المحتوى الرئيسى

د. ناصر زيدان يكتب: ترامب والعلاقات الصينية- الأمريكية | المصري اليوم

01/15 02:00

أولى المفاجآت التى صنعها دونالد ترامب بُعيدَ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، كانت اتصاله الهاتفى مع رئيسة تايوان، تساى انغ وين، فى 8 نوفمبر 2016. حاول المقربون من ترامب تخفيف أهداف الاتصال بعد الضجة التى أحدثتها الصين، ولكن تطور الأحداث لاحقاً أكد أن المحادثة لم تكن عفوية، وأن ترامب يملك بعض التحفظات على العلاقات القائمة بين الولايات المتحدة والصين، ولديه رؤية خاصة لمستقبل هذه العلاقات، قد لا تُرضى الجانب الصينى، أو أنها قد تؤدى إلى تغيير جذرى فى شكل العلاقة بين البلدين، وفى مضمونها.

الضجة الصينية حول الاتصال مع تساى انغ وين لم تُثن ترامب عن الإعلان عن استعداده للقائها بعد 20 يناير الحالى، تاريخ تسلُمِهِ المسؤولية رسمياً، خصوصاً إذا قامت انغ وين بزيارة إلى الولايات المتحدة بعد هذا التاريخ.

يبدو أن ترامب تعمَّد أكثر من مرة، خلال حملته الانتخابية وبعدها، الإشارة إلى التساهُل الذى تمارسه إدارة الديمقراطيين، برئاسة باراك أوباما، مع الصين، مما أدى - برأيه - إلى اختلال كبير فى الميزان التجارى بين البلدين لصالح بكين، وأدى أيضاً إلى توسُّع لنفوذ الصين فى منطقة شرق آسيا وجنوبها على حساب انحسار الدور الأمريكى، وأوضح دليل على هذه الواقعة هو تجرؤ الرئيس الفلبينى الجديد، رودريغو دوتيرى، على التمرُّد على السياسة الأمريكية، وفتح قنوات اتصال مع خصومها فى المنطقة، علماً أن الفلبين تعتبر الحليف الأهم لواشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم.

النمو المُتسارع للاقتصاد الصينى يُخيف الشركات الأمريكية، ويولِّد الخشية لدى إدارة ترامب الجديدة من وصول بكين إلى مكانة تسمح لها بمنافسة واشنطن فى ملفات دولية كبيرة، ومنها ملفات أمنية وعسكرية، تعتبرها من الثوابت التى لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها، خصوصاً على سبيل المثال: حرية الحركة فى بحر الصين الجنوبى، حيث تنظر إليه واشنطن على أنه مياه دولية عامة، بينما أصبحت بكين تعتبره جزءاً أساسياً من مياهها الإقليمية.

ولا يرتاح ترامب وكبار مساعديه إلى تجاوز التبادل التجارى بين البلدين عتبة الـ600 مليار دولار، يُقارِب العجز فيه إلى النصف لغير مصلحة الولايات المتحدة. كما أن الدخل المحلى الإجمالى للصين ينمو بخُطىً مُتسارعة، وقد أصبح الثانى فى العالم بعد الولايات المتحدة، وتجاوز الـ9000 مليار دولار.

الملف الآخر الذى يُساهم فى تعكير العلاقات بين ترامب والقيادة الصينية هو موضوع كوريا الشمالية. لا سيما بعد أن أعلنت بيونغ يانغ عن قرب إنتاجها لصواريخ عابرة للقارات، ويمكن أن تطال الأراضى الأمريكية، وهى قادرة على حمل رؤوس نووية.

فترامب قال إن الصين تستفيد إلى أبعد الحدود من الولايات المتحدة، وهى تبيع منتجاتها فى الأسواق الأمريكية، ولا تبذل أى جهد لضبط التهوُّر الكورى الشمالى - على حدِ تعبيره.

التحدى الكورى الشمالى لسياسة ترامب قد يفرض عليه خريطة طريق جديدة، يتجاوز فيها أغلبية ما أعلنه إبان حملته الانتخابية. فالصين ليست وحدها مَن يحمى الاندفاعة الكورية، بل إن موسكو تتوافق مع بكين حول الملف الكورى، سواء من قبيل المجاملة لها، أو لناحية الحفاظ على العلاقات القديمة التى تربط روسيا بكوريا الشمالية، وهذا الموضوع سيؤثر سلباً على مستقبل العلاقات الواعدة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. وبطبيعة الحال فإن المصالح هى التى تغلُب على الكيمياء الشخصية بين الرؤساء، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بقضايا دولية كبيرة، حيث لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، بل مصلحةٌ دائمة.

قد يكون ملف العلاقات الصينية - الأمريكية هو الملف الأكثر إثارة فى مشهدية النموذج الجديد من الإدارات الأمريكية التى تغلُب عليها سمةُ الحماسة والانفعال.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل