المحتوى الرئيسى

متاهة «تيران وصنافير» فى ساحات المحاكم

01/15 23:10

تشابكت خيوط قضية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية التى أفضت إلى سيادة سعودية على جزيرتى تيران وصنافير داخل أروقة القضاء، ووصلت إلى مرحلة التعقيد بالنسبة لكثير من المتابعين لمسار الأحداث، لاسيما من غير المختصين فى شئون القضاء، وزاد من تعقيد الصورة وضبابية المشهد تداخل القرارات والتحركات السياسية مع الحيل والمسارات القضائية فى أروقة المحاكم.. فى السطور التالية تنشر «الدستور» خريطة لمسار النزاع القضائى داخل أروقة المحاكم منذ انطلاقه عقب موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسى على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، تمهيدًا لإحالتها إلى البرلمان وحتى الآن، كما نرسم السيناريوهات المستقبلية لمسار الحكم وتأثير كل سيناريو فى القرار السياسى.

«القضاء الإدارى» قضت ببطلان «ترسيم الحدود» استنادًا إلى وثائق حكومية رسمية

«الأمور المستعجلة» أوقفت بطلان الاتفاقية.. والحكومة تواجه بـ«سيف السيادة» أمام «الدستورية»

260 طعنًا قضائيًا تلقتها محكمة القضاء الإدارى ضد اتفاقية ترسيم الحدود

6 جلسات نظرت خلالها «الإدارية العليا» طعن الحكومة على حكم بطلان «ترسيم الحدود»

بداية النزاع القضائى حول اتفاقية ترسيم الحدود كانت أمام محكمة القضاء الإدارى، إذ توالت الطعون أمام المحكمة على التوقيع منذ اليوم التالى لتوقيعها فى 10 إبريل من العام الماضى باعتباره قرارًا إداريًا من الأفراد والمؤسسات، وبلغ إجمالى الطعون أمام دائرة «الحقوق والحريات» قرابة 260 طعنًا قضائيًا، تم نظر أولى جلساتها فى 17 مايو من العام الماضى، على مدار 4 جلسات بالمحكمة و10 جلسات أمام هيئة المفوضين لتحضير التقرير القانونى فى الطعون، وفى الطرف الآخر «المطعون ضده» فوضت هيئة قضايا الدولة ممثلة عن الحكومة المستشار رفيق عمر الشريف، لتولى ملف القضية أمام القضاء.

فى جلسة 7 يونيو 2016 أودعت هيئة المفوضين بالمحكمة تقريرها القانونى أوصت فيه بتشكيل لجنة من الخبراء، لبحث تبعية الجزيرتين، وطالبت الهيئة بضرورة الاستعانة بأهل الخبرة فى كل من المجالات: «التاريخية والجغرافية والخرائط والطبوغرافيا، والعلوم الأخرى ذات الصلة»، خاصة بعد تأخر جهة الإدارة عن تقديم المستندات الفاصلة فى الدعوى، بالرغم من تكليف المحكمة لها أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى وتغريمها مبلغ 200 جنيه لتعطيلها الفصل فى الدعوى.

وفى جلسة 21 يونيو، أصدرت محكمة القضاء الإدارى أول حكم فى القضية ببطلان الاتفاقية، وأكدت المحكمة، وقتها، أن مصر دولة أكثر من خمسة آلاف سنة فى موقعها المعلوماتى للكافة وزادت مساحتها فى أوقات قوتها إلى ما حولها من أراضٍ، ورغم أنها تعرضت لغزو واحتلال، فإنها لم تزل من الوجود فى أى وقت وظل إقليمها متميزًا، وارتبطت سيناء وجزيرتا تيران وصنافير والجزر المصرية فى خليج السويس والبحر الأحمر ارتباطًا لا يتجزأ بمصر، وطبقت مصر على الجزيرتين قوانين ولوائح مصرية واللوائح الخاصة بالحجر الصحى وتضمنت اللائحة المختصة تحصين سير مصلحة الصحة الصادر فى ٣ يناير ١٨٨١ فى المادة ١٠، كما طبقت مصر على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة فى ٢ إبريل سنة ١٨٨٤ ووقعت الجزيرتان فى حدود تطبيق الجمارك.

وأضافت المحكمة أن الثابت من صورة أمر العمليات رقم ١٣٨ الصادر عن وزارة الحربية والبحرية المصرية فى ١٩ يناير ١٩٥٠ إلى سفينة مطروح أنه خاص بتوصيل قوى عسكرية لجزيرة تيران وإنشاء محطات إشارات بحرية بالجزيرة، وأن الثابت من صورة قائد البحرية المصرية إلى مدير مكتب وزير الحربية والبحرية المصرية المؤرخ ٢٢ فبراير ١٩٥٠ بشأن تموين القوات المصرية الموجودة بتيران وصنافير، وأن مصر فرضت حصارًا بحريًا على إسرائيل ومنعتها من المرور من مضيق تيران، وأثير الموضوع فى منظمة الأمم المتحدة وتمسكت مصر بسيادتها على الجزيرتين، وأنه صدر قرار وزير الداخلية المصرى رقم ٨٦٥ لسنة ١٩٨٢ ونشر فى الوقائع المصرية فى ٤ مايو لسنة ١٩٨٢، والذى ينص على أن تنقل شرطة جزيرة تيران من قسم سانت كاترين إلى قسم شرطة شرم الشيخ جنوب سيناء، وأنه صدر قرار وزير الزراعة المصرى والسياحة والمتضمن حظر صيد الطيور فى جزيرتى تيران وصنافير واعتبار المنطقة منطقة سياحية مصرية، واعتبارهما محميات طبيعية مصرية طبقًا لقرار الحكومة المنشور بالوقائع المصرية سنة ١٩٨٣ فى نوفمبر، وأنه صدر قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع رقم ٣٦٧ لسنة ١٩٨٦ بشأن تحديد المناطق الاستراتيجية ذات الطبيعة العسكرية، والتى لا يجوز تملكها ومنها جزيرتا تيران وصنافير، كما تضمن أطلس مصر الصادر عن إدارة المساحة العسكرية بوزارة الدفاع عام ٢٠٠٧ أن جزيرتى تيران وصنافير ضمن حدود الدولة المصرية.

عقب صدور حكم القضاء الإدارى مباشرة أعلنت هيئة قضايا الدولة ممثلة عن الحكومة، الطعن على الحكم، حيث رأت أنه صدر مخالفًا للدستور والقانون والسوابق القضائية، وتقدمت بالطعن ونظرته المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، على مدار 6 جلسات، وفى جلستها الأخيرة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم الإثنين، بعد إيداع هيئة المفوضين بالمحكمة تقريرها فى القضية.

تقرير هيئة المفوضين جاء «شديد اللهجة» حيث ذكر أنه ينبغى على المجتمع الدولى ألا يشجع ممثلى الدول على مخالفة قوانينها الداخلية، بل على العكس عليه أن يشجعهم على احترام القوانين، بالإضافة لكون الشعوب هى التى تتحمل الالتزامات المترتبة على تلك المعاهدات المخالفة للقانون الداخلى، كما أنه لا يجوز التحجج بمعرفة أطراف المعاهدة الدولية لقواعد القانون الداخلى، حيث إن ثورة المعلومات الخارجية لكل دولة تساعد الدولة على معرفة مدى مطابقة تصرفات ممثل الدولة لدستورها من عدمه.

وأن الاتفاقية المعروضة والتى ترتب عليها تنازل عن الإقليم المصرى أضحت هى والعدم سواء، وباتت باطلة بطلانًا مطلقًا لاجتراء مبررها على نصوص الدستور، وهى قاعدة أساسية لقواعد القانون الداخلى للدولة المصرية ولمخالفتها أحكام اتفاقية فيينا بما ينقضها ويفض التزاماتها ويكون القضاء ببطلانها هو مصيرها المحتوم مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها وقف أى عمل من أعمال الإخلاء للجزيريتن أو تسليمها مع بقائها كجزء من الإقليم المصرى وخاضعتين للسيادة المصرية.

وذكرت «المفوضين» أنه لم يثبت بالأوراق أن رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت صاحب الاختصاص الأصيل فى تمثيل الدولة المصرية قد صدر عنه خطاب أو رسالة أو بيان يؤيد ما انتهى إليه اجتماع مجلس الوزراء المشار إليه، فعلى الرغم من تعدد الخطابات الموجهة من ملك المملكة العربية السعودية إلى رئيس جمهورية مصر العربية، والتى قدمها الحاضر عن الدولة بشأن الجزيرتين، فإن هذا الأخير لم ينسب إليه ردود فى هذا الشأن برغم إرسال أكثر من استعجال سواء من ملك المملكة العربية السعودية أو من وزير خارجيته، وظل الموقف الرسمى المصرى من الجزيرتين ثابتًا تمارس مصر كامل مظاهر السيادة عليهما دون أن تعترف بالطريق الرسمى بالادعاءات بملكية السعودية للجزيرتين.

انتهت هيئة المفوضين إلى أنه يظل ما انتهى إليه اجتماع مجلس الوزراء مجرد اقتراحات أو توصيات دون أن تتوج بالعمل القانونى الصحيح من المنوط به دستورياً مباشرة هذا الاختصاص، فلا يمكن أن تفسر تلك الأعمال والتوصيات بأنها موقف رسمى من الدولة تقر فيه بملكية السعودية للجزيرتين، كما أن الممارسات اللاحقة من الحكومة المصرية تقطع بعدولها عن رأى مجلس الوزراء، حيث صدرت عدة قرارات تفصح عن تمسك مصر بسيادتها على الجزر، فصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2035 لسنة 1996 متضمناً استمرار جزيرتى تيران وصنافير كمحميتين طبيعيتين وفقًا للقانون رقم 102 لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية.

لجأ عدد من المؤيدين لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية لمحكمة الأمور المستعجلة لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى، وهو ما استجابت له المحكمة فى أكتوبر الماضى، وقضت بوقف تنفيذ الحكم، مؤكدة أن حكم القضاء الإدارى باطل، وأنها تغولت على اختصاصات السلطة التنفيذية، وأن الاتفاقيات الدولية تقع ضمن الأعمال السيادية التى تنأى عن رقابة القضاء، وبعدها قام الرافضون للاتفاقية بالطعن على حكم الأمور المستعجلة أمام الدرجة الثانية «مستأنف الأمور المستعجلة»، لكن المحكمة رفضت طعنهم فى 31 ديسمبر الماضى، وأيدت حكم أول درجة، وأيدت صحة الاتفاقية.

وذكرت المحكمة أن حكم القضاء الإدارى قضى فى أمر يتعلق بشئون الدولة وعلاقتها بدولة أجنبية مما قد يؤثر بالسلب أو الإيجاب على مصلحة الوطن، وذلك حسب وجهة نظر كل مواطن، وأن حكم القضاء الإدارى صدر «منعدمًا»، ويحول دون اعتباره موجودًا منذ صدوره ولا يرد عليه التصحيح، ذلك لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه ولا تلحق به سمة حصانة، ولا يحتاج هذا الأمر إلى حكم يقرره أو ينشئه، لأن العدم لا يحتاج إلى ما ينشئه أو يقرر بانعدامه، ولا يلزم الطعن فيه أو إقامة دعوى بطلب إبطاله.

وأنه لما كان يتعين على المحكمة بعدما كشفت وأظهرت حقيقة حكم القضاء الإدارى وصدوره معدوماً عديم الحجية من جهة لا ولاية لها فى إصداره، وأن فى تنفيذه عدوانًا صارخًا على أحكام الدستور والقانون والإخلال بالمبادئ الدستورية والنيل من سيادة الدولة، أن تتصدى لهذا الحكم المنعدم وتقضى بوقف تنفيذه بصفة مطلقة.

استمرارًا لتداول القضية أمام الهيئات القضائية، أقامت هيئة قضايا الدولة منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية، على حكم القضاء الإدارى ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية المتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، وذكرت الهيئة أن هناك خطأ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى لعدم التزامه بأحكام الدستورية العليا بما يعيق سريان الأحكام، وذلك فى طلب منازعة التنفيذ، الذى قدمته للمحكمة الدستورية العليا برقم 37 منازعات تنفيذ لسنة 38 قضائية، وتنظر المحكمة منازعة التنفيذ وتم تأجيلها لجلسة 12 فبراير المقبل.

وقالت الهيئة إنها أكدت أيضًا أسانيد دفاعها ودلالة المستندات الرسمية المقدمة منها أمام المحكمة الإدارية العليا، والتى تؤكد أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية من أعمال السيادة، وأنه لا صحة لما رددته أسباب حكم القضاء الإدارى من قول بأن الاتفاقية قد تضمنت تنازلًا عن جزيرتى تيران وصنافير، والتى أثبتت المستندات الرسمية سعوديتهما، وأن الحكومة المصرية قد وافقت على إعادتها للسعودية سنة 1990، وأرجأت تنفيذ قرارها بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية لحين استقرار الأوضاع بالمنطقة.

رئيس المجلس: سنتعامل مع القضية بعقل وقلب

قال الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، إن المجلس سيدرس ملف اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التى تتضمن التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة، من جميع الزوايا، وسيأخذ وقته كاملاً فى النقاش والدراسة، كما أكد أنه ليس هناك أى عجلة فى الدراسة، وسيجرى الاستعانة بالخبراء المتخصصين، موضحاً أن المجلس سيتعامل بعقل وقلب أمام الرأى العام.

أحمد سعد: الاتفاقية لم تخرج من مكتب عبدالعال

قال المستشار أحمد سعد، أمين عام مجلس النواب، لـ«الدستور» إن اتفاقية تيران وصنافير المرسلة من الحكومة للبرلمان للبت فيها بشأن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، ما زالت بمكتب رئيس مجلس النواب على عبدالعال، ولم تُحل لأى لجان بعد، مشيراً إلى أنه لم يحدد أيضاً وقتاً لإرسالها للجان.وكشفت مصادر برلمانية لـ«الدستور» أن اتفاقية تيران وصنافير لن يبت فيها المجلس قبل صدور حكم المحكمة حيال تلك الاتفاقية، مشيرة إلى أن أمر البت فيها غير مرتبط بالحكم ذاته. وأوضحت المصادر أن أمر البت فيها قد يستغرق شهرين أو أكثر، مشيراً إلى أن الاتفاقية ستحال إلى 4 لجان، هى العلاقات الخارجية والشئون الدستورية والشئون العربية والدفاع والأمن القومى، لمناقشتها أولاً ثم عرضها على مجلس النواب.

حق الشعب: يجب بث جلسات المناقشة على الهواء

قال النائب عاطف مخاليف، عضو لجنة حقوق الإنسان، لـ«الدستور»: إن 90% من نواب الشعب مع مصرية تيران وصنافير.

Comments

عاجل