المحتوى الرئيسى

5 مؤشرات قد تدفع روسيا باتجاه ليبيا - ساسة بوست

01/03 18:26

منذ 1 دقيقة، 3 يناير,2017

في شهر ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، التقى الجنرال خليفة حفتر، بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية، وهي الزيارة الثانية في ظرف عام التي يقوم بها حفتر إلى العاصمة الروسية موسكو.

وتقول مصادر أوردتها صحف ومواقع عالمية، إن الزيارة جاءت بطلب من حفتر، للحصول على الدعم العسكري، والسياسي من روسيا في معركته ضد الحكومة الليبية المعترف بها دوليًّا، في حين اشترط الروس على الجنرال المدعوم من مصر، والإمارات العربية المتحدة، إقامة قاعدة عسكرية بحرية بالقرب من بنغازي.

الوعد بالتسليح مقابل شرط النفوذ، دفع الجنرال المتقاعد، للتوجه نحو الجزائر خلال الأسبوع الأخير من نفس الشهر، في محاولة لحشد التأييد والدعم الإقليمي لقبول فكرة الدعم الروسي، بخاصة مع موقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري في ليبيا، إلا أن علاقة النظام الجزائري المتينة بالاتحاد الروسي قد تجسد مساعي حفتر على أرض الواقع.

وحول رغبة روسيا في حماية أكثر من 10 مليارات دولار من الصفقات والاستثمارات الروسية، في الطاقة والأمن والتسليح بليبيا، منذ نظام الرئيس الراحل معمّر القذافي، ووجود ضباط عسكريين من روسيا في أقصى الشرق الليبي (برقة)، منذ صيف 2016، في تدريب مجموعات تابعة لحفتر، بالإضافة إلى تزويدهم بالأسلحة المتطورة حسب موقع «the cairo review»؛ ما هي المؤشرات التي قد تدفع روسيا نحو ليبيا؟

في يناير (كانون الثاني) من عام 2010، أعلنت ليبيا صفقة أسلحة مع روسيا بقيمة 1.8 مليار دولار، وبحسب مركز دراسات التسلح الغربية، اتفقت الدولتان على رفع قيمة التسليح لتصل إلى 2.4 مليار دولار، شاملةً طائرات مقاتلة من نوع «إف جي إف» و«سوخوي»، مع مجموعة من طائرات النقل العسكري، ودبابات وصواريخ دفاع جوي.

وقبل هذه الصفقة بعامين، أي في 2008، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان حينها رئيسًا للوزراء، إلغاء ديون تقدر قيمتها بـ4.5 مليار دولار، معظمها خاصة بصفقات عسكرية سابقة، كما وقعت عقود على شراء كميات كبيرة من الأسلحة الروسية، مع صيانة العتاد الحربي لليبيا.

وخلال زيارة بوتين لطرابلس في أبريل (نيسان) 2008، ألغت روسيا ديونًا لها مستحقة على ليبيا بقيمة 4.5 مليارات دولار، معظمها عسكرية، بينما التزمت ليبيا في المقابل بشراء كميات كبيرة من الأسلحة الروسية.

ورغم حداثة العلاقات الليبية الروسية التي تعود لأول مرة لعام 1955، إلا أن العدوان السياسي والعسكري الذي ميّز الولايات المتحدة تجاه ليبيا، دفع القذافي للتوجه نحو روسيا، وتوطيد العلاقات معها أكثر، واعترفت ليبيا بروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.

وشهد عام 2008، أوّل لقاء جمع بين القذافي وبوتين، ثم تكثّفت الزيارات والاتصالات، حتى أُعلنت مذكرة تفاهم تحتوي عقودًا في المجالات الاقتصادية، والمالية، والدبلوماسية، والأمنية، والعسكرية، والتقنية.

كما حاولت ليبيا الاستفادة من التجربة النووية الروسية، على غرار ما يجري في إيران، وهو ما اتُفق عليه في زيارة بوتين عام 2008، بضرورة مرافقة روسيا لليبيا في مجال الطاقة الذرية، والاستفادة من خبرة الهيئات الروسية في المجال النووي السلمي.

وتشير مصادر أخرى إلى وجود صراع فرنسي روسي خفي في ليبيا، فالرئيس السابق نيكولا ساركوزي وطدّ العلاقات أكثر مع القذافي، ودخل بقوة في الثورة التي أطاحت النظام السابق، بل وأدى بقوات الناتو المساهمة في مقتل القذافي، للوقوف أمام التوسع الروسي في المنطقة، وذلك بعد عام واحد من الصفقة الضخمة للأسلحة بين روسيا وليبيا.

الصراع الاقتصادي قد يكرر التجربة السورية

تيقن العديد من المتابعين للشأن السوري، عدم تخلي الروس عن الأراضي السورية، ولعل أهم سبب يعود إلى ذلك، هو الجانب الاقتصادي والتجاري الذي توفره سوريا من موقع جغرافي مطل على المياه المتوسطية، ورغبة إيران الحليف القوي للروس، في مد الغاز الإيراني تجاه أوروبا، وإعادة حصتها في السوق الأوروبية.

وما وقعه بوتين والقذافي سابقًا من مصالح اقتصادية وتجارية، بالإضافة إلى مسح للديون المقدرة بأكثر من أربعة مليارات دولار، ورغبة الروس في إنعاش اقتصاد خارج محروقات الأراضي الروسية (والسير بخطة الأمريكان)، يرفع من فرضية الاهتمام الروسي بليبيا كتركة من السهل ضمها للتوسع القائم، كما يسعى بوتين إلى حماية الاقتصاد من أزمة الطاقة، بانخفاض أسعار البترول التي تعصف بالدول النفطية.

وما تزال أزمة الثمانينات التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي، في خيال ضباط الكرملين الذين اعتمدوا على أسعار النفط في دعم التوسع السوفيتي، وتمويل الأحزاب الشيوعية، في الوقت الذي كان يعاني فيه الداخل الروسي من البطالة، وانعدام فرص الاقتصاد البديل.

وفي تقرير لـ«Business Insider»، حول إستراتيجية السوفييت الجدد في إعادة المجد، أشار إلى المساعي الروسية لإيجاد مساحات في المناطق المعتدلة، والحصول على صفقات فلاحية وزراعية وتجارية بمناطق أبعد من الحزام الأوروبي الشرقي الذي يعرف صراعًا وتهديدًا مستمرًا من قبل القوى الغربية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي).

مع العلم أن الاتحاد الروسي استعمل الفيتو تجاه التدخل العسكري للحلف الأطلسي، مع دعوته للأطراف الليبية من أجل إيجاد حل سلمي، بعد انطلاق الثورة مباشرة، وهذا ما يعكس حرص الروس على استمرار نظام القذافي، والمزايا التي يستفيد منها وراء ذلك.

في اليوم الذي أُسدل فيه الستار حول «هولوكوست حلب»، استقبلت الجزائر الجنرال خليفة حفتر، وهي الزيارة التي فاجأت الرأي العام، بخاصة وأن الجزائر لم تكن راضية عن الممارسات العسكرية لحفتر وحلفائه في الشرق الليبي.

ويُسيطر حفتر على أهم حقول النفط الليبية، كما لفتت مجلة «africa reports»، إلى رغبته في السيطرة الكاملة على حقول النفط المرتكزة في الجنوب الغربي الذي يقع تحت حماية الحكومة الليبية ذات الشرعية الدولية، والدعم الجزائري.

إذًا، هل يسعى حفتر إلى لعب دور بشار الأسد في ليبيا؟ تقول تقارير غربية إن الروس أمام فرصة لتمديد الحلف الإيراني السوري إلى مصر وليبيا ومناطق من أفريقيا، ولعل العامل التاريخي مع القذافي، ومساحة ليبيا الواسعة، وموقعها كبوابة نحو الصحراء الأفريقية، بالإضافة إلى الظرف الأمني والعسكري المتوتر، قد يزيد من حظوظ روسيا في بسط الهيمنة الدولية أكثر.

ويتفق خبراء السياسة الخارجية للجزائر، على أن استقبال بلادهم لحفتر، هو بمثابة فتح حوار غير مباشر للقوى التي تقف وراء الجنرال القادم من أقصى الشرق الليبي. ووصفت «بي بي سي»، في تقرير لها، حفتر بـ«رجل المرحلة المقبلة في السياسة الدولية»، قائلةً إنه «لن يقل شأنه عن السيسي في مصر، والأسد في سوريا، وعلي صالح في اليمن».

أشار تقرير لمجلة «Business Insider» حول الإستراتيجية الروسية القادمة عبر مجموعة من الخرائط، إلى مشكل المضائق الذي تعاني منه روسيا، وعوائق ذلك أمام أي عودة لريادة العالم، وينسب هذا الاهتمام بالمضائق إلى تركيز الروس على حماية الأسد من السقوط، والتدخل بعنف ضد الثورة المسلحة في سوريا.

وتوضح الخارطة المتعلقة بالمضائق البحرية، أن أمام الروس خيارين: الأول نحو البحر الأبيض المتوسط مرورًا بتركيا، وهو ما قد يُفسر التفاهم الروسي التركي، فيما يتعلق الثاني بالصراع في المحيط الهندي وبحر اليابان، بخاصة مع وجود قوتين نوويتين هما: الصين والهند، مع حضور قوي للولايات المتحدة بعيون اليابان وكوريا الجنوبية.

ويشكل التوجه نحو المياه المتوسطية، رغبة كبيرة لروسيا، حيث بإمكانها تقييد الاتحاد الأوروبي شمالًا وجنوبًا، عبر إعادة التحالف القديم، وبناء جدار سياسي وأمني عسكري مع مصر وليبيا والجزائر، وهي دول ذات مساحة واسعة، وثقل عربي أفريقي بالهيئات والمؤسسات الإقليمية.

ويعاني الروس من التضييق الموجود شمال أوروبا، خاصة بالمياه الدنماركية والنرويجية التي لم تسمح أثناء الحرب الباردة بتزويد حاملات الطائرات الروسية بالوقود، أو استعمال المياه الإقليمية في التحرك باتجاه المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى غياب سواحل بالمحيطات لروسيا، وهي نقطة ضعف جغرافية تعاني منها باستمرار.

هل يستدعي حفتر روسيا بعد تجربة سوريا؟

ويُحتمل بعد التجربة السورية التي يقول خبراء الأمم المتحدة، إن الخسائر فيها تقدر بأكثر من 45 مليار دولار، وأن عودتها إلى ما كانت عليه قبل 2011، قد يتطلب أكثر من 30 سنة؛ أن يكون ذلك حافزًا أقوى لاتجاه حفتر نحو روسيا لحسم الأمر لصالحه.

هذا ويبدو أن المعطيات التي توفرت في سوريا، قد تتوفر في ليبيا، وربما يكمن الاختلاف في الوجود الفرنسي القوي سياسيًّا وإعلاميًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا في الأراضي الليبية، وحيازتها لأهم عقود النفط والغاز بعد مساهمتها في إطاحة نظام القذافي، ودخول قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) على الخط.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل