المحتوى الرئيسى

تعرف على «الجلاب».. حلويات الصعيد

01/15 12:57

«عسل يا جلاّب» هكذا ينادي البائع على بضاعته المميزة في الأسواق والشوارع في محافظات الصعيد، أقماع من الحلوي الجافة لونها ذهبي، يأخذك مذاقها الناعم بسرعة إلى نكهة ورائحة العسل الأسود المستخرج من قصب السكر المحصول الاستراتيجي في محافظات الصعيد، جنيه واحدًا أو مايزيد يكفي لتتذوق تلك الحلوي المبهجة.  

«الجلاّب» في اللغة العربية تعني العسل أو السكر المعقود بماء الورد، ولكن المرادفات الشعبية تطرح بدائل أخرى للمعني فهو تلك الحلوي الذهبية التي تجلب الناس من حولها وتخطف الأبصار بشكلها الأسطواني المميز وتستوقف المارة لشرائها.

مع حلول فصل الشتاء وموسم حصاد محصول القصب تنشط المصانع الصغيرة والتي يعمل بها عشرات الشباب في قرية «القناوية» جنوب شرق مدينة نجع حمادي في محافظة قنا ، والتي تعتبر من أهم مراكز صناعة «الجلاّب» في محافظات الصعيد، في إحياء تلك الصناعة التراثية التي لم تتطور في وسائل صناعتها وأدواتها المختلفة، وكأنها تحاول أن تثبت أنها قادرة على البقاء كصناعة وتأبي التطور.

وأنت تترجل في قرية «القناوية» سيدلك الأهالي ويصحبك الأطفال إلى العديد من المصانع الصغيرة التى تذحر بها القرية المنتجة لتك الحلوى، سعد حسن محمد، يعمل مدرس، ورُث مهنة صناعة «الجلاّب» عن أجداده منذ 25 سنة ويملك مصنعًا صغيرًا ضمن مصانع القرية مساحته قيراط واحد ويعمل به 5 عمال بأدوات قديمة.

تتطلب صناعة «الجلاّب» نوع من العسل الأسود بمواصفات معينة، حيث يشترط أن تكون كثافته خفيفة وغير مطهو جيدًا، وتبدأ صناعة تلك الحلوي بوضع كميات العسل الأسود في أوعية كبيرة تسمي «النحاسة»، وهو الاسم الشائع الذي يطلق على مصانع «الجلاّب» الصغيرة في القرية.  

يشرح «سعد حسن» مراحل الصناعة يقول .. نبدأ بغلي العسل مع التقليب المستمر حتي يصل إلى مستوي معين من الزوجة وهي المرحلة الأولي في الصناعة، ثم يتم نقل العسل بواسطة «مغرفة» عريضة مصنوعة من الصاج تسمي«الخوجة» إلى وعاء أخر نطلق عليه «المحلب» ونعرض العسل لدرجة حرارة عالية مع التقليب المستمر بواسطة «المضرب» حتي يزيد سمك وكثافة العسل ويضاف إليه نسبة معينة من بيكربونات الصوديوم وهي التي تعمل علي تحويل العسل إلى اللون الذهبي كما أنها تزيد من كمية الإنتاج وتخفف من وزن المنتج من الحلوي، لافتًا إلى أن إضافة بيكربونات الصوديوم هي الإضافة الوحيدة التى طرأت علي صناعة الجلاّب واستحدثت منذ 40 سنة فقط، أما باقي مراحل الصناعة وأدواتها فهي متوارثة بنفس الكيفية.   

ويضيف مالك المصنع في المرحلة الأخيرة يتم صب «الجلاّب» الخام في قوالب فخارية ليأخد الشكل الأسطواني الذي يشتهر به، ويتم تحضير القوالب الفخارية جيدًا بغسلها للمحافظة علي نظافة المنتج وحتي لا تلتصق به الحلوي، ويتم نقل المنتج من المصنع في أقفاص مصنوعة من سعف النخيل إلى أماكن البيع كما يحضر إلى المصنع الباعة لشراء كميات وبيعها في المحافظات المجاورة.

ونوجد 6 أحجام من «الجلاّب» كلا على حسب سعره، أما عن المكيال المتعارف عليه في هذه الصناعة، فهو كما يطلقون عليه «الصفيحة»  نسبة إلى صفيحة العسل الأسود، وتختلف أحجامها تبعا لعدد القطع، حيث تبدأ من 150 قطعة بزيادة 50 على كل صفيحة أكبر، والحد الأقصي لها 400 قطعة، وذلك كله يكون تبعا لحجم القطعة ذاتها.

وتوجد عدة أسباب يسوقها أصحاب المصانع تفسر ارتباط تلك الصناعة بمحافظة قنا، ومنها أن صناعة «الجلاّب» تتطلب نوعًا معين من العسل الأسود ويرتبط ذلك بنوعية التربة التي يزرع فيها محصول قصب السكر، بالإضافة إلى ندرة «الصنايعية» ذو الخبرة في تلك الصناعة.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل