المحتوى الرئيسى

مصر التى غرقت فى التعويم

01/05 14:38

شهران بالتمام والكمال، مرا على اتخاذ أحد أهم القرارات الاقتصادية فى تاريخ مصر المعاصر، وهو قرار تعويم الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار، الذى اتخذه البنك المركزى فى 3 نوفمبر الماضى.

الأوضاع فى مصر بعد هذا القرار ليست كما كانت قبله على الإطلاق، لا من حيث الشكل ولا المضمون، فالقرار الذى تم التسويق له على أنه قرار سيعيد الانضباط للاقتصاد المصرى، وسيصلح ما أفسدته سنوات التحكم فى السعر، جاء بـ"نوات وأعاصير" لم يشهدها مناخ الاقتصاد المصرى من قبل، وأحدثت تبعياته اضطرابا فى كل الأسواق، وشهدت الأسعار موجة ارتفاع كبيرة، فى حين لم يحقق القرار الإيجابيات المرجوة منه، والتى تم التسويق له من خلالها حتى الآن.

أولا.. أقصى سعر للدولار.. 13 جنيها قبل التعويم و20 بعده

الدافع الرئيسى لاتخاذ قرار تعويم الجنيه مقابل العملات الأجنبية، كان تحقيق استقرار وتوازن فى سعر الصرف، وضرب السوق السوداء، إلا أن تطورات الأحداث ما بعد القرار جاءت بعكس تلك التوقعات تماما، فقد كان سعر صرف الدولار الرسمى فى البنوك يوم 2 فبراير، أى قبل قرار التعويم بـ24 ساعة، 8.88 جنيها، أما اليوم وبعد 60 يوما، لم يشهد خلالها سعر الدولار انخفاضا واحدا حتى وصل فى بعض البنوك إلى 18.9 جنيها، أى بزيادة أكثر من 100%.

ثانيا.. أسعار السلع الغذائية.. زيادات تتراوح من 20% إلى 50%

ترتب على الزيادة غير المحسوبة لأسعار الدولار ارتفاع أغلب السلع، إن لم يكن كل السلع الغذائية والاستهلاكية، بما فيها السلع المدرجة على بطاقات التموين، حيث ارتفعت أسعار الخضر والفاكهة بنسب تتراوح بين 20 إلى 40%، بينما ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن بنسب 20 إلى 30%.

أما ما يخص السلع التموينية، فقد وصل سعر الزيت على بطاقات التموين لـ10 جنيهات، بدلا من 8.25 جنيه، وسط توقعات بارتفاع أسعار السكر على بطاقات التموين، ووصوله لـ 9 جنيهات.

ووصلت أسعار المكرونة إلى 7 جنيهات بعد أن كان 3 جنيهات، وقد أعلن اللواء محمد على مصيلحى وزير التموين، خلال الجلسة العامة للبرلمان أول أمس الثلاثاء، أن الوزارة قد تلجأ لرفع سعر السكر التموين لمستوى الـ 9 جنيهات، حال رفع سعر توريد قصب السكر ووصوله لمستوى الـ 900 جنيه لكل طن.

ثالثا.. أسعار السلع الكهربائية.. ارتفاعات الأسعار تبدأ من 50% ومرشحة للزيادة

فى نهاية ديسمبر الماضى، صرح هانى متولى، سكرتير شعبة تجار الأدوات الكهربائية بالاتحاد العام للغرف التجارية لـ"برلمانى"، أن أسعار الأجهزة الكهربائية ارتفعت فى الأسواق بنسبة تزيد عن الـ 50 % مقارنة بالأسعار السابقة، وتوقع أن تشهد الأسواق موجة ارتفاع جديدة، بحيث تصل نسبة الزيادة لـ65 % على كل الأجهزة الكهربائية المستوردة.

رابعا.. الأدوية.. اختفاء وزيادات مقبلة بنسبة قد تصل إلى 40%

أما الأدوية فقد ضرب سوقها أزمة كبيرة عقب اتخاذ قرار التعويم، حتى وصلنا إلى الحال الذى نمر به هذه الأيام من اختفاء كثير من أصناف الأدوية بسبب توقف استيرادها وتصنيعها لارتفاع سعر الدولار وانتظار المستوردين والمصنعين زيادة أسعار الأدوية، لتوازى تكلفة تصنيعها أو استيرادها.

وقد تطورت الأزمة بين شركات الأدوية ووزارة الصحة، حتى توصلوا لاتفاق-لم يعلن رسميا حتى الآن- بأن ترفع الشركات أسعار 20% من الأدوية المستوردة بنسب متفاوتة قد تصل بعضها لـ50%، فى حين ترفع أسعار 15% من الأدوية المحلية بنفس النسب.

خامسا.. تسريع وتيرة رفع الدعم عن المحروقات

كان أحد أهم القرارات المكملة لقرار تعويم الجنيه، والذى تبعه بساعات قليلة، هو قرار زيادة أسعار المحروقات وتسريع وتيرة رفع الدعم عنها، حيث أعلنت الحكومة وقتها ارتفاع سعر البنزين بين 35% إلى 50% للأنواع الثلاثة، وارتفعت أسعار السولار بأكثر من 30%.

وارتفع سعر أسطوانة الغاز للمنازل بنسبة تقارب 90%، حيث بلغ سعر الأسطوانة 15 جنيها بدلا من ثمانية، وارتفع غاز السيارات بنسبة تزيد على 45%.

كما تؤكد توقعات كثير من المحليين أن تشهد أسعار البنزين ارتفاعا جديدا فى الوقت القريب، بسبب استمرار ارتفاع سعر الدولار، وعدم قدرة الحكومة على تحمل فرق السعر، فى حين نفى مجلس الوزراء هذه الزيادات المحتملة.

سادسا.. 90 مليار جنيه إضافية على عجز الموازنة

كان من بين أهم المعضلات التى تسعى الحكومة لحلها هو "عجز الموازنة" الذى تسعى لتخفيفه ليصل إلى 8% فى 2018، إلا أن قرار تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار أدى إلى زيادة عجز الموزانة بمقدار 90 مليار جنيه كأدنى تقدير، وفق البيان التى تقدم به النائب محمد فؤاد المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، وأوضح خلاله أن قرار التعويم زاد من أعباء الإنفاق فى الموازنة العامة، وزاد العجز لـ90 مليار جنيه.

مصر والتعويم .. قبل وبعد

النظر بالعين المجردة دون تحليل وتبرير إلى المشهد فى مصر قبل قرار تعويم الجنيه وبعده، يعكس وبلا شك أن القرار –ورغم اتفاق الكثيرين على صحته- إلا انه أحدث ارتباكا واضطربا وأزمات فى السوق والاقتصاد المصرى، نتيجة غياب التخطيط الشامل لتبعياته، والأخطر هو عدم قدرة الحكومة أو البنك المركزى، السيطرة على هذا الاضطراب بتخاذ إجراءات اقتصادية تنفيذية سليمة تضمن الاستقرار بالشارع.

- 150 شركة مهددة بالإغلاق بسبب الدولار

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل