المحتوى الرئيسى

ارتفاع الدولار ينعش تجارة الكلاب

01/16 10:36

اعتاد الشاب إسلام محمد 27 سنة، المرور بشكل شبه يومي على العديد من الشركات المختلفة بحثاً عن عمل دون جدوى منذ تخرجه من كلية التجارة جامعة عين شمس، عام 2014، إلى أن وقعت عيناه في أحد الأيام على مجموعة على فيسبوك تبيع كلاب الحراسة، فقرر التوقف عن البحث عن وظيفة روتينية والدخول في هذه التجربة.

"أحببت الكلاب منذ صغري وعندما كنت في المرحلة الابتدائية كنت أربيها فوق سطح المنزل وأرعاها، وكانت تدافع عني إذا ظنت أن أحداً سيهاجمني، ولكني تخليت عن هذه الهواية بسبب الدراسة، والآن عدت للتفكير في تحويل الهواية إلى تجارة وعمل حقيقي".

هكذا يقول الشاب محمد الذي يسكن منطقة "إمبابة" الفقيرة الواقعة بشمال غرب القاهرة، والذي ظل يعاني من البطالة عدة أعوام مثل العديد من أقرانه، وهو يحكي لـ "هافينغتون بوست عربي" تجربته في العمل الخاص بعد تخليه عن وهم انتظار الوظيفة المكتبية.

ويشرح محمد تجربته قائلًا: "قديماً عندما كنت هاوياً كنت أوزع الجراء الوليدة (الكلاب الصغيرة) على أصدقائي وأقاربي، ولكن عقب انتهاء دراستي الجامعية وانطلاقاً في رحلة البحث عن عمل، بدأت أنتبه إلى أن تربية الكلاب وبيعها عملية مربحة جداً خاصة في ظل عدم وجود فرص عمل مناسبة".

وحول العائد المادي من هذه التجارة، مقارنة بالراتب الذي كان يتوقع الحصول عليه من وظيفة أخرى، يقول: "الكلبة من النوع الجيد المستخدمة في الحراسة، تلد من 9 إلى 12 جرواً في المرة الواحدة ويمكن بيع الواحد بسعر يتراوح من 800 إلى 2000 جنيه أو 3000 عندما يكبر، أي حوالي 20 إلى 30 ألف جنيه في المرة الواحدة، وهو أعلى من أي راتب شهري للوظائف التي كنت أبحث عنها.

وسيلة التواصل مع المشترين تتم بحسب محمد كيف عبر الشكبات الاجتماعية والصفحات المتخصصة في البيع والشراء والتبادل، أصبحت أشبه بـ "متاجر" يبيع عبرها الشباب الراغب في الربح أي شيء: كلاب، ملابس، كتب".

ويشير إلى أنه كلما باع لزبون، أحضر له زبائن آخرين، كما أنه تصله اتصالات من الزبائن عبر الأرقام التي يضعها على صفحته، بما يسمح له التوسع خاصة في تجارة كلاب الحراسة التي يزداد الطلب عليها في ظل الأوضاع الأمنية المضطربة وانتشار المنتجعات السكنية المغلقة حول أطراف القاهرة.

وباتت كلاب الحراسة عملة نادرة في مصر تقبل عليها الشركات والمراكز التجارية وحتى دور العبادة وأصحاب المنتجعات السكنية، في ظل أجواء التفجيرات والتهديدات الأمنية بالبلاد، ما دفع شباناً مصريين ملوا من البحث عن عمل في ظل ارتفاع أرقام البطالة، لتبني فكرة تربية وتجارة هذه الكلاب، لتوفيرها بأسعار معقولة بدلاً من استيرادها بأسعار باهظة الثمن.

أحمد العربي أحد هواة تربية وتدريب الكلاب البوليسية، يؤكد بدوره لـ "هافينغتون بوست عربي" أن فكرة لجوئه لاقتناء وبيع كلاب الحراسة جاءت مع تراجع فرص الحصول على وظيفة، وتدهور الحالة الأمنية بالبلاد خاصة في المناطق النائية".

ويقول إنه يتاجر فيها من خلال البيع والشراء الإلكتروني، مؤكداً أن تجربته "توسعت مع زيادة الإقبال وانتشار سمعة جيدة للكلاب المولودة من سلالات أجنبية، والمدربة محلياً لتتحول تجارته إلى ما يشبه شركة تبيع وتشتري الكلاب".

توسع تجارته دفعه لاستئجار مكانين بالتجمع الخامس شرق القاهرة وعلى الطريق الدائري لتربية وتدريب الكلاب قبل بيعها، مؤكداً أن هناك أنواعاً للحراسة تهاجم اللصوص وتلاحقهم، وأخرى لاكتشاف المخدرات والحشيش، والثمن يختلف باختلاف النوع والوظيفة وتدريبها.

وكشف أن" بعض رجال الشرطة والجيش يشترون منه".

وحول نوعية الكلاب التي يقبل جمهوره على شرائها، يقول العربي لـ"هافينغتون بوست عربي": "كلاب البوكسر هجين من سلالة ألمانية توحي بالشراسة والعدوانية إلا أنها تتميز بالرقة والوفاء وبحبها الشديد لأصحابها وبخاصة الأطفال".

ويضيف: "هذه الأنواع ذات بنية جسمانية قوية ولا تتميز بالذكاء، ولكنها تعرف بالعداء وكثرة النباح، ولذلك تعتبر من نوعية كلاب الحراسة الممتازة، ولكنها لا تصلح للكشف عن المخدرات والمتفجرات ولا اكتشاف الأثر".

وسعر الجرو يتراوح ما بين 2000 جنيه فما فوق، حسب نقاء السلالة، بينما لو جرى استيراده من الخارج فقد يصل السعر إلى ألفي دولار أو أكثر أي قرابة 38 ألف جنيه، ويحتاج جوال طعام مستورد شهرياً يقدر قيمته بـ 40 دولاراً أو يتم إعداد أكل محلي له.

ويشير العربي إلى أن ميزة الكلاب المولودة والمدربة بمصر أنها لا تتأثر بارتفاع سعر الدولار، لهذا يقبل عليها أصحاب الفيلات أو الشركات، بينما سعر المستورد منها يزيد باستمرار.

وأوضح أن جمهور المستورد من هذا النوع هم غالباً من الأغنياء ومنهم أفراد الطبقة المتوسطة، وهؤلاء حبهم للكلاب ليس له حدود، وهناك آخرون يبحثون عن الونس أو يفتقدون للحب والوفاء الذي يقولون إنهم يجدونه في الكلاب.

اللافت أن أي كلب مستورد يأتي معه "الميكروشيب"، وهي حقنة يأخذها الجرو بعد الولادة تستمر عامين، وتتحول إلى رقم مثل الباركود الموجودة على منتجات السوبر ماركت.

ويأتي مع الكلب المستورد أيضاً "البيد جري"، وهي شهادة دلالة على نقاء سلالة الكلب حيث يكتب بتلك الشهادة بطريقة مبسطة شجرة العائلة التي ينحدر منها الجرو منذ أجداده، وتاريخ ميلاده واسم المزرعة التي ولد بها!.

"مصائب قوم عند قوم فوائد"، فقد راجت تجارة هؤلاء الشباب الهواة من أمثال "إسلام محمد" في كلاب الحراسة المستوردة، وأكثر منها تلك التي تجري تربيتها وولادتها في مصر، في أعقاب الارتفاع الكبير في أسعار كلاب الحراسة المستوردة، عقب تعويم الجنيه وتضاعف سعر العملات الأجنبية، ما دفع شركات حراسة وأفراداً للجوء لها بحثاً عن سعر أرخص.

وقال أعضاء في الغرفة التجارية المصرية لـ"هافينغتون بوست عربي" إن ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري ضاعف أسعار الكلاب المستوردة بغرض الحراسة، فضلاً عن صعوبة استيرادها في ظل عدم توافر الدولار، والقيود الصحية، حيث أن لكل كلب جواز سفر وشهادة صحية وأوراق إفراجاً جمركياً.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل