المحتوى الرئيسى

ماذا يقول ملف الوثائق الذي سلّمه ماكين لمكتب التحقيقات الفيدرالي حول علاقة ترامب بروسيا؟

01/14 02:26

يقول ملف الوثائق إن روسيا في عهد فلاديمير بوتين سعت إلى "إعداد، ودعم، ومساعدة ترامب على مدار 5 سنواتٍ على الأقل". وإن موسكو تهدف إلى "تأجيج الانقسامات والانشقاقات في التحالف الغربي"، وقلب "النظام العالمي المبنيّ على المثل العليا"، والذي أُنشِئ بعد الحرب العالمية الثانية.

ووفقاً للتقرير، يُفضِّل بوتين العودة إلى سياسات "القوى العظمى" التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر عندما كانت الدول الكبرى تسعى وراء مصالحها الخاصة.

وتفيد الوثائق، بحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، بأن الكرملين عرض على ترامب "عدة صفقاتٍ تجارية جيدة"، لكنه رفضها. كما زوَّد الكرملين ترامب بـ"سيلٍ متدفقٍ من المعلومات الاستخباراتية"، التي كان من بينها معلوماتٍ عن الديمقراطيين ومنافسين سياسيين آخرين.

ويقول الملف أيضاً إن جواسيس روساً جمعوا وثائق تدين كلاً من كلينتون وترامب. لم يكن ملف وثائق كلينتون ضاراً، واحتوى على محادثات مسجلة لها بواسطة ميكروفوناتٍ مزروعةٍ للتنصت.

وعلى النقيض، كانت المادةُ المُسجّلةُ لترامب مدوّية، إذ تضمنت تفاصيل صارخة لزيارة ترامب إلى موسكو في 2013، عندما كان يحضر مسابقة ملكة جمال الكون. ووفقاً للملف، مكث ترامب بفندقِ ريتز كارلتون، في نفس الجناح الذي اعتاد باراك أوباما النزول فيه.

ويفيد الملف بأن المخابرات الروسية حصلت على موادٍ جنسيةٍ فاضحة لترامب من جناحه الفندقي لابتزازه بها، إذ تقول الوثائق: "حصلت المخابرات الروسية على ما يكفي من المواد الفاضحة لترامب خلال نشاطاته في موسكو كي تتمكن من ابتزازه".

لا يمكن لأحدٍ أن يجادل بشأن القسم الذي يتحدث عن الصراعات الجغرافية السياسية في التقرير. فمما لا شك فيه أن بوتين يسعى إلى إضعاف المؤسسات الغربية والتحالف العابر للأطلسي، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى مدار الـ16 عاماً الماضية سعى بوتين إلى إعادة بناء روسيا كلاعبٍ دولي رئيسي ولمواجهة ما تراه موسكو على أنه هيمنةٌ أميركيةٌ غير عادلةٍ على النظام العالمي.

لا يمكن معرفة الحقيقة بشأن المزاعم الجنسية المتعلِّقةِ بترامب، وما حدث داخل فندق ريتز كارلتون يبقى رهن التكهنات. خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني، رَفَضَ ترامب التقرير كلياً، واصفاً إياه بـ"الأخبار المزيفة".

وقال الرئيس الأميركي المُنتَخَب عن التقرير: "إنها أشياء مزيفة. لم يحدث أي منها". كما ألمح إلى أنه يدرك جيداً أن التجسس أمرٌ واردُ الحدوثِ في الفنادق بما في ذلك روسيا، إذ قال: "أنا حريصٌ للغاية ومُحاطٌ بالحرسِ الشخصي. توجد بهذه الغرف الفندقية كاميرات في أماكنٍ غريبة. لا يمكنك رؤيتها ولن تعرف بوجودها".

وتُعد المخابرات الروسية مُتخصِّصَةً بالفعل في تسجيل المحادثات الخاصة بالشخصيات رفيعة المستوى المستهدفة سراً، ومن المؤكد أن ترامب أثار اهتمامها. لكن هذا لا يعني أنها تمتلك شريطاً مسجلاً ضده. وحتى يترك بوتين منصبه - أو يسقط مع ترامب - من المُستبعد أن نعرف الحقيقة أو ربما لن نعرفها على الإطلاق.

ومن جانبه، أنكر المتحدث الرسمي باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، الأربعاء الماضي، لجوء روسيا إلى جمع موادٍ فاضحةٍ لمساومة أصحابها. لكن هذا غير صحيح. ففي عام 1999، أذاع التلفزيون الروسي مشاهد مسجلة للمدعي العام الروسي، يوري سيكرتوف، وهو في الفراش برفقةِ شابتين. وعلى إثر هذا التسجيل، سقط سيكرتوف ومعه الرئيس الروسي حينها بوريس يلتسين. قال رئيس خدمة الأمن الاتحادية آنذاك خلال مؤتمر صحفي إن تسجيل حفل العربدة حقيقي. وما هو اسمه؟ فلاديمير بوتين.

اقتبس الملف أحاديث من عددٍ كبيرٍ من المصادر المُجهّلة، إذ استشهد بكلام لـ"ضابط استخبارات روسية سابق رفيع المستوى، لا يزال يمارس نشاطه داخل الكرملين"، و"مسؤولٍ بارزٍ في وزارة الخارجية الروسية"، و"مسؤولٍ مالي روسي رفيع المستوى".

ويدعي التقرير أيضاً أن لديه مصادر داخل الدائرة المُقرَّبة من الرئيس المنتخب ترامب. وأشار التقرير إلى المصادر بحروف مُشفَّرةٍ وليس بأسمائها. فعلى سبيل المثال، ذكر المصدر حرف "G" لوصف مسؤولٍ رفيعِ المستوى بالكرملين.

تُعد المصادر الواردة بالتقرير واحدةً من أضعف جوانبِ ملف ترامب. وتُعتَبَر سرية المعلومات داخل الحكومة الروسية ووكالات التجسس التابعة لها مُحكمةً للغاية، حتى أن دائرةَ صنعِ القرارِ التي تحيط ببوتين ضيقةٌ للغاية.

وعلى سبيل المثال، كان قراره الترشح لفترةٍ رئاسيةٍ ثالثة في عام 2011 سراً محفوظاً بعنايةٍ. وإذا كان الاعتقاد بأن كاتب التقرير، سواء كان رجلاً أو امرأة، يتمتع بقدرةٍ استثنائيةٍ على الوصول إلى رموزٍ سياسيةٍ في أعلى دوائر سُلطة الكرملين، أمراً ممكناً، فإن احتمالات حدوثه ضئيلة.

أظهرت برقيات دبلوماسية مُسرَّبة من السفارة الأميركية في موسكو في 2010 أن الدبلوماسيين الأميركيين يكافحون من أجل الوصول إلى مصادرٍ موثوقةٍ في موسكو. إن العاصمة الروسية مكانٌ تنتشر فيه الشائعات المدسوسة والتكهنات المُعدَّة مُسبَّقاً، حتى أن وزراء الحكومة الروسية أنفسهم ليس لديهم الصورة الكاملة بشأنِ العديدِ من الأحداث.

يزعم الملف أن محامي ترامب الشخصي، مايكل كوهين، اضطلع بدورِ الوسيط خلال الاجتماعات السرية مع القيادة الروسية. وتدعي وثائق الملف أيضاً أن كوهين سافر في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول 2016 إلى مدينة براغ التشيكية، حيث التقى مسؤولين روسيين في مكاتب Rossotrudinichestvo، وهي منظمة ثقافية حكومية في روسيا.

فضلاً عن ذلك، يزعم الملف أن مساعد ترامب للسياسة الخارجية، كارتر بادج، زار موسكو في يوليو/تموز الماضي، وعقد اجتماعاً سرياً يوم 7 أو 8 من يوليو/تموز مع رئيس شركة Rosneft النفطية الحكومية والنائب الفعلي لبوتين، إيغور سيتشين.

ويفيد التقرير بأن سيتشين قال إن مستقبل صفقات الطاقة يتوقف على مدى استعداد إدارة ترامب لرفع العقوبات المفروضة على روسيا، والتي فرضتها إدارة أوباما في 2014 بعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا.

ويزعم التقرير أن بادج التقى أيضاً إيغور ديفيكن، وهو مسؤولٌ رفيعُ المستوى بالإدارة الرئاسية الروسية، وأشار ديفيكن إلى أن الروس لديهم تسجيلات ضد كلينتون وترامب، وأضاف أن على ترامب "وضع هذا الأمر نصبَ عينيه"، وفقاً لمزاعم التقرير.

يقول كوهين إنه لم يزر جمهورية التشيك مطلقاً، وإنّه كان يشاهد مباراةً لكرةِ السلة مع ابنه في الولايات المتحدة يوم الـ 29 من أغسطس/آب، وهو ميعاد اللقاء السري الذي أشار إليه التقرير. سافر مراسلون من صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست إلى مدينة براغ. وحتى الآن، لم يتمكنوا من التحقُّقِ من صحة الرواية.

ومن المُرجَّح ألا يُقدم مسؤولو الاستخبارات التشيكية على تأكيد هذه الرواية - إذا كانت قد حدثت أصلاً - منعاً لاستعداء الإدارة الأميركية الجديدة.

زار بادج موسكو بالفعل. لكن هوية من قابلهم هناك ما زالت غير معروفة، وأنكر بادج مقابلته لسيتشين، واصفًا المزاعم المثارة بشأن لقائه بمسؤولين روس بـ"الهراء".

وكمستشارٍ في صناعةِ النفطِ الأميركية، عارَضَ بادج تماماً العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا. وقد سُئِلَ ترامب خلال مؤتمره الصحفي ما إذا كان فريقه قد تواصَلَ مع أي مسؤولٍ روسي. لكنه لم يُجِب عن ذلك.

يدعي الملف وجود "مؤامرة شاملة" بين فريق حملة ترامب الانتخابية والكرملين. حظت المؤامرة بدعمٍ من مسؤولين على أعلى مستوى، بينهم دبلوماسيون روس متواجدين في الولايات المتحدة.

وأضاف التقرير أن روسيا تقف وراء اختراق البريد الإلكتروني للجنة الوطنية الديمقراطية وأنها منحت الرسائل المُسرَّبة لموقع ويكيليكس لأسباب تتعلَّق بـ"سياسة الإنكار".

ويقول الملف إن المعلومات كانت متبادلة بين الجانبين، فقد استغل ترامب جواسيس داخل اللجنة الوطنية الديمقراطية، بالإضافة إلى قراصنة داخل الولايات المتحدة وروسيا. ويزعم التقرير أن حملة ترامب زوَّدت موسكو بمعلوماتٍ عن الروس الأثرياء الذين يعيشون في الولايات المتحدة وعائلاتهم.

إن بعض هذه التفاصيل مشكوكٌ في صحتها. لكن الاستنتاج العام للتقرير، والذي يفيد بأن روسيا تقف وراء اختراق البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، يتماشى مع ما تعتقده وكالات الاستخبارات الأميركية.

فقد قالت وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالية، إن الكرملين تَدَخَّل سراً في الانتخابات الأميركية لإلحاق الضرر بكلينتون ومساعدة ترامب.

يوافق أوباما على هذه الرواية. وقد رحَّل الرئيس الحالي 35 دبلوماسياً روسياً من الولايات المتحدة، جميعهم ضباط استخبارات، الشهر الماضي. جاءت هذه الخطوة كرد فعلٍ على ما قال أوباما عنه إنه هجومٌ إلكترونيٌ من قبل موسكو. وتعهَّد أوباما باتخاذِ المزيدِ من الإجراءات وفرض عقوباتٍ على وكالتيّ التجسس الروسية، المدنية - FSB والعسكرية - GRU.

وخلال المؤتمر الصحفي أمس الأربعاء، أشار ترامب إلى أن بوتين مُدانٌ بالقرصنة، إذ قال: "لم يكن ينبغي عليه القيام بهذا". لكنه ألمح إلى أن كل ممارسات القرصنة ستتوقف بمجرد تسلمه منصبه الرئاسي.

أشار التقرير في العديدِ من المواضع إلى "مجموعة شركات Alpha". ويُعد هذا خطأ رئيسياً يصعُب تبريره، إذ إن مجموعة الشركات التي يتحدث عنها التقرير، والتي يرأسها رجلُ الأعمالِ الثري ميخائيل فريدمان، تسمى "مجموعة شركات Alfa". ويدير فريدمان أيضاً أكبر بنكٍ خاصٍ في روسيا يسمى "بنك Alfa".

إن الخطأ الفادح في تهجئة اسم مجموعة الشركات يقوّض مصداقية التقرير، إذ إن أي شخص لديه معرفة حقيقية بفريدمان أو شركته لن يخطئ في كتابة اسم "Alfa" بشكلٍ صحيح. ليس لدينا دراية ما إذا كان كاتب التقرير يتحدث اللغة الروسية أو سبق له العيش في موسكو.

إن استخدام كلمة "Alpha" يلمح إلى أن كاتب التقرير لم يزر روسيا مؤخراً وأن معلوماته عن البلد ليست أصلية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل