المحتوى الرئيسى

بعد وفاة رفسنجاني.. هل بات الإصلاح في إيران ضربًا من الماضي؟ - ساسة بوست

01/09 21:34

منذ 2 دقيقتين، 9 يناير,2017

أعلنت «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» الحداد ثلاثة أيام ترحمًا على وفاة الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني عن عمر 82 عامًا، يوم أمس الأحد، بعد نقله بشكل عاجل إلى المستشفى إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة، لم يتمكن خلالها المسعفون من إنقاذ حياته، فوافته المنية بمستشفى طهران، الحدث الجلل الذي اعتبره مراقبون ضربة قاضية للتيار الإصلاحي في إيران.

ولد رفسنجاني في شهر أغسطس (آب) سنة 1934، في قرية تدعى بهرمان بضواحي مدينة رفسنجان جنوب شرقي إيران، درس في مدرسة دينية محلية، ثم غادر في نهاية الأربعينيات نحو مدينة «قم»، العاصمة الدينية لإيران، ليكمل دراسته في إحدى حوزاتها على يد علماء دين، بينهم مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني وحسين البروجردي، وفي عام 1961 بدأ انخراطه في الحياة السياسية بمعارضة حكم الشاه، واعتقل على أثر ذلك سبع مرات، قضى فيها أكثر من أربع سنوات في السجن.

ويعتبر أكبر هاشمي رفسنجاني أحد أعمدة «الثورة الإسلامية» في إيران التي أطاحت بحكم الشاه عام 1979، ويعده الكثيرون الرجل الثاني في إيران بعد آية الله الخميني، شغل منصب رئيس البرلمان الإيراني في الفترة ما بين 1980 و 1989، ثم تولى الرئاسة لولايتين متتاليتين بين 1989 و1997، وفشل في الترشح للرئاسة سنة 2000، وهزمه الرئيس المحافظ السابق، محمود أحمدي نجاد، في الانتخابات الرئاسية سنة 2005، وحاول أيضا الترشح للرئاسة الإيرانية إلا أنه مُنع لكبر سنه.

كما قاد رفسنجاني «مجمع تشخيص مصلحة النظام» في الفترة ما بين 2007 و 2011، وفقد منصبه بوصفه رئيسًا للمجمع، قبل أن يعود إليه مرة أخرى في 2016. ويعد «مجمع تشخيص مصلحة النظام» أحد أجهزة الحكم في إيران، وهو الهيئة الاستشارية العليا التي يحق لها نظريًّا اختيار المرشد العام أو إقالته له في إيران، كما تستطيع نقض قوانين مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) إذا ما خالف الشريعة والدستور أو مصلحة النظام.

وكتب المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، رسالة تعزية حدادًا على وفاة رفسنجاني، وصفه فيها بـ«رفيق نضال»، وقال «إن الخلافات لم تنجح أبدا في القضاء تمامًا على صداقتنا، فتعاوننا عمره 59 عامًا، هذا الرحيل قاس للغاية». في حين أجهش بالبكاء الرئيس الإيراني الإصلاحي، حسن روحاني، متأثرًا بوفاة رفسنجاني أثناء زيارته بالمستشفى، وكان هاشمي رفسنجاني أكبر الداعمين لروحاني خلال ترشحه الرئاسي سنة 2013.

فيما علقت مريم جافاني، أحد القادة السياسيين للتنظيم المسلح المعارض للحكم بإيران، «مجاهدي خلق»، على وفاة رفسنجاني قائلة «كان أحد عمودي ومفتاحي الفاشية الدينية الحاكمة في إيران»، متمنية انهيار الجمهورية الإسلامية بعد وفاته. وأرسلت السعودية والإمارات وتركيا ولبنان وقطر والكويت تعازيها للرئيس الإيراني روحاني إثر وفاة القائد هاشمي رفسنجاني.

يذكر التاريخ أن رفسنجاني هو من أقنع الخميني بقبول اتفاق السلام، الذي أقرته الأمم المتحدة، لإنهاء الحرب الطاحنة بين العراق وإيران، التي أودت بحياة نحو مليون شخص، وتقلد الحكم في إيران في المرحلة الموالية للحرب مع العراق، حينها شجع رفسنجاني الحرس الثوري على المشاركة في بناء البلاد، وأعاد لملمة الجمهورية الإسلامية بعد الحرب المدمرة.

ويرى العديد من المهتمين بالشأن الإيراني أنه كان لرفسنجاني دور فعال في إقناع خامنئي بدعم الاتفاق النووي التاريخي، المتوصل إليه بين إيران والقوى الست الكبرى في عام 2015، الاتفاق الذي بموجبه خُففت العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران مقابل كبح برنامجها النووي، وهو ما أنعش الاقتصاد الإيراني خلال الفترة الأخيرة.

ويوصف هاشمي رفسنجاني بالرجل المعتدل مقارنة مع المحافظين، حيث دعم التيار الإصلاحي في إيران، من خلال انتقاداته العلنية للمتشددين في مجلس صيانة الدستور المسؤول عن فحص المرشحين، بسبب تنحيته للمرشحين المعتدلين على نطاق واسع، كما كان من المتشككين في نزاهة انتخابات 2009، التي أشعلت احتجاجات شعبية في الشارع الإيراني بعد إعلان فوز المرشح المحافظ أحمدي نجاد على حساب الإصلاحيين، وانتقد الطريقة العنيفة التي تعاملت بها السلطات الإيرانية مع المحتجين آنذاك.

وعاد مرة أخرى لمنح دعمه الكامل علنيا للإصلاحيين، وأيد روحاني في انتخابات 2013، ويقال إن اعتقال ابنته فايزة وابنه مهدي وإيداعهما السجن لعدة أشهر بتهمة «تهديد الأمن القومي»، كان انتقامًا منه بسبب انتقاداته المتواصلة لمواقف المحافظين في إيران.

وينظر متابعون إلى رفسنجاني باعتباره شخصية براغماتية ميكيافيلية، حيث شجع سياسة تحرير الاقتصاد في إيران، وكان من الداعين إلى تطبيع العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، متخذا نهجًا أقل عدائية مقارنة مع القيادات الإيرانية الأخرى، واقترح التخلي عن شعار «الموت لأمريكا» في صلاة الجمعة.

مثلما عارض فرض القوانين الإسلامية بطريقة متشددة، وشجع على مشاركة النساء في العمل، وتنشط ابنته الصغرى، فائزة هاشمي، في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وسبق لها أن أصدرت مجلة نسائية بعنوان «المرأة» قبل أن يغلقها المحافظون.

إلى ذلك، اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية وفاة الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ضربة قوية للتيار الإصلاحي في طهران، الذي كان أقل عدائية نحو الغرب.

على الرغم من بعض مواقف رفسنجاني الإصلاحية، فيؤخذ عليه من جهة أخرى، حسب «النيويورك تايمز»، عدم تسامحه مع معارضيه إبان حكمه، كما أنه لم ينتقد الفتوى المتعلقة بإهدار دم الروائي، سلمان رشدي، التي أصدرها الخميني، كما اتهم بتورطه في أحداث «إرهابية»، منها تفجير المركز اليهودي في بوينس إيرس في 1994، ومقتل أربعة أكراد إيرانيين في ألمانيا قبل خمسة أعوام.

هل الإصلاح في إيران ممكنًا بعد وفاة رفسنجاني؟

بموت هاشمي رفسنجاني، يكون التيار الإصلاحي في إيران قد فقد أبرز الموالين له بين النافذين في منظومة الحكم بالجمهورية الإسلامية، حيث كان يملك نفوذًا متجذرًا في أجهزة الحكم الإيرانية، ما يجعل الإصلاحيين في إيران يخسرون إحدى مراكز القوة لديهم في تنافسهم مع المحافظين على السلطة.

يحمل التيار الإصلاحي في إيران العديد من الرؤى المتقدمة للحكم مقارنة مع المحافظين، إذ يشجعون مشاركة المرأة في الحياة العمومية ويدعمون الصحافة، ويدعون إلى الانفتاح مع محيطهم الدولي، بالإضافة إلى تحيزهم لسيادة القانون والانتخاب على حساب الشريعة، وكان الرئيس الإصلاحي السابق خاتمي يؤكد بأن «سيادة القانون لا رجعة فيه وعلى المجتمع التأكد من أنه ليس خاصًا بالسلطة التنفيذية فحسب، وإنما سيطبق على السلطتين القضائية والتشريعية، وفي جميع الإدارات وعلى الصحف وفي كل مكان».

لكن لا يبدو أن هذه الحركة الإصلاحية حققت نتائج ملموسة تنعكس على حياة الإيرانيين، حتى في ظل حكم الإصلاحي الحالي حسن روحاني، إلا أن سطوة المحافظين على الحكم تحول دون ذلك، إذ تسيطر نظرتهم المتشددة على أجهزة الحكم في إيران.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل