المحتوى الرئيسى

المثلث الإشكالى الذى يخلقه ترامب لإسرائيل

01/15 21:01

إن كل محاولة لتقدير كيف ستتطور علاقات إسرائيل مع الإدارة الأمريكية الجديدة يجب أن تبنى على معرفة شخصية الرئيس الجديد فى البيت الأبيض، وعلى دراسة تصريحاته السابقة بشأن مختلف الموضوعات المعقدة، وعلى معرفة الأشخاص الذين سيشكلون الطاقم الرفيع المستوى من حوله، وفهم حسابات الولايات المتحدة فى الساحة الداخلية والعالمية، وتحديد القوى التى تؤثر على الرئيس الجديد فى المجال الإسرائيلى ــ الأمريكى. فى الماضى كان هذا بسيطا نسبيا، لكن مقدار عدم اليقين الذى ستحمله معها إدارة ترامب فى ما يتعلق بهذا كله غير معهود.

بعد هذا التوضيح والتحذير نخاطر بالقول إنه من المعقول افتراض أن الرئيس ترامب سيساعد فى المحافظة على قوة إسرائيل العسكرية وسيؤيد المعونة التى تقدمها بلاده للبرامج الأمنية التى تتكوّن منها علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يتجدد اليقين حيال فرض الولايات المتحدة الفيتو فى مجلس الأمن فى الأمم المتحدة ضد القرارات المعادية لإسرائيل. وهذه مكونات حيوية فى المغلّف الأمنى الشامل لإسرائيل، لكنها ليست الوحيدة. ففى موضوعات حيوية أخرى من الممكن أن تشكل رئاسة ترامب تحديا لإسرائيل ولقدرة زعامتها على المناورة.

فى المثلث الإسرائيلى ــ الفلسطينى ــ الأمريكى على سبيل المثال، يجب ألاّ نتذكر فقط تعيين ترامب شخصيات مؤيدة للاستيطان فى مناصب أساسية فى إدارته، وإنما يجب أن نتذكر أيضا كلامه عن رغبته فى التوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. وهو سيكون أول من يقوم بذلك، إذا سمح له الطرفان، مستندا إلى خبرة عالم رجال الأعمال والصفقات المعقدة الخالية من المشاعر.

من الذى سيتغلب على من؟ ترامب المؤيد لإسرائيل والمحاط بمستشارين يهود صرحوا بدعمهم للمستوطنات؟ أو ترامب صانع الصفقات الذى المستوطنات بالنسبة إليه هى فقط عناصر فى صفقة ليس فيها حقوق تاريخية ولا مشاعر قومية، ولا تشكل التوراة والقرآن لديه مستندين مهمين من أجل تحقيق تلك الصفقة.

فى المثلت الإسرائيلى ــ الروسى ــ الأمريكى لن تكون الأمور سهلة أيضا، على الرغم من أن الأجواء الجيدة التى تسود بين ترامب وبوتين تبعث على الأمل بأن يساعد الرئيس الأمريكى فى التأثير على روسيا من أجل أخذ مصالح إسرائيل الأمنية فى الاعتبار. لكن من جهة أخرى من المحتمل أن يتجاهل صانع الصفقات من واشنطن وجهة النظر الإسرائيلية ويتوصل مثلا إلى تفاهمات مع بوتين بشأن مستقبل سورية لا تتلاءم مع مصالح إسرئيل السياسية والأمنية.

يحافظ رئيس الحكومة الإسرائيلية على حوار دائم مع بوتين وسيفتح صفحة جديدة من العلاقات مع رئيس الولايات المتحدة الجديد، لكن هذا لا يضمن أن الطرفين الآخرين فى المثلث، ترامب وبوتين، سيعتبرانه شريكا مساويا فى القوة يمكن أن يعطيا مواقفه أهمية بشأن موضوعات مثل إيران أو سورية.

لكن الأكثر إشكالية سيكون المثلث الإسرائيلى ــ الصينى ــ الأمريكى. لم يترك ترامب مجالا للشك فى أنه يعتبر الصين خصما اقتصاديا وسياسيا. ويشير تبادل التلميحات بينه وبين نظام بيجينج والذى بدأ قبل دخوله إلى البيت الأبيض، إلى علاقات متوترة وعلى درجة عالية من العداء المتبادل. يجرى هذا كله بينما رئيس الحكومة نتنياهو يعتبر الصين رصيدا استراتيجيا واقتصاديا، وبينما يعاقب أوكرانيا والسنغال أو بريطانيا على دعمهم قرار مجلس الأمن الذى يدين المستوطنات، فإنه يغض النظر عن تصويت الصين مع القرار.

إن التعاون بين شركات صينية وإسرائيلية حتى لو لم يتناول موضوع الأمن، يمكن أن تنظر إليه واشنطن نظرة انتقادية، خصوصا إذا شمل هذا التعاون مجال السايبر. كما يمكن إضافة موضوع السايبر إلى مشكلات المثلت الروسى ــ الإسرائيلى ــ الأمريكى.

من المتوقع أن تظهر فى مثلث ترامب ــ نتنياهو ــ يهود الولايات المتحدة، المعقد والمهم، مشكلات تحتاج إلى معالجة دقيقة. ثلاثة أرباع اليهود فى الولايات المتحدة صوتوا فى الانتخابات الأخيرة إلى جانب المرشحة المنافسة لترامب.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل