المحتوى الرئيسى

سياسي لبناني: ثقة السعودية بلبنان مرهونة بتحرر عون من ضغوط حزب الله

01/12 15:16

الزيارة التي قام بها مؤخراً الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون إلى السعودية، وما كان فيها من حفاوة استقبال من طرف الرياض، يعتبرها الكثيرون من المطلعين على الأوضاع في لبنان مؤشراً على تلاشي الجفاء بين الدولتين وعودة الدفء إلى علاقة يمكن وصفها بالتاريخية بين بيروت والرياض.

في هذا الحوار مع DW عربية، يتحدث أمين سر حركة اليسار الديمقراطي في لبنان، الدكتور وليد فخر الدين، عن مستقبل هذه العلاقات وما ينبغي أن يحصل كي تعود المياه إلى مجاريها، وعن دور حزب الله في المرحلة المقبلة بلبنان. ويذكرأن حركة اليسار الديمقراطي في لبنان تعتبر جزءا مما كان يُعرف بحركة"14 آذار" المناوئة للنظام السوري.

DW عربية: الحفاوة التي استقبل بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون تؤشر على رغبة السعودية في أن تعود المياه إلى مجاريها بين الدولتين. كيف تقيم هذه الزيارة وتأثيرها على مستقبل العلاقات بين لبنان والسعودية؟

وليد فخر الدين: مما لا شك فيه أنّ هناك تحسناً واضحاً نتيجة التغيرات التي حصلت في لبنان في أعقاب انتخاب رئيس جمهورية، بعد فراغ استمر حوالي سنتين ونصف. وكون أن الرئيس الحالي -الذي كان من المعسكر الأبعد عن المملكة- يفتح اليوم صفحة جديدة مع المملكة، فسينعكس ذلك إيجاباً، إلا أن سبب الإشكال الأساسي لم يتغير، وهو موقف الإساءة الدائم لحزب الله في لبنان تجاه المملكة الذي لم يتوقف، حتى عشية زيارة عون إلى السعودية، وذلك على لسان الشيخ نبيل قاووق (الذي اتهم السعودية بأنها راعية الإرهاب في المنطقة). لكن لا أظن أن ذلك سيؤثر في المرحلة المقبلة على العلاقات التي يمكن إعادة بنائها.

رئيس الوزراء سعد الحريري - هل كان "واسطة خير" بين عون والسعودية؟

ماذا عن الهبة السعودية للجيش اللبناني، والتي أعلنت المملكة وقفها في فبراير/ شباط 2016؟

فخر الدين: لم يكن هناك حديث جدي بعد عن إعادة تفعيل الهبة السعودية للجيش اللبناني، والتي تعتبر الهبة الأكبر في تاريخه وستمكّنه من تحصين نفسه أكثر في مواجهة الأخطار والإرهاب في المرحلة القادمة. حتى وإن لم يتم مناقشة هذا الأمر، ما تزال هناك فسحة أمل بأن تتطور العلاقات في المرحلة المقبلة. كانت الإيجابية الكبيرة في هذا اللقاء (بين الرئيس عون والملك سلمان) واضحة جداً، وكان هناك نوع من التفهم للواقع اللبناني. كما أن الوفد اللبناني لم يقتصر على الجوانب الاقتصادية، بل كان موسعاً وضم عدداً من الوزراء ذوي الاختصاصات المتعددة.

كيف ترى دور حزب الله وموقفه من السعودية في مستقبل العلاقات بين البلدين؟

فخر الدين: يجب ألا تحاكم المملكة الشعب اللبناني أو الحكومة اللبنانية بسبب المواقف التي سيظل يطلقها حزب الله، وذلك على خلفية الصراعات الإقليمية الدائرة، سواءٌ أكان الصراع في سوريا أم في اليمن. من الواضح أن حزب الله جزء من تحالف إيراني في المنطقة، فيما المملكة في حالة خصومة مع هذا التحالف أو حرب مباشرة معه في اليمن وفي سوريا أيضاً.

هل ترى أن حزب الله يحاول عرقلة هذه العلاقات؟

فخر الدين: بالتأكيد سيقوم بنوع من العرقلة. لكن إذا نظرنا لموقف حزب الله بمعزل عن مواقف بقية القوى اللبنانية، فسنجد أن تأثير هذا الموقف على العلاقات الثنائية أقل وطأة بسبب موافقة فريق واحد متورط في الحرب السورية لديه ولاء تام للجمهورية الإسلامية في إيران، وبالتالي فإن تأثيره على العلاقات أقل لوحده مما كان في السابق عندما كان جزءاً من تحالف كامل هو تحالف قوى الثامن من آذار. اليوم هذا الشيء انتفى وقد يؤثر على بناء علاقات إيجابية، لاسيما في ظل وجود سعد الحريري كرئيس للحكومة، والذي يساعد على تطوير العلاقات مع المملكة واستمرارها بما يمثله كشخص أو كزعيم لتيار المستقبل. هذا كله قد يؤثر إيجاباً على عودة العلاقات مع المملكة. يضاف إلى ذلك أيضاً المواقف التي اتخذها لبنان مؤخراً والتي كانت أكثر تواصلاً مع المملكة، إلا أن ذلك لا يعني أن حزب الله سيحاول بكافة الوسائل عرقلة هذه العلاقة، وهناك حديث أيضاً عن مسعى منه لرفض المساعدات السعودية للجيش.

د. وليد فخر الدين: "سيسعى حزب الله إلى عرقلة مسار العلاقات اللبنانية السعودية"

لم يتم بعد الإعلان عن تفاصيل فيما يخص الهبة السعودية أثناء زيارة الرئيس عون للرياض. لماذا؟

فخر الدين: الدعوة التي وجهتها المملكة للرئيس عون هي نوع من الإيجابية وفتح صفحة جديدة من العلاقات. كما أتذكر أن البروتوكول اللبناني يحتّم على الرئيس المنتخب زيارة السعودية كأول دولة، وهذا إشارة إلى الخصوصية التي تتمتع بها العلاقة اللبنانية مع المملكة. كما أن ذلك يساهم في تعزيز الثقة وبناء جسور لم نشهدها في السنوات الماضية.

بالتأكيد كانت العلاقات مع الرئيس الأسبق ميشيل سليمان قوية، ولكن التعطيل السياسي وقتها كان أكبر. التعطيل السياسي اليوم أقل، وهذا يسمح بإعادة بناء الثقة (بين البلدين). لا يمكن بناء هذه الثقة في وقت قصير، وأظن أن ذلك يفسر عدم طرح الهبة السعودية للجيش اللبناني بشكل مباشر، فقد تكون هذه الخطوة الثانية التي يتم استكمالها مع رئيس الحكومة سعد الحريري في وقت لاحق.

تحول لبنان إلى ساحة أخرى من ساحات الصراع الطائفي بين طهران والرياض ما يهدد بقطع أرزاق اللبنانيين. السعودية تضغط باتجاه عزل حزب الله واللبنانيون يخشون فقدان التوازن السياسي في البلاد. (03.03.2016)

وسعت السعودية نطاق العقوبات التي تفرضها على حزب الله وأضافت أسماء ثلاثة لبنانيين وأربع شركات لبنانية، في آخر إجراء لها ضد الحزب الشيعي اللبناني المسلح الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري في سوريا. (26.02.2016)

هل يمكن القول إن علاقات أقوى مع لبنان قد تفتح باباً أمام الحل في سوريا؟

فخر الدين: يجب أن نتحلى بالواقعية. الوضع في سوريا أصبح أكثر تعقيداً والبوابة اللبنانية لم تعد هي البوابة المؤثرة، حتى مع وجود حزب الله كأداة من أدوات النظام السوري في حربه ضد شعبه. حتى حزب الله كتنظيم لبناني لا يملك قرار البقاء أو الخروج من سوريا. لا أظن أن بالإمكان ربط العلاقة بين المملكة ولبنان وبين الواقع في سوريا. هناك بالتأكيد حرص في السعودية على إنهاء الحرب في سوريا وإنهاء معاناة الشعب السوري والدكتاتورية التي قتلت الشعب السوري. لكن أعتقد أن العلاقة السعودية اللبنانية مستقلة عن الشأن السوري.

من برأيك يُنسب له نجاح مساعي إعادة العلاقات اللبنانية السعودية إلى مسارها؟

فخر الدين: لا يوجد شك بأن الانفتاح الذي حدث بعد قبول أو تبني سعد الحريري لترشيح العماد ميشال عون لمنصب رئيس الجمهورية والمباركة السعودية -التي حصلت أثناء الزيارة التي سبقت الانتخابات- ساهمت بتأييد نوع من العلاقة. نعلم بأن الحلفاء الطبيعيين للمملكة في لبنان هم تيار المستقبل، الذي يمثله سعد الحريري، بالإضافة إلى تيار القوات اللبنانية مؤخراً والتقارب الذي وقع بعد عام 2005. هذان الفريقان جزء أساسي في التركيبة الحكومية الحالية، وبالتالي هناك حديث عن تقارب أكبر. وفي هذا المجال يلعب سعد الحريري دوراً رئيسياً بالتأكيد.

كما أنّ هناك أيضاً دوراً للتعدد السياسي في لبنان وإعطاء فرصة للعهد الجديد في لبنان لإثبات جديته. بغض النظر عن وجهة نظري فيما جرى، يجب أن نكون قادرين على الفصل بين العلاقة السابقة بين التيار الوطني الحر (الذي يتزعمه الرئيس عون) وحزب الله وبُعده عن تيار المستقبل وقدرته على أن يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين ويعمل لمصلحة لبنان، ومصلحته مع العلاقة بالمملكة العربية السعودية ومع السلام في المنطقة العربية. لكننا لا نستطيع أن نحكم على قدرة الرئيس الحالي على التحرر من ضغوطات حزب الله بعد. سنترك هذا الأمر للأسابيع والشهور القادمة.

قطعت السعودية الاحد 3 يناير/كانون الثاني 2016 علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ردا على الهجوم على بعثاتها الديبلوماسية فيها وعلى الموقف الإيراني المنتقد بشدة لإقدام الرياض على إعدام رجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر. وليست هذه هي الأزمة الدبلوماسية الأولى بين البلدين.

شهدت سنة 1943، أول أزمة دبلوماسية بين البلدين إثر إعدام السعودية لأحد الحجاج الإيرانين بعد إدانته بتهمة إلقاء القاذورات على الكعبة وغيرها من التهم الأخرى. وبعد هذا الحادث قطعت العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي عام 1944، لتعود بعد عامين من جديد.

توترت العلاقات بين السعودية وإيران في يوليو تموز عام 1987 عندما لقي 402 حاجا مصرعهم ومن بينهم 275 حاجا إيرانيا، أثناء أدائهم فريضة الحج، في منى في صدامات مع الشرطة السعودية.

خرج محتجون إلى شوارع طهران واحتلوا السفارة السعودية وأشعلوا النار في السفارة الكويتية. وتوفي الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران متأثرا بجروح أصيب بها عندما سقط من نافذة بالسفارة واتهمت الرياض طهران بالتأخر في نقله إلى مستشفى في السعودية. وهو ما دفع الملك فهد بن عبد العزيز الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أبريل نيسان عام 1988.

اعيدت العلاقات بين البلدين عام 1991 بعد لقاء بين الملك عبد الله بن عبدالعزيزآل سعود بالرئيس الإيراني هاشمي رافسنجاني في العاصمة السنغالية داكار في ديسمبر 1990 خلال مؤتمر القمة الإسلامي السادس، ثم فتحت سفارتيهما في الرياض وطهران في مارس 1992.

زار الرئيس الإيراني محمد خاتمي(يمين الصورة) السعودية عام 1999بعد عامين من توليه منصبه، خلفا للرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني. وكانت تلك أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني للمملكة منذ قيام الثورة عام 1979. وتوج البلدان تحسن العلاقات باتفاق أمني في أبريل نيسان عام 2001.

هنأ الملك فهد الرئيس الايراني محمد خاتمي لفوزه في الانتخابات عام 2001 وقال إن هذا الفوز يمثل إقرارا لسياسته الاصلاحية. وكان خاتمي وهو من رجال الدين الشيعة قد سعى من أجل تقارب البلدين بعد فوزه الساحق الأول عام 1997 وإنهاء ما يقرب من 20 عاما من توتر العلاقات بينهما في أعقاب قيام الجمهورية الاسلامية عام 1979.

أبلغت السعودية مبعوثا إيرانيا في يناير كانون الثاني عام 2007 أن إيران تعرض منطقة الخليج للخطر وذلك في إشارة للصراع بين للجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة حول العراق وعلى البرنامج النووي الايراني. بعدها وتحديدا في شهر آذار/ مارس من نفس العام قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بزيارة للرياض لتهدئة الأوضاع بين البلدين.

منذ عام 2012 أصبحت السعودية الداعم الرئيسي لقوات المعارضة التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران. واتهمت الرياض الأسد بارتكاب "إبادة جماعية" وايران بأنها أصبحت قوة محتلة. هذا فيما اتهمت طهران الرياض بدعم الارهاب.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل