المحتوى الرئيسى

الخطوة المطلوبة من السعودية | المصري اليوم

01/05 01:41

عادت إلى السطح بقوة خلال الأيام القليلة الماضية مرة أخرى- ولن تكون الأخيرة- قضية الجزيرتين، تيران وصنافير، وذلك عندما وافق مجلس الوزراء على إحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، التى تعود بموجبها السيادة على الجزيرتين إلى السعودية، إلى البرلمان.

وهكذا تقدم الدولة المصرية إثباتات جديدة على تجديد قناعتها بأهمية تصفية العلاقة بين البلدين، ولكن الوضع الآن أكثر تعقيدا من مجرد إحالة الاتفاقية إلى البرلمان، الأكيد أن هذا الموقف سوف يصب فى اتجاه سلبى، وفى زيادة الضغط على الدولة المصرية، وعلى الرئيس فى هذه المرحلة.

كما سبق أن ذكرت فإن هذا القرار بنقل ملكية الجزيرتين هو أزمة يتحمل مسؤوليتها أطراف متعددة، وأنا هنا لن أناقش موضوع الملكية، وهل هى مصرية أم سعودية، لأن إثبات أى الحالتين هو مسألة ممكنة كوجهى العملة، ولكن يظل الحكم والفيصل هو المواءمة مع الأوضاع السياسية، وتجنب إحداث أضرار حقيقية سواء فى العلاقات الثنائية، أو فى الموقف العام فى المنطقة من حيث الاستقرار والأمن القومى.

الأمر الأكيد أن مسألة إعادة جزء من أرض أو التنازل عن جزء من الأرض، أياً ما كان التكييف فى الثقافة المصرية، هى مسألة شديدة الحساسية لدى المصريين، وبالتالى فإن الخطأ الرئيسى كان منذ البداية فى الضغط والإصرار على تنفيذ ما تقتنع به السعودية، وما اتفقت معه آراء سياسيين وقانونيين فى الدولة المصرية، فكان القرار بالموافقة على هذه الاتفاقية فى هذا الوقت.

كانت وجهة نظرى دائما أن الضغوط لتنفيذ هذا المطلب فى هذا التوقيت مخاطرة على الاستقرار وعلى المزاج العام فى مصر، أكثر كثيراً من قرارات أخرى تبدو ضارة ومستحيلة فى هذا التوقيت، مثل الموافقة على عودة الإخوان مثلاً لممارسة دور سياسى فى إطار الدولة، ولكن فى ظل الإصرار السعودى والوضع المصرى والرغبة المصرية فى تأكيد موقفها من السعودية ومن الخليج جعل كل ذلك الرئيس يتحمل شخصياً ليصدر هذا القرار.

لا أظن أن رد الفعل بين المصريين، سواء على المستوى السياسى أو مستوى النخبة أو مستوى المواطن العادى، كان متوقعاً لدى العديد من الأطراف، خليجيا ومصريا، لكن الواقع الآن أن هناك موقفاً أو حالة جديدة ينبغى أن توضع فى الاعتبار.

وفى هذا الإطار، فإن ما أعتقده مناسبا وسيكون دليلاً على مدى الحرص السعودى على الدعم السياسى لمصر والحفاظ على الاستقرار فى المنطقة والذى لن يتحقق- كما أكدنا مرارا- إلا باستقرار مصرى، وللتأكيد على الإحساس بالمخاطر المشتركة التى تواجهها المنطقة ونتشارك فى مواجهتها، فإننى أظن فى ظل كل هذا أن إعلانا سعوديا عن تأجيل أو تعليق العمل بهذه الاتفاقية فى هذه المرحلة وإرجائها إلى مرحلة مقبلة تكون فيها الأوضاع السياسية فى المنطقة أكثر هدوءا، وتكون الأجواء أكثر قابلية لاستيعاب مثل هذه الخطوة، فإن مثل هذا الإعلان لا يسقط ما تعتقده السعودية حقها ولا ينفى التزام الدولة المصرية بالاتفاقية التى وقعتها، ولكنه ببساطة ينزع فتيل توتر غير مطلوب وغير مستحب فى هذه المرحلة بسبب مطالبة بجزيرتين لن تحققا أو تضيفا شيئاً فى هذا التوقيت، ولكن كل ما ستتسببان فيه هو زيادة أجواء التوتر وخلق أجواء أزمة فى مرحلة لا يحتاجها أى من البلدين ولا المنطقة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل