المحتوى الرئيسى

«ميريل ستريب».. خطاب مؤثر ولكن! | المصري اليوم

01/14 01:57

كنت أتمنى ألا تكتفى الممثلة العالمية الأمريكية «ميريل ستريب» في خطابها السياسى الذي ألقته خلال حفل توزيع جوائز جولدن جلوب الأمريكية الذي تنظمه رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية بالهجوم على ساكن البيت الأبيض الجديد من منطلق عنصريته وتطرفه تجاه الأقليات فقط، كلمة ستريب المؤثرة على قوتها جاءت في تجاه واحد وهو انتقاد سياسة ترامب العنصرية الغريبة على ثقافة الشعب الأمريكى المنفتح على كل ثقافات الشعوب لدرجة الاقتباس، ورغم أن الممثلة الموهوبة أثرت في الحضور بشكل لافت بالصدق الذي طغى على ملامح وجهها وصوتها الذي كاد يختفى من شدة التأثر، غير أنها أغفلت حقائق هامة سيكون وقعها كارثى على الشعب الأمريكى فيما لو نفذها ترامب كما وعد في حملته الانتخابية.

دونالد ترامب الملياردير ورجل الأعمال الشهير والمذيع التليفزيونى السابق ومثير الجدل والحيرة في أوساط العالم، يبدو أنه سيدخل البيت الأبيض على جثث فئات كبيرة من شعبه التي لاتزال رافضة أن يكون رئيسها وغير مقتنعة بقيادته للولايات المتحدة الأمريكية رغم أن صندوق الانتخابات هو من أتى به في دولة تحترم الديمقراطية وخياراتها التي قد تبدو عبثية في مرحلة تاريخية فارقة!.

انفطر قلب ستريب عندما تهكم ترامب على صحفى معاق وبتقليده بشكل ساخر فج رغم أنه لا ينافسه في النفوذ والسلطة والقدرة على الرد، في مشهد غير إنسانى يظهر مدى العنصرية التي يتمتع بها رئيس أمريكا القادم، فلم يكن المشهد في فيلم سينمائى ولكن كان في الحياة الواقعية، فحين تتملك شخص في المجال العام تلك الصفات فإنها تنعكس على حياة كل شخص بشكل ما وتعطى تصريحا للآخرين بفعل الشيء نفسه «عدم الاحترام وجلب العنف»، قالت ستريب: (عندما يستخدم القوى مركزه في الإساءة إلى الآخرين نخسر جميعا ..) فما بالنا وهناك أفكار وأفعال أكثر عنفا وتطرفا تنتظر الإدارة الأمريكية مع الرئيس المنتخب الذي سيجلس على مقعد الرئاسة قريبا، حينما قطع وعدا بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وهى الخطوة الأكثر تأثيرا وخطورة في السياسة الأمريكية على مر العصور فيما لو نفذت، وستجلب العنف والكراهية للشعب الأمريكى بلا أدنى شك وسيزداد العداء لسياسات أمريكا الخارجية أكثر من أي وقت مضى، فالموقف من الصراع العربى الإسرائيلى من أكثر القضايا التي خلقت عنفا وأحقادا تجاه أمريكا خاصة موقفها من القضية الفلسطينية والنزاع في الشرق الأوسط وتحيزها المطلق لإسرائيل، وعندما يقطع ترامب أثناء حملته الانتخابية وعدا بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فهو بذلك يضاعف العداء والأحقاد تجاه الولايات المتحدة الأمريكية ومن شأنه تصعيد العنف داخل وخارج البلاد.

يبدو أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب لم يكن يكذب ولا يتجمل في الوعد الذي قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية كما هيئ للكثيرين من المسؤولين السياسيين والخبراء بمن فيهم مسؤولين إسرائيلين من الذين راهنوا على أنها مجرد وعود انتخابية غير قابلة للتنفيذ، إذ كان الاعتقاد السائد ردا على وعود ترامب الانتخابية أن ما يقال خلال الحملة الانتخابية لا يعكس بالضرورة الواقع فكل الرؤساء السابقين قطعوا على أنفسهم هذا الوعد أثناء حملاتهم الانتخابية ولم ينفذوه، لكن يبدو هذه المرة أن القول سيعكس الواقع بالفعل لأن كلام ترامب ليس مجرد وعد انتخابى تذروه الرياح بمجرد فوزه بالمنصب، فقد أكدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكى المنتخب سيعلن بعد وقت قصير من تنصيبه في العشرين من الشهر الجارى عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وينوى فعلا تنفيذ هذه الخطوة ومن المحتمل أن يعلن ذلك بعد يوم واحد من توليه الرئاسة استنادا إلى مارشح عن رجل الأعمال اليهودى الأمريكى «دانييل آربس» المقرب من صهر ترامب جاريد كوشنر، وهو ما أكدته مستشارة الأمن القومى الأمريكى لمستشارى الرئيس الفلسطينى محمود عباس قبل نحو شهر بضرورة أخذ تصريحات ترامب بمنتهى الجدية.

التداعيات السياسية لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس كبيرة وخطيرة تتمثل أولا في توسيع رقعة المواجهة العربية الإسرائيلية لتصبح مواجهة عربية- إسرائيلية- أمريكية، رغم الشكوك في خروج موقف عربى مشرف يتعدى حدود الإدانة والاستنكار فقط! فخطورة خطوة كهذه تكمن في اعتراف نهائى بدولة إسرائيل، وبالتالى أصبحت القدس عاصمة لإسرائيل ولا داعى لوضعها على طاولة المفاوضات وفقا للمنظور الأمريكى، ومثل هذا الإجراء سينهى عملية التسوية ولا يمكن أن تكون أمريكا وسيطا نزيها فيها، كما أن نقل السفارة من شأنه أن يرفع حجم الاعتراف الأمريكى بإسرائيل ويعطيها امتيازات أكبر من أي وقت مضى، ويمهد لقيام دول أخرى بنقل سفارتها إلى القدس والسير على خطى الولايات المتحدة لمجاملتها، وبالتالى تلعب إسرائيل على ذلك لكسب المزيد من الشرعية على الأراضى الفلسطينية والإسراع لتهويدها بالمستوطنات وهى اللعبة الوحيدة التي يجيدها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، منذ تقلده رئاسة الحكومة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل