المحتوى الرئيسى

في 2017.. شبح ترامب وهيمنة الحرس الثوري يدفعان اقتصاد إيران إلى الهاوية - ساسة بوست

01/06 19:38

منذ 9 ساعات، 6 يناير,2017

في نهاية عام 2015 كانت كل الأنظار متجه صوب إيران والطفرة الاقتصادية التي كانت تنتظر البلاد خلال الأعوام القادمة، هذه النظرة لم تتغير كثيرًا خلال العام الماضي 2016، فطهران باتت أكثر انفتاحًا على العالم الاقتصادي، وأصبحت تنتج وتصدر النفط بدون أي عوائق، ولكن في 2017 من المتوقع أن تتغير تمامًا تلك النظرة، فالصورة لم تعد وردية كما كانت قبل نحو عام من الآن.

غياب التفاؤل عن المشهد الاقتصادي الإيراني لعام 2017 يعود إلى عدة عوامل، أهمها وأكثرها تأثيرًا، هو انتخاب دونالد ترامب في نوفمبر (تشرين الأول) رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، الذي قال إنه سيلغي الاتفاق المبرم بين إيران والقوى العالمية، الذي فرض قيودًا على مشروعات طهران النووية ورفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني في يناير (كانون الثاني) الماضي، الأمر الذي من شأنه عرقلة جهود طهران لجذب استثمارات أجنبية لمساعدتها على تطوير اقتصادها.

دونالد ترامب، رغم أنه العامل الأبرز في ضبابية المشهد الاقتصادي لإيران خلال هذا العام، لكن على جانب آخر، فالبلاد تواجه مجموعة من المشاكل الاقتصادية الداخلية، لعل أقلها فشل الحكومة في إعداد خطة متكاملة لما بعد الاتفاق النووي، سواء على مستوى القوانين، أو النظام المصرفي القديم جدًا، وبالرغم من أنها طرحت الكثير من التسهيلات للشركات الاستثمارية، لكنها في النهاية لم تنجح في إقناع المستثمرين، والبنوك الغربية في التدفق، واستئناف أنشطتهم الطبيعية، وضخ استثمارات جديدة في إيران.

تراجع الريال الإيراني إلى مستويات قياسية منخفضة مقابل الدولار، في الآونة الأخيرة، فقد بلغ سعر صرفه في السوق الحرة 41 ألفا و500 ريال مقابل الدولار، في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك مقارنة مع 35 ألفا و570 ريالًا في منتصف سبتمبر (أيلول)، فيما قال متعاملون إن أضعف مستوى للعملة الإيرانية قبل هذا الشهر بلغ حوالي 40 ألف ريال مقابل الدولار والذي سجلته في أواخر 2012.

صعود الدولار أمام كثير من العملات في الأسابيع القليلة الماضية وحالة الضبابية التي تسبق الانتخابات الرئاسية في إيران في مايو (أيار) القادم، كانت أبرز العوامل التي ساعدت في هبوط العملة الإيرانية، وذلك في وقت تحاول فيه الحكومة نفي أن تكون الانتخابات الأمريكية مرتبطة بهبوط الريال.

وقال صمد كريمي، مدير إدارة الصادرات بالبنك المركزي الإيراني، أن الهبوط يرجع إلى ارتفاع مؤقت في الطلب على الدولارات، لأغراض السفر والتجارة في نهاية العام، فيما عزا محمد باقر نوبخت المتحدث باسم الحكومة الإيرانية هبوط الريال إلى أسباب نفسية، وإن الحكومة تأمل في تعافيه خلال أيام.

وإلى جانب سعر الصرف في السوق الحرة تستخدم إيران سعرًا رسميًا يبلغ حاليًا 32317 ريالًا للدولار في بعض التعاملات الرسمية، فيما تسببت الفجوة الآخذة في الاتساع بين السعرين الرسمي والحر، في تصريف العملة الصعبة خارج النظام المصرفي الرسمي.

رصد مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية عدة أسباب لهبوط العملة الإيرانية خلال دراسة بعنوان »تراجع أسعار صرف العملة الإيرانية: الأسباب والتداعيات«، وكان أبرز هذه الأسباب، فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، بالإضافة إلى قوة الدولار الأمريكي عالَميًّا أمام باقي العملات، إلا أن الدراسة كشفت عن أن أزمة سعر الصرف في إيران لها جذور قديمة وأسباب عميقة وهي:

1 – تراجع موارد الدولة من العملة الأجنبية تأثرًا بتوتُّر العلاقات السياسية مع الغرب.

2 – وجود أكثر من سعر صرف في إيران على مدار التاريخ، إذ يوجد سعر الصرف الحكومي المثبَّت، وسعر صرف السوق الحرة، وسعر صرف المرجع.

3 – تنامي دور السوق الموازية في إيران وعدم قدرة الحكومة على إحكام سيطرتها عليها ليتّسع الفارق بين السعرين.

4 – عجز الموازنة الحكومية واعتماد إيران في الحصول على العملة الأجنبية من مصدر متقلّب وغير مستقرّ، وهو إيرادات صادرات النِّفْط.

5 – الركود الاقتصادي الذي استمرّ لفترات طويلة توقفت معه آلاف المصانع عن العمل وتراجعت معه الصادرات غير النِّفْطية.

8 – ارتفاع الواردات بعد تخفيف الحظر الدولي منذ بداية العام الماضي والضغط على الاحتياطي الأجنبي.

وخسر الريال الإيراني نحو 20% من قيمته، رغم رفع بعض العقوبات بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، الأمر الذي قاد لزيادة أسعار المواد الغذائية.

وكان البنك المركزي الإيراني قد توقع، ارتفاع معدل التضخم في العام الجاري 2017 إلى 10%، منوهًا إلى أن مؤشر التضخم الشهري قد وصل إلى أعلى معدَّل له خلال العام ونصف العام الماضيين، فيما أكد البنك أن مؤشر التضخم في الاقتصاد الإيراني يتجه نحو الارتفاع، وستتركز الأزمة في قفزات معدلات التضخم لأسعار السلع الغذائية.

وكانت معدلات التضخم مرتفعة للغاية في 2013، إذ وصل خلال عام 2015 إلى 17%، وذلك بعد أن بلغ معدلات قياسية في 2013 وصلت إلى 40%، وفقًا للبنك المركزي الإيراني، وصُنفت إيران من أعلى دول العالم في معدلات ارتفاع الأسعار آنذاك.

ويعد ارتفاع معدلات التضخم من أبرز التداعيات الاقتصادية لانخفاض سعر الصرف، كما يهرب المستثمرون من الاقتصادات التي تتصف أسواق الصرف فيها بالتقلب المستمرّ وعدم الاستقرار، لِمَا يتسبب فيه هذا الأمر من خسائر مالية كبيرة عند استيراد مستلزمات الإنتاج وتحويل الأرباح إلى الخارج، لهذا تخطط الحكومة الإيرانية لتوحيد سعر الصرف والاعتماد على سعر السوق الحرة مستقبلًا.

مناخ الاستثمار وهيمنة الحرس الثوري

ولا يزال الاقتصاد الإيراني يعاني من وجود العديد من المشاكل، أهمها مناخ الأعمال والاستثمار، ففي عام 2015 صنف البنك الدولي الاقتصاد الإيراني في المرتبة الـ 130 من بين 189 دولة في سهولة أداء الأعمال، وإضافةً إلى مناخ الأعمال السيئ، فالحكومة منذ الثورة الإيرانية في 1979، تنتهج سياسة الهيمنة على الأعمال والأنشطة الاقتصادية، مما أضعف قطاع الأعمال الخاص على مر السنين، وجعله ينافس بصعوبة شديدة للبقاء.

الحرس الثوري، يهيمن على كبرى القطاعات الاقتصادية في إيران، ويتحكم بصورة مباشرة فيما بين 20 و40% من الاقتصاد الإيراني، وفقًا لتقارير أمريكية وحوالي 30% من الأعمال في إيران مملوكة لمنظمة الأمان الاجتماعي «SSO»، فيما ساهم فرض العقوبات الدولية على إيران في زيادة مساهمة شركات الحرس الثوري في النشاط الاقتصادي.

تحتاج إيران إلى عمل إصلاحات شاملة لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي المحلي، وتسريع النمو الاقتصادي الشامل، لكن يرى مراقبون للشأن الإيراني أن الوصول إلى تلك الأهداف قد يكون صعبًا للغاية خلال 2017، خصوصًا في ظل وجود صراع داخلي قوي بين جناحين سياسيين داخل إيران.

إيران أصيبت بخيبات أمل كبيرة خلال العامين الماضيين، إذ لم تحقق الاستفادة المرجوة من رفع العقوبات الدولية عنها، كما أن شعار »إنقاذ الاقتصاد من العقوبات والفساد وسوء الإدارة«، الذي رفعه الرئيس الإيراني حسن روحاني عندما تولى منصبه في أغسطس 2013، لم ير النور بعد، فعودة الازدهار الاقتصادي إلى البلد وتحسين مستوى معيشة الإيرانيين، بات صعب التحقيق في ظل هذه المعطيات.

الصحافي والباحث في شؤون آسيا السياسية والاقتصادية، أبوبكر أبوالمجد، يرى »أن الانتخابات الرئاسية الـ12 التي ستخوضها إيران في مايو (أيار) المقبل، بالإضافة إلى وصول دونالد ترامب الرافض للاتفاق النووي إلى الحكم في أمريكا، والانخفاض غير المسبوق للعملة الإيرانية أمام الدولار، وإصدار الكونجرس قرارًا يؤيد فيه مد العقوبات لعشر سنوات مقبلة، كلها أمور تضاعف الآلام الاقتصادية في الداخل الإيراني«.

وتابع أبو المجد خلال حديثة لـ»ساسة بوست» قائلًا: إن أمريكا كانت تراهن على تغيرات جذرية في السياسة الداخلية الإيرانية وتغيير تدريجي نحو الديمقراطية، الأمر الذي لم يتحقق منه شيء على الأرض، ومقياس ذلك هو ما تمارسه سلطة الملالي تجاه معارضيها في الداخل والخارج.

وقال الباحث في شؤون آسيا السياسية والاقتصادية إن »الرفع الجزئي للعقوبات على إيران والذي مكنها من بيع نفطها بصورة أكبر، وأربح، وكذلك القيام ببعض المعاملات مع البنوك الصغيرة حول العالم، لن تسعف إيران في أن تثبت أنها بالفعل قوة اقتصادية ناهضة، ووضح تمامًا فشل السياسات الاقتصادية الإيرانية في احتواء أزمة التضخم عندها«.

وأضاف أبوالمجد أنه في حال جاءت المواقف الأمريكية في ظل رئاسة ترامب بنفس الاتجاه الذي أعلن عنه قبل ذلك، فإن أمريكا تستطيع فرض عقوبات أحادية على إيران كما كانت تفعل في السابق، ولا يجب أن ننسى أن غياب أمريكا عن الحوار الأوروبي مع طهران حول الاتفاق النووي منذ العام 2003 وحتى 2014، منع الوصول للاتفاق، وهذا يؤكد قدرة واشنطن على أن تكون جزءًا من المشكلة كما كانت جزءًا من الحل.

وأشار في ختام حديثه إلى أنه في حال أعاد ترامب العقوبات الاقتصادية على طهران، فإن المناخ التشاؤمي تجاه مستقبل الاقتصاد الإيراني سيزيد، وحجم الواردات سيتضاعف الأمر الذي من شأنه مضاعفة سقوط الريال الإيراني تجاه العملات الأجنبية عمومًا والدولار على وجه الخصوص، خاصة في ظل قلة التحويلات البنكية وزيادة السيولة وبقاء الركود الاقتصادي المستمر من 2012.

المؤشرات الاقتصادية والبيانات الرسمية، بالإضافة إلى التوقعات، بعيدًا عن تأثير ترامب، لا تشير إلى التحسن خلال 2017، فحجم الاحتياطي تراجع بنحو 15% خلال العام الماضي، فيما تجاوزت نسبة البطالة 14%، بينما بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.8% عام 2015، مرتفعًا من نحو 1.9% في 2014.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل