المحتوى الرئيسى

أمل ينتظر المواطنون تحقيقه فى 2017 «داخلية» دون تعذيب

01/03 20:15

195 حالة قتل وإهمال وعنف داخل الأقسام فى عام واحد

رغم النجاحات التى حققتها وزارة الداخلية فى تقليص خطورة العمليات الإرهابية، ورغم تغير أسلوب المعاملة مع المواطن فى بعض الأقسام، إلا أن عام 2016 شهد العديد من الإخفاقات والصدامات مع المواطنين والنقابات لوزارة يفترض أنها فى خدمة الشعب لا فى كبت حريته ولا إهدار كرامته، ولا تعذيبه بورقة صغيرة اسمها «ضبط وإحضار»، وبينما تمكن الإرهابيون من قتل عدد ليس بقليل من أفراد الشرطة لم يستطع وزير الداخلية السيطرة على تجاوزات بعض الأفراد والضباط داخل أقسام الشرطة وخارجها، واضطر رجال الأمن فى الكثير من المواجهات إلى اللجوء لـ«التصفية الجسدية» لبعض المطلوبين، فضلاً عن تزايد حالات الاختفاء القسرى للشباب من الجنسين وتزايد حالات القتل والإهمال والعنف داخل السجون ووصولها إلى 195 حالة، حسب آخر تقرير لمركز «النديم».

كما عجزت الداخلية عن حسم الكثير من القضايا الأمنية خاصة تلك التى أثارت جدلاً دولياً وسببت للقيادة السياسية إحراجاً شديداً مثل قضية الإيطالى «ريچينى».

ومن المهم أن نذكر قبل الرصد وتوضيح كشف الحساب بأن الداخلية حاولت إصلاح جهازها بأكثر من حركة تنقلات لتطهير أجهزتها ذاتياً. كما لم تتردد فى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب ومحاسبة جميع الضباط على تصرفاتهم، وقام الوزير بمكافأة 1400 ضابط ومجند، وذلك تقديراً لتضحيات رجال الشرطة والجهود الكبيرة التى تبذل لخدمة الوطن واستقراره.

ويحسب للداخلية فى عام 2016 نجاحها فى القبض على عدد من الخلايا الإرهابية على رأسها الخلية المتهمة باغتيال النائب العام ومحاسبة الضباط المقصرين داخل الوزارة وتطوير صندوق الشكاوى الخاص بوزارته.

ولكن كان هناك أيضاً العديد من التصادمات حيث تصادم عبدالغفار مع نقابة الأطباء، ونقابة الصحفيين، وكثرت فى عهده تجاوزات عدد من الضباط وأمناء الشرطة فى حق المواطنين وصلت لدرجة القتل. وقد تعددت وقائع التفجيرات فى حقبة اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، وكثرت الاغتيالات؛ حيث تم اغتيال العديد من الضباط والشخصيات العامة ومحاولة اغتيال البعض مثل مفتى الجمهورية السابق على جمعة والنائب العام المساعد زكريا عبدالعزيز.

ورصد تقرير لمركز «النديم» لعلاج وتأهيل ضحايا العنف، 195 حالة قتل فى عام 2016، من بينهم 11 حالة نتيجة الإهمال الطبي، و8 حالات نتيجة التعذيب، و42 حالة تعذيب، و60 حالة إهمال طبي، و20 حالة عنف شرطة جماعي، و66 حالة إخفاء قسرى من بينهم ثلاث حالات اختفاء بعد إخلاء سبيل من النيابة وشاب أُخفى قسرياً رهينة عن شقيقه، و32 حالة ظهور بعد إخفاء ظهرت جميعها ما بين نيابات أمن الدولة أو النيابات العامة يلى ذلك الأقسام والسجون.

ورصد التقرير أيضاً عدداً من حوادث التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز التى أسفرت عن قتل 8 حالات فى يناير فقط، كما تناول قضية الإخفاء القسرى، وأشار إلى ظهور عدد كبير من السابق إخفائهم فيما بين مقرات أمن الدولة والنيابات والأقسام والسجون. وتناول التقرير أيضاً تفاقم عنف الشرطة، مشيراً إلى أن الشرطة داهمت منازل المواطنين فى عدة محافظات، واعتقلت من اشتبهت فى انتمائهم للثورة. وجاء فى التقرير عدة أحكام صدرت ضد التعذيب، من بينها الحكم بالحبس 7 سنوات لضابط و5 سنوات لخمسة مخبرين قاموا بتلفيق قضية مخدرات لموظف ثم قتلوه، كما أمرت نيابة أول أكتوبر بإحالة ضابط بإدارة الطرق والمنافذ للجنايات؛ بتهمة ارتكاب جريمة استغلال النفوذ، والتعدى على سائق.

وفى واقعة لم تشهدها الصحافة المصرية فى عصور جميع وزراء الداخلية، اقتحمت قوات الأمن مساء الأول من مايو 2016 مقر نقابة الصحفيين بشارع عبدالخالق ثروت؛ لإلقاء القبض على اثنين من الصحفيين المعتصمين داخل مقر النقابة، وهما عمرو بدر، ومحمود السقا، لاتهامهما بالتحريض على التظاهر فى جمعة الأرض التى خرجت يوم 15 أبريل ومظاهرات يوم 25 أبريل، الماضى التى خرجت لإعلان رفض التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.

وتقدمت النقابة ببلاغات إلى النائب العام ضد الاعتداء عليها وعلى أعضائها، لكن «أتت الرياح بما لا تشتهى السفن» عندما قضت محكمة الجنح بحبس نقيب الصحفيين ووكيل النقابة والسكرتير العام عاميْن بتهمة «إيواء صحفى ومتدرب بمقر النقابة مع علمهم بأنهما مطلوبان لسلطات التحقيق فى مايو الماضي. وألزمت المحكمة نقيب الصحفيين يحيى قلاش وعضوى مجلس إدارة النقابة جمال عبدالرحيم وخالد البلشى بدفع كفالة 10 آلاف جنيه لكل واحد منهم إذا أرادوا إيقاف تنفيذ الحكم لحين التقدم بطلب لاستئنافه.

تعددت وقائع التفجيرات ومحاولات الاغتيال فى حقبة اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، فكثرت الحوادث الإرهابية عام 2016 ومن أشهرها محاولة اغتيال على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، قرب منزله فى مدينة السادس من أكتوبر فى 5 أغسطس الماضى، وقيام بعض المسلحين بإطلاق النار على «جمعة» فى أثناء دخوله لإلقاء خطبة الجمعة، إلا أنه لم يصب وإنما أصيب الحرس الخاص به. وتأتى أيضاً محاولة اغتيال النائب العام المساعد زكريا عبدالعزيز، فى 29 سبتمبر 2016؛ حيث تم وضع سيارة مفخخة بالطريق لتنفجر أثناء مروره، إلا أنه نجا من الحادث. وهناك أيضاً حادث اغتيال عادل رجائي، قائد الفرقة الـ9 مدرعات أمام منزله بالعبور فى 22 أكتوبر 2016؛ حيث انتظره بعض العناصر الإرهابية أمام منزله وبمجرد نزوله أطلقوا عليه النيران حتى وفاته. وفى 8 مايو 2016 أطلقت عناصر إرهابية النار على سيارة رجال الشرطة من أسلحة آلية كانت بحوزتهم فى أثناء تفقد القوات الحالة الأمنية وتمشيط منطقة كورنيش حلوان، مما أسفر عن استشهاد 8 من رجال الشرطة. ويأتى أيضاً حادث انفجار شارع الهرم فى 9 ديسمبر 2016؛ حيث تم استهداف كمين أمنى قرب مسجد السلام بالجيزة، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من قوات الأمن. وفى 9 ديسمبر الماضى أيضاً استُهدفت سيارة الشرطة على الطريق الدولى الساحلى (كفر الشيخ)، ونتج عن ذلك وفاة مواطن وإصابة شرطيين. وكان حادث تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية الذى وقع مؤخراً بسبب حزام ناسف انفجر أثناء قداس الأحد، وأسفر الحادث عن مقتل حوالى 25 شخصاً وعدد من المصابين وصل عددهم إلى الخمسين.

اختفى چيوليو ريچينى، طالب إيطالى، فى ظروف غامضة بعد أن غادر مقر إقامته فى حى الدقى بالجيزة. وعثرت أجهزة الأمن فى الجيزة على جثته، ملقاة فى أول طريق «مصر - إسكندرية» الصحراوى بمدينة 6 أكتوبر، أمام مؤسسة حازم حسن بطريق مصر، وأن جثة المجنى عليه بها كدمات وسحجات فى مختلف أنحاء جسده، ويوجد عليه آثار تعذيب، مؤكدة أنها عثرت على جثة الشاب «نصفها عارٍ»، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن الشرطة عثرت على حقيبة بها متعلقات للباحث الإيطالى چيوليو ريچينى بحوزة عصابة إجرامية، قُتل 4 أشخاص من أفرادها فى تبادل لإطلاق النار فى وقت سابق.

لكن قتل العناصر المتورطة لم يطفئ لهيب روما التى رفضت نتائج التحقيقات، وهو ما أغضب وزير الداخلية الذى نفى أن تكون الشرطة ضالعة فى مقتل الطالب الإيطالى الذى عثر على جثته وعليها آثار تعذيب بعد اختفائه فى القاهرة.

ويتسلل إلى كثير من المصريين شعور بالخوف عند دخوله إلى أى قسم شرطة وبالغ البعض بقوله: «يجب أن تتوضأ وتصلى ركعتين لله، وتنطق الشهادتين.. فالداخل مفقود والخارج مولود فربما لا تعود إلى أسرتك مرة أخرى».. هذا هو شعور كثير من المواطنين حال دخولهم بعض الأقسام لإنهاء بعض الأوراق أو لتحرير محاضر وغيرها من المتطلبات، ورغم أن تجاوزات الشرطة كانت سبباً فى قيام ثورة 25 يناير، إلا أن ذلك الشعور ما زال قائماً مع عودة بعض أفراد الشرطة إلى ممارساتها القديمة. وإذا عدنا إلى الحوادث التى وقعت مؤخراً فى أقسام الشرطةن وكان آخرها حادثة «مجدى مكين»، حيث اشتهر قسم الأميرية بأنه لا يراعى المعاملة الآدمية فى التعامل مع المواطنين أثناء التحقيق معهم من قبل رجال المباحث، ويذكر أن قسم الأميرية من أول الأقسام التى تم حرقها خلال ثورة يناير من شدة الظلم الذى شعر به أهالى قسم الأميرية من قبل أفراد الشرطة. وكشف شقيق «مكين» أنه تم القبض عليه داخل قسم الأميرية بصحبة عامل فى قهوة وصاحب كشك وتعرضوا للضرب والتعذيب داخل القسم مما تسبب فى وفاة شقيقه بعد ساعتين من التعذيب. ومحاولة إجبار العامل وصاحب الكشك على الاعتراف ضد «مكين» بأنه كان بحوزته مخدرات وقبض عليه لهذا السبب، مشيراً إلى أنهم تعرضوا للضرب لإجبارهم.

فى التفاصيل قال: إن الموضوع بدأ حين اصطدمت عربة الكارو التى كان يسير بها بميكروباص الأمناء والضابط دون قصده، وأنهم حاولوا إجباره على الوقوف إلا أنه ظل يؤكد لهم أنه لم يكن قاصداً للاصطدام وبدأ فى الركض خوفاً منهم، لكنهم لاحقوه حتى قبضوا عليه، كان ذلك أمام القهوة والكشك الذى قبض على العاملين فيهما معه.

وفى يونيو الماضى، تعرض أحد الشباب ويعمل «بائع سمك» للتعذيب حتى الموت داخل قسم ثالث المحلة، بعد أن ألقت قوة أمنية القبض عليه أثناء وقوفه بسوق «تحيا مصر» فى المحلة.

وقد اتهمت عائلته قوة مباحث قسم ثالث المحلة، بالقبض عليه وتعذيبه حتى الموت داخل القسم، موضحين أنه كان بحالة صحية جيدة، وبعد ذلك أبلغتهم الشرطة أنه توفى.

فى هذه المرة كان القتل علناً أمام المارة فى وضح النهار، حيث أقدم أمين شرطة على قتل مواطن يفترش الأرض ليبيع الشاى حتى يجد قوت يومه.

وكانت مدينة «الرحاب» قد شهدت منذ أشهر قليلة مقتل بائع شاى يدعى «مصطفى محمد مصطفى» على يد أمين شرطة من سلاحه الميرى، وأشار الشهود إلى أن الأمين كان يتقاضى مبلغ 25 جنيهاً يوميًا مقابل السماح لبائع الشاى بالاستمرار فى العمل بـ«نصبة الشاى» الخاصة به بمدينة الرحاب.

تشابهت حالات موت المواطنين على أيدى رجال القانون المكلفين بحماية وأمن المواطنين، ففى هذه الحالة نجد أن الاختلاف على الأموال ومطالبة رجال الأمن بالمبلغ المالى تكون نتيجته الموت بالسلاح الميرى بدلاً عن إعطاء الحقوق لأصحابها.

حيث لقى شاب مصرعه يعمل سائقاً على سيارة خاصة به يدعى «محمد إسماعيل» على يد أمين شرطة برصاصة فى رأسه من السلاح الميرى الخاص بأمين الشرطة بعد مشادة دارت بينهما أودت بحياة الأول، بسبب الخلاف على المبلغ المالى المتفق علية من قبل السائق وأمين الشرطة.

ويرى العميد محمود القطرى الخبير الأمنى أن الشرطة لم تتغير قاعدتها الأساسية فى التعامل مع المواطنين، مشيراً إلى أنه ما زالت الانحرافات موجودة لدى بعض أفراد الشرطة، معتبراً أن هذا مرض لدى البعض منهم عند استخدام القوة مع المواطنين.

وقال «القطرى» يجب أن تعيد وزارة الداخلية حساباتها بسبب سياساتها الخاطئة التى تسمح باستخدام العنف مع المتهمين حتى يعترفوا بالجرائم والإدلاء بالمعلومات تحت الإكراه.

وتابع أن الآلية الوحيدة لدى رجال المباحث فى الفترة الأخيرة هى التعذيب داخل الأقسام حتى الاعتراف. وأوضح الخبير الأمنى أن هناك طرقاً عدة علمية يمكن أن يستخدمها رجال المباحث مع المتهمين أثناء التحقيق بدلاً من التعذيب مثل الاستعانة بخبراء للوصول إلى معلومات مثل الطب الشرعى، والمعمل الجنائى الذى يوضح أسباب وقوع الجريمة.

وأشار «القطرى» إلى عدم وجود برنامج نفسى يطبق على رجال الشرطة فى كيفية امتصاص الغضب عند التعامل مع المواطنين، موضحاً أن ضابط الشرطة دائماً ما يتكبر على المواطنين المدنيين، ودائماً نجد ضباط الشرطة حديثى التخرج يستعرضون القوة العسكرية، فضابط الشرطة يعتبر نفسه «السيد»، مؤكداً أن عدم التصدى لهذه الأمراض تعرِّض حياة المواطنين للخطر. مع العلم أن هناك عقوبات قد يواجهها الضابط عند تعرض حياة المتهم للخطر. موضحاً أن هناك عقوبة إدارية وهى عقوبة المتجاوزين بخصم جزء من الراتب أو إحالته لمجلس التأديب أو نقله، وهناك عقوبة جنائية وهى إحالة فرد الشرطة المتجاوز للجنايات ويتم التحقيق معه من قبل النيابة.

ويخالفه الرأى اللواء محمد صادق – مساعد وزير الداخلية السابق وخبير مكافحة الارهاب –الذى أكد أنه لا يمكن إنكار جهود وزارة الداخلية فى تتبع وإجهاض تحركات عناصر البؤر الإرهابية التى تسعى قياداتها وكوادرها لتنفيذ العديد من العمليات العدائية بالبلاد والحيلولة دون تصعيد نشاطهم العدائى خلال الفترة الراهنة.. كما أشاد بدور الداخلية فى الكشف سريعاً عن مرتكب حادث تفجير الكنيسة البطرسية...

وأضاف: لا يمكن أن ننسى جهود رجال الشرطة فى محاربة الإرهاب فى سيناء وسقوط العديد من الشهداء منهم. مشيراً إلى أن الداخلية عليها ضغوط كثيرة والحرب عليها من جميع الاتجاهات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل