المحتوى الرئيسى

"الماضي المشترك".. الأصول العربية للآداب الشعبية الغربية

01/14 11:56

غلاف الطبعة الجديدة من كتاب "الماضي المشترك" عن دار رؤية للنشر والتوزيع

لم يعد من الغائب في أدبيات الدراسات الثقافية والفلكلورية المعاصرة الدور الكبير الذي لعبته الآداب العربية، خاصة في مادتها الشعبية الغنية، في إخصاب الثقافات الغربية والآداب الأوروبية خاصة في جانبها الفلكلوري. دراسات عديدة عبر ما يزيد على القرنين أشبعت هذه التأثيرات دراسة وتحليلا، لكن يظل من بينها دائما دراسات وكتب احتفظت بوهج خاص وبريق متجدد، لغنى ووفرة مادتها التي اعتمدت عليها في الدراسة أولا، وللمنهج التحليلي الذي اعتمدته في دراسة هذه المادة ثانيا، وثالثا للأسلوب الذي كتبت به.

من بين هذه الأعمال والمؤلفات ينفرد كتاب الباحث الشهير أ. ل. رانيلا المعنون "الماضي المشترك بين العرب والغرب ـ أصول الآداب الشعبية الغربية"، والذي ترجمته بأمانة واقتدار الأستاذة القديرة الدكتورة نبيلة إبراهيم، عميدة دراسات الأدب الشعبي والثقافة الشعبية، بالجامعات المصرية والعربية، والذي صدرت منه طبعة جديدة (تقع في 384 صفحة من القطع الكبير) عن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة.

ربما لا يعد هذا الكتاب، الذي صدرت ترجمته العربية للمرة الأولى قبل ثمانية عشر عاما (صدر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية تحت رقم 241 في يناير من العام 1999) أول بحث يشير إلى موضوع انتقال آداب عربية بعينها إلى العالم الغربي، ولكنه يعد، بما يحتويه من موضوعات متنوعة، فريدا في نوعه في هذا المجال. ويرجع هذا التفرد إلى اقتناع المؤلف بأن تراثا أدبيا عربيا ضخما دخل العالم الغربي في العصور الوسطى، وما زال أثره باقيا حتى اليوم.

كما أشار المؤلف في فصل كامل من "الماضي المشترك" إلى كتاب "ديسيبلينا كلير يكالي" الذي كان له بالغ الأثر في نقل التراث العربي، وربما فاق كتاب "ألف ليلة وليلة" في شهرته في العالم الغربي. ويحتوي هذا الكتاب على أروع القصص العربي الذي أفرزه الحس الشعبي العربي.

ترجع طرافة المادة الضخمة التي أتى بها الكتاب، وأهميتها في الوقت نفسه، إلى تنوعها الهائل الذي يغطي مجالات متعددة، منها الديني والبطولي والتاريخي والاجتماعي. ولما كانت الحضارة العربية قد انصهرت فيها الحضارات السابقة عليها، بعد أن دخلت شعوبها في الإسلام، فإن المادة التي قدمها الكتاب ‹تمثل جماع التراث الغني ببعديه التاريخي والحضاري. ولم يرتكز المؤلف في مادته على مؤلفات فردية، أو أدب فردي، بل ارتكز على التراث الشعبي العربي القومي الذي يأخذ في رحلة معرفية بعيدة المدى نكتشف من خلالها إلى أي حد ترك هذا التراث أثره في الأدب الغربي بصفة خاصة والفنون الغربية بصفة عامة.

نقول مترجمة الكتاب في تصديرها للترجمة العربية "لعل هذا الكتاب يكون فاتحة دراسات موسعة باللغة العربية في الأدب الشعبي المقارن، تستكمل الخريطة الشاملة لمسار القصص والأساطير والحكايات الشعبية العربية في علاقاتها المتشابكة بالفولكلور العالمي. ولعل مؤلف هذا الكتاب من المؤلفين الغربيين القلائل الذين يعترفون بالأرض المشتركة بين الثقافتين الشعبيتين: الغربية (وهو يركز على الإنجليزية) والعربية، مؤكدا أن "ثقافة العصور الوسطى كانت في الحقيقة إغريقية لاتينية عربية".

ولعله بات من الثابت المستقر في الدراسات الثقافية أن اكتشاف الأوروبيين لعالم "ألف ليلة وليلة" تم من خلال ترجمة أنطوان جالان الفرنسية في مطلع القرن الثامن عشر وما تبعها من ترجمة حكايات فارسية وحكايات تركية، وترجمة كل ذلك إلى لغات أوروبية أخرى، تم في الوقت نفسه الذي عكف فيه الباحثون من الهواة على جمع القصص الشعبي والملاحم القديمة والشعر الشعبي وحكايات اللخوارق والجنيات

"منارات" هي نبض الحياة الثقافية ومساحة لتقديم قراءات ذات طابع نقدي حول أهم الانتاجات الثقافية العالمية والعربية.

نرشح لك

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل