المحتوى الرئيسى

الشباب.. ومشكلة الشقة! | المصري اليوم

01/05 22:53

لا أحد من أركان نظام ما قبل يناير 2011 ينكر أن الدولة تخلت عن دورها الاجتماعى فى بناء المساكن الحكومية للبسطاء.. وتحولت الدولة أيامها إلى تاجر مساكن، وأيضاً أراضى بناء. ولكن الدولة الحالية أخذت تستعيد دورها الاجتماعى هذا - فى العامين الماضيين على الأقل - سواء فى المدن الجديدة أو على حواف المدن القديمة.. ليس فقط لتقليل مخاطر العشوائيات، ولكن لتخفيف حدة نقص شقق الشباب.. وليس فقط مشروع حى الأسمرات.. بل هناك آلاف الشقق الجديدة من مساحة 60 متراً - وهى الأغلب - ولكن أيضاً بمساحات تزيد على ذلك.. ولكن المشكلة فيها هى أسعارها.. وهى للأسف فقط للتمليك.. فهل تجاهلت الدولة عنصر دورها لتوفير شقق شعبية.. بالإيجار.

ناقشت ذلك - خلال حوارى - أمس الأول مع سائق السيارة الأجرة خريج الزراعة ووجدته يزداد عنفاً - فى حواره - فمن أين يدبر أى شاب مبتدئ ثمن هذه الشقق، وهى بعشرات الألوف من الجنيهات. هنا انبرى هذا السائق قائلاً إن على الدولة أن تدبر أراضى البناء.. على شرط أن تتولى هى توصيل المرافق إلى مواقع هذه الأراضى، وتحصل على 10 آلاف جنيه من سكان موقع العمارة المتوقعة.. ثم تترك الشباب ليكملوا البناء.. وسألته: كيف..

قال تتكون جمعيات - كل واحدة - من عدد من الشباب. يدفع كل شاب فيهم عشرة آلاف جنيه ليضعوا أساس العمارة من ستة طوابق.. وبمساحات يتفقون عليها ويقدمون هذه المبالغ لشركة مقاولات تتولى البناء.. وكلما ارتفع البناء طابقاً تقدم الشاب بما يستطيعه. وعندما يكتمل البناء يتم عمل قرعة بين الشباب.. هذا نصيبه شقق الدور الأرضى.. وهذا ما فوق هذا الطابق.. وهكذا.. على أن يدفع الشاب - بعد تسلمه شقة - مبلغاً يدور حول 700 جنيه يخصم من تكاليف البناء.. وبعد أن يسدد كامل الثمن يتم تسجيل الشقة باسمه.. وهذا نظام يواجه غلاء غيرها من المساكن وأيضاً يقفز فوق متاعب الإيجار وفقاً للقانون الجديد الشائع الآن، وهو نظام يخلق كثيراً من المشاكل، منها مدة الإيجار، ومنها ضغط الملاك بهدف زيادة الإيجار عاماً وراء آخر، ومنها عدم استقرار الأبناء فى مدارسهم بسبب توالى تغيير الشقق.. وهكذا.

ولما قلت: هل يكفى هذا لكى نوفر للشباب الشقة فى بداية حياتهم الزوجية؟ رد: أليس هذا أفضل من أننا نجد شباباً وصلوا إلى سن الخامسة والثلاثين دون زواج.. مع تزايد نسبة الفتيات العوانس.. بسبب ارتفاع ثمن الشقق.. وأيضاً بسبب عدم استقرار الإقامة فى شقق بالقانون الجديد.. ثم قال: إن مساحة الستين متراً معقولة، بل وطيبة. فما يريده الشباب مجرد «حائط» يستند إليه.. ويكوّن أسرته.. وفى هذا حل لكثير من المشاكل الاجتماعية التى زادت فى السنوات الأخيرة!!

وهذا الكلام قد يراه البعض كلاماً شفوياً يصعب تنفيذه.. بل يستحيل.. ولكن لماذا لا نجرب ما يقوله هذا الشاب، الذى لا أعرف حتى اسمه.. وتعمدت ذلك حتى يتكلم معى السائق بكامل حريته.. وأضيف: هل يعقل أن الحكومة تطرح شققاً - فى المدن الجديدة - دون التسعين متراً بأسعار تصل إلى 200 ألف جنيه.. فمن فى الشباب من يملك هذا المبلغ وهو فى بداية حياته العملية.. وهناك مشاكل تمويل تأثيث الشقة وتكاليف العرس.. وغيرها.

■ ■ وأفكار هذا السائق الشاب تستحق الدراسة.. لأنها تخفف الأعباء عن الدولة فى توفير الشقق.. وتؤدى إلى السيطرة على أسعار شقق القطاع الخاص.. وهنا تؤدى الدولة جانباً من نفقاتها فى هذا القطاع الحيوى، وإذا كانت الدولة متمسكة بحقها فى ثمن أرض البناء لهذه الشقق فالحل هو عدم تمليك الأرض للمنتفعين.. أى يكون الأمر بمثابة «حق انتفاع» يستمر مدى عمر العمارة.. ونظام حق الانتفاع هذا موجود فى كثير من المشروعات.. كما هو معروف فى أراضى مصيف رأس البر التى يدفع أصحاب العقارات فيها «جعلاً» سنوياً يوفر إيراداً لمجلس المدينة.

■ ■ وبالمثل يمكن تطبيق هذا النظام فى الأراضى الزراعية الجديدة، ومنها مشروع المليون ونصف المليون فدان. فالشاب يزرع المساحة المقررة له ويعطى للدولة حصته من إنتاجها.. لمدة محددة.. ثم يتم تمليكه الأرض بعد ذلك.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل