليمان 14- كارم يحيى سيد إسماعيــــــــــل 15- رجاء حامد السيد هلال 16- ناجى رشاد عبد السلام 17- أحمد همام غنام 18- سحر إبراهيم عبد الجواد 19- سحر مسعد إبراهيم 20- سلوى مسعد إبراهيم 21- محمد فتحى محمد عنبر 22- هانى شعبان السيد 23- هشام حسن محمد 24- مروة خير الله حسين 25- علاء الدين أحمد سعد 26- مها جعفر صولت 27- محمد عبد الوهاب محمد 28- سعاد محمد سليمان 29- رشاد رمزى صالح 30- مريم جلال محمد 31- هالة محمود مختار 32- عوف محمد عوف 33- منى حسن العوضى 34- أحمد محمد احمد العنانى 35- مصطفى أحمد عبد الفتاح 36- محمود احمد شعبان 37- وليد محسن محمد على 38- محمدى محمد على 39- محمد مجدى أحمد 40- أحمد عمرو محمود 41- جيهان محمود محمد 42- نيرمين فاروق أحمد 43- محمد عبد الحليم محمد 44- نوجهان حسام الدين عبد العال 45- رانيه محمود محمد فهمى 46- الهام إبراهيم محمد سيف 47- ياسر جابر على 48- حسام مؤنس محمــــــــــد 49- ياسر المرزوقى رزق 50- محمد الطيبى التونسى 51- عمرو عصام الدين محمد 52- هالة السيد محمد 53- رضوى ماجد حسن 54- عمر عبد الله على القاضى 55- مختار محمد مختار 56- نادين محمد ناصر 57- سالى السيد منير 58- أسماء رمضان السيد 59 – محمود أحمد عبد العظيم 60- مريان فاضل كريوس 61- شيرين عماد عبد الرحمن 62- مى عماد عبد الرحمن 63- أحمد بهاء الدين عبد الفتاح 64- نجلاء عمر عبد العزيز 65- سميه محمود عبد الحميد 66- ميرفت محمود عبد الحميد 67- دنيا رمزى حسن 68- هدى حمدى عبد المجيد 69- هبة الله حمدى 70- حمدى عبد المجيد محمد 71- عبد الفتاح حسن عبد الفتاح 72- أحمد اسامه عبد الرحمن 73- محمد محى الدين محمد 74- تامر مجدى عبد العزيز 75- إبراهيم السيد الحسينى 76- أحمد بهاء الدين عبد الفتاح 77- أحمد حسين إبراهيم الاهوانى 78- احمد سمير عبد الحى 79- أحمد عادل إبراهيم 80- أحمد محمد احمد خليل 81- أحمد محمــــــــــــد على البلاسى 82- أحمد محمد هشام وطنى 83- أسماء جمال الدين محمود 84- الحمزة عبد الواحد محمد 85- السيد طه السيد 86- الشيماء فاروق جمعه 87- الهام عيداروس احمد 88- إنجى عبد الوهاب محمد 89- أهداف مصطفى إسماعيل 90- بافلى عاطف مقارى 91- بسنت عادل عبد العظيم 92- بكينام يسرى بدر الدين عثمان 93- بلال عبد الرازق عبد المقصود 94- جميل مصطفى شندى إسماعيل 95- حازم حسن إدريس أحمد 96- حازم محمد صلاح الدين 97- خالد السيد إسماعيل 98- خالد محمد زكى البلشى 99- خلود عبد الكريم محمد 100- راجين محمد شوقى 101- راندا حسن سيد محمد 102- راندا محمد أنور عبد السلام 103- رانيا حسين على أحمد 104- رشا مبروك محمود 105- رشا محمد جوهر احمد 106- ريهام محمد حسنى 107- سامح أحمد عادل 108- سامية محمد حسن 109- سعد زغلول على حسن 110- سلمى محمد منيب 111- سمر محمد حسنى 112- سمية إبراهيم زكى 113- سوزان محمود محمد نــــــــــــــــــدا 114- طارق أحمد عبد الحميد 115- طارق حسين على 116- عادل رمضان محمد 117- عايـــــــــــــــدة عبد الرحمن احمد 118- عبد الله يحى خليفه 119- عبد الرحمن محسن صلاح 120- عبد المنعم على بدوى 121- عزيزة حسين فتحى 122- عصام محمد عبد الرحيم 123- عماد نان شوقى 124- عمر محمد هاشم وطنى 125- عمرو أحمد فهمى 126- عمرو عصام الدين محمد 127- عمرو كمال عطيــــــــــــــــــــــه 128- فاتن محمد على 129- فادى رمزى عزت 130- فاطمة هشام محمود مراد 131- نيفيان ظريف لمعى 132- كريم أحمد محمد 133- مترى مهاب فائق 134- مجدى محمد على 135- محسن صبرى إبراهيم 136- محمد حسنين محمد 137- محمد حمدى محمود 138- محمد سمير محمد 139- محمد عبد الرحيم عبده 140- محمد عبد الله على 141- محمد عبد الله محمد 142- محمد محمد لطفى 143- محمود محمد محمد العيسوى 144- مديحة اميل توفيق 145- مرفت فوزى محمد 146- مصطفى محمد فرحـــــــــــــــات 147- مصطفى محمود عبد العال 148- معاذ حسين سعيد سليمان 149- معتصم بالله طارق عبد العزيز 150- مها أحمد محمد صادق 151- مها حسن رياض 152- مها عبد العزيز على 153- مهند صابر احمد 154- ميادة خلف سيد 155- نانسى كمال عبد الحميد 156- نجلاء محمد عبد الجواد 157- نجلاء ناصر حسين 158- هالة محمد رضا 159- هبة الله فرحات محمد 160- هبة الله نور الدين 161- هبه عادل سيد 162- هدير هانى فؤاد 163- هيام برعى حمزة 164- وسام عبد العزيز حنفى 165- يحيى محمود محمد 166- يوسف شريف ساويرس 167- أحمد فوزى احمد 168- ياسمين حسام الديــــــــــــــــــــــــــن عبد الحميد 169- انس سيد صالح 170 – محمد عزب أحمد 171- عبد الله يحيى خليفه 172- سامح سمير عبد الحميد 173- طارق حسين على 174- نوال محمد عبد الفتاح 175- ليلى مصطفى إسماعيل 176- عبد الرحيم القناوى عبد الله 177- محمد السعيد طوسون 178- محمـــــــــــــــــــــــــود حسن أبو العينين 179- طارق علوى شومان 180- أحمد عادل محمود 181- مصطفى إبراهيم 182- محمد قدرى فريـــــــــــــــــد

وطالبى التدخل انضمامياً إلى المطعون ضدهم وهم /

1- محمد أبو سعدة 2- طارق ابراهيم 3- عثمان عبد الرحمن ابراهيم 4- طارق إمام محمد مصطفى 5- عبد الله الأشعل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى الدائرة الأولى بالقاهرة فى الدعويين رقمى

43709 , 43866 لسنة 70 قضائية بجلسة 21/6/2016

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وعلى تقرير هيئة مفوضي الدولة والمذكرات والمستندات المقدمة من أطراف الخصومة، وبعد إتمام المداولة قانوناً.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من أوراق الطعن – فى أن المطعون ضدهم – خصوماً أصليين ومتدخلين – كانوا قد أقاموا الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري مستهدفين بها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في شهر أبريل سنة 2016، المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وما يترتب على ذلك من اَثار.

وبجلسة 21 /6/2016 أصدرت محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – حكمها الطعين الذي قضى: "أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين وباختصاصها بنظرهما.

ثانياً: بقبول الدعويين شكلا وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أية دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصاريف.

وشيدت قضاءها، بما يقوم به جوهر حكمها، على أن العمل المنوه عنه يتضمن التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية حال كون هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم المصرى خاضعتان للسيادة المصرية الكاملة وهو أمر مخالف ومصادم لنص المادة (151) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 18 يناير 2014، والذي حظر إبرام أي اتفاق يتضمن التنازل عن أى جزء من الإقليم المصري.

من حيث إن الطاعنين بصفاتهم – حسبما ورد بتقرير الطعن والمذكرة المقدمة بجلسة 22/10/2016 - يطلبون الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به منطوقه، والقضاء مجدداً، أصلياً: بعد اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، ومن باب الاحتياط الكلي: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد سطر الطاعنون أسباب الطعن بتقرير الطعن ومذكرات الدفاع المشار إليها، ومجمل الأسباب المشار إليها تنصرف إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون فيما يتعلق بنفى صفة الخصومة عن الطاعن الثالث - بصفته - (رئيس مجلس النواب)، ومخالفة الحكم للقانون فيما قضي به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة - والقضاء عموماً - ولائياً بنظر الدعويين على سند حاصله أن المشرع أخرج الأعمال التي تتصل بسيادة الدولة سواء الداخلية أو الخارجية من ولاية المحاكم عموماً، وأن قضاء المحكمة – المطعون فيه – قد خالف المستقر عليه من قضاء المحكمة الدستورية العليا والمحكمة ذاتها فى منازعات مماثلة، خاصة وأن طلبات المدعين في الدعوى تتمخض عن استدعاء ولاية القضاء واستنهاض رقابته بشأن أمر يتعلق باختصاص أصيل محجوز دستورياً لمجلس النواب ويمثل تدخلاً وإهداراً لمبدأ الفصل بين السلطات، بحسبان المجلس هو الجهة الوحيدة القائمة على شئون التشريع وسن وإصدار القوانين، والمنوط به الموافقة على ما يبرمه رئيس الجمهورية من معاهدات مع الدول الأخرى، وإن ما قامت به الحكومة في النزاع المطروح باشرته بوصفها سلطة حكم بخصوص ترسيم الحدود بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وإنه أصبح محلاً للدراسة من قبل لجان مجلس النواب المختصة (وفقاً لكتاب هيئة قضايا الدولة الذي ورد بعد حجز الطعن للحكم والمتضمن إحالتها إلى مجلس النواب.)

وسترجئ المحكمة ما اُشير إليه بتقرير الطعن بشأن اختصام رئيس مجلس النواب إلى موضع اَخر فى أسباب الحكم.

ومن حيث إنه عن طلب التدخل انضمامياً سواء للمطعون ضدهم أو لجهة الإدارة الطاعنة فإن قانون مجلس الدولة قد خلا من أي نص يتعلق بالتدخل في الدعوى، ومن ثم يسري بشأنه ما ورد بقانون المرافعات المدنية والتجارية. ولما كان المشرع أجاز التدخل في الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفعها قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها على أن يقدم الطلب قبل إقفال باب المرافعة، وينقسم التدخل لنوعين: أولهما: التدخل الانضمامي وفيه يبدي المتدخل ما يراه من أوجه دفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه، دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما فالمتدخل يبغى من تدخله المحافظة على حقوقه عن طريق الانضمام ويقصد به تأييد أحد الخصوم دفاعاً عن حقوقه في الدعوى، ويجوز طلبه ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة (236) من قانون المرافعات. وثانيهما: التدخل الهجومي أو الخصامي ويقصد به المتدخل المطالبة بحق ذاتي يدعيه لنفسه فى مواجهة طرفى الخصومة ويشترط لقبوله شرطان: (1)- أن يدعي طالب التدخل لنفسه حقاً، ومن ثم يشترط فيه المصلحة التى تبرر قبول التدخل فى هذه الحالة كل الشروط اللازمة لقبول الدعوى وهى أن تكون المصلحة قانونية حالة وقائمة، شخصية ومباشرة. (2) قيام الارتباط بين الطلب الأصلي الذى يسعى المتدخل للحكم لنفسه به وبين الدعوى الأصلية ووجود هذا الارتباط هو الذى يبرر تقديم هذا الطلب. ولذا فإن التدخل الهجومى يجيز للمتدخل أن يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتى يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة سواء تعلق طلبه بذات الحق المتنازع عليه أو بجزء منه أو بطلب آخر يتميز عن الطلب الأصلى ولكن مرتبط به قاصداً من تدخله الحصول على حكم فى مواجهة طرفى الدعوى، ولذا فإنه لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الطعن حتى لا تفوت درجة من درجات التقاضي، ومتى كان طالبوا التدخل انضمامياً قد طلبوا التدخل انضمامياً شفاهة فى الجلسة فى مواجهة الخصوم واُثبت ذلك في محضر الجلسة، وكانت لهم مصلحة مشروعة في التدخل قوامها إما اثبات مشروعية تصرف جهة الادارة أو عدم مشروعيته ومن ثم فإنه يتعين - والحال كذلك - قبول تدخلهم انضمامياً في الطعن، والاكتفاء بذكر ذلك فى الأسباب عوضاً عن المنطوق.

ومن حيث إن الدفع المبدى من المطعون ضدهم بعدم قبول الطعن لانتفاء مصلحة الطاعنين بصفاتهم غير سديد، ذلك أن الطاعنين بصفاتهم، وينوب عنهم هيئة قضايا الدولة لهم مصلحة محققة ومشروعة فى الطعن من وجهين أولهما: إثبات سلامة الإجراء الذي اتخذته الحكومة ونفى تصادمه مع أحكام الدستور والقانون وإثبات ولاية مجلس النواب وحده في هذا الشأن باعتباره اختصاصاً محجوزاً دستورياً له وسبيلها إلى ذلك مباشرة إجراءات الطعن. وثانيهما: ستعرض له المحكمة في ثنايا أسباب حكمها.

وحيث إن الحكم المطعون فيه، واستند إلى أحكام المواد 97، 151، 190 من الدستور الحالي وفيما تضمنته من حظر إبرام أية معاهدة أو اتفاقية يتوقف عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، وأن مصطلح الإبرام أعم وأشمل من مصطلح إقرار المعاهدات، وأن هذا الحظر يمتد إلى السلطة التنفيذية ويحظر عليها اتخاذ أي عمل من أعمال الإبرام بما فيها التوقيع إذا كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من الإقليم وهو حظر وقائي ومطلق، وأن لإقليم الدولة قداسة بالمعنى الوطنى وحرمة بالمعنى القانوني، وأنه يشكل وحدة واحدة لا سبيل إلى التنازل عن أي جزء منه، وأسس الدستور فكرة الاختصاص الممنوع أو المحظور على السلطة التنفيذية في مجال إبرام المعاهدات الدولية، وخلصت المحكمة إلى أن توقيع الحكومة على الاتفاقية بما ينطوي عليه من التنازل عن الجزيرتين (تيران وصنافير) هو عمل إداري يخضع لولاية محاكم مجلس الدولة طبقاً لأحكام المادة (190) من الدستور باعتباره من المنازعات الإدارية، وقضت برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم بصفتهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين.

ومن حيث إن تقرير الطعن ومذكرات هيئة قضايا الدولة والمذكرات المقدمة من المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين في الدعوى قد أشارت - في غير موضع- إلى سيادة الدولة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، ونظرية أعمال السيادة، ولأهمية النزاع المعروض فإن هذه المحكمة تبسط قضاءها على عُمد من التأصيل الواجب قبل أن تقطع بقضاء بات في سلامة الحكم المطعون فيه وصحة السبب أو الأسباب التي قام عليها تقرير الطعن، وتؤكد المحكمة علي أن للسيادة معنى سلبي وآخر ايجابي، والمعنى السلبى يقطع الاستقراء التاريخي له بأنها قد بدأت كفكرة سياسية ثم تحولت إلى فكرة قانونية، وينصرف إلى عدم خضوع الدولة لسلطة دولة أخرى، وعدم وجود سلطة أخرى مساوية لسلطة الدولة في داخل حدود البلاد، أما المعنى الإيجابي فإنه ينصرف إلى سلطة الأمر والزجر في داخل البلاد وتمثيل الدولة وترتيب حقوق لها والتزامات عليها، والمعنى المنضبط إنها تمثل وظيفة الحكم التي تظهر في الوظيفة التشريعية والتنفيذية والقضائية ومجرد الاستناد إلى هذا المعنى الإيجابي للسيادة لا يكفي وحده تبريراً لعدم الخضوع للرقابة القضائية – بحسبان الخضوع لرقابة القضاء لا يتنافى في ذاته مع فكرة سيادة الدولة بالمعنى الإيجابى والفصل في المنازعات وإرساء قواعد العدالة والمحافظة على حقوق الدولة وحريات الأفراد – أحد مظاهر السيادة العامة، والقول بغير ذلك يحيي فكرة اندثرت في العالم والفهم القانوني كانت تقوم على أساس أن السيادة حق أصيل للحاكم وهو مالكها (نظريات الحق الإلهي)، ومع ظهور مبدأ سيادة الأمة بعد نجاح الثورة الفرنسية - الدساتير الفرنسية البالغة 16 دستوراً منذ الثورة الفرنسية ومنذ دستور 1793 الذي لم يطبق بتاتاً وعلى حد تعبير الفرنسيين "mort née" أي ولد ميتاً، ودستور 1875 الذي أُلغي بعد غزو الألمان فرنسا ودخولهم باريس عام 1940-، استقر فى الوجدان القانونى أن صاحب السيادة هو مجموع المواطنين، ولم تعد هيئة من هيئات الدولة مالكة للسيادة وإنما تباشرها كوكيلة عن الشعب، ولا يمنع ذلك من القول بأن هناك نوع من الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية لا تخضع لرقابة القضاء، وأن مرجع الإعفاء ليس فكرة السيادة وإنما أسباب قانونية أخرى.

وإذا كان من المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن أعمال السيادة تتفق مع العمل الإداري في المصدر والطبيعة ويختلفا في السلطة التي تباشر بها السلطة التنفيذية العمل ذاته، مع تقرير وسائل مختلفة للحد من آثار أعمال السيادة التي قد تؤثر سلباً فى حقوق الافراد وحرياتهم إلا أن أنجع الوسائل لرقابة أعمال السيادة هو اللجوء إلى القضاء، والقضاء هو من يحدد أعمال السيادة بحثاً عن اختصاصه للفصل في النزاع المعروض، فإذ استوى العمل من حيث سلطة إصداره وطبيعته بأنه من أعمال السيادة قضى بعدم اختصاصه، ولا ريب أن القاضي عندما يباشر الاختصاص المعقود له بتحديد ما يعتبر من أعمال السيادة ليلحق به حصانة تعصمه من رقابة القضاء ليس مطلق اليد حر التقدير وإلا خرج على فكرة السيادة بالمعنى المشار إليه آنفاً، وإنما يحكمه التنظيم القانوني لممارسة السلطة الموصوفة بأنها عمل من أعمال السيادة، والنزاع الذي صدر بشأنه العمل، ثم يستخلص القاضي المتروك له تحديد طبيعة العمل في إطار اختصاصه وظروف ومستندات النزاع المعروض عليه، وهو ما يقطع - بداءةً – بعدم صحة المقارنة بين مسلك المحاكم حال تحديد طبيعة العمل وكونه من أعمال السيادة في الأنزعة المختلفة بحسبان سلامة الحكم ترتبط بالحالة المعروضة كُل على حدة.

ومن حيث إن تغيير الدساتير أو تعديلها يكون مرتبطاً إما بسقوط أنظمة الحكم أو تغييرها بالطريق الدستوري، ويستتبع فى غالب الأمر تغييراً في النظام القانوني الحاكم والمنظم للعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين أفراد الشعب وسلطات الدولة الحاكمة على وجه يقتنع معه الشعب فى إطار دستور – يصدر عنه بإرادته الحرة – بتحقيق السلامة القانونية لكافة أفراد المجتمع، ويجب أن يجاري النظام القانوني الجديد فكراً قانونياً جديداً يفسر ما غمض فى النظام القانونى من قواعده العامة والمجردة سواء لبس هذا الفكر ثوب التشريع مشرعاً أو انصب على عمل السلطة التنفيذية في الهيئات والوزارات والمصالح أو على منصة القضاء تنفيذاً لأحكام الدستور والقانون، وأخيراً في قاعات البحث والفقه القانوني، ومع وجوب تمسك الفكر القانوني بالثوابت فإن عليه أن يتماشى مع النظام القانونى الجديد، وما قد يحدثه من تغييرات تؤثر على الفهم الصحيح، ويوصم الفكر بالجمود إذا تمسك بالثوابت وأهمل المتغيرات التى تلحق بالمجتمع ونظامه الدستوري.

ومن حيث إن مصر في هذا العقد من الزمان – بعد ثورة الشعب (25 يناير / 30 يونيه) - وهى ثورة وصفتها ديباجة الدستور بأنها فريدة بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التي قُدّرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مُشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية - وهذا الدستور استولد عنه نظام قانوني جديد ألبس الفصل بين السلطات ثوباً جديداً، وتحددت فيه حدود سلطات الدولة دون تغول من سلطة على سلطة أخرى، وأٌعلى من شأن حق الإنسان المصري فى المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبناء دولته الجديدة مصطحباً تاريخ مصر الخالد وحضارتها العظيمة وموقعها الجغرافي المتميز، وقدم وعراقة شعبها وأصالته، وطبيعته وطبيعة تكوينه الفريد والمتنوع والذى يمثل سمتاً من سماته ويستعذب اَصالته كل من سرى فى شرايينه مياه النيل مسرى الدم.

ومن أجل ذلك - وهو بعض من كل – وجب على الفكر القانوني أن يتماشى مع التعديلات التي استحدثها الدستور على النظام القانوني المصري، ومن عموم القول السابق إلى خصوصية النزاع المعروض والمتعلق بحقوق السيادة على الأراضي المصرية، وحدود سلطات الدولة بشأنها وفقاً للدساتير المصرية المتعاقبة بدءً من الأمر الملكى رقم 42 لسنة 1923 بوضع نظام دستورى للدولة المصرية وانتهاءً بالوثيقة الدستورية الجديدة عام 2014، فقد نصت المادة (1) من دستور 1923 على أن "مصر دولة ذات سيادة، وهي حرة مستقلة، ملكها لا يتجزأ، ولا يُنزل عن شىء منه، وحكومتها ملكية وراثية، وشكلها نيابي"، ونصت المادة 46 منه على:"............، كما أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضي الدولة أو نقص فى حقوق سيادتها أو تحميل خزائنها شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق المصريين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها البرلمان ..................".

وبذات العبارات نطقت أحكام المادة (1) من الباب الأول من دستور 1930، كما حددت المادة (46) منه سلطات المَلك والبرلمان بشأن المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو نقص فى حدود سيادتها، وإذا كان دستور 1956 الصادر فى ظل الحكم الجمهورى قد أخذ بأبعاد قومية بشأن وصف مصر بأنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة، وأنها جمهورية ديمقراطية والشعب المصرى جزء من الأمة العربية فإنه تمسك بأن لا تنفذ معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضي الدولة أو التى تتعلق بحقوق السيادة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة (المادة 143 منه)، وهو ذات الشرط الذى اشترطه دستور 1964 (المادة 125 منه)، ودستور 1971 (المادة 151 منه)، ولقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير وتعطيل العمل بالدستور الأخير، وصدور دستور عام 2012 وتعديله بالدستور الحالي استدعت أحكامه بعض الأحكام الواردة بدستور 1923 انطلاقاً من المبدأ الراسخ بوحدة الأرض المصرية منذ عهد مينا حتى الآن، وعلى الوجه الذى كشفت عنه الأعمال التحضيرية للدستور بشأن سيادة الدولة على أراضيها، وذلك بفهم جديد متطور استقى من المبادئ السالف ذكرها فى أسباب هذا الحكم - وعلى الخصوص – حدود سلطات الدولة بشأن مسألة السيادة وحق التقاضى المقرر دستورياً ونفاذ القضاء إلى ما يتبلور حوله من أنزعة تستخلص من الفهم الصحيح للنصوص الدستورية، ومن نافلة القول الإشارة إلى أن فهم النصوص الدستورية أمر ليس محجوزاً لجهة قضاء بعينها والفهم يختلف عن الفصل في المسألة الدستورية والمحجوزة بلا منازع للمحكمة الدستورية العليا - وهو أمر تحرص عليه المحكمة الإدارية العليا قدر حرصها على الاختصاص الدستوري المقرر لجهة القضاء الإدارى - (وهو عكس ما أشارت إليه الجهة الطاعنة فى مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 22/10/2016).

ومن حيث إن المادة (1) من الدستور الحالي - دستور عام 2014 - تنص على أن: "جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها نظامها ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون .............".

وتنص المادة (151) من الدستور ذاته على أن: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور.

ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة.

وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة".

ولا جدال فى أن هذا النص الدستوري تضمن أحكاماً بعضها له مردود سابق بالدساتير المصرية المتعاقبة، وأحكاماً جديدة على النظام القانوني المصري تستوجب – كما سلف البيان – فهماً قانونياً جديداً، فمن سابق الأحكام أن إبرام المعاهدات سلطة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية ممثلة فى البرلمان - على اختلاف مسمياته - أما الأحكام الدستورية الجديدة بشأن المعاهدات تجلت فى أمرين: الأول: أن معاهدات الصلح والتحالف وكل ما يتعلق بحقوق السيادة لا يتم التصديق عليها إلا بعد استفتاء الشعب - وهو أمر واجب - لا تقدير فيه لسلطة من سلطات الدولة، وهذا القيد الواجب لا يخاطب فقط السلطة التى تبرم المعاهدة أو السلطة المقرر لها الموافقة فيما يدخل فى اختصاصها الدستوري، وإنما يمثل النكوص عنه حال لزومه استدعاء سلطة القضاء ولا يدفع أمامه حال تعلق الأمر بفكرة أعمال السيادة، فتلك الأعمال وإن انطبقت على الحالة الأولى من المعاهدات، ليس بها الوصف، وإنما باعتبارها أعمالاً برلمانية مقرر لرقابتها قواعد خاصة، فإن القيود الدستورية والضوابط التى حددتها الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) ترفع عن الأعمال المتصلة بها صفة كونها من أعمال السيادة ولا تقوم له أية حصانة عن رقابة القضاء. الثاني: الحظر الدستورى الوارد فى الفقرة الثالثة من المادة (151) بأنه لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، وهذا الحظر لا يشمل التنازل فقط وإنما أية مخالفة لمبدأ دستورى آخر.

وهو حظر لا يقف عند سلطات الدولة فحسب وإنما يمتد إلى الشعب ذاته، والذى قيدت إرادته فى التنازل عن الأراضى أو مخالفة الدستور، ويظل هذا الحظر قائماً طالما سرى الدستور استناداً لقاعدة قانونية مستقرة قوامها مبدأ سمو القواعد الدستورية وأنها طالما ظلت سارية ولم تعدل بالآلية الدستورية التى حددها الدستور ذاته تعين احترامها والالتزام بها ليس فقط من سلطات الدولة وإنما من سلطة الإنشاء (الشعب) ، وبالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للدستور تلاحظ أن لجنة الخبراء عند وضع نص المادة (1) من الدستور أشارت صراحة إلى اقتراح قُدّم من أحد الأعضاء بالنص صراحة أسوة بدستور عام 1923 على عدم جواز النزول عن أي من إقليم الدولة (الاجتماع الثاني للجنة الخبراء العشرة لمشروع التعديلات الدستورية فى 23 من يوليه 2013 ص 13 وما بعدها).

كما يتضح الأمر بجلاء لا لبس فيه ولا غموض عند مناقشة وإعداد المادة (145) والتى أصبحت فى الدستور الحالي تحت رقم المادة (151)، وعند عرض الجزء الأول من النص الدستوري رجُح فى اللجنة أنها لا تتعلق بمعاهدات الصلح ولا التحالف أو ما يتعلق بحقوق السيادة (فهذه يفصل فيها ويراقبها البرلمان)، أما المعاهدات الخاصة بالصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة: فذهب رأى إلى وجوب موافقة الشعب أُسوة بالمادة 53 فقرة أخيرة من الدستور الفرنسي (الاجتماع الثامن للجنة المشار إليها في 3/8/2013 ص 68،69 وبدءً من ص 73 من الاجتماع المشار إليه) وتبلور الأمر برأى ذهب إلى أن أى شئ يتعلق بحقوق السيادة لن يكون محلاً للمعاهدات ثم تبلور الرأى إلى أن المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة لا يكون لها قوة القانون إلا بعد الاستفتاء عليها وموافقة الشعب، وقبل الاتفاق على النص الدستورى ذكر أحد الأعضاء (المستشار ......ص 73، "الجزء الأول من نص المادة 145 ليس فيه أى مشكلة، الجزء الثانى تجب موافقة مجلس الشعب (النواب) بأغلبية ثلثي أعضائه على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة يتعين الاستفتاء وموافقة الشعب عليها لكى يستريح ضمير الجميع وأنا مع .... ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو الانتقاص من أراضي الدولة، لماذا ؟؟ لأن الحكم هنا سيكون مختلفاً عندما نقول مظهر من مظاهر السيادة مثل قاعدة عسكرية هذا نريد فيه استفتاء أما هنا فى مسألة الانتقاص من أراضي الدولة لم تعرض على الاستفتاء محرم عرضها على المجلس أو الاستفتاء كقاعدة عامة وهذه هى قيمة الإضافة وأنا أوافق على الإضافة" ثم قُرأت المادة بالصوغ الآتى: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس الشعب، وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها، وفقا لأحكام الدستور وتجب موافقة المجلس بأغلبية ثلثى أعضائه جميعاً على معاهدات الصلح والتحالف، وبالنسبة للمعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة فلا يكون لها قوة القانون إلا بعد الاستفتاء عليها وموافقة الشعب على ذلك.

ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها الانتقاص من إقليم الدولة"، ثم علق المقرر، "لا نريد أن نصعب الأمور نقول في الجزء الثانى من النص بعد كلمة التحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة بشروط الاستفتاء عليها ...... ولا يجوز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو تنتقص من إقليم الدولة وتنتهي".

وإذا كان النص الدستوري للمادة (151) الذى وافق عليه الشعب قد نقل حرفياً ما انتهت إليه لجنة الخبراء بخصوص الفقرة الأولى منه وبتصرف لا يغير المعنى فى الفقرة الأخيرة، فإن الفقرة الثانية والثالثة من الصياغة النهائية للدستور المستفتى عليها قدّمت وأوجبت دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة ومنعت التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بموافقة الشعب، وينعطف من هذه المغايرة معان قانونية ومفاهيم كثيرة يجب أن تُسجل وتُذكر:-

أولاً: أن الدستور المصري رسَخ مبدأ سيادة الشعب فى أعلى صورة فحظر أي التزام دولي على الدولة فيما يتعلق بهذه الأنواع من المعاهدات إلا بعد أخذ موافقة الشعب صاحب السيادة ومصدرها، فالتصديق وهو من سلطة رئيس الجمهورية مشروط بموافقة الشعب عبر استفتاء واجب، وفيه يحل الشعب محل السلطة التى تقوم مقامه بالتشريع والرقابة، وعلى رئيس الجمهورية أن يخاطب الشعب مباشرة طالباً رأيه الفاصل والملزم فى أية معاهدة محلها الصلح أو التحالف أو تتعلق بحقوق السيادة. والترتيب المنطقى للأمور أن يتوجه رئيس الجمهورية إلى الشعب طالباً رأيه، فإن أجاب طلبه بالموافقة استكملت إجراءات الاتفاق الدولي، وإن كان له رأى آخر زال أي اتفاق أو إجراء سابق تم اتخاذه.

ثانياً: أن التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة أو إبرام معاهدة تخالف أحكام الدستور المصرى- فرادى أو مجتمعة - تعد من الأمور المحظور إبرام أى اتفاق دولى بشأنها ولا تعرض على الشعب الذى أعلن إرادته عبر دستوره وحاصله إنه لا يُقبل التنازل عن أى جزء من الأرض أو مخالفة أى حكم من أحكام الدستور الذى يمثل الوعاء الأصيل للنظام القانونى الحاكم من ناحية والضمان الوحيد لاستقرار نظام الحكم من ناحية أخرى.

وقد جرى نص المادة (197) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب - المنشور في الجريدة الرسمية في العدد (14) مكرر ب بتاريخ 13/4/2016 ليعمل به اعتباراً من اليوم التالى لنشره الموافق 14/4/2016 وفقاً للمادة الثانية من مواد إصداره على أن: "يبلغ رئيس الجمهورية المعاهدات التي يبرمها إلى رئيس المجلس، ويُحيلها الرئيس إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإعداد تقرير في شأن طريقة إقرارها وفقًا لحكم المادة (151) من الدستور، وذلك خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ إحالتها إليها.

ويعرض رئيس المجلس المعاهدات وتقارير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية فى شأنها فى أول جلسة تالية، ليقرر إحالتها إلى اللجنة المختصة أو طلب دعوة الناخبين للاستفتاء عليها بحسب الأحوال.

وفى غير الأحوال المنصوص عليها فى الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) من الدستور، يكون للمجلس أن يوافق على المعاهدات أو يرفضها أو يؤجل نظرها لمدة لا تجاوز ستين يوما، ولا يجوز للأعضاء التقدم بأي اقتراح بتعديل نصوص هذه المعاهدات ويُتخذ قرار المجلس في ذلك بالأغلبية المطلقة للحاضرين.

ولرئيس المجلس أن يُخطر رئيس الجمهورية ببيان يشمل النصوص والأحكام التى تتضمنها المعاهدة والتي أدت إلى الرفض أو التأجيل.

وإذا أسفر الرأى النهائى عن موافقة المجلس على المعاهدة، أُرسلت لرئيس الجمهورية ليُصدق عليها، ولا تكون نافذة إلا بعد نشرها فى الجريدة الرسمية.

ولا يتم التصديق على المعاهدات المشار إليها فى الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور، إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء عليها بالموافقة."

ولامرية أنه بموجب الحظر الدستورى المذكور يمتنع على كافة سلطات الدولة التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة وتلحق ذات الصفة بأي إجراء سابق لم يراع الحدود الدستورية السارية حال إصداره، وبهذه المثابة يكون توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئى - حسب التعبير الجهة الإدارية الطاعنة – بتعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية متلحفاً برداء غير مشروع فى اتفاقية تبدو كأعجاز نخل خاوية فليس لها في الحق من باقية، وبنص المادة (197) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب سالفة البيان تحدد الاختصاص واستقام تخومه وهو يؤكد بقطع القول أن تغييراً في الاختصاص لسلطات الدولة قد ولد من رحم الدستور الساري واضحت يد مجلس النواب هي الأخرى بنص الدستور والقانون معاً مغلولة ومحظورة عليه مناقشة أية معاهدة تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم الدولة ومنها الجزيرتين محل الطعن الماثل، وما يخالف ذلك من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية هو والعدم سواء.

Comments

عاجل