المحتوى الرئيسى

من الصين إلى لندن: طريق الحرير السريع بعيدا عن ترامب

01/09 09:09

من الصين إلى لندن: طريق الحرير السريع بعيدا عن ترامب

الجميع علي متن قطار “طريق الحرير الجديد” الصيني السريع

روبي جرامر  – فورين بوليسي

أضيف للتو إلي “طريق الحرير الجديد” الصيني طريق جديد مبهر: خدمة قطار لنقل البضائع من إقليم تشجيانغ في شرق الصين بطول الطريق إلي لندن، فقد أعلنت هيئة السكك الحديدية الصينية يوم الاثنين انطلاق أول قطار من مدينة ييوو، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها مليون نسمة بالقرب من شنغهاي، إنها عملية لوجستية فذة ومثيرة للإعجاب، ربط 7500 ميل عن طريق السكك الحديدية وصولا إلي واحدة من أكبر العواصم الأوروبية في 16 يوماً.

والأهم من ذلك، أن خط ييوو – لندن يؤسس بشكل واضح الطموح الجيو – سياسي الذي يعزز سياسة “حزام واحد، طريق واحد” الصينية، والتي تهدف لإعادة خلق الممر التجاري القديم “طريق الحرير”، والذي ربط الصين بوسط أسيا والشرق الأوسط وأوروبا، فحتى وقت قريب كان هناك طموح أمريكي في المساعدة علي تحقيق الأمن في أسيا الوسطي، ما يمكن أن يعطي “طريق الحرير الجديد” أهمية أكبر إذا أخذت العلاقات التجارية الصينية – الأمريكية منحي سيء، كما أشارت المواقف المتشددة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وفريقه بشكل مبكر.

هدف الصين بربط آسيا بأوروبا عبر معاقل طريق الحرير القديم يأخذ أكثر من اسم، ومن تلك الأسماء “مبادرة الحزام والطريق”، الفكرة هي  تسهيل التجارة مع 65 دولة،  تمثل 60% من سكان العالم، كما تبحث الصين التي تمتلك فائض طاقة  في العديد من القطاعات الرئيسية من صناعة الحديد إلي الأسمنت عن أسواق جديدة لتحافظ علي نمو اقتصادها بمعدل صحي.

يقول سيميون دجانكوف، وزير مالية بلغاريا السابق والمسئول بالبنك الدولي أن “ما تفعله الصين هو تصدير معدات العمل والبناء الخاصة بها”.

كما خصصت البنوك الحكومية الصينية حتى الآن 250 مليار دولار للبنية التحتية للنقل والبناء لهذا المشروع، ويمكن أن تصل الاستثمارات في “حزام واحد، طريق واحد” عند الاكتمال إلي 4 تريليون دولار، وفقا لتقرير من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.

ويقول فرانس بول فان دير بوتين خبير العلاقات الأوروبية الصينية الذي يعمل مع المعهد الهولندي للعلاقات الدولية “أن الأمر أبعد من المال، إنها نعمة لسياسة الصين الخارجية، “طريق الحرير الجديد” يجمع بين  العديد من أهداف السياسة الخارجية للصين”، استثمارات الصين في مشاريع الطاقة والسكك الحديدية ومرافق الموانئ في أوروبا وعلي شواطئ المحيط الهندي يمكن أن تؤتي بأرباح جيو – سياسية أكبر من عوائدها الاقتصادية.

ويضيف فان دير بوتين “إنها تسمح للصين أن تقوي نفوذها الدبلوماسي في أسيا وأفريقيا وأوروبا” والذي “يعوض عن الضغط الجيو – سياسي الذي تواجهه في شرق أسيا من قبل الولايات المتحدة واليابان”.

المشروع يمكن أن يصبح أكثر أهمية للصين، والتي ما تزال تعتمد علي التصدير، على الرغم من سنوات من محاولتها موازنة اقتصادها بشكل أكبر في اتجاه الاستهلاك المحلي بسبب التوترات التي تلوح في الأفق مع الولايات المتحدة، فقد كان ترامب من منتقدي اتفاقات التجارة الحرة، كما أحاط نفسه باقتصاديين ومستشارين تجاريين من منتقدي الصين ممن يلومون بكين علي ما يعانيه اقتصاد الولايات المتحدة، وهو ما يقلق القادة في الصين: فقد بلغت العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة بشكل إجمالي 659 مليار دولار في عام 2015، وفقاً للممثل التجاري الأمريكي.

فإذا تلقت تلك العلاقات التجارية ضربة، سواء من رفع الرسوم الجمركية، أو حروب العملة، أو ما يماثلهم، فطريق الحرير الجديد إلي أوروبا يمكن أن يكون مخرج النجاة للصين.

فيقول دجانكوف “إذا اتخذت الإدارة القادمة موقفاً متشدداً من التجارة” في ذلك الحين يمكن للصين الاستفادة من البنية التحتية التي بدأت في بنائها “لتقول أن أوروبا تصبح الآن شريكنا التجاري الرئيسي”.

تدير السكك الحديدية الصينية بالفعل خدمة قطارات لنقل البضائع لمدن أوروبية أخري، من هامبورغ في ألمانيا إلي ميلان ثم مدريد، بالرغم من أن السكك الحديدية ليست أكثر طرق الشحن فاعلية للحمولات الضخمة: فقطار ييوو – لندن يمكنه أن يحمل 200 حاوية فقط،  وهو مجموع صغير عندما يقارن بالـ 20 ألف التي يمكن لسفينة شحن ضخمة نقلها، ولكنها يمكن أن تكون فعالة من حيث التكلفة لبضائع معينة.

فيقول مايك وايت من “مشروع برونيل للشحن”، وهي شركة خدمات شحن في شراكة مع خط قطار ييوو – لندن مقرها المملكة المتحدة، أن “شحنة واحدة بالسكك الحديدية إلي لندن يمكنها أن تأخذ نصف الوقت الذي تأخذه الطرق البحرية وتكلف نصف ما تكلفة الشحنات الجوية”، ويضيف “نحن نؤمن أن هذا سيغير الكثير من الطريقة التي تنظر بها شركات ووكلاء الشحن إلي وارداتهم وصادراتهم من وإلي الصين”.

وقبل كل شيء، إنها تعد علامة رمزية فارقة، فيقول دجانكوف “منذ اللحظة التي تبلورت فيها لأول مرة مبادرة [حزام واحد، طريق واحد] في عام 2011، كانت تلك هي الخطة – أن تصل إلى قلب أوروبا وإلى لندن”.

بريطانيا، والتي تعتبر واحدة من أكبر الاقتصاديات في العام، استوردت بمبلغ 663 مليار دولار في عام 2014 فقط، ما يجعلها جائزة جذابة للاقتصاد الصيني القائم علي التصدير، ففي السنوات الأخيرة، قامت الصين بزيادة الاستثمارات في الصناعة والطاقة في بريطانيا، وتلقت – علي الأقل حتى وقت قريب – معاملة البساط الأحمر من القادة البريطانيين المتلهفين للوصول إلي ثاني أكبر الاقتصاديات في العالم، ومع مواجهة المملكة المتحدة لاحتمال فقدان الامتيازات التجارية مع أوروبا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ستكون المملكة المتحدة أكثر حرصاً علي تعميق الروابط التجارية مع بكين.

“حزام واحد، طريق واحد” لا تتعلق فقط بالسكك الحديدية، وهو مما يثير الارتباك، فـ “الحزام” يشير إلي الاتصال البري بما في ذلك طرق وخطوط أنابيب عبر آسيا الوسطي، بينما “الطريق” يشير إلي طريق حرير ملاحي يعيد خلق طرق تجارة المحيط الهندي القديمة والتي جلبت الحرير الصيني إلي أسواق الإمبراطورية الرومانية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل