المحتوى الرئيسى

أعظم ما قرأت (4)

01/10 13:03

ما زال البعض يسألني: ما فائدة القراءة؟ لماذا أقرأ؟

وما زلت أقول لهم: اقرءوا وستعرفون! وأنه من ذاق لذة القراءة عرف!

احموا أنفسكم بالقراءة، أنقذوا أرواحكم بالقراءة، اقرءوا لتنجوا!

في هذه الحلقة نتناول معًا ثلاث روايات من جملة أعظم ما قرأت، وهي:

1-                       انقطاعات الموت لجوزيه ساراماجو، رواية برتغالية:

للآنسة (موت) الموكلة بامتصاص أرواح البشر عادات غريبة؛ ذات يوم مثلًا وفي عشية الميلاد لم تأتِ إلى هذه المدينة؛ فلم يمت أحد، وعلى امتداد الأسابيع التالية، لم يمت أحد، وحتى سنوات قليلة بعدها لن يموت أحد!!

يبدو الأمر ممتعًا، فعلى كل حال ليس ثمة ما هو أمتع من التخليد في الدنيا!! هكذا كان الأمر يبدو حتى بدأت المشكلات كالبثور صغيرة، ثم ملأت جسد المدينة، وتعقدت حبول القصة وتشابكت الخيوط، واندلعت المأساة.. هكذا يأتي الخطاب البنفسجي لرئيس التلفزيون، من لا مكان، دخل مكتبه فوجده، خطاب مصدره الموت!

حتى قبل خمسين صفحة من نهاية الرواية، ورغم ما تضفيه عليك من هالة السعادة والاستمتاع، ورغم الحبال التي تطوقك بها، فلا تنعتق من أسرها، لم يبدأ الكاتب قصَّ حكايته الحقيقية، قصة الآنسة موت وعازف الفيوليت، الذي يرفض ببساطة أن يموت!!

استفزّ ذلك العازف الفقير المحتمي بكلبه سيدة الموت، تتنكر في زي امرأة جميلة، وتزوره، لتعرف أن لها قلبًا ينبض!

ترجمة العظيم صالح علماني، الذي ينقل لك الرواية دون أن يُطِلّ برأسه إلا في هامش أو هامشين، مركِّزًا كل قواه في نقل أسلوب الكاتب الأصلي إليك.

2-                     (أليكسس زوربا) لكازانتزاكيس، رواية يونانية:

من منا لم يشاهد رائعة زوربا متجسدة في صورة أنطوني كوين، وصديقه ألان باتس؟! حسنًا عند قراءة الرواية، ستعرف أن أعظم الأعمال الدرامية تبخس من شأن الرواية البديعة..

هذا شاب هادئ في الثلاثين يعشق تعاليم بوذا ويتحسس روحه، محاولًا إيجاد السلام الداخلي، يتعرف على زوربا (الرجل الذي يجد المتعة في كل شيء) فيلسوف الفقراء، الذي يعطيه زخم الحياة، وينقل إليه خبرة لم يجدها بين دفات الكتب، عازف القانون الرائع والمغامر الذي حطم جدران العالم من حوله.. تتشابك الشخصيتان، ويجتمعان ويفترقان ومن جديد يلتقيان ليفترقا!

من تأليف العظيم نيكوس كازانتزاكيس صاحب (رحلة إلى مصر) و(الإغواء الأخير للمسيح) (الرواية الأخيرة تم تحويلها إلى فيلم أميركي عام 1988 من إخراج مارتن سكورسيزي وهاج اليمين وحطم السينمات اعتراضًا على ما أثارته الرواية بشأن المسيح، بل قُدِّم سكورسيزي للمحاكمة في روما بسببها، وسنتناولها في حلقة مقبلة بالتفصيل).. يصمم الكاتب كازانتزاكيس على جعل كل جملة منطوقة صَنْعَةً أدبية قائمة بذاتها، ويمزج الشخصيات بحرفية كيميائي يعرف للحروف مذاقها، وللشخصيات أغوارها وأبعادها.. وتأتي النهاية تلخيصًا طبيعيًّا لما اعتمل في باطن الرواية، وينسحب إلى الظلِّ زوربا، مخلفًا وصيةً لصديقه العزيز، الذي يصر على تخليد قصته!

3-                     فتاة في حالة حرب للكاتبة الأميركية من أصل كرواتي ساره نوفيتش:

كيف تُكْمِل طفلة قُتِل والداها أمامها حياتها، محاولة الوصول إلى سرِّ صراع الكائنات؟! والأهم: هل تكون آنا الكرواتية (اليوغوسلافية) ابنة طبيعية للمجتمع الأميركي الذي هاجرت إليه مثل أختها راشيل (راهيلا)، مع أبوين بديلين حانيين عليها، أم أن مدينتها الأولى وبكاءها الأول ولوقا صديقها الأول ستكون دائمًا كابوسًا يؤرقها؟!

لتحسم هذا الأمر ستعود آنا إلى مسقط رأسها، مفتشة عن السر في رمال البحر وبين تجاعيد المدينة الخارجة من لكمات الحرب، تتذكر الرجل الذي صنع سلسلة من آذانِ البشر، والولد الذي حمل السلاح، وأيامًا لها في الميليشيا الدفاعية، وطلقتها الأولى التي قتلت (على ما يبدو) جنديًّا، كان اسمها ساعتها إنديانا جونز وليس آنا (تجاهلوا أنه اسم رجل)!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل