المحتوى الرئيسى

هل يقف يأجوج ومأجوج وراء سور الصين العظيم؟.. عرض لفيلم «The Great Wall» - ساسة بوست

01/09 09:07

منذ 6 دقائق، 9 يناير,2017

تقول الأسطورة إن الإمبراطورية الصينية القديمة كانت تواجه خطرًا محدقًا يهاجم أراضيها كل ستين عامًا، ومن أجل ذلك شيدت «سور الصين العظيم» ليصد ذلك الخطر. يبني المخرج الصيني الكبير «إيمو زانج» الحائز على جائزتي BAFTA فيلمه الجديد «السور العظيم» The Great Wall على تفاصيل تلك الأسطورة، التي تنحي جانبًا السبب المعروف لبناء السور –بني سور الصين العظيم على مدى 1700 عامًا، وبدأ إنشاؤه حول عام 221 ق. م. على يد أحد حكام أسرة «تشين» لحماية مملكته من هجوم الممالك المجاورة، وأيضا من القبائل البربرية المغيرة، وواصلت الأسر المتعاقبة مثل أسرة «هان» وأسرة «منج» في البناء، الذي يبلغ طوله 5500 ميل، ويمكن لرواد الفضاء رؤيته بالعين المجردة من مدار أرضي قريب-، ويضع «زانج» سرديته الخاصة لسبب بناء السور والتي تتضح مع تصاعد الأحداث.

سور الصين العظيم يمكن لرواد الفضاء في المدارات القريبة رؤيته بالعين المجردة (المصدر: realmofhistory.com)

في عصور الظلام بالقارة الأوروبية المشغولة بالصراعات والحروب وتسلط الكنيسة، يصل إلى الصين مجموعة من المرتزقة الأوروبيين للبحث عن اختراع غريب كانت أنباؤه تصل إليهم عبر تلك الأراضي الشرقية الشاسعة، مسحوق أسود يستطيع أن يحول الهواء إلى نار مرعبة، وكان أمراء الحرب يدفعون الكثير من المال لهؤلاء المرتزقة للعودة بمثل ذلك الاختراع الحربي الذي يمكِّن أي قائد من تغيير موازين الحرب لمصلحته.

إلا أن صحراء وسهول الصين الشاسعة التي يمر بها هؤلاء المرتزقة، لم تكن نزهة سهلة، فقد تعرضوا للمطاردة والنهب والقتل أيضا من قبل قبائل المغول وقبائل صينية بدائية، وذلك قبل أن يصلوا لأي مدينة صينية يستكشفون فيها حقيقة أخبار ذلك المسحوق المزعوم.

لا يتبقى من تلك البعثة البائسة سوى أربعة أو خمسة رجال على رأسهم الإنجليزي «ويليام جارين» –يجسد دوره الممثل الحائز على الأوسكار مات ديمون- وصديقه الأسباني «بيرو توفار» –يقوم بدوره نجم مسلسل Game of Thrones بيدرو باسكال- الذين يستطيعون تضليل مطارديهم من رجال القبائل مؤقتًا، بعد رحلة شاقة في الصحراء على ظهور أحصنتهم المجهدة. وفي الليل يلجأون إلى الراحة قبل أن يستيقظوا على حركة غريبة وأصوات زمجرة حيوانية تشبه زمجرة ضبع جائع، يهاجمهم وحش غريب لا يستطيعون تبين مظهره في ظلمة الليل، يستطيع هذا الوحش البطش بأفراد البعثة البائسة، لكن في النهاية ينجح «ويليام» بمساندة «بيرو» في قطع يد الوحش بضربة طائشة محظوظة وسط الظلام، تراجع الوحش إثرها ليسقط في جرف من حالق ويموت.

يضع ويليام اليد المخلبية الضخمة في جعبته ليسأل لاحقًا عن طبيعة هذا الوحش المخيف، ويستكمل مع بيرو رحلتهما ليجدان نفسهما في النهاية أمام أحد أبواب سور الصين العظيم، وأصوات عسكرية من أعلى الصوت تحذرهم من الاقتراب، يتبعها مجموعة منذرة من السهام لا تصيب أيا من الرجلين، لكنها تنغرس بدقة في دائرة مكتملة تحيط بهم.

القبائل الصينية المتوحشة وراءهم، والسور أمامهم، وعليهم أن يحسبوا بسرعة أقل الاحتمالات خطورة، فيختار وليام وبيرو الاستسلام لقوات حماية السور. تصعد بهما القوات إلى الأعلى، فيجدان حشودًا ضخمة من القوات الصينية وآلات حربية وعتاد بكميات هائلة على امتداد السور وكأن البلاد في حالة حرب. يخبران قائد القوات ونائبته القائدة «لين» –الممثلة الصينية الجميلة تيان جينج- أنهما أتيا في سلام من أجل التجارة، يأمر القائد بتفتيش حقيبتهما ويعثران على يد المخلوق وأيضًا حجر مغناطيسي كبير كان ويليام ينوي استخدامه في صنع بوصلة، يخبرهم الأخير أنه وصديقه قاتلا وحشًا غريبًا لم يتبينا شكله وأنهما قاما بالإجهاز عليه.

ينظر القادة لبعضهم البعض في دهشة غير مصدقين، ويعلم الصديقان سبب الاندهاش عندما يعلمان أن قوات الصين كلها تحتشد لصد هجوم عنيف على وشك أن تشنه كائنات متوحشة تزحف قادمة من عمق جبال الصين بالملايين تشبه ذلك الوحش الذي هاجمهما الليلة الماضية.

تدق أجراس السور معلنة اقتراب الوحوش، وقبل أن يبت القادة في أمر ويليام وبيرو، يقررون اصحطابهما معا إلى سطح السور حيث يتأهب القوات لصد هجوم الكائنات المتوحشة.

قوة عسكرية لا نظير لها

يقدم لنا المخرج إيمو زانج صورة مدهشة لمدى تنظيم وقوة وتقدم الحضارة الصينية في هذا الوقت، على سطح السور تبدو القوات غاية في النظام ومقسمة في فرق ترتدي ألوانًا معينة تميز وظيفة تلك الفرق، فرقة المشاة، وفرقة الرماة، وفرقة أخرى من الفتيات لا يستطيع وليام تمييز وظيفتها. أيضا يبرز زانج تقدم الأسلحة الجبارة التي استخدمها الصينين في هذا الوقت، من راجمات نيران، ومدافع للسهام، وقاذفات قنابل –تستخدم المسحوق الأسود الغامض الذي يسعى ورائه وليام وبيرو، وهو مسحوق حقيقي قابل للانفجار ابتكرته الصين مكون من خليط من الكبريت والفحم والبوتاسيوم والنيترات-، ورافعات ميكانيكية تشبه المصاعد والأوناش الحديثة، وأيضا وسائل مذهلة لنقل القوات عبر الجو، كذلك وسائل الاتصال بين الأبراج وبين القوات عبر الأجراس والطبول بشكل شديد الإحكام والتنظيم. استخدم زانج أيضا الملابس بشكل مبهر، ليبدو كل جندي بطلًا خارقًا يزهو في حلته الحربية اللامعة الأشبه بملابس االشخصيات الأمريكية الخيالية Power Rangers لكن أكثر تعقيدًا وقوة وبذائقة تناسب العصر القديم.

يبدأ هجوم الكائنات المتوحشة، التي لا تبدو فقط ضباعًا شديدة الضخامة، وإنما أيضا تمتلك ذكاءً حاد، وتتواصل مع بعضها البعض عبر ذبذات تصدرها في الهواء، وتقودهم ملكة أكبر منهم حجمًا وذكاءً تصدر لهم أوامر التحرك وتجهز تشكيلاتهم الحربية عبر نفس الذبذبات.

تهجم الكائنات في موجات عارمة متتالية تشبه السيل هدفها عبور السور للتغذي على ملايين البشر الموجودين خلفه، وتبدأ القوات في صد الهجوم بالأسهم والحراب والقنابل، وعبر طائفة الفتيات المقاتلات اللاتي يظهر دورهن، حيث يقفن على منصات عالية بارزة من السور، وكل فتاة منهن مربوطة من وسطها بحبل قوي يمكنها من القفز حيث الوحوش، فتغرس إحداهن حربتها في قلب الوحش أو عينه، قبل أن يقوم آخرون في الأعلى بسحبها مرة أخرى.

يجد وليام وبيرو نفسهما وسط خضم الهجوم الشرس، ولا مهرب سوى المشاركة في القتال، ويستخدم وليام مهاراته المذهلة في الرماية بالقوس، ويستخدم بيرو مهاراته بوصفه مصارعًا للثيران في خداع الوحوش واستدراجها والإجهاز عليها.

الهرب مع الثروة أم البقاء مع الموت؟

تستمر الحرب لأيام تالية، يحوز فيها وليام على ثقة القائدة لين التي تخلف قائدها السابق على رأس الجيش، بعد مقتله في كمين أعدته الوحوش بذكاء. وأيضا يكتشف أحد مستشاري لين طريقة يمكن بها القضاء على الوحوش لكن الطريقة خطيرة للغاية. في نفس الوقت يحاول بيرو إتمام المهمة التي أتى إلى الصين من أجلها، وهي العثور على المسحوق الأسود الذي بات على مرمى حجر منه وهو موجود بوفرة في مخازن السلاح داخل السور، ويقنعه مرتزق آخر يظهر بشكل غامض داخل السور –يقوم بدوره الممثل المخضرم ويليام دافو- بالاستيلاء على المسحوق والهروب بينما القوات الصينية مشغولة بالحرب، يحاول بيرو إقناع وليام بتلك الخطة، ويبدو على ويليام التردد بين الهرب معهم وبين البقاء للحرب بجانب القوات الصينية.

فيلم The Great Wall هو في الأصل فيلم صيني مئة بالمئة وليس فيلم أمريكي، مليء عن آخره بمفردات الحضارة الشرقية القديمة وبآلاف من أفرادها، بينما يظهر فيه شخصيات غربية تقل عن أصابع اليد. يُظهر فيه زانج الحضارة الصينية الباهرة في وقت كانت أوروبا غائبة في أحلك عصور الظلام، يحارب فيها المرتزقة مثل ويليام في صف الأمير فلان في الصباح ضد الدوق علان، وفي المساء يحاربان مع الدوق ضد الأمير، بلا ولاء أو غاية أو قيمة إلا الحصول على طعام يسد جوعهم في نهاية اليوم. القتال من أجل الوطن ومن أجل المجتمع الصيني وحضارته المنيرة والتضحية من أجل غاية أعلى فوق غاية الفرد، أثار في نفس ويليام الكثير من الاحترام والتبجيل الذي يشعر به لأول مرة، وجعل أفكاره ترتبك وخططه تتبخر في الهواء، أيضا فاجأه ذلك التقدير الكبير الذي تبديه الصين للمرأة، التي رآها بعينه تشكل خط الدفاع الأول، وتضحي بنفسها قبل الرجال، فتستحق أن تُعين أعلى سلم القيادة العسكرية، وسط تقدير وإذعان باقي القادة الرجال.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل