المحتوى الرئيسى

مصر وإسرائيل نموذجان.. دولة الحق ودولة النهب | المصري اليوم

01/12 00:40

أشعر باحترام عميق لمصريتى وعروبتى ولنسق القيم المصرية المنظم لعلاقاتنا مع الدول الأخرى القائم على احترام الحق، كلما تأملت طبيعة الجدل الجارى بين فريقين مصريين يتجادلان بالوثائق والمستندات التاريخية وحجج القانون الدولى حول جزيرتى تيران وصنافير بعيدا عن أى نوازع أيديولوچية منحرفة تدعو مسبقا إلى الطمع فى أرض الآخرين أو نهبها. كما هو معلوم يرى أحد الفريقين أن الجزيرتين مملوكتان لمصر ويرى الثانى أن الجزيرتين مملوكتان للملكة العربية السعودية وأنها أعارتهما إلى المملكة المصرية عام ١٩٥٠ لتمكين الجيش المصرى من حمايتهما من أطماع التوسع الإسرائيلية فى الأرض العربية وخليج العقبة. إن الجدل الحضارى بين الفريقين المصريين كما يظهر للجميع لا ينم بأى صورة من الصور عن أن فى مصر سياسيا أو قانونيا أو مؤرخا واحدا مستعد لأن ينكر حقوق الآخرين أو ينهب أرضا يتيقن بعد البحث المدقق أنها مملوكة لدولة أخرى كما يفعل بنيامين نتانياهو زعيم ليكود ونفتالى بينت وزير التعليم وزعيم حزب البيت اليهودى. إن العالم كله يعلم أن بينت وصل إلى كراسى الحكم بأصوات لصوص الأراضى الفلسطينية العامة والخاصة فى الضفة الغربية المحتلة والذين يصطنعون لأنفسهم شرعية مزيفة عندما يطلقون على أنفسهم طبقا للمصطلح الصهيونى اسم المستوطنين. كذلك تعلم دول العالم أن نتانياهو يعتمد على دعم الجناح اليمينى المتطرف فى الجماهير الإسرائيلية المشبع بأيديولوچية الأطماع التوسعية القائمة على المغالطات التاريخية والطامعة فى الأرض العربية سواء كانت سورية أو لبنانية أو مصرية أو فلسطينية أو سعودية أو أردنية. إن وزير الخارجية الأمريكى چون كيرى لم يتردد يوم ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦ فى دمغ حكومة إسرائيل الحالية بأنها الأكثر يمينية ودعما للاستيطان (أى نهب أراضى الغير) فى تاريخ إسرائيل وذلك فى خطابه التاريخى. المهم أن نلاحظ أن كيرى حذر من أن أچندة المستوطنين (أى لصوص الأرض) تهدد مستقبل إسرائيل وأمنها وتقوض السلام وأن مسلكهم يؤدى إلى الاحتلال الدائم للضفة وإجهاض حل الدولتين وهو الطريق الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين وإسرائيل. لقد جاء هذا الخطاب بعد خمسة أيام من قيام مجلس الأمن بإصدار القرار رقم ٢٣٣٤ يوم ٢٣ ديسمبر والذى أشهر إسرائيل دولة لصا لأراضى الفلسطينيين عندما اعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية ومخالفة لقواعد القانون الدولى لإقامتها على أرض محتلة. من الأمور ذات المغزى هنا أن القرار صدر بأغلبية ساحقة ممثلة فى ١٤ دولة من دول المجلس الـ ١٥ وامتناع دولة واحدة وهو ما يعنى أن العالم كله يواجه دولة إسرائيل بحقيقة كونها دولة لصا ويدعوها إلى التراجع عن مسلكها. رغم ذلك يواصل نتانياهو سياسة نهب أرض الآخرين ويقاوم هو وحكومته اليمينية إجماع دول العالم تمشيا مع قواعد الحوتسباه أى الوقاحة الإسرائيلية التقليدية والممنهجة. إننى أتحدى أى مراقب يدعى أن سياسيا مصريا واحدا مهما بلغت حماسته لفريق مصرية تيران وصنافير حاليا سيصمم فى المستقبل على المعاندة والاستيلاء على أراضى الغير عندما تظهر أمامه الوثائق أن الجزيرتين معارتان لمصر من السعودية مثلما يفعل نتانياهو تجاه الأرض الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧. لقد رفض نتانياهو قرار مجلس الأمن ثم راح يستهزئ بخطاب كيرى ويصفه بأنه ركز بشكل متهوس على الاستيطان وبعدها بدأ يستعد لعرقلة مؤتمر باريس للسلام والذى سينعقد فى الخامس عشر من يناير الحالى. لقد عقد نتانياهو بصفته وزيرا للخارجية فى الأسبوع الأول من يناير اجتماعا مع سفراء إسرائيل فى أوروبا ليرتب معهم كيف يمكن التأثير على مواقف الدول الأوروبية فى المؤتمر ووصفه بأنه غير مجد وذلك ببساطة لأن المؤتمر يسعى إلى تطبيق رؤية الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية فى الوقت الذى يسعى فيه نتانياهو ومعسكره اليمينى إلى الاستيلاء على معظم أراضى الضفة والقضاء على حل الدولتين تطبيقا لشعار ليكود التقليدى الراسخ (بين النهر والبحر لا مكان إلا لدولة واحدة هى دولة إسرائيل). نلاحظ أن نتانياهو ما زال قلقا ويتخوف من أمرين الأول أن تتطابق نتائج مؤتمر باريس المتوقعة مع المبادئ الستة التى دعا إليها كيرى فى خطابه والثانى أن تتحول هذه النتائج إلى قرار جديد من مجلس الأمن قبل خروج أوباما من البيت الأبيض ودخول ترامب. للتذكرة فإن المبادئ الستة لكيرى هى على النحو التالى: أولا إقامة حدود معترف بها دوليا بين إسرائيل وفلسطين على أساس حدود ١٩٦٧ طبقا للقرار ٢٤٢ الذى لا يجيز الاستيلاء على أرض الغير بطريق القوة المسلحة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل